القصة الرابعة - طعنة شرف

ابدأ من البداية
                                    

نضر اليها ذلك الضابط الثلاثيني ذو العيون الزرقاء والطول الفارع وكأنه مارد تلك النظرة السادية التي تمنح صاحبها احساس باللذة والاستمتاع بعذابات الاخرين
قال – انا أشفق عليك وأود مساعدتك 
رفعت راسها وكأن الامل عاد لها بالخلاص -ارجوك صدقني انا لا علاقة لي بشيء ارجوك يا سيدي
قال – كفي عن البكاء سأدعك تنصرفين وتعودين لمنزلك ولن أخبر أحد بتهمك
قالت – شكرا يا سيدي أنك طيب القلب اقسم لك لا علاقة لي بشيء
قال – ولكن اريد أن استضيفك هنا عدة أيام في الحاجز
عنها فهمت مراده الخبيث وسقطت مشيا عليها وعندما استفاقت وجدت نفسها على سرير في غرفة الضابط ممده ومكبله من اطرافها الاربع بقيت ميادة ثلاثة ايام بلياليها تغتصب بكل وحشية يومين للضابط واليوم الاخير للعناصر حتى ملت غريزتهم البربرية منها في اليوم الثالث تركوها تذهب عائدة الى منزلها.
جن جنون عماد عندما نقل له من كان بالحافلة ما حصل ولم يذق طعم النوم لثلاثة ايام وأخذ يشتم والده ووالدته ويصب جام غضبه عليهم وذلك لانهم دفعوه لأرسال زوجته الى دمشق لتتعالج ولكن بعد اليوم الثالث عادت ميادة الى المنزل وعلم الجميع ما حدث معها كان عماد يجلس في المنزل دون كلام لا يجرؤ على النظر الى عيني ميادة وهي كذلك لم تجف عيونها منذ عادت الى القرية لقد كان امر صعب عليهما اخذت الذكريات الجميلة تتراقص امام ناظري عماد يتذكر زفافة ويتذكر كيف ارتدت ميادة فستانها الابيض ثم يلمح امامه ذلك الطريق الاخضر الطويل على طرف القرية المزركش بالأزهار والمليء بأصوات العصافير وكانه الجنة ذلك الطريق الذي قطعه برفقة ميادة عشرات المرات تذكر حين امسك بفراشة ملونة بكلتا يديه ثم اقترب من وجه ميادة ونفخ بين يديه لتطير تلك الفراشة الجميلة امام وجهها المتفاجئ تذكر كذلك الثلج يتساقط في القرية وكيف كان يهرع الى منزل عمه لكي يسرق بعض النظرات المتجمدة لميادة تذكر كلامها الجميل عن المستقبل وعن اسماء الاولاد وعن تعليم كل منهم كانت تريد انجاب ثلاثة اطفال ذكور احدهم طبيب والاخر محامي والثالث رسام  وفجأة يختفي كل شيء وسط كل تلك الخيالات تضيق الدنيا بعماد وتلتف كأنها الدوامة ويتحول كل شيء الى اللون الاسود يخرج اليه في الظلام وجه امه ووالدة واهالي القرية وأهل ميادة يمسك راسه يصرخ ويضربه بالحائط كي يتخلص من الالم لكن دون جدوى لقد كان عماد يعاني صدمة نفسية رهيبة ويحس بشعور العجز الذي لا مثيل له كيف لا وهو مكبل اليدين لا يستطيع فعل شيء لإنفاذ شرفة المهدور ولا يستطيع فعل شيء حيال تلك الطعنة القاتلة كذلك لا يستطيع لون ميادة التي سمح لها بمحض ارادته الذهاب بقدميها الى العار كان يعيش حالة من الهستيرية الخفية لا شيء يريحه ابدا او يخفف علية كان يتمنى الخروج من المنزل الى الحقول البعيدة لكي ينسى ويشكوا همومه الى الطبيعة ولكنه كان يخشى اهالي القرية ونظراتهم القاسية كان يخاف من البقاء في المنزل الذي توجد فيه ميادة الجسد بدون الروح كان يود احيانا ان يضمها او ان يعانقها لان لا ذنب لها وكان احيانا يتمنى ان يغرس في صدرها امضى السكاكين كي يرتاح لم يعرف ما يفعل كان في سجن ثلاثي سجن المنزل وسجن القرية وسجن الحواجز لا يستطيع مبارحة احدها وكأنها القدر المحتوم اما ميادة فلم تبرح غرفتها طيلة الايام الطوال التي جاءت بعد الحادثة لا احد كان يستطيع تخفيف مصابها رغم قدوم اهلها اخواتها كل يوم الى البيت ولكنها لم تكن تحس باي كلمة كانت الاجساد حولها صامتة لا ترى الا الشفاه المتحركة دون ان تفهم أي كلمة لم تبرح صورة ذلك الضابط مخيلتها بطولة الفارع وعينيه الزرقاوين ولباسه العسكري ورائحة عرقة المقرفة كانت تصحوا كل ليله من هول الكوابيس التي تراها هذا ان استطاعت النوم لسويعات كانت تسرق بعض النظرات الى فراشها فلا تجد الا نفسها وحيدة تواجه الرعب والخوف فعماد ما عاد يستطيع النوم بجوارها باتت حياتها جهنم بكل معاني الكلمة حزن وخوف ووجوم اشباح كوابيس هزال واصفرار بجسدها وعينيها شاحبتين تتمايلان تنظران الى طرف الغرفة ولا تبصران شيء فمها نصف مفتوحتان راسها يتمايل ببطء وكانه بناء على وشك السقوط بعد زلزال رهيب تغمضهما لعلهما يجدان بعض الراحة ولكن فجأة تفتحهما بسرعة كي تبعد خيالات الوحوش اللذين كانوا يظهرون لها كل من اعتدى عليها تتذكر ملامحه بكل وضوح ولكن لا تستطيع فعل شيء يديها مكبلتين في الحروب كما يقال كل شيء مباح وفي كل الحروب تضيع الحقوق ويصبح المطالبة بها ضرب من الجنون او الانتحار لم يكن امام ميادة وعماد الا عد الايام بسرعة عليها تطوي معها الذكرة المؤلمة وتنسي الالم ذات يوم اقترب عماد من باب غرفة ميادة طرقة ولكنه كان مقفل من الداخل كان يود ان يصالحا ويجبر خاطرها ويفتح معها صفحة جديدة ولكن لسانه نطق شيء مختلف وكانه الصراع الداخلي المحتدم داخل خلجاته قال لها وهي كانت المرة الاولى التي يكلمها منذ الحادثة
- اسمعي يا ميادة انا لا أستطيع ان أكمل حياتي معك ابدا لا اعلم ان كنت مذنبة اولا او ان كان الذنب ذنبي او ذنب وجودنا في هذا البلد وهذه الحرب لام احب شخص طوال حياتي كما احببتك كنت بالنسبة لي كل امل جميل في هذه الحياه كنت من صبغ حياتي بأجمل الالوان فكرت دوما بأن اعود اليك حبيب وانسى كل شيء ولكن لم استطع لم استطع تبا للأطفال وتبا لأهلي وتبا لمجتمعنا وتبا للحرب كلها قتلت حبنا انت طالق.. طالق.. طالق

ثم حاول كثيرا فتح الباب دون فائدة ثم كسرة فوجد ميادة وقد قطعت وريد يدها بزجاج النافذة وقد فارقت الحياة


تمت

اذا اعجبتكم القصص لا تبخلوا بالتعليقات وابداء الرأي

بكم اكبر واتطور

انتي طالق......حيث تعيش القصص. اكتشف الآن