الفصل الرابع والسبعون (يجبرها على القبول)

ابدأ من البداية
                                    

أخرج من جيبه أوراق نقدية وألقاها على الطاولة بإهمال متابعا وهو يشير عليها:
نقطتك اهي.

اسودت عيناه وبرز الوعيد فيها وهو يختم حديثه بقوله:
والنقطة الكبيرة استنيها يوم الفرح إن شاء الله،
هتبقى ليلة متتنسيش.

تخطاها وخرج صافعا الباب بقوة جعلتها ترتجف وهي تفكر في كل الطرق الممكنة والغير ممكنة لتأمين يوم زفافها من أي سوء.

فاق من شروده على ورقة ما بين أوراق شقيقه، انكمش حاجبيه وأخرجها من بينهم وأخذ يتفحصها جيدا، إن المرسومة "مريم"، رفع حاجبيه ناطقا بذهول:
مريم!

لقد ظهرت نتيجة اختباراتها قبل أكثر من أسبوع وعرف من " ملك" أنها اختارت كلية الفنون... نفس كلية شقيقه!
هنا فقط أدرك أنه هناك ما يحاك من ورائهم.

شعر بخطوات في الخارج فأعاد الرسمة سريعا كما كانت، واعتدل في جلسته على المقعد، تصنع العبث بهاتفه حتى قطع خلوته صوت "طاهر" يقول باقتضاب:
الحاج بيقولك قوم علشان تتغدى.

لأول مرة منذ أن عاد "عيسى" للاستقرار هنا، تستمر قطيعته مع "طاهر" كل هذا... لا يحاول أي منهما حل الأمر، الصمت هو سيد الموقف، حتى عندما استعد الجميع للاتفاق على ما سيحدث في الأيام القادمة... من أتى بطاهر هو "حسن".

ترك " عيسى" مقعده واستقام واقفا ثم قال بهدوء للواقف أمامه:
أنا عارف اني غلطت واتعصبت عليك، وبعتذر عن ده... بس أنا مكنتش مستني منك الكلام اللي قولته يا "طاهر".

_ ولا أنا كنت مستني منك اللي عملته.
كان هذا رد " طاهر" وهو يطالعه بعتاب أتبعه بقوله:
عموما أنا كمان بعتذر عن الكلام اللي قولته، مكانش المفروض أقوله...
نظر لعين عيسى وأضاف بغيظ:
كان المفروض أكسر عضمك.

هنا فقط اتسعت ضحكة "عيسى"، ذهب ناحيته واحتضنه وهو يرد على كلماته:
وأنا كان المفروض أقطع لسانك.

ضحكا معا، وقد انتهى خلافهما، يعلم " عيسى" أنه من أخطأ أولا، ولكن كلمات "طاهر" تسببت في وجعه، الوجع الذي لم يخف إلا حين علم من والده بتناول "طاهر" للمهدئات التي أثرت على ثباته الانفعالي حين أوقفها نهائيا فجأة ... علم أيضا بخطوة "طاهر" وذهابه للطبيب حتى ينظم الأمر، خطوة لم يفعلها هو ولن يفعلها هذا ما حدث به نفسه ثم ترك أخاه فتحدث "طاهر" يحثه على القدوم:
يلا تعالى علشان نتغدى.

حك مؤخرة رأسه سائلا بكسل:
هو الغدا إيه؟

_ معرفش بس لمحت طبق ورق عنب خارج كده في ايد "يزيد" ومفتكرش ان الطبق هيستنانا أكتر من كده.

وافق على الخروج معه قائلا:
لا طالما ورق عنب أنا دايس.
ابتسم "طاهر" ثم طالع "عيسى" بمكر وعلى حين غرة ضربه في ساقه وهرول ضاحكا فسمع "عيسى" الذي شتمه وهرول خلفه متوعدا له بغيظ...انتهت القطيعة بلحظات اعترف فيها كل منهما بخطأه ولكن الغفران ليس متاح دائما... ليست كل الأخطاء تُنسى ولكن الأكيد أن بينهما الود أقوى.

وريث آل نصران حيث تعيش القصص. اكتشف الآن