الجزء الثاني من رواية "أنين الطفولة"

ابدأ من البداية
                                    

كان الرجل يلاعب الصغيرة لحين يُجهز الطعام وفي أثناء مداعبته لها قالت له: دادا فين؟

لم يعرف والدها ماذا يقول، شعر بالحزن عليها، وفكر ماذا يكون قد حل بأمه الأن، قفزت الطفلة ووقفت أمام ابيها فجأة وصرخت بشده وقالت: دادا فين وأخذت تبكي بكاء عارم فهي اعتادت أن تلعب معها وتجلس معها وتطعمها أيضًا ولكن أين هي وماذا تفعل؟

دخلت أمها بالطعام وذهبت باتجاهها وحملتها وقالت لها: ألم أقل لكِ لم يعد هناك جدة؟ أعرف أنكِ لن تفهمي ذلك لأنكِ ما زلتي صغيره ولكن اعتادي على غياب تلك العجوز.

نظرت لها الصغيرة ونقزتها في صدرها بقوة وقالت بصوت مفهوم: لا هي دادا!

نظروا كل من والدها ووالدتها إلى بعضهم البعض ولم يعرفوا ماذا يقولوا ففضلوا الصمت فيبدوا أن هذه الطفلة ستتعبهم كثيرًا.

مرت الأيام والجدة تركد في فراشها تنظر إلى السقف ولا تتكلم مع أحد، حتى لا تريد طعامًا ولا شرابًا وفضلت الجلوس وحيدة وتدهورت صحتها كثيرًا ولم تعد تقوى على الوقوف حتى، ظلت كذلك قرابة شهرين أو أكثر.

دخلت زوجة ابنها الوسطى ببعض الطعام وطلبت منها أن تأكل أي شيء لتستطيع المقاومة أكثر فهذا سيء جدًا لصحتها، ولكن الجدة رفضت وقالت لها: لا أريد شيء فقط أخرجي ودعيني وحدي، خرجت زوجة ابنها ولم تتفوه بشيء، قابلتها زوجة الابن الصغرى أو كما نعرفها "بالمرأة الخبيثة" فهي مازالت كذلك، سألتها: ألم تأكل أمي شيء؟

وعرفت أنها لم تأكل فقالت لها: أنا سأخذ لها الطعام وسأجعلها تأكل لا تقلقي وتركتها ودخلت غرفة الجدة، ووقفت أمامها وقالت: أمي يجب أن تأكلي شيء فأنتِ لم تعودي كما كنتِ فقد نقص وزنك وتغيرت ملامحك أيضًا.

نظرت لها الجدة من رأسها إلى قدميها وقالت: لما أتيتِ إلى هنا؟ أتيتِ لكي تشمتي أليس كذلك؟ وأشاحت بوجهها بعيدًا.

ردت المرأة: لا أمي ليس هكذا صدقيني فقط أريدك أن تأكلي وليس شيء آخر.

صرخت الجدة  بها وقالت: لماذا؟ لماذا؟ أليس هذا ما تريدينه؟ ها قد رحلت من كانت تُزعجك، رحلت من أردتِ قتلها، افرحي هيا فقد رحلت؛ رحلت وبلا عودة، وانهارت في البكاء الشديد وظلت تصرخ باسم حبيبتها إلى أن غابت عن الوعي، خرجت المرأة سريعًا ونادت زوجها ونادت على من في البيت وجاءوا وحاولوا إفاقة والدتهم بصعوبة إلى أن جاء الطبيب وفحصها وأعطاها بعض المهدئات وطلب منهم أن يتركوها ترتاح قليلًا.

مرت الأيام على الطفلة ومازالت معلقه بجدتها وتطلب رؤيتها كل يوم ولكن لا حياة لمن تنادي، فهم كلما طلبت منهم ذلك يخبروها نفس الكلام بأن تنسى، فلم يَعد هناك جدة لها، لكنها على يقين تام أنها ستراها ثانيةً، فقط ستنتظر بعض الوقت.

بعد مرور عدة أسابيع جاء أحد جيران والد الطفلة وأخبره أنه وجد له منزلًا جديدًا وعليهم أن يحزموا أمتعتهم لكي يغادروا لمنزلهم الجديد.

أنين الطفولة  حيث تعيش القصص. اكتشف الآن