( الوادي )
" كيف حالك يا عزيز ؟!! "
ابتسم عزيز بخفة محاولًا إخفاء توتره ثم غمغم ممازحًا :
" أعتقد أنك الأولى بالسؤال عن حالك "
أسبل ليث اهدابه ثم رد بهدوء :
" الحمد لله على كل حال يا عزيز .. والآن أخبرني عن الأمر العاجل الذي تريده مني "
قبض عزيز كفه وبسطه عدة مرات وأسلوب ليث المتحفظ معه على غير العادة يوتره ثم همهم بعد لحظات باندفاع :
" أنا أريد التقدم لإحداهن "
انفرجت ملامح ليث ثم هتف مبتسمًا :
" هل حُلت عقدتك أخيرًا ؟!! "
" أي عقدة ؟!! "
سأله عزيز مقطبًا باستغراب ليهمهم ليث متفكهًا :
" ترفض التعامل مع النساء طوال الوقت ، ترفض التقدم لإحداهن ، لا تنظر إليهن ، لا تعيرهن انتباهك ولا تتحدث معهن ... ماذا نُسمي هذا غير عقدة إلا إذا كان شيئاً آخر والعياذ بالله ؟!!"
ارتفع حاجبي عزيز ثم انقلبت ملامحه بقرف ليتمتم بعدها بضيق :
" هل أصبح رفضي للاختلاط دون رباط عيب بي وشك في ميولي ؟!! "
ضحك ليث ثم هز رأسه نفيًا بينما استطرد عزيز بحاجب مرتفع :
" كما أن طباعك لا تختلف عني كثيرًا .. لا تتحدث كما لو أنك متعدد العلاقات "
رفع ليث كفيه باستسلام ثم عاد لبداية الحوار مهمهمًا بابتسامة واسعة :
" حسنًا يا صديق ... هل اخترت العروس أم لا زلت في طور البحث ؟!! "
انتابه التوتر من جديد ثم قال باندفاع كاشفًا كل أوراقه :
" اخترتها وأنت تعرفها "
وهنا حل الصمت على ليث للحظات وكأن الرؤية باتت تتضح قبل أن يسأل بصوت جاد وخافت :
" من ؟!! "
أرتجف قلب عزيز فتنهد ثم هتف مرة واحدة :
" أختك .. الآنسة غالية "
المشاعر المتعاقبة على وجه ليث جعلته يضطرب ..
فبعد الصدمة حل غضب غريب ظهر في صوت ليث وهو يتمتم بحدة مفاجئة :
" ومن أين تعرف غالية حتى تطلبها للزواج ؟!! "
ارتفع حاجبي عزيز بذهول ثم همهم ضاحكًا بتوتر :
" وكيف لي أن لا أعرفها ونحن جميعًا كبرنا سويًا !! "
لم يهتز ليث للحظة ولم تتغير ملامح وجهه وهو يسأل من جديد :
" ولما غالية بالتحديد يا عزيز ؟!! "
كاد عزيز أن يتحدث لكن ليث استطرد بعينين ناريتين :
" أنت مؤكد تعلم بظروفها كما يعلم الجميع ... لماذا وقع اختيارك على غالية ؟!! "
زفر عزيز وحاول أن يجد ردًا مناسبًا ثم تكلم بعدها بتصريح عاشق :
" ربما لأنها السبب في عزوفي عن الزواج طوال الأعوام الماضية "
اتسعت عينا ليث ثم همهم بنبرة من يوشك على الفتك بمن أمامه :
" أنت .......... "
قاطعه عزيز هاتفًا بحرارة لا تُخطئ :
" أنا أكن لها كل الاحترام يا ليث ، وحين أردت أن أتقرب منها جئت إليك قبل أي شأن ، قبل حتى أن اسألها عن رأيها "
أطبق ليث فكيه ثم قالها صريحة :
" عزيز أنت تعلم أن غالية لن تنجب "
" وأنا لا أريد أطفال "
والرد كان سريع حار بلا ذرة تردد مما أوصل مشاعره بوضوح إلى ليث الذي تمتم بملامح قاتمة :
" منذ متى ؟!! "
همهم عزيز بقلة حيلة وابتسامة خفيفة للغاية تداعب ثغره :
" توقفت عن حساب الزمن من وقت طويل "
زفر ليث محاولًا تمالك أعصابه ثم صمت لدقائق طويلة قبل أن يقول ببعض التروي :
" اسمع يا عزيز .. غالية أغلى عندي من أي شخص وأنا لا أستطيع أن أجبرها على ما لا ترغب به "
قطب عزيز ثم قال بوجل :
" ولما تضمن رفضها ؟!! "
" لأنها تدرك جيدًا أن شروطها ستكون مرفوضة من اي رجل لهذا هي عازفة عن الزواج بشكل عام "
اقترب عزيز بجلسته منه ثم قال بصوت قوي محاولًا اخفاء توسلات قلبه :
" يا ليث .. أنا أعدك أن كل طلباتها ستكون مجابة بإذن الله كما أنني أخبرتك برأيي في موضوع الإنجاب ، على الأقل اعرض عليها الأمر يا أخي "
" وما رأي عائلتك في هذا الأمر ؟!! .. هل أخبرتهم برغبتك ؟!! "
ألقى ليث أسئلته بتحدي ليفاجئ بعزيز الذي هدر فيه بتوتر بلغ ذروته :
" بالطبع يعرفون .. ماذا بك يا ليث لما ترفض الزيجة بهذا الإصرار ؟!!! "
هدر فيه ليث بدوره :
" لأنني لا أريد لها أن تُؤذى بكلمة ولا احد يضمن عزوفك عن الإنجاب طوال العمر خاصةً وأن هذا حقك الطبيعي "
صرخ فيه عزيز بحنق :
" سأعطيها كافة الضمانات ، لا تتدخل أنت .. فقط وافق وقف جواري يا رجل "
كتم ليث ضحكة كادت تشق طريقها إلى شفتيه حين دقق في ملامح عزيز الحانقة بطفولية ثم قال بعد صمت جعل عزيز على وشك لكمه :
" سأخبرها وفي النهاية الرأي الأخير لها "
قفز عزيز من فوق مقعده ثم عانق صاحبه بخشونة هاتفًا بضحكة متوترة :
" حبيبي أنت والله "
أبعده ليث بحدة قائلاً بوجه جاد :
" إذا رفضت لن يُفتح هذا الموضوع مرة أخرى "
" ستوافق .. بإذن الله ستوافق "
هتف بها عزيز بأمل كبير وكأن قلبه هو من يهتف بها وليس لسانه .. !
عائلته وافقت
وانتزع موافقة ليث وإن كانت على مضض
والآن دورها
هي من بقيت
رهانه الأكبر
حلمه الأجمل
غالية قلبه التي سيفعل المستحيل حتى يحظى برضاها فينال مبتغى العمر .
______________
أنت تقرأ
ولما تلاقينا .. الجزء الثالث من سلسلة قلوب تحت المجهر
Romanceسقطت ولم انسكب .. اشتعلت ولم انفجر .. ظهرت بي الشروخ ولم اتهشم.
الفصل الخامس
ابدأ من البداية