قهقهتْ ماريا ثمَّ أشارتْ إليه بِسبابتها ساخرة " هذا ما يجعلني أكرهك ، ذكائُك المُفرط يُتعب من حولك بما فيهم أنا ، و صحيح كما استنتج عقلك هذه الفتاة ليستْ شخصاً عادياً لِدرجة أنها غيرت رأيي خلال دقائق " توقفتْ ماريا عن الكلام كأنَّها تتلاعب بأعصابنا ، فَـقلبي بدأ بالضرب بسرعة لم أعهدها ، خائفة أن يكرهني إلياس إن عرفَ من أكون أو أن يُقصيني بعيداً ثم يَدَّعي بِعدمِ معرفتي ، هنا سأتهشَّمُ كلوحٍ من الزجاجِ الرقيق .

" إنها ابنةُ إيفلين " هذه الجملة الصغيرة جعلتْ حدقتاهُ تتسعان باتجاهي ثم ما لبثتْ حتى عادتْ لطبيعتها بِوقتٍ قصيرٍ غيرِ ملحوظ ، لكن النغزة التي في قلبي استمرتْ لوقتٍ طويل .

عبثتُ بأصابعي منتظرةً أن يتحدث ، و لِوهلة ظننتُ أنهُ كابوس ، بأنِّي ما أزال نائمة و حَلمتُ به بسبب توتري لِلقاء ماريا في الْيَوْم التالي لكن إعتقادي تبخَّرَ عندما سَألتْ سؤالاً لا أعلم إن كان يجدرُ بي تصنيفه فضولاً أم حماقة .

" لما تكرهين إلياس ؟ كيف لِعبقريَّتِهِ أن تكون سبباً في ذلك ؟ " و من غَيرُها سارا من تجرأتْ و سألته ، رغبتُ بِنكزها لكن ماريا كانت تتوسطنا لذا اكتفيتُ بإغماضِ عينايّ مُحرجةً مما فعلته .

ضحكتْ ماريا قليلاً ثم عمَّ السكون كأنَّها تذكرتْ أنهُ لا يجدر بها ذلك لكن طريقةُ سارا في إلقائِه تُرغمُ الحنجرة على الإهتزازِ بلا إرادة ، و هكذا أصبحَ هنالك سببٌ ثالث يَمنَعُني من النظرِ لِـ إلياس .

" ليس فقط ذكائه أو عبقريته ما أكْرَهُها ، أكرهُ كونه الشخص الذي حطمَّ كيندال و أذاها ، ففي الْيَوْم الذي ألقى جون على مسامعها الماضي الذي حاولتِ الهربَ منه ؛ أسرعتْ لِمنزلي و قد كانتْ شاحبة جداً لِتبقى صامتةً طوال الْيَوْم ، لهذا اتصلتُ بالطبيب ألين في المساء و أخبرني ما حدثَ بالتفصيل ، و عندما علمتُ عن إلياس لم أستطع سوى أن أكرهه ؛ بالرغم أنِّي من ساعدتُّه على الخروج مع دانييل لاحقاً ... ففي النهاية هو من جعلَ كيندال تتغير لهذه الدرجة و تتألم كثيراً ؛ لذا كيفَ لي ألّا أبغضَه و أمنعهُ من الوصول إليها أو على الأقل إخباره بأحوالها ؟ " انكسارُ صوتها كان واضحاً ، قلقها و خوفها على صديقتها بأن تنهار إن رأتْ إلياس مُجدداً يُفَسَّر من طريقةِ كلامها ، لكنَّها مُخطئة في جعلها تهرُبْ مرة أخرى ، عليها أن تساعدها في مواجهة ماضيها ثم إكمالُ حياتها بعدها !

استجمعتُ شجاعتي و حاولتُ إقناع نفسي أن أتناسى حقيقة كونه صاحب القُبعة و أتحدث معه على كونه إلياس الذي في المُفكرة فقط ، فقدِ انتظرتُ هذه اللحظة حتى أسأله لما فعلَ ذلك كما هي كيندال التي تتوقُ لمعرفةِ الجواب أيضاً .

" لما فعلتَ ذلك إلياس ؟ لما كان عليكما أن تَضَعَا كيندال و والدتي في موقفٍ كهذا ؟ ألّا تعلم أن كلتاهُما قد بَقِيَتَا متؤلمتين من ماضيهما حتى الآن ! " استطعتُ إلقاء ما في جوفي بعدما ضغطتُ على نفسي ، تناسيتُ كونه صاحب القُبعة بل كونه إلياس في المُفكرة ، وضعتُ نصبَ عينيّ بأنه الشخص الذي من الماضي و سبَّبَ دمارَ حياتهُما .

وَ كَأنَّها مَنسِيَّة - يوميات طبيبة نفسيةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن