26. انتقامٌ مشتعل

ابدأ من البداية
                                    

الأب تنهد قائلاً:
-أنا لا أعلم حتى كيف علم ذلك الساحر أنّني أنوي التنحي جانباً وتوريثك لقبي ومكاني في المجلس.

أنا واثقٌ أنّ أحد اللوردات خارج المجلس يريد الاستيلاء على مكان عائلتنا في المجلس ولكن مهما حاولت معرفة من هو لم أستطع. هناك العديد من الاحتمالات ولا أستطيع تخمين من هو حقاً.

الأم نهضت واقفة وقالت بحزم:
-ذلك الساحر لن يتوقف حتى لو انفصلت عن سيلينا. أنا سأذهب للقاء أليكس وإخباره بما يحدث. وإن لم يستطع هو أن يفعل أيّ شيء حينها افعل ما تشاء.

لا أحد اعترض على كلامها. ربما لأنها محقة تماماً وهذا هو الحلُّ الأخير.

كبرياء آلبرت لم يسمح له بطلب المساعدة من شقيقه الأصغر لأجل مشكلةٍ تخصّه وتخصّ خطيبته.

كان يريد حلّ المشكلة بنفسه ولكنه وصل لنهايةٍ مسدودة بالفعل وهو بين خيارين أحلاهما مرٌّ.

إمّا أن يتركها تتأذى بسببه أو ينفصل عنها وهو لا يمكنه تقبّل أيٍّ منهما أبداً حتى لو أظهر خلاف ذلك.

وفي تلك اللحظة مرّت لونا في ذهنه. كم تغيّر كلّ شيءٍ بعد رحيلها!

الجميع يشعر بالذنب وبالندم وحتى أنّ أليكس وليون يتجنبان العودة للقصر كي لا يذكّرهم بها.

والديه تأثّرا كثيراً بما حدث. هما نادمان بشدة ولو عاد الزمن للوراء لفعلا المستحيل لأجلها ولما سمحا بنفيها أبداً.

لم يكن عليهم رفع سقف أمالهم ومنحها تلك الحريّة. كانت الأمور ستبقى على ما يرام حينها وكانت ستبقى تحت أنظارهم على الأقل.

وآلبرت حين يرى ما آلت إليه أحوال الجميع يتمنّى لو أنّهم قاموا بحبسها مجدداً فقط.

هو لم يحزن لرحيلها بل كان واثقاً أنّهم اتخذوا القرار الصحيح بالفعل وأنّ حياتهم ستصبح أفضل هكذا.

ولكنه حين ينظر لوالديه وشقيقيه كيف كسرهم رحيلها وسلبهم طعم السعادة من حياتهم هو يتمنى لو أنهم لم يرسلوها لتلك الجزيرة حيث مصيرها سيكون مجهولاً بالنسبة لهم دائماً.

ما بين آمالٍ زائفة معلّقة على عودتها إليهم ذات يومٍ وكوابيس موتها بطريقةٍ قاسية...هم مشتّتون جداً.

لذا هو أدرك متأخراً أنهم ارتكبوا خطأ فادحاً في لحظة غضب، قرروا نفيها لتلك الجزيرة دون التفكير بعواقب هذا الأمر وها هم يدفعون الثمن جميعاً.

.
.
.
.
.
.

في مملكة دراكون:

          

جلستُ برفقة الجدة قرب الموقد بعد تناول الطعام نتجاذب الأحاديث المختلفة ولاحظتُ حينها أنها شاحبة قليلاً لذا سألتها بقلق:
-هل أنتِ بخير يا جدتي؟ تبدين شاحبة قليلاً.

ابتسمت لي مطمئنة:
-أنا بخير. أنا متعبة قليلاً فحسب.

أدركتُ حالاً أنها تكذب. مستشعرات الشياطين لمعرفة المشاعر الحقيقية قويةٌ جداً ويمكنهم كشف الكذب بسهولة.

هذا زادني قلقاً. إن كانت تخفي الأمر فهو خطيرٌ حتماً.

لذا ألححتُ قائلة:
-أنتِ لستِ بخيرٍ أبداً. هل أنتِ مريضة؟ هل هو مرضٌ خطير؟

رفعت حاجبيها بدهشة قبل أن تتحول ملامحها لحزنٍ شديدٍ وهي تقول:
-عديني أنّك لن تخبري آدريان.

أدركتُ أن ما سأسمعه تالياً لن يكون جيداً أبداً ولكني وعدتها بكتمان الأمر.

بعد صمتٍ قصير قالت:
-أنا مصابة بورمٍ خبيثٍ لا أمل بشفائه. أيامي باتت معدودة ولكني لا أريد أن يعلم آدريان بذلك ويقضي بقية الأيام حزيناً وقلقاً لأجلي.

شعرتُ بالحزن لأجلها. ولكني حاولتُ العثور على حلٍّ وسألتها:
-ألا توجد طريقة؟ ماذا لو أخذتك لمملكة أُخرى وبحثنا عن ساحر علاج؟

نفت برأسها قائلة:
-هناك أمراضٌ حتى سحرة العلاج عاجزون أمامها وهذا أحدها يابنتي.

شعرتُ بالحزن أكثر فأكثر.

كم هذا مؤسف! كم سيحزن آدريان لو علم بذلك!

لمَ هذه العجوز الطيبة من بين الجميع؟ إنها لا تستحق.

.
.
.
.
.
.

لم أستطع النوم طوال الليل. كنتُ أفكّر فيما عليّ فعله لأجل الجدة.

وفي صباح اليوم التالي كنتُ قد حسمتُ أمري ووضعتُ خطتي. سأجعلها تعيش أسعد أيام حياتها في الأيام القادمة.

ولكن بالطبع كنتُ أحتاج للكثير من النقود لأجل ذلك لذا اضطررتُ للخروج ليلاً و"استعارة" بعض النقود من قصور الأثرياء السفلة تحديداً.

كان التسلل لقصورهم سهلاً باستخدام تجسيد الحرباء.

واجهتني بعض المشاكل أحياناً وتمّ اكتشاف أمري في أحيانٍ أُخرى ولكني تخلصتُ من كلّ من رآني باستخدام قوة الشيطان. لا أريد أيّ مشاكل في هذه المملكة الآن. كما أنهم إن اكتشفوا أنني ساحرة سأموت بلا رجعة.

أسطورة آل ڨاسيليا || The Legend of Vassilia حيث تعيش القصص. اكتشف الآن