كانتا الفتاتان بالغرفة المُشتركة بين رو ونور، الأخير قد ذهب ليفعل فروضه الدراسية بالمكتبة وترك صديقتيه بالغرفة حتى يتسكعا سويًا بأريحية.
على الرغم من أن نور يعرف ماي-لييَن وروزالين مُنذ أن كان ثلاثتهم أطفالًا، إلا انهم لم يصبحوا أصدقاء إلا منذ فترة وجيزة، تقريبًا سنة. على عكس ماي ورو، فالفتاتين كانتا أصدقاء منذ صغرهما.نظرت رو بأعين مُتسعة وإبتسامة مُعجبة، بينما تومئ عدة مرات. "أنه رائع! حددي عيناكِ بالأسود أيضًا، سيُبرز شكلهما أكثر." أبتسمت ماي لصديقتها المُفضلة وألتفت ناظرةً للمرآة تتفحص عينيها، قبل أن تخفض رأسها باحثةً عن مُحدد العيون.
عندما وجدته، فتحت العُلبة ووجهت الفرشاة ناحية المعجون الأسود.
"أحيانًا أتمنى أن أكون مِثلكِ."تصلبت ماي بمكانها، يديها كانت بمُنتصف طريقها للمعجون لكنها أصبحت مُتجمدة. "ماذا؟" رفعت الفتاة عينيها (هذا ما تستطيع فعله فقط بتلك النقطة) لتنظر لصديقتها من خلال المرآة.
تركت روزالين المرآة الدائرية التي كانت بيدها وتسطحت على الأرض. "أعني، أنظري لنفسكِ. عيناكِ كزوجان من اللوز، وشعركِ الطويل غني وأزرق. بينما جسدكِ أنثوي ومُنحني. أنا مُغايرة لكن يُمكنني أن أكون مثلية لأجلكِ،" ضحكت رو على مزحتها، وماي حاولت إخراج الضحكة من فمها. هي فعلتها، لكن بصعوبة.
"إضافة إلى أن حياتكِ مثالية." أكملت رو، ليس على وجهها أي علامة من علامات المزاح مثل منذ قليل. "كنتُ أتمنى لو كانت حياتي هادئة وعادية. هذا فقط." مثالية. كانت هذه الكلمة كفيلة لفقد ماي السيطرة على يدها لتقع الفرشاة على الأرضية الخشبية.لو تعلم روزالين تفاصيل حياة ماي 'المثالية' وما بين الإبتسامة الواسعة والطاقة الإيجابية والمظهر الخارجي. لما قالت هذا بتاتًا.
لكنها لا تستطيع لومها، فهي لا تُري أحدٌ حتى صديقتها المُفضلة إلا الصورة الكبيرة فقط، أما التفاصيل والطبقات بين تلك الصور الكبيرة فتُبقيها لنفسها.
قبضت ماي على يدها بقوة. لكن، حياة رو ليست مثالية أيضًا. كلتا الفتاتان تُعانيان.
أخرجت ماي نفسًا مهزوزًا، وإلتفت حتى تنظر لصديقتها في الحقيقة وليس من خلال الإنعكاس. وتأملت رو، خلف عينيها تشعر بالدموع تحرقهم.
رغم ظروف رو، مازالت ابتسامتها مشرقة كأول يوم رأتها به. لكن وجهها أصبح شاحبًا وخسرت كثيرًا من وزنها، وعيناها التي كانت بيومٍ من الأيام ذهبية كقرص الشمس، فقدت لونها وتحولت لدرجة فاتحة جدًا من الأصفر الباهت. وشعرها به خص–
مهلًا. "رو– ماذا حدث–" لم تستطع ماي إكمال جملتها، فلسانها قد عُقد، لا تستطيع تجميع الكلمات بالشكل السليم. هي أشارت على شعرها بأصبع مُرتجف. لتفهم رو ما تقصده.
