18 - فوبوس .
ومضت عدة اسابيع . وكان الناس في بداية شهر اذار ، وقد تجمعت فتيات جميلات تجاه الكاتدرايية ، يضحكن ويتحدثن فوق شرفة بيت فخم . وكانت اولئك الفتيات جميعا من بيوت غنية ، تشهد على ذلك زينتهن وثيابهن . وقد اجتمعن كلهن في منزل فلور - دي - لي - جوندولوريا ، التي فقدت زوجها منذ عهد بعيد . شاب ذو فتوة بهية فخورة . انه من اولئك الفتيان الذين تتفق النساء كلهن على عظيم اغرائهم وفائق تأثيرهم . لقد كان قائدا من قادة رماة حرس الملك .
من السهل ان ندرك من خلال ابتسامة السيدة الويز واشاراتها خلال حديثها مع الشاب القائد ، ان الامر كان يدور حول خطبة معقودة بين الشاب وفلور - دي - لي ، كما ان من السهل ان ندرك من خلال برود الضابط ان ليس في هذه العلاقة حب من جانبه على الاقل ، ففي كل وجهه تعبير عن شعوره بالحرج والضجر .
وانحنت السيدة نحو الشاب تقول له :( هل رايت وجها مضيئا ورائعا كوجه خطيبتك ؟ هل هناك فتاة اشد بياضا وجمالا
منها ) ؟
فيجيبها:( لا شك في ذلك ) ، وهو يفكر في شيئ اخر .
وتقول السيدة فجأة :( كلمها اذن ) !
ثم تدفعه وتوجهه نحوها :( قل لها شيئا ، لقد اصبحت ذا خجل شديد ) .
ويحاول الضابط ان يتقرب من فتاته . واخذ بعد ذلك يحدثها عن شيئ كانت تخيطه .
وهنا صرخت احدى الموجودات :( انظري ياعزيزتي فلور الى هذه الراقصة الجميلة ترقص على بلاط الشارع وتضرب بدفها امام الفلاحين . )
قالت فلور وهية تتجه الى الشرفة :( انها مصرية من
الغجر ) .
اما الشاب الذي لم يكن يشعر بالعاطفة نحو عروسه ، فقد وجد في اتجاهه للشرفة ماينقذه من الحرج . ثم تاتي فلور قائلة :( يا ابن عمي الجميل ، الم تحدثني منذ شهرين انك انقذت فتاة غجرية من بعض اللصوص اثناء الليل ) ؟
- :( نعم ، اذكر ذلك ) .
- :( اذن تعال فانظر الى الراقصة ، لعلها تكون هي التي انقذتها ياابن عمي ، فوبوس ) .
وتقرب الشاب ليقول لابنة عمه :( نعم ، انها هي . لقد عرفتها من عنزتها الصغيرة ) .
وتصرخ فتاة ثانية لتقول :( ومن هو هذا الرجل الاسود الذي يقف هناك في الاعالي ) ؟
فتجيبها فلور :( انه كاهن جوزا . . ان له عينين ثاقبتين )
وقالت الفتاة :( ومااغرب نظرته الى هذه الراقصة
الصغيرة ) !
فقالت فلور :( لتحذره هذه الغجرية ، فانه لا يحب الغجر
ابدا ) !
ثم تطلب فلور من فوبوس ان يشير الى الفتاة لتصعد اليهن فيستمتعن برقصها وفنونها . وتصفق الفتيات مؤيدات رفيقتهن . فانحنى الضابط فوق حاجز الشرفة ، ونادى قائلا
:( ايتها الصغيرة ) .
فكفت الفتاة عن الرقص ، واتجهت عبر الشاهدين نحو باب المنزل الذي ناداها فوبوس من اعلى شرفته ، بخطوات برئية ، وتتارجح في عينيها نظرة عصفور مضطرب ينهار امام سحر الافعى .
