الفصل التاسع عشر.... خطايا......
لمن لم تدركه الخطايا، انت لست قديسا......
............
مشروب ساخن ودفء يتسلل من خلال معطفها، ساعات الصبح مبهجة، عيون تبحث في المشهد عن شيء... لكن لا تدرك أمرا... جلوس مفاجئ منه نظرة وابتسامة وتحية، فتحية وتبادل النظرة بابتسامة ونداء بقول لهالف : وسام.. طمنيني عليكي....
ابتسمت بلطف قائلة وهي تحرك المعلقة في قهوتها بملل : الحمدلله وانت يا دكتور نديم
عدل نظارته وقال بسعادة واضحة، عيون تلمع بنغمة : المشروع في السعيد ماشي بخير، وانا بخير، مش هستعدي لامتحانات...
هز رأسها في قبول : قريب هسافر... متخفش...
وأضاف : اقدر اقولك دلوقتى مبروك.
تعجبت ورفعت رأسها، حتي قال : عدتك خلصت..
أشعل حزن آخر في القلب من غير قصد و بقصد أفلت الزناد وألقي التهلكة أمامها : وانا حابب استغل الموضوع دا، واطلب ايدك...
لحظة والحر وصدمة لتكون الخاتمة : وسام انا بحبك............................................
....................
............................
عاتب الأخ أخيه قائلا : هتعمل اي يا سمير.... مكنش ينفع الخلاف يوصل لكدا...
نظرة مالية له وقال : هي صالحتك زى كل مرة...
ابتسم قائلا بحنو وصوت دافئ : وحيدتي، و نسيتي في الكبر، وانا حاسس انها عقلت، وأنها مرتاحة في الجواز أو حياتها الجديدة....
يري أن أخيه فياض المشاعر، ضعيف أمام فتاته رغم القوة، تلك أمنية خمسة عشر عام من الجد والتعب والسهر والأدوية..... لا يلؤم، ولكن يشفق عليه، ولما يشفق عليه وحاله هو أقرب للشفقة.......، لا مفر من الوصية، ولكن ليس الآن، هو لن يرحل قبل تمام زواج اخته، الذي لا يرضيه بتاتاً............................
...........................
تمت التهنئة من استاذها، بتوليها أولي خطوات السلم المهني في السيرك الجامعي كمعيدة قائلا : بهنكي يا روفيدا، انتي من اعز طلابي تستحقيها....
ابتسمت في سعادة شاكرة : اشكرك يا دكتور...
ليضيف قائلا : موضوع البحث بتاع شائك، حابب بعض التروى، وخاصة أن كتير فشلوا مع الحالة اللي اختيارها... وأكمل بنبرة اب : وبصراحة خايف عليكي، لأن المريض غريب، ودكاترة كتير أعلي رتبة خافوا يكملوا، لأن قدرته في الإقناع مخفية، بيلعب في العقل... وانت بنت مجتهدة، حابب انك تاخدي طريق أفضل...
رفضت بتادب قائلة : جاية ادخل الطريق، حابة افهم سؤال
وأدرك في نهاية قوله قائلا : الطمع في المعرفة، احيانا يودي بالهلاك.....
ردت : والعلم دائما طريقة السلامة.....................
............................................................هل ذكرت علي خجل أن قاسم الشامي، متجبر... كانت الإجابة نعم....وعايك إدراك هذا بين الصفح الماضية وأما عنه، فهو يعرف عن نفسه.... بخطواته الثابتة، وعينان لا تخطئ هدفها.... احترام شامل وثابت من قبل كل الخدم والحراس، فور دخوله المجال... هي لا تتذكر له حديث مجدي... رأته مرة واحدة في الزفاف والخطبة.... رأته بلا إدراك، واليوم يكون أكثر وضوح.......... قال ولم يكرر بصوت مميز، ونبرة أمرة : هاتولي معاذ....... لمكتب الباشا
.......... اخفض راسه لحظة، وانطلق.... يتلف لاعلي، لتكون ميرال زوجته، الحماة المصون لها، في الاستقبال بوجه جامد مقتبض بعض الشيء.... سكون المكان افزعها..... حركة بسيطة وهي تتركت الورود التي كانت تبعث بها، فاسقطت المزهرية أرضا، عند التراجع في مراقبة صامتة.... لفتة منه ليقول لتحدي الفتيات : نفطي الزبالة، ويترك لابنه المجال قائلا : شوف مراتك.... وصعد. وانفض التجمع.............
.... نظرة أخيرة على خطواته السريعة، وهروب سريع قبل وصول غسان..... في الأعلي دخان تبغه صنع سحابه حوله.... حضر معاذ.... ونظرة منه، فالقي التحية وهبط يقبل يد جده في احترام..... وقال الأب بلهجة استياء... : سمعت شوشرة متلقيش بابني.....
أراد الإنكار، ولكنه فضل الصمت، وضم يده فوق بعضها، يضمها أكثر عند التوتر.... ليقول وهو يضع يده على كتفه ويربت عليها بقوة ويهنس بصوت عالي : نجوى فرحها الخميس الجاي.... وأكمل وهو يطفي السيجار : اتجوزت ابن تاجر كبير، وكل حاجة تخصها كانت هدية مني......