"آه،" أمسكت رو خصلة شعرها التي أصبحت باهتة، مُتباينة مع باقي شعرها البني الغني. "أستيقظتُ صباحًا وأكتشفتها، أظن أن الأمر يقترب." أبتسمت روزالين، وقد علمت ماي أنها ابتسامة غير حقيقية. قلبها أعتصر ألمًًا والدموع أصبحت تعمي رؤيتها.
"أنا لا أريد أن أرى تلك المراحل اللعينة. لا أريد رؤية شعري رماديًا كمُسنين البشر. ولا ضعف جسدي. أنا قد سئمت من كل هذا." ماي-لييَن قد جثت على ركبتيها سريعًا جوار رو ومدت كفها، تحاول عدم الإنهيار أمامها. هذا ليس وقته، رو تحتاجكِ. فكرت ماي.
أمسكت رو يد صديقتها المُمتدة لتلتقطها ماي وتشدها برفق حتى أصبحت روزالين بوضعية جلوس. وبسرعة هي قد قربت جسدها لخاصتها ولفت ذراعيها حولها، تحتضنها بقوة.
هي شعرت بجسد رو يتصلب ضد خاصتها للحظة، قبل أن تحاوط ذراعيها المُرتجفة جسد ماي، ذقنها على كتف الأخيرة.
أرخت ذراعيها حول جسدها، ثم سحبت ماي-لييَن رو ورائها خارج الغرفة حتى وصلتا لخاصة الأولى، ثم دخلتا المرحاض.
عقدت رو حاجبيها، وسألت بضياع، "ماذا تفعلين، ماي؟"
بحثت ماي-لييَن بين أغراضها، وعندما وجدت ما تُريده تنفست الصعداء. أخرجت أربعة عُلب من الصندوق الخاص بها ووضعتهم على منضدة المرحاض الرُخامية. عندما رفعت رأسها حتى تنظر لرو، كان وجه الأخيرة يحمل تعبيرًا لم تقدر ماي قرائته.
"سنصبغ شعرنا صبغاتٍ مُتشابهة!" أخبرت ماي رو بحماسة. مازالت الدموع محبوسة وراء أعينها.
أكملت، "سيكون الأمر رائعًا. ببالي شكلٌ سيكون مثالي علينا." رو لم تنطق. هي فقط كانت تُرمقها بنظرة غير مقروءة. عيناها الباهتتان تلمعان بينما تشرح ماي كيف سيكون لون شعرهم المُتماثل.
عادت حماسة رو وذاتها المُبتهجة بعدما جلست على المِقعد بينما ماي-لييَن تعمل على شعرها، قسمته إلى قسمين بشكلٍ أفقي قبل أن تربط القسم العلوي (الذي كان الأكثر) في كعكة متناثرة، ووقتها ظهرت الخصلة الباهتة وأصبحت أوضح، تجاهلت ماي الغصة التي شعرتها بقلبها وأستكملت ما عليها فعله.
خلطت صبغة الشعر جيدًا بالإناء البلاستيكي ثم أخذت بعضًا منها بإستخدام الفُرشاة وغطت بها الخصلة الشبه بيضاء، تحاول تلوينها بالأحمر قدر إستطاعتها حتى تختفي، ولا يُصبح لها وجود.
عملت ماي-ليين على خصلات القسم السُفلي وصبغته باللون الأحمر الدامي حتى أنتهى. بعدها فكت القسم العلوي من الكعكة وصبغته أيضًا لكن بالأسود الفحمي، وقد أخذ منها وقتًا أطول نظرًا لأنه أغلب الشعر.
وبعدما أنتهت، نظرت لرو من خلال المرآة، كلتا الفتاتان تبتسمان لبعضهما.
بدلت الفتاتان الأماكن وعملت رو على شعر ماي كما فعلت بالضبط معها. وعندما أنتهوا، جلسا على الأرضية يضحكان على شكلهما الابله، اللون الأحمر يصل لجبهتهم.