تنهد أيس ثم رفع يده ليُرجع شعره المبلل إلى الخلف ثم يخرج من حمامه و قد إنتهى للتو من الإستحمام و إرتداء ثيابه، إبتسم و هو يجلس على السرير و يفكر،
منذ صار يتسلل إلى غرفة ماريا و يغيضها صار ينام بعمق بعد معاناته من أرقٍ مزمن يجعله لا ينام حتى هذا الوقت و الآن صار العكس صحيحًا و هو ينهض باكرًا،
إتسعت إبتسامته أكثر لكنه أُخرِجَ من أفكاره بعد سماع ذلك الصوت الذي بدا أشبه بالصراخ للنجدة و لم يتحرك إلا بعد أن سمع صوت تلقيم الأسلحة من الخارج و إتجه بسرعة نحو نافذته و فتحها ليلقي نظره على الحديقة الأمامية، جميع الحارس يركزون أسلحتهم عليها...على كاميلا التي...
تسارعت أنفاسه و هو يرى و بالكاد يصدق ما يراه، أتلك
ماريا حقًا التي بين يدي أخته؟!
لا يكاد يصدق ما يراه، عض شفته بسخط بعد أن رأى ماريا إبتعدت عن كاميلا و سحب نفسه لداخل، بسرعة سحب سلاحه و لقمه و من دون أي ثانية من الإنتظار وجهه نحو كتف كاميلا و أطلق رصاصتين على التوالي في كتفها و بطنها، مازال يحتاجها حية، ما إن رأى أن كاميلا قد إرتخت حتى أدخل سلاحه في جيبه و ركض نحو الأسفل
ما إن وصل الدرج حتى وجد كل من إدوارد عند المدخل و دانيال وصل للتو بينما جون خلف إدوارد، سمع عمه ينادي بإسمها "ماريا" و هذا جعله يرتعش بقوة، هل حدث لها شيءٌ ما؟! هل كان من الخطأ أن يُطلق على كاميلا؟! ربما هذا كان سببًا في إيذاء ماريا!
تفطن على نفسه عندما سمع إطلاقًا حادًا للرصاص في الخارج فهرع للخارج لكن أحد الحراس وضع يده كحاجزٍ أمامه مانعًا عنه التقدم حتى توقف الرصاص و لم يأبه أيس كثيرًا للجملة التي خرجت من فم رئيس الحرس بغضب حارق
- لقد هربت! هربت!
لكنه إهتم بالتقدم من إد الذي كان جالسًا على الأرض و بجانبه جون و دانيال و حتى هذا لم يهمه، ما إهتم به
بحق هو ماريا التي كان يخفيها إد في أحضانه
إقترب بسرعة و سأل عمه بتوجس و عيناه على ماريا
- ماذا بها؟! هل أصابها شيء؟!
سحبها إد بقوة بعيدًا عنه ليصرخ بحدة
- هذا بسببك! كيف لأختك أن تخرج من زنزانتها إن لم ترتكب أنت شيء خاطئ؟! أنظر إلى ما أوصلنا تهورك!
إنصدم أيس من رد فعل عمه و تحدث ليشرح وضعه
- أنا لم أكن...
قاطعه إدوارد و هو يلوح بكفه بعصبية
- يكفي! لا أريد شرحًا لأي شيء فقد هربت كاميلا في كل الأحوال!
- سيدي سنبدأ التفتيش بالغابة
سمع إد صوت رئيس الحرس يقول ليسخر منه بعصبية
- أمازلت هنا؟! ظننتك ذهبت منذ عقود فلا سبب لفعل ذلك الآن لأنها ستكون هربت و إنتهى الأمر، فشلى!
وقف إد و هو يحمل ماريا المغشي عليها بين أحضانه و يدخل إلى الداخل تاركًا أيس يذوب قلقًا عليها ماريا و رئيس الحرس يلعن ما حدث فعلى صوت جون قائلًا
- ما هذا بحقكم؟! -إلتفت الجميع إليه ليروه بالقرب من تلك المرأة المغشي عليها هي الأخرى و يبعد خصلات شعرها عن وجهها ليكمل- من هذه؟!
أجاب رئيس الحرس
- إنها نفس المرأة التي حضرت ذلك اليوم باحثةً عن السيد دانيال
قطب جون حاجباه و نظر نحو دانيال الذي قال بنوعٍ من التوتر الذي حاول إخفائه باللامبالاة
- لا أعرفها البتة و لم أراها بحياتي، ربما في إحدى الحانات، من يدري ربما، على كل حال، أرسلوها إلى المستشفى
قالها و هو يعطيهم ظهره و يلوح بيده ليسمع صوت جون يأمر بحدة
- نادي أندرو و أطلبوا من جولييت أن تجهز سريرًا في غرفة العلاج
إلتفت دانيال ليرى جون يحمل تلك المرأة و ينظر نحوه
بشك ثم دخل البيت ليغمس داني أصابعه في شعره و هو يقول بحنق
- هذا ما كان ينقصني، المزيد من وجه الرأس!
زفر بقلق و دخل هو الأخر المنزل تاركًا أيس وحده في الحديقة متحسرًا مشوش الذهن
•••
مسح إدوارد وجهه بتوتر بينما يهم أندرو بفحص ماريا و ما يزيد توتر إد هو رؤية أندرو يمسح دمًا من رقبتها، في ظل هذا الوضع فُتح باب غرفة العلاج ليدخل جون و هو يحمل تلك المرأة التي تبدو في نهاية عقدها الثاني أو بداية الثالث ذات شعرٍ بني و لون أعينٍ مُبهم فلا أحد رأها فاتحةً عينيها من غير الحراس، إستغرب أندرو لكنه عاد للتركيز على وضع ماريا بينما عقد إد حاجباه فسمع جواب جون يسبق سؤاله
- أطلق عليها الحراس، هذه هي المرأة التي أتت تبحث عن دانيال ذلك اليوم
مسح إد على وجهه دون تعليق بينما وضعها جون في سريرٍ قريب ثم نبه قاصدًا أندرو
- عندما تنتهي من ماريا إفحص المرأة المسكينة، لا نريد التفريط بحياة النساء بعد التفريط بعذريتهن من قبل
أومأ أندرو دون تعليق لكن إد نطق بحدة
- هل أخبرتَ دانيال بأنها أتت لتبحث عنه؟
إقترب جون من إد و هو يقول
- أجل فعلت، لكنه لم يقدم جوابًا واضحًا، قال: "لا أعرفها البتة و لم أراها بحياتي، ربما في إحدى الحانات، من يدري ربما" كان متوترًا بعض الشيء
نظر إد إلى المرأة ثم زفر بحنق ليليه صوت أندرو الذي خاطب إحدى الممرضات
- لقد إنتهيت، جهزي السيدة
أومأت الممرضة حينما أخذ أندرو ينهض من جانب ماريا بينما ينظر له إدوارد بلهفة
- أعتقد أنها بخير، لديها جرحٌ على مستوى رقبتها، ليس خطيرًا و لكنه ليس بالهين كذلك، سنُبقيها تحت المراقبة، ما إن تستيقظ يمكننا أخذها إلى غرفتها
تنهد إد براحة في حين إتجه أندرو ليعالج الأخرى
•••
قاربة الساعة على الثامنة صباحًا و كان أندرو قد أخرج الرصاصة للتو من كتف المرأة و هو الآن يمسح يديه من الدماء ليأمر الممرضات
- بمجرد أن تفتح إحدهن عيناها أخبرنني حسنًا و...
إلتفت نحو مجموعة الخدم النساء و من بينهم جولييت
- أعتمد عليكن في تنظيم الفوضى و الإعتناء بهما
وافقن برؤسهن ليبتسم شبه إبتسامة لجولييت و ردتها له ثم خرج متجهًا نحو الأسفل أين إد و أخويه
تقدم منهم ليجث على الأريكة و هو يعتذر
- سامحني سيدي الزعيم و لكني أشعر بالإرهاق عليَّ الإسترخاء قليلًا هنا
- لا بأس، أخبرني فقط كيف حال ماريا و تلك المرأة
ضغط إد على حروفه و هو يرمق دانيال بسرعة ليقول إندرو بتعب
- ماريا بخير أخبرتك بحالها من قبل و تلك المرأة كذلك، الرصاصة توغلت في كتفها لكني أنقذتها، ستفيق بعد مدة و حينها ستخبرنا إحدى الممرضات
زفر الجميع براحة لكن دانيال بدت عليه الراحة أكثر واحد لينهض بعدها بحجة أنه مازال متعب و كذلك فعل جون و أخذ طريقه جانب دانيال ليتحدث بعد أن إبتعدا قليلًا عن الصالة
- هاي داني أخبرني -همهم له الأخر بلا إكتراث ليسأل جون بتملق- ما خطبكَ مع تلك المرأة؟! أنت ترمقها بنظراتٍ غريبة!
توقف دانيال عن التقدم لثواني ثم نظر نحو أخيه بسخط و قال بنبرة غضب غير معتادة
- و أين رأيتني أنظر إليها؟! أنا لا أعرفها ولا أنظر إليها بنظرةٍ غريبة و من الأحسن أن تُخرجوها من هذا المنزل
قبل أن أفعل ذلك بطريقتي الخاصة
إستدار دانيال مغادرًا إلى غرفته ليتمتم جون بقلق
- وهذه هي المشكلة، المشكلة دائمًا في طريقتك الخاصة للقيام بالأشياء
•••
بقي دانيال في غرفته بينما بقي إدوارد يعد الثواني حتى أتت إحدى الممرضات تخبر أندرو الذي كان في المطبخ بأن المرأة قد استيقظت لكنها تجهز نفسها و هي مُصرةٌ على المغادرة لذا صعد أندرو و بعده إد بسرعة، ما إن دخل الأول الغرفة حتى وجد المرأة على وشك مغادرة الغرفة مما جعله يهتف بصوت حادٍ نوعًا ما
- هاي سيدتي! من فضلكِ اجلسي في مكانك
نظرت نحوه هيلين بأعينٍ متعبة و وجهٍ شاحب و أردفت بنبرة جادة
- لا أستطيع يا سيد، أنا أملك طفلةً في العاشرة من العمر و هي وحدها في المنزل، عليَّ الذهاب إليها
- لكن جرحكِ قد ينفتق في الطريق
- ولا يمكنني ترك إبنتي وحدها في البيت خاصةً و هي...صماء!
