الفصل الثالث عشر:دوامة القلق

ابدأ من البداية
                                    

كانَ لهم مفهوم عائلة مختلف نوعًأ ما..

*

أغراضها قد جُمِعت في حقائبها والهدوءُ قد سادَ في نفسها .
عادت كما كانت .. بلا مشاعر ..
وهذا شيئٌ قد استمدته من اختها ومنزلها السابق ..

ارتدت ثيابها مستعدةً للرحيل ..
وكذلك قد وقفت أمام مرآتها للمرة الأخيرة ..

بحركةٍ بطيئةٍ نوعًا ما قد خلعت تاج المرافقة الملكية لتضعة في العلبة التي أمامها وتحمل التاج الذي حصلت عليه من الثانوية الملكية وترتديه .. كانَ مايزال جميلًا بنضرها.

أعطت العلبة للحارس الملكي وودعته .. فقد كانَ لها علاقةٌ جيدةٌ به.
وركبت عربتها مغادرةً فينيسيا ..
بدون أن تودع الملكة أو اي احدٍ آخر غير الحارس..

لكن يبدوا بأن للشعب رأيٌ آخر ..
فقد علموا بأن المرافقة الملكية التي يحبوها ستغادر فينيسيا وتتزوج من ملك الشمال ..
وللقدر الذي تملكه من المعزةِ لديهم تجمع الكثير منهم أمام بوابة القلعة يودون توديعها ..

باقات الزهور التي أُهديت لها مع دموعٍ حارة..
تبريكاتٌ عديدةٌ لزواجها ..
الكثير من كلماتِ الشكرِ التي أطلقوها لها ..

وبتلات الزهور التي رموها من شرفات المنازل ..
كانت سعيدةً بهذا القدر ..
كل الجهود التي بذلتها للشعب ..
لم تذهب سدى ..
لذلك لا بأس بتضحيةٍ أخيرةٍ من أجلِ سعادتهم .

*

تم الترحيب بها من قبل مستشار الملك والذي من الواضح انه لا يحبذها إطلاقًا ..

-رجاءًا لا تغادري غرفتكِ بمفردكِ .. هنالك خادمة ستكون معكِ سترافقك.

بصيغةٍ أخرى هي مقيدة الآن ..
مِثل طيرٍ قد إعتاد على التحليق لكنه وُضِعَ في قفصٍ ذهبي ..
مهما كانَ هذا القفصُ جميلًا .. ومهما كَأن الطعام الذي يُقدَم له شهيًا ..
سيفضل هذا الطير الحرية..
فالحرية هي ما نحتاجه دائمًأ ..
وهي الرسالة التي نبحث عنها طيلة حياتنا ..
الكثير من القصائد الرائِعة كُتِبت خلف قُضبان السجن .. وأروع القِصص حُزنًا كُتِبَت وسط قيودٍ من حديد ؟؟

خلعت تاجها وقفازها لتضعهما على الطاولة وترتمي على السرير ..
هي ليست نادمة .. وليست حزينة .. لكنها ليست سعيدة أيضًا ..
أهو شعورٌ بالفراغ .. أم هو الفراغ بحد ذاته؟
أينتابها قلقٌ مراوغ .. أم هي القلقُ بحدِ ذاتِه؟
هل سيجاورها الأرقُ هذهِ الليلة .. أم تداخل فيها مسبقًا؟
هل هي سجينةٌ فاقِدةٌ للحريةِ الآن .. أم هي كانت كذلكَ مسبقًا؟

في فراغها هذا تتلاشى الساعات .. وتمر الأيام .. تشهدُ شروق الشمس وغروبها في سكينة .. بينما الملك الذي يدعي حبها لا يزورها .. هي متأكِدةٌ حد اليقين أنهُ لا يحبها كما قال .. لذلك الأسبابُ تتوافد بكثرة على عقلها ولا مبرر لرغبته في الزواج منها ..
لسبب ما فإن الجميع لا يحبذها هنا .. لا الخدم ولا المستشار ولا الحرس .. ينظرون لها بنظراتٍ غريبة ..

سهم ورَقصَةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن