تصلب فك «مراد» وارتجفت عضلة في خده إلا أنه لم يتحرك إنشًا بينما «لينا» تكمل:
-أظن إنت عرفت السفر بكرا بليل، هنسافر اليونان، عشان نتفق على العملية، ياريت بقى تسبني أستعد ليهـا، وتسبني في حالـي.

وكأن كلماتهـا أصابت قلبـه بألم قوي، لم تتغير ملامح «مراد» وهو ينظر إليها، إلا أن عينيه ألتمعتا ببريقٍ أكثر قسوة، دنى منها عدة خطوات حتى وقف قبالتهـا، رفع يده يبعد خصلات شعرها المتمردة من على جبينها وهو يهمس بصرامة دون أن يرفع صوتك:
-تأكدي يا لينا إني مش هسيبك، لو سبتك.. يبقى هسيبك وإنتي ميتـة، تمام؟!..

ظلت تنظر إليه بصدمة وهو يبادلها النظر إليها بهدوء، ليخفض عيناه أمام نظراتها القاتلة في تعبيرها القوي، ودون أن ينتظر ردهـــا، أولى لها ظهره ثم سـار نحو باب الغرفة يلج إلى الخارج تاركًا إياهـا في صدمة من كلماتــه.

*****
يوم وآخر، حتى أتى وصل كل من «مراد» و«لينا» إلى آتينــا في اليونان، هبط إلى الأسفل بخطوات ثابتة، شاب بمنتصف العقد الثالث من عمره، وسيم الملامح، قوي البنية، إبتسم لهم «روكــــان» بسمة جذابة وهو يتحدث باللغة العربية وكأنه يتقنهـا:
-حمدلله على السلامة.

أنتبه كل من «مراد» و«لينا» على صوته الأجش، واللذان بمجرد وصولهما إلى آتينا أصطحبهمـا شخص ما من المطار حتى إلى قصر «روكان»، والذي كان على الطراز اليوناني الأصيل الفاخر، تحفة فنية بحق، فنان من أبدعها ورسم تفاصيلهـا، تقدم «روكان» نحوهما لتنتقل أنظاره من «مراد» إلى «لينا» وألتقط كف يدهـا الحر منحنيًا نحوه يُقبلـه برسمية وودّ قائلًا بصوته الجذاب بلكنة الإنجليزية:
-مرحبًا أنستي الجميلة.

أشتعلت النيران بعيني «مراد» يجز على أسنانه بغيظ، ثم أعتلى أحد المقاعد الشاغرة وأسند ظهره عليهـا بإرتياح، وكذلك «لينا» التي وضعت ساقها فوق الأخرى بثقة، جلس «روكان» قبالتهم، وهو ينظر لهم بثباتٍ قائلًا:
-بما أن آريان، لسه موصلش، فـ يشرفني أستضيفكم في بيتي المتواضع لحين وصوله.

ثم وجه أنظاره لـ«لينا» وهو يقول ببسمة خبيثة:
-لينا، أنا عاوزك كمان شوية في موضوع.

تجهمت تعبيرات وجه «مراد»، وأظلمت عيناه بطريقة مخيفة قاسية وهو يدرك جيدًا معنى بسمتـه وكلمتـه الأخيرة، وجه أنظراه المُظلمة نحوها ليرى ردة فعلهـا، وجدهـا تبتسم له بهدوء وهي تومئ برأسهـا، أغمض عينيه يكاد يعتصرهمــا وبركان من الغضب بداخله يشتعل يود كثيرًا أن يحرق العالم بأكمله، مع حرقة قلبه التي أزدادت بعد موافقتهـا.

*****
بعد قليل، دخل «روكان» وهو يطوق خصر «لينـا» التي إبتسمت له بكل هدوء خبيث، وعيناهـا تلتمعان بشكلٍ مغري، ظلت تنظر إليه طويلاً بملامح مرتخية واهنة، قبل أن تهمس برقة معذبة:
-قبل أي حاجة، لازم أتكلم معاك شوية.

أتحداك أنا © -رغمًا عن العشق-حيث تعيش القصص. اكتشف الآن