كاد أندرو يُعلق لكن إدوارد أوقفه بيده و تحدث هو بداله
- سنترككِ تذهبين لكن على الاقل أخبرني بإسمك، أنا السيد "إدوارد ماديسون" و أنتِ؟
- أنا "هيلين ويندر"، تشرفت بك سيد ماديسون، سيدي، لدي فتاة صغيرة عليَّ الذهاب إليها، من فضلك دعني أغادر
زفر إد ليقول بهدوءٍ و رزانة
- في الحقيقة شخصٌ في وضعكِ أتى إلى منزل رجال مافيا، مرتان، و بحث عن أحدهم و من ثم تم علاجه على يد طبيبي و دخل بيتي يجب ألا يخرج من هنا،
على الأقل حيًا، لكن سأتغاضى عنه فقط لأني قد أفهم مشاعر الأمهات تجاه أبنائهن إلا أنه عليكِ ترك رقم هاتفكِ بحوزتي، لأن موضوعكِ لم ينتهي هنا سيدة ويندر
هزت هيلين رأسها بسرعة و قالت
- سأقدمه لك فور حصولي على حقيبتي كما أني الأنسة ويندر و ليس السيدة
- حسنًا
هزت رأسها له لترى جولييت تُقرب منها حقيبتها و معطفها و بسرعة سحبت هيلين هاتفها و سجل أندرو رقمها ثم رافقتها جولييت للأسفل
•••
نزلت هيلين ببطٍ في الدرج بينما جولييت تساعدها قليلًا لأنها تعرف أن كتفها يؤلم، عندما وصلت هيلين إلى الباب نظرت نحو جولييت و شكرتها على مساعدتها و قبل أن ترد جولييت أتت عبارةٌ ساخرة من دانيال الذي كان يتكئ على الجدار و يداه مكتفتان
- تمثيليةٌ جيدة هيلين.، لكن لازلتِ غير مُقنعة
أخفضت جولييت رأسها بينما رمقته هيلين بنظرة حادة
ثم فتحت الباب لتخرج منه و هي تشتم دانيال بسخط
•••
زفر إدوارد بتعب و هو ينظر إلى الورقة التي عليها رقم هيلين
- ماذا حدث لي؟!
أتت هذه العبارة من ماريا التي فتحت عينيها للتو و هذا جعل إد يقترب منها بسرعة و يمسك يدها ليطمئنها
- ماريا، صغيرتي، كيف تشعرين؟!
أغمضت عينيها ثم عاودت فتحهما لتقول بصوت ضعيف
- لدي ألم في رأسي...و أشعر بحكة في رقبتي...كما أن جسدي...أشعر أنه محطم
- شششش! يكفي صغيرتي -هز إد رأسه للممرضة التي بجانب ماريا لتهم بإعطائها تلك الحقنة لتكون آخر كلماتٍ سمعتها ماريا قبل إغلاقها عينيها- سنتحدث فيما بعد، الآن، أكملي نومك
حاولت رفع يدها لتعارض كلامه لكن المخدر كان قد إنتشر بالفعل في أنحاء جسدها و نَوَّمَها، نظر نحوها إد و زفر ليقاطعه دخول جون المهرول ليقول بصوت جاد
- إد، رئيس الحرس يريد مقابلتك، لقد عاد من البحث عن كاميلا
رمق إدوارد ماريا ثم قبل جبينها لينهض و يتجه إلى مكتبه مع جون و يقابل رئيس الحرس
•••
مَثَلَ إدوارد على وجهه منظر الإستغراب و الدهشة ثم سأل بجمود
- أتقول لي أن رجالك الذين يبلغ الواحد منهم مقدار الحائط لم يتمكنوا من الإمساك بفتاة هوجاء تبلغ الخمس و العشرون سنة؟!
زفر رئيس الحرس ليقول ببعض الحرج
- لا أعرف كيف كانت تركض بتلك السرعة برغم إصابتها!
- و كيف إستطعتم إصابتها و لم تقدروا على إمساكها؟!
- لسنا من أصابها سيدي، السيد أيس فعل
ضيق إد عيناه ليسأل بإستغراب
- و هل ذهب أيس معكم للبحث عنها أم ماذا؟!
- لا سيدي، السيد أيس أصاب كاميلا من نافذة غرفته عندما كانت ممسكةً بالأنسة الصغيرة، لولاه لما سيطرنا على الوضع
فكر إدوارد قليلًا ثم سأل بإستغرابٍ أكبر
- ألم يكن أيس في الزنزانات مع كاميلا؟! -نفى رئيس الحرس برأسه لينطق إد بإستغراب لكن بحدة هذه المرة- و كيف هربت كاميلا إذًا؟!
