٨: هل تذكر؟

ابدأ من البداية
                                    

إقترب منها مقبلا يديها فهي منذ عودته و هي تعامله بطيبة أكثر من تعاملها مع أبنائها ، لذلك إستطاعت أن تأخذ مكانة خاصة لها في قلبه.

_ أنا كويس طول ما حضرتك بخير.
ربتت على كتفه ، فقاطعهم حديث "مروان" قائلا بحنق زائف : على فكرة أنا بغير.

ضحك إثنتاهما بينما إقترب منه "أدهم" قائلا: بصراحة حقك،حد يبقى عنده أم قمر كده و ميغرش عليها.

ضحك ثلاثتهم في جو مليء بالألفة و اللطافة، إنسحبا من أمام "شهيرة" عقب سماعهم لصوت "وليد" و هو ينادي عليهم لأن صديقهم قد وصل و يجب عليهم إستقباله سويا.

مال "أدهم" على أذن "مروان" هامسا أثناء إنتظارهم للضيف: طب هو انا ممكن ادخل جوا بعد كده أجي أسلم عليه بدل ما أقف أستقبله كده ،هو أكيد ميعرفنيش.

رد عليه "مروان" بنفس النبرة الهامسة و هو يقول: لأ عارفك متقلقش أنا قايله إنك قربنا من بعيد و هتكون موجود معانا النهاردة متشغلش بالك،أنت هنا صاحب بيت يا أدهم.

يريد إحتضانه ، ذلك ما رغب به حقا بعد تلك الكلمات التي تفوه بها ، لقد أثلجت فؤاده و أخفضت وتيرة توتره و إحراجه الدائم من جميع الضيوف الذين يأتون لزيارتهم ، لأنه لا يوجد صلة تجعله يمكث معهم ، حتى إذا كان أهل البيت نفسهم لم يكترثوا لذلك ، و لكنه يهتم بمظهره أمام الآخرين و لا يريد أن يسبب لهم المتاعب و لكن بعد أن علم بأنه تم تلقيبه بأنه من إحدى أقاربهم شعر بحمل قد أُزيح من على صدره و إستطاع أخيرا أن يحد من تخبطه عندما يسأله أحدهم  "من أنت؟" ، لإنه حتى الأن لا يعلم من هو ، لا يعلم سوى أنه "أدهم" ، أدهم فقط!!

سمع صوت الخادمة و هي تخبر الضيف بأنهم بإنتظاره بالداخل ، إقترب ثلاثتهم نحوه عندما توجه إليهم ، و لكن تحجرت أقدام "أدهم" في محلها عندما وقعت عيناه على الشخص الأتي نحوه ، شعر بصداع يكاد يشق رأسه ، لا يدري لما يشعر بأنه مألوف ، و تلك القلادة التي يرتديها ، يمتلك هو واحدة تشبهها أيضا، أمسك برأسه و مشاهد تعاد أمام عيناه من جديد ، شاهين ، تهديد ، صفقة ، صالح المهدي، سيارة تنقلب على الطريق و أخيرا والده.

أخرجه من تلك الدوامات صوت "فارس":فرصة سعيدة يا أستاذ أدهم ، وليد و مروان حكولي عنك كتير ، أنا فارس السيوفي.

ردف بها "فارس" و هو يلقى التحية على "أدهم" الواقف محله يحاول مقاومة ذلك الدوار و الغثيان و ألم الرأس في آن واحد حتى يظل ثابت أمام الجميع، مد له كفه و تصافحا و هو يحاول بشق الأنفس أن يرسم إبتسامة صغيرة على ثغره ،ثم ذهب كل منهم نحو مقعده و بدأوا في الحديث فيما بينهم و "أدهم" مازال كما هو ملامحه تحاكي الموتى و صداع رأسه يتصاعد و لكنه إنتبه عندما سأل "وليد" ضيفه: بس إيه الغيبة الطويلة دي يا فارس ده انت بقالك حوالي سنة محدش يعرف عنك حاجة.

رد عليه بأسى و حزن: أنا الفترة اللي فاتت كانت نفسيتي وحشة جدا بسبب موت صاحبي اللي قولتلكوا عليه في حادثه هو والده، ده غير إني مكنش ليا غير عز و ياسين، عز إتوفى و ياسين بِعد و مبقاش عايز يشوف حد و لا حتى أنا و عمال يقولي لما اجيب حق صاحبي و رافض يعرفني معنى كلامه.

أهل و لكن.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن