-وأنتَ؟
-سأتحدثُ مع زياد قليلًا، هيا اذهبي.
...ترى هل عليه أن يقلقَ الآنَ؟ ربما.
***********************************
وقف أمام المرآةِ يتفحص هيئته، طبيعيٌّ، أو ربما شاحبٌ قليلًا لعدم تناولهِ أي شيءٍ منذ وقتٍ لا بأس به، ألقى نظرة سريعةً على ساعة يده، اليومَ..
أجل اليومَ هو موعد ذلك الحفلِ الذي أوجعت رأسه بشأنه منذ أسبوعٍ مضى، حقًا عليه أن يعترفَ بأنها تمتلكُ قدرًا عاليًا من الصبرِ، لم تمل على الرغمِ من عدمِ إعطائه جوابًا مختلفًا عن -لا لدي عملٌ مهمٌ-
لا تدركُ حقًا أنه لا يهربُ منها.
-زياد، أينَ ذهبتَ؟ خرج من شروده على صوتِ شقيقته عبرَ الهاتفِ ليجيبها هو بهدوءٍ: معكِ.
-ألن تقول لي ماذا حدثَ مع الجميلة خاصتكَ؟ ما آخر التطوراتِ؟
-لم يحدث شيءٌ.
-كيفَ لم يحدث شيءٌ؟ ألم تقل أنها اعترفت لكَ بأنها لا تحبُ السمج رئيس الاتحادِ؟
-بلى، ولكن هل ظننتِ أنني سأمررُ لها وضعي في اختيارٍ معه أصلًا؟ تحدثَ وهو ينثرُ العطر بعشوائيةٍ حوله.
-هل أنتَ معتوهٌ يا عزيزي؟ ما هذه السخافةُ؟ ومن أينَ للإنسانِ أن يتخذ قرارًا دونَ أن يقيم كل الخياراتِ المتاحةِ؟
-...جهاد، أنا لم يكن لدي مثلُ هذه الاختياراتِ أبدًا، كما لم أضعها أنا في اختيارٍ مع أحدٍ كان من المفترضِ ألا تفعلَ هي أيضًا..
-لا أنا في حياتي لم أرَ شيئًا كهذا لذا لن أتناقشَ معكَ أيها الأبله، على كلٍ.. سأعدُ بعدَ الأطعمةِ وآتي إليكما في المساءِ.
-لا داعي.. قاطعها بتلقائيةٍ، نحنُ بخيرٍ لا تقلقي، دعكِ منا واهتمي ببيتكِ وابنتكِ قليلًا.
-حقير.. قالت بغيظٍ مصطنعٍ، على كلٍ أبلغ أبي تحياتي، إلى اللقاءِ.-إلى اللقاء.. سحبَ السماعات من أذنيه بإهمالٍ ثم تركها أمام المرآةِ، شاحبٌ وصامتٌ، ربما كانَ عليهِ أن يخبرها..
لا، يكفي قلقه هو فقط، اليومُ مخيفٌ بما يكفي.
هبط الدرج بخطواته المتثاقلةِ وصولًا إلى غرفةِ المعيشةِ، حيث كان عاصم يجلسُ هادئًا، ساكنًا، اقتربَ منه وانحنى أمام ركبتيه يقول بابتسامةٍ صافيةٍ: على ماذا اتفقنا ليلة الأمسِ؟
تنهد عاصم بينما مسح بكفه على رأس صغيره ثم قالَ: هل تريدُ الصدقَ؟ لا أهتمُ لأمري وإنما أنا قلقٌ بشأنكَ أنتَ، أخافُ عليكَ حقًا..
لا أريدكَ أن تبدأ علاجًا في هذا السنِ الصغيرِ..
-ألاحظُ أن عدوى التشاؤم انتقلت إليكَ مني. أتسعت ابتسامته أكثر فيما تابعَ: لا تخف لن أسقطَ بهذه السهولةِ.
أنت تقرأ
حياة
Romanceأتذكرون تلكَ اللعبةَ التي اعتاد الكبار تسليتنا بها في صغرنا؟ عدةُ أحرف متداخلةٍ يشكلُ اختلاف ترتيبها كلماتٍ عديدةٍ.. مملةٌ كانت للبعضِ، أما ل "حياة".. فقد كانت بدايةً لشغفٍ بالكلماتِ لن يتلاشى أبدًا.. "لا تعطني وردةً، أعطنيِ حبرًا وورقًا.. لأطلقَ ل...
الفصل الثامن عشر: يا مسافر.. وحدك.
ابدأ من البداية