- عثرنا على قضبان الزنزانة مكسورة، و بعبارة أصح، مقطوعةٍ بمنشار، نعتقد أننا نسيناه إحدى المرات هناك كما أننا عثرنا على جثتي كيت و كايا، و على ما يبدو كاميلا كانت تعيش على لحم أختيها
تقزز جون من الأمر بمعالم وجهه بينما عقد إد حاجباه ليسأل آخر سؤال
- في الفترة الأخيرة، ألم يذهب أيس إلى الزنزانات؟!
- آخر ليلة قضاها هناك كانت قبل مهمة بلوغه و بعدها لم يدخل السجن البتة
إنعقدت ملامح إد أكثر ثم طلب من كلاهما تركه وحده لينغمس في التفكير
هل ظلم أيس صباحًا؟!
لقد صرخ عليه بحدة و يبدو أنه أخطأ في ظنه، لقد قال رئيس الحرس أن أيس قد أمضى قرابة الشهر من عدم دخوله للسجن و العبث من كاميلا كالعادة، ضيق إدوارد عينيه و شعورٌ مُخزي يملأ صدره، كيف لم يلاحظ هذا؟! عدم دخوله إلى السجن يعني أن يديه لم تعودا مجروحتان بسبب اللكم، إذًا كيف هو لم يلاحظ هذا؟! كان عليه أن يكون أول الملاحظين!
فجأةً طرأت فكرةٌ غريبة على باله، هل ماريا تعرف؟! هل لاحظت هذا يا ترى؟!
لم يفهم لماذا طرأت ماريا على باله من غير أي أحدٍ أخر و لكن ربما لأنها كانت مهتمة بأيس كثيرًا في الفترة الأخيرة، مهتمة! هل إهتمامها له علاقة بعدم ذهاب أيس للزنزانات فرئيس الحرس قال أن ليلة مهمة بلوغه كانت آخر ليلة، أي أن أيس بعد قضائه يومًا مع ماريا لم يذهب بعدها لأخته؟!
هل هي من طلبت منه التوقف؟!
لكنها لم تكن تعلم بهذا فما الذي يحدث بحق الجحيم؟!
أرجع ظهره ليرتخي على الكرسي و يده تمسح على جبينه، رمى بصره على جانب المكتب ليرى تلك الورقة الصغيرة، فيها رقم تلك المرأة "هيلين"، ترى من تكون؟!
سحب الورقة و نظر إليها مطولًا ليقرر إخراج الهاتف الإحتياطي من درج المكتب و يتصل بها، طبعًا لن يتصل بها برقمه الحقيقي ففي النهاية المؤامرات لم تنتهي من العالم بعد، سمع صوت رن هاتف ليليه صوت هيلين
- مرحبًا
- أهلًا
قال بصوتٍ بارد لتردف هيلين
- عفوًا من معي؟
- أهلًا أنسة ويندر، أنا إدوارد ماديسون
- آه سيد ماديسون مرحبًا، أسفة لم أعرفك، صوتك في الهاتف ليس نفسه الذي سمتعه اليوم لذا لم أعرفك
- لا بأس، كيف حالك و حال إبنتك؟
إبتسمت هيلين شبه إبتسامة لأنه تذكر إبنتها و أخفضت بصرها إلى يدها المغموسة بشعر إبنتها لتقول بحنان
- هي بخير
- يبدو أنكِ نسيتِ الجزء الأول من سؤالي!
إتسعت إبتسامة هيلين أكثر لتقول
- أنا بخير، عندما تكون إبنتي بخير، فأنا بخير لا محالة
إبتسم إد على عطفها ليتحدث
- آخر تطفل، ما هو إسم الصغيرة؟
ضحكة هيلين بخفة و أجابت بسرور
- جينيفر
همهم لها و في لحظة إنقلبت ملامحه و نبرته للجدية فسأل
- من هو والدها؟
شعرت هيلين برعشةٍ تسري في أطرافها بعد سؤاله غير المتوقع و سكتت و هي تبتلع ريقها مما حثه ليطرح سؤاله مرة أخرى أما هيلين فردت بالصمت و هي