لكنها هذه المرة نجحت في الانسياب من بين يديه ثم اتجهت مسرعة نحو صندوق ملابسها فأخرجت عباءة سوداء مغلقة الصدر وذات أكمام متسعة، ثم ارتدتها ومشطت شعرها وجدلته مجددًا دون أن تلتفت إليه رغم تأكدها من متابعته لها بدقة.
سحبت وشاحًا كبيرًا لها لتغطي به رأسها و وجهها معًا عندما تخرج بصحبته، ثم ارتدت نطاقًا عريضًا لها ولفته حول خصرها وسمحت لمكان تعلّق به جراب سيفها.
ثم ارتدى كل واحدٍ منهما نعاله ثم مد يده نحوها مبتسمًا فوضعت الوشاح على كتفيها ريثما تخرج، ومدت يدها نحوه فشبّك أصابعه في أصابعها فاعتلت وجنتيها ابتسامة ناعمة.
كانت زبيدة مستيقظة وتجلس بالخارج في الرّدهة صباحًا ثم سمعت صوت ضحكات ابنها فتهللت أساريرها وذهبت ظنونها في اتجاهٍ بعينه.
نهضت مسرعة إلى داخل الحجرة نحو زوجها وكان قد استيقظ توًا فاندهش من تلك السّعادة المحتلة وجهها، زم حاجبيه بدهشة وتساءل: ماذا بكِ يا امرأة؟
فاتسعت ابتسامتها وأهدرت: عِمتَ صباحًا يا سيد الرّجال وأبا زين الرّجال!
فرفع حاجبيه بدهشة وهو يضرب كفًا بكف وتساءل مجددًا: لم تكوني بهذه السّعادة منذ ساعاتٍ فقط!
- لقد حدث ما نرجوه ونتمناه، لقد بنى بها.
فاعتدل جالسًا وتساءل بجدية: أهو من أخبركِ يا ترى؟!
فأومأت برأسها تتفي ولا زالت مبتسمة، وتابعت: بل سمعت صوت ضحكاته تملأ أرجاء البيت، حفظتك الآلهة يا ولدي وغُمرت حياتك كلها بسعادة وهناء!
ثم اتجهت نحو الباب لتخرج وهي تقول: سأخبرهم بإعداد إفطارٍ رائع من أجل العروسين.
ثم أسرعت الخطا تنادي على خدمها وتملي عليهن مكونات ذلك الإفطار.
وبعد فترة خرج أوس يشبك يده بيد راحيل ويجذبها خلفه لتتبعه، وكانت زبيدة جالسة تتحدث وجوارها زوجها، وبمجرد أن خرجا حتى أهدرت بصوت زغاريدها تملأ أرجاء البيت فأسرع عُمير خارجًا من الحجرة وخلفه عمّار.
فتساءل عُمير بسرعة: ماذا هناك؟!
فأمسك أخيه بكتفه وقال له مؤنّبًا: لا ينبغي أن تندفع هكذا ولا أن تخرج على الآخرين دون استئذان، ثم أين تحية الصّباح يا غلام؟!
فطأطأ رأسه قليلًا ثم تابع على استحياء: أعتذر منكم، عِمتم صباحًا، ماذا حدث وما سر هذه الأصوات؟!
تساءل بنفس تسرّعه، فخبط عمّار جبهته وتنهد بقلة حيلة في حين ضحك الآخرين بخفة، فأهدر أوس بسعادة واضحة: عِمتم صباحًا جميعًا!
فأهدرت أمه بفرحة شديدة وهي تتحرك نحوهما لتعانقهما: دامت ضحكتك دون توقف! وسعدت سائر أيامك وكل أوقاتك! وبوركت ليلتكما يا أعز الأحباب!
أنت تقرأ
By : Noonazad. ( إلى طريق النجاة )
Spiritualسنرجع للوراء مئات السنين إلى زمن الجاهلية وصدر الإسلام، كانت أسوأ شيء يخطر ببال أبيها وكثيرًا ما خشى أن يتحقق، نوى قتلها بلا ذنبٍ اقترفته سوى أنها جاءت أنثى. هربت بها أمها لتنجو بها... وتدور أيام وأيام وأحداث وأحداث... إلى طريق النجاة. ملحوظة...
(34)
ابدأ من البداية