3| عيون حادة تُراقبني!

ابدأ من البداية
                                    

_عندك قهوة؟

سألتني بهدوء تام وكأنها ألفتْ المكان في الدقائق القليلة التي تحدّثنا فيها على الباب، وللصراحة راقني هذا.
نظرتُ لها نظرةً ذات مغزى وقلتُ بحماس:
_فرنسية؟

ضحكتْ وبادلتْني ذات الحماس وهي تؤمي:
_فرنسية!

●●●●●●●●●●●●
|غابة الانتحار|

_أتسمع ما تقول؟ أرسلك لتهديده فتنقلب الأمور علينا!

لِمَ يصرخ بوجه الفتى الآن! ما ذنبه إن كان حفيده صارمًا كجده؟ ما هو إلا رسول لمَ يدخلانه في شؤونهما؟ ثم سيد "مافروس" ما شأنك أنتَ بمَن يحب ويكره؟!

تنهد "أشهب" بهدوء قائلًا:
_سيدي، لقد نفذتُ أوامرك كما طلبتَ بالحرف وأخبرتك بما قاله لي فلا شأن لي بانقلاب الأمور.

زام قليلًا وهو يدور حول نفسه في المكان غاضبًا ثم وقف وصرخ بوجهه:
_اسمع يا أشهب، إن لم تُحضر البشرية وتجعلها أسيرةً كمن سبقتها أقسم سأقتلك!

ابتسامة ساخرة رُسمتْ على شفتي الآخر، مَن يظن نفسه؟ أم حريٌ بي أن أقول مَن يظن الرعد؟ هتف "أشهب" حانقًا:
_الزمان اختلف، وهذه بشرية عساك لمْ تنسى تعاهدنا ألّا نؤذيهم.

تحرك بهدوء نحو الطاولة وصبّ القليل من الماء في الكأس ثم ناول قائده إياها مستكملًا:
_ومؤكدٌ أنك لمْ تغفل عن اختلاف الفتى عن أبيه، إنه لا يحمل من طباع والده سوى الذكاء والدهاء والقوة، أي معالمٍ للطيبة أو حتى الشفقة قتلتَها بيديك يوم قتلتَ والديه أمام عينيه، وحريٌ بك ألا تنسى من هو الرعد؛ لا تحسبن أبدًا أن السيطرة عليه رفاهية نمتلكها.

قد تبدو لك بعض الكلمات المبالغ فيها عن شخصٍ ما تزال تجهل عنه الكثير لكن صدقني عزيزي القارئ هي أبدًا ليستْ كذلك، وهذا ما يعرفه السيد "مافروس" ويصر على إنكاره.

أثار الحديث غضبه فشدد قبضته على الكأس بقوه ليهشم بيده ورمق "أشهب" بحدة صارخًا باستنكار:
_أنا ألفا الذئاب، أنا الأقوى وما من شيءٍ يضاهي قوتي!

ابتسم الآخر ساخرًا، هو يدرك جيدًا أن هذه نقطة ضعف سيده ورغم ذلك قال مصححًا:
_والرعد قواه تفوق معشر الذئاب بمن فيه.

●●●●●●●●●●●●
|الرعد|

مرّت خمسة أيام وهي لا تنام، أعلم أنها تشعر بي حولها لكنني لا أستطيع تركها الأمرُ خارجٌ عن إرادتي، "مافروس" يظنني أمزح وينتظر الفرصة ليؤذِني فيها لكن هيهات، أنا ما أزال عند كلمتي إن مسّها بسوء سأقطع رأسه.

القلق، الاضطراب، الخوف، كلها أحاسيس تعصف بها أعرف؛ ومؤكدٌ أنني لا أتعمد وضعها بمثل هكذا شعور، لقد استيقظتْ سبع مرّات في الليلة الماضية فقط! أعلم أنها لا تستحق كل هذا لكنه سينتهي هذا وعد.

لا أنكر أنني متضايق مما تعانيه بسببي، أتفهم خوفها لكن أليس عليها أن تكون أقوى؟ أعلم أنها بشرية وطبيعتها تختلف عن الأخريات في عالمي لكنهن في عالمي متوحشات سواء كُنّ مصاصات دماء أم مستذئبات ولا يعرفن معنى أن يكنّ إناث!

حقيقةً ليس تمامًا، فهن عدا عن الصيد بوحشية والقتل بلا رحمة يعرفن كيف يكن جميلات لكنني ما زلتُ لا أفهم؛ لِمَ على صغيرتي أن تكون بهذه الهشاشة؟ لربما أحببتُها لهذا، لأنها مختلفة وليستْ كالباقيات من بني جنسها أو كمثل الفتيات في عالمي ولأنني.. لأنني أرى أمي بها.

كانت الأمور لتسير على ما يرام لو لمْ يذكروا أمر ذاك الخاطب لكن العالم يُصر على إخراج أسوأ ما فيّ! أتوق شوقًا حقًا لرؤية الأحمق الذي سوّلتْ له نفسه التفكير بالاقتراب من صغيرتي.

مهلًا، أتسمعون ما أسمع؟ وهذه الرائحة أليستْ رائحة مصاص دماء؟ علام يبدو أن حتى سكّان الغابة لن يدعوا اليوم يمر مرور الكرام، فلنذهب ونرى من الأحمقان الذان تركا الغابة بأسرها وأتيا ليتشاجرا جوار مكاني الخاص..

إنهما من جنود جدي ويبدو أنهما اختلفا في مهمةٍ ما، عَلا صراخ أحدهما قائلًا:
_لنا لقاء أمام الملك وأقسم أنني لن أتراجع حتى أقتلك بيديّ هاتين، أيها اللعين!

ضحك الآخر ساخرًا وبذات الصراخ هتف:
_أوتظن الملك حقير مثلك ليسمح لك بفعل هذا؟ ما من لعينٍ أخرق هنا غيرك يا هذا!

استندتُ بكتفي على إحدى الأشجار قائلًا ببرود:
_كلاكما لعينان وإن لمْ ترحلا من هنا فورًا سأقتلع أحشاءكما بيدي هذه..

أنهيتُ جملتي ببسط يمناي في الهواء تزامنًا مع ظهور مخالبي، بقيتُ على حالي أطالعهما بنظراتٍ باردة بينما يهربان..

_مسكين أيها الرعد؛ لا أحد بهذه الغابة يقدر متعتك.

أوكيجاهاراحيث تعيش القصص. اكتشف الآن