الفصل 48: لغز

ابدأ من البداية
                                    

اتّجه كلّ من ريان ونغم إلى المكتب حيث عماد ولؤي، وبمجرّد أن دخلا، شعر ريان بالأسف على لؤي الّذي لم يخبره أحد بما قالته سارة من معلومات. لم يكن لؤي فقط من كان يخشى رامز إن خالف وعده، بل كان الجميع يرغب بتجنّب غضب رامز.

لاحظ لؤي تحديق ريان به فقال "لا داعي لأن تشعر بالأسف عليّ، كلّ ما أريده هو أن ترحل تلك الفتاة بأسرع وقت"

"لا يبدو بأنّها سترحل قريبا" قالها ريان فقال لؤي "لاحظت ذلك"

في الواقع، لم تحاول سارة أن تلتقي بلؤي، وهو لم يرغب بلقائها ثانية، لكنّه مع ذلك كان يلاحظها بين الحين والآخر حينما تخرج إلى حديقة القصر. كان لؤي يعرف بأنّها لم تستسلم، ولهذا لم يكن مرتاحا لبقائها.

في اليوم التالي وفي قصر الغرب، قام الجميع بتجهيز أنفسهم للرحيل. ولأنّه لم يكن من اللّائق الرحيل دون لقاء سيّد القصر، فقد طلبوا جميعا لقاء إسحاق لشكره وإبلاغه برحيلهم، بما في ذلك لينا. قرّر الجميع التظاهر بالهدوء وبأنّهم لا يشكّون به إلى أن يبدأ حسام تحقيقاته ويجد شيئا مفيدا.

جلس الجميع معا أمام إسحاق الّذي قال مبتسما وهو يحدّق بلينا "من الجيّد رؤيتك بصحّة جيّدة"

"شكرا لك" قالتها لينا بهدوء فقال إسحاق "أعلم بأنّكم تشكّون بأنّ شخصا ما من الغرب قد تورّط فيما حدث، لذلك طلبتُ بالفعل من الملك إرسال فرقة لمساعدة الغرب على التحقيق. صحيح بأنّني كنت ضدّ إهمال طاقة الظلام دون ترويضها واستخدامها، لكنّ ما حدث قد كلّف العاصمة الكثير، خاصّة مع عدد المصابين الكبير"

كان كلام إسحاق موزونا ومنطقيا، وهو ما يعني إمّا بأنّه صادق فيما يقوله، أو أنّه يملك ثقة كبيرة بأنّه لم يترك أيّ آثار خلفه. كانت لينا قد أخبرت الجميع بأنّه حتّى لو كان إسحاق متورّطا، فهو لم يكن قادرا على إحداث ذلك الضرر وحده، لذلك كان عليهم البحث عن المتسبّب الحقيقي.

"سأنتظر نتائج التحقيق وسأعود إلى الغرب إن كان ذلك ضروريا" قالتها لينا بهدوء.

لم يتطرّق إسحاق إلى الاحتكاك الّذي حصل بين قائد فرسانه وبين نور عند وصول لينا إلى الغرب، ولم ترغب نور ولا لينا بالتحدّث عن ذلك أيضا. كان الجميع متعبا ويرغب بتجاوز هذا الحادث والعودة إلى منازلهم. لينا لم تكن قد قرّرت بعد إن كانت ستعود إلى الشرق، لكنّها كانت مرتاحة لأنّها مع رامز في الوقت الحالي.

انطلق الخمسة على أحصنتهم ووجهتهم قرية دان، ثمّ الافتراق بحيث يذهب كلّ إلى وجهته، فقد قرّر الجميع استخدام هذا الطريق لأنّه يقع تحت سلطة القرية ولا يجرؤ أحد على إحداث الفوضى فيه. كانت لينا تعلم بأنّ الرحلة ستستغرق حوالي عشرة أيّام، وقد كانت فرصة مناسبة لها ولرامز لتعويض الرحلة الّتي فشلت بسبب ما حدث في الغرب.

عند اقتراب الظلام، اختار الجميع أوّل قرية وصلوا إليها للمبيت فيها والانطلاق ثانية في الغد. بعد أن حصل الجميع على غرفهم في النزل وتناولوا طعامهم، خرجت لينا إلى الخارج حيث كانت قد اتّفقت على لقاء رامز. كان الجوّ مظلما وباردا، لكنّ أضواء النزل كانت كافية لهما للاستمتاع بجولة ليلية.

حينما رأى رامز لينا قادمة نحوه وهي ترتدي ملابس مناسبة، قال بملامح قلقة "هل تشعرين بالبرد؟"

"لا، بل أرتديها كيلا تزعجني" قالتها لينا فابتسم رامز وقال "كم سيكون رائعا لو كنت تستمعين لي هكذا دائما"

"وكأنّني لا أفعل! الجميع يستمع إليك لأنّك مزعج"

لم ينزعج رامز ممّا قالته لينا بل واصل الابتسام وكأنّه فخور بذلك، وقد عرفت لينا بأنّها لا تستطيع التغلّب عليه.

"كيف تشعرين؟"

شعرت لينا بأنّها سمعت هذا السؤال عدّة مرّات لدرجة أنّها بدأت تملّ منه، لكنّها مع ذلك أجابت قائلة "أنا بخير"

"أخبرتُ إلياس عن احتمالية امتلاك عهد لنفس حساسيته للطاقة، وقد بدا مذهولا حقّا" قالها رامز فقالت لينا "توقّعت ذلك"

لم يكن كلاهما يرغب بالتحدّث عن هذا الموضوع أمام نور لأنّ لينا كانت تعلم بأنّها ستقلق كثيرا. على الأقلّ ستخبرها حينما تكون مع سيف أو حينما تجد حلّا لهذا اللّغز الغريب. حتّى إلياس لم يعد بإمكانه الآن نفي وجود علاقة ما بينه وبين تلك الطفلة، لكنّه لم يكن يعرف من أين يبدأ.

إلياس كان قد أخبر رامز بأمر غريب جعل اللّغز معقّدا أكثر، فقد قال بأنّه لا يملك أيّ عائلة من جهة والده، فقد توفّي والده منذ عدّة سنوات وكان والده وحيدا لا عائلة له. ولأنّ والده هو من كان يملك البشرة السمراء والعيون الذهبية، فهذا يعني بأنّه إن كان هناك رابط دم بينه وبين عهد، فيجب أن يكون من جهة عائلة والد إلياس الّتي لا توجد أصلا.

تنهّدت لينا وهي تشعر بالصداع بسبب تعقّد الأمور فقال رامز "من الأفضل تأجيل البحث عن هذا الموضوع حاليا، أعتقد بأنّ الشخص الّذي تبحثين عنه هو الحلّ لهذا اللّغز، لذلك ليس علينا سوى انتظار ظهوره، لكن سيكون علينا تحذير إلياس وتحذير سيف ونور مسبقا"

"كما تريد" قالتها لينا ورفعت رأسها نحو السماء وهي تدرك بأنّه قد تمّ توريط عدّة أشخاص في أمر كان يجب أن يكون سرّها الخاص. تذكّرت لينا صوت الجبل حينما قالت "سيأتي يوم تجدين فيه روابط أقوى من رابطتك مع طاقة الظلام، حينها لا تخافي من التمسّك بها"


الصيّادة ليناحيث تعيش القصص. اكتشف الآن