وتبلغ الفتاة باب الغرفة ، فتشعر الفتيات انها منافسة جديدة . يدركن هذه الحقيقة بالغريزة النسوية الفائقة . ويقطع الضابط حبل الصمت قائلا :( اقسم انها مخلوقة ضريفة )
ثم قال لها فوبوس وهو يتقدم نحوها لست ادري ايتها الطفلة الجميلة ان كنت قد تعرفت الي . . . ) .
وتقاطعه الفتاة ، وقد رفعت راسها نحوه بابتسامة رقيقة
:( اوه ! نعم ) .
فتقول فلور :( ان لها ذاكرة جيدة ) .
ثم يتابع الضابط :( انها وقاحة ضاهرة ان يقدم قارع اجراس على اختطاف فتاة كهذه . . ولكنه قد نال عقوبة رادعة ) .
فقالت الغجرية :( ياللرجل المسكين ) .
وضلت الغجرية تنضر للضابط نظرات رقيقة خجلة ، وهية تغض الطرف عن النظرات الخبيثة والتعليقات الحاقدة التي كانت توجهها اليها الفتيات .
وصرخت الام فجأة :( ايتها القديسة العذراء ! ما الذي ينحرك بين ساقيك ) !
فرات انها العنزة الصغيرة ذات القوائم الذهبية
واخذت الفتيات يطلبن من الغجرية ان تجعل عنزتها تؤدي بعض العجائب . فاجابت الغجرية :( انني لاافهم ماتقلن ) .
- ( معجزة ، سحر ، عجيبة من العجائب ) .
- ( لا اعرف شيئ من هذا ) .
وهنا لاحظت فلورا حجابا معلقا في رقبة العنزة ، فسالت الغجرية :( ماهذا ) .
فاجابتها الغجرية :( انه سري ) .
- ( اريد ان اعرف سرك هذا ) .
ولم تلبث الام ان طردت الغجرية وعنزتها .فاتجهت الغجرية نحو الباب ببطء . ثم التفتت الى الوراء ، وبدت عيناها مغروقتين بالدموع ، فصرخ الضابط فوبوس :( انك لن تخرجي هكذا ، دون ان ترقصي . وبالمناسبة ، مااسمك يا جميلتي )؟
قالت الراقصة :( الاسميرالدا ) .
وانفجرت الفتيات ضاحكات حين سمعن هذا الاسم الغريب .
وفي هذه الاثناء كانت احدى الفتيات الموجودات قد فكت الحجاب المعلق في رقبة العنزة ، فإذا فيه احرف مكتوب عل منها على مربع خشبي . ولم تكد تفعل ذلك حتى رات العنزة تقبل على هذه الاحرف فترصفها الواحد وراء الاخر في نظام دقيق عجيب . وتكونت من مجموع الاحرف كلمة من الكلمات.
: فوبوس .
وادركت الراقصة حماقة عنزتها . فاحمر وجهها خجلا ، وراحت ترتجف امام الضابط الذي نظر اليها بابتسامة رضى ودهشة .
اما الفتيات فكن يقلن :( فوبوس . . انه اسم الضابط ) .
وانفجرت فلور باكية ، ثم صرخت :( انها ساحرة ) . وسمعت صوتا في الداخل يقول :( انها منافسة ) .
ثموسقطت فلور مغشيا عليها . وصرخت الام مذعورة :( ابنتي ! ابنتي ! اذهبي ياغجرية الى جهنم ) !
ولملمت الغجرية احرفها ورحلت مع عنزتها . اما الضابط فوبوس ، الذي بقي وحيدا ، فقد تردد قليلا ، ثم لحق بالغجرية .
أنت تقرأ
احدب نوتردام ||HUNCHBACK of NOTREDAME
Romanceعادة نحن نترك امر الثقة بالاشخاص الى العينين ماذا يحدث حين تكذب العين وتزيف الحقائق وحين ينجلي ضباب الاوهام ويظهر المخفي هل يحدث ما يخطط له القدر؟ هل سنرفض؟ هل سنقاتل ؟ هل سنستطيع تغييره؟ ل ڤكتور هيغو .
PART -8-
ابدأ من البداية