أنحبست أنفاسه وهو يستمع إلى أسمها ينساب داخل أُذنيه ، ثم قال بنبرة منكسرة واضحة لا تخفى على ذوى الفطنة :
-(( واحدة فرحها النهاردة .. تفتكرى ممكن يكون أيه بينى وبينها غير أنى أتمنالها السعادة ؟! )) ..مسحت غفران وجهها عدة مرات وهى تدور حول محورها كالشريدة ، قبل أن تقول بتردد واضح :
-(( أنا مش عارفة أيه اللى بعمله ده .. بس لو أنت حاسس بحاجة ناحيتها .. أظن وجودك هنا هيفرق دلوقتى بالذات )) ..أغلقت هاتفها بعد نطقها بتلك الكلمات الغامضة وهى تدعو أن تصدق ظنونها ، وتوفق مساعيها فى أنقاذ موقف ربما يعيد حياة صديق عزيز على قلبها إلى مسارها الصحيح .
**********************************
من أبلغ ما قاله الرافعي فى تعريف المحبوب ، " أن الحبيب ، هو من تلتهمه بكل حواسك ، فأذا رأيته فقد ، رأيته وسمعته وذُوقته ولمسته وشممته ، وكم كان صادقاً كأسمه تماماً ، فى وصف حالتها منذ الصباح وتفاعلها معه بكل حواسها وكأن قلبها قد انشطر أثنين ، نصف يضرب داخل جنباتها والشطر الأخر يخفق فى جوف أضلعه فيرتد صداه داخلها ، مقاطعاً ألتهام عينيها لتفاصيله ، لكزة خفيفة آصابت مرفقها ، قادمة من ذراع صديقتها التى أنضمت إليها تقول مازحة :
-(( بالراحة يا ست رحمة .. هتاكلى الراجل بعنيكي .. خلاص عرفنا أنك وقعتى بس خليكى تقيلة شوية مش كدة )) ..تنحنحت بقوة قبل أن تهتف بأرتباك مدعية عدم الفهم :
-(( وقعت أيه وهبل أيه !! أيه اللى أنتى بتقوليه ده )) ..أبتسمت غفران عن ملئ فاهها ثم قالت ساخرة :
-(( لا مبقولش .. ومش هقول أن هو كمان بيبصلك دلوقتى أهو )) ..ألتفتت مسرعة تنظر بلهفة حيث أشارت رفيقتها بكفها قبل أن تعود بأدراجها خائبة ، تهتف ساخطة بغضب بعدما وجدت المكان من حولها خالِ منه :
-(( تصدقى أنى عيلة عشان وقفت أتكلم معاكى .. وشكراً على تريقتك دى )) ..قالت غفران معتذرة :
-(( خلاص والله بهزر .. وعشان تكونى مرتاحة .. هو كمان وقت ما أختفيتى كان هيتجنن عليكى )) ..أنفرجت أساريرها وأتسعت إبتسامتها الخجلة ولم تعقب لوهله حيث شردت حالمة فى جملة رفيقتها حيث بادر عقلها برسم مشاهد وردية ناعمة ، مدفوعاً بالتحولات التى طرئت على علاقتهم منذ ذلك الحين ، وكأن أرتباطهم درج ، يتسلقان كل فترة عدة درجات منه ، حتى أوشكا على الوصول للنهاية ، هناك ، حيث بر الأمان ، وبعد فترة من الشرود أنتبهت على حالتها فعاودت تسأل مغيرة مجرى الحديث :
-(( مطمنتنيش .. عملتى أيه مع بدر ؟! )) ..أجابتها بنبرة خالية :
-(( ولا أي حاجة .. نيمته وروحت سحبت القضية زى ما طلب .. مستنية الدكتور يطلع تقريره .. هو غالباً الممرضة قلقانة منى وعايزة تتأكد أنى مش هضرها فلازم أطمنها هى كمان .. وعمتاً هى وعدتنى الأسبوع الجاى أول ما الدكتور يخلصه هتدهولى بالحالة كاملة ووقتها هعرف لو كانوا بيلعبوا عليا ولا فعلا الجنين مات بسبب الوقعة )) ..
أنت تقرأ
في لهيبك احترق
Romanceما بين قدر نصبُ إليه ، وآخر يطاردنا هناك طريق محدد علينا السير به حتى نصل إلى غايتنا ، مسيرين كنا أم مخيرين لا يهم فالنتيجة واحده وفي النهاية سنقف في مواجهة أحدنا الآخر لنرى من منا سيحترق في لهيب الآخر أولا .
الفصل الثالث والعشرون .
ابدأ من البداية