تجمد لحظة، أراد الدفاع، هربت الكلمات من خلقه، أصيب بالخرس....، جحظت عيناه وبرقت في عجز وأكمل : وخطوبتك على بنت المرغلي، الخميس
فصرخ غاضبا : مش هتجوزها، مش هعمل حاجة مش عايزاها
تغير ملامح سريع من أبيه لازدراء.... وصفعة قوية، وضربة مفاجأة ابرحته أرضا، ركلة أخري...، والأم تقف عاجزة، حاولت التدخل، فخشت أن يزيد...، رفعة بقوة وسرعة والقاها على الطاولة.... فحطمها، صارخا متالما...... نظر لأخيه قائلا : شيلوه...... لاوضته....
......... حمل أخيه وأمر احد الخدم بالطبيب حالا، وغاب الآخر عن الوعي، وكان راسه ينزف... كادت تلحقه الأم لولا يده التي ثبتت علي كاحلها كحجر ثقيل وقال : لا ميرال
حاولت سحب يدها والبكاء يخطو منها مجري الهلاك : ابني.... ابني يا قاسم...
أمر ولا يكرر : وانا قولت لا....
سقطت الدموع من المقل، ارتجف الجسد، غادرت غرفتها... وأغلقت قد أغلقت الباب بغضب وتيه وصوت بكائها يشق الجدارن، وتتبعها وصفيتها..... في دوامة من الاجبار، لا نهاية لها ولن يكون...............
..................................................
نادت عليه قائلة : حكيم الفطار برد... ودخلت الغرفة وهي تقترب من موضعه قائلة : انت كويس....
نظرة لها وأخري للشرفة :§ بخير.... وأكملت هي قائلة بشيء من التقرير : تعبان نروح للدكتور....
هو راسه برفض.... ورحل دون طعام، يبدو غامض وحزين... يفكر في شيء ما لا تدركه.... مرت ساعة وأخري، طرقات خفيفة على الباب... لتفتح وتجد حسين يرفع المستندات التي طلبتها من جواز السفر وبطاقة شخصية... قائلا : الحلاوة.....
............................................ عندما تدرك الحقيقة متأخراً........... لا تصل ابدا مهما كانت السرعة والخسارة.......................................
........................
افاقة من المريض الغائب وسؤال عن حاله، وفضول لمعرفة الحقيقة..... ولكنه صمت.... واستقبلته زوجته فتون بحبور، لا تذكر ولا تنفي، يوم يومان، عاد للمنزل... وسط نظرات اتهام وتساؤل وتقصي، من الوهلة علم أن غضب ابيه مشتعل في البلاد ولا يوجد قوة لاهلاكه.... وحددت الجلسة، وسيتم قريبا الفصل في الحكم... وعلي كلا تحمل العواقب..............
............................
لا يري، لكنه يسمع صوته صغير يلهو، ضحكاتها الجن لحن يقط داخله الراحة، عيون تتلقي بالنسيم، يحفظ كلماته، وانفعالاته.... تقف مربيته على جانب وهو يلهو مع إحدي الخدم ويركل الكرة، فقد شكل فريق من كل العاملين بالقصر....... لا توقفه الحياة ولا الوحدة عن شيء.... إيفان، سراب من نور تسلل لقفص ظلمته........... إدراك صغير، لواقع سام يوجد في أرض، لكنه سوف يترك... فهو يحب التسيلة... حتي وان كانت نادرة.....
.....................
لا تخلو خطبة في وقتها حتي يومنا هذا من تلك الأغنية التي صدعت في المكان...
يا دبلة الخطوبة عقبالنا كلنا... ونبني طوبى طوبة في عش حبنا
نتهني بالخطوة ونقول من قلبنا.... يا دبلة الخطوبة عقبالنا كلنا
.........
بلحن معروف هبطت العروس برفقة الأخوة والأصدقاء، استقبلها، واستلمها العريس.... زغاريط وورود تنثر... وسعادة تبحث وحلم وردي لن يولد بسلام...... نظرات من التعجب والسعادة والاستنكار والترقب..... عيناها كانت سعيدة بكل التفاصيل... وقلبها يلحق في فضاء ليس كفؤء بها، هو كان سعيد.. مبتسم، الجو جميل والبهجة تحتفل في سكر معهم............... ولهم... خاتم يتناول ويلبس بحبور وخجل... ترسل المباركات عبر القلوب. وتتلقها هي في يسر...............................
.......................................................
عودته من عمله هادئة... والحياة بينهم صمت... لا حراك لا تحدي ولا عراك..... بدل ثيابه واراح بدنه بسكون.... نظرة يأس.... وإهمال، وخروج للهواء الطلق في الشرفة احيانا يشفي......... نظرة لا تفيد، هي تريد تصادم.، تريد حياة، اي شيء غير هذا الجليد..... ولكن هي جرحته بدون وهو أخطئ.......... والاثنان لا يعرفون نقطة تطاقع تجمع...... لا يدركان تواصل، والامر يسؤء...... فمن له المتلقي ومن له المرجع......
.............. يتبع........
.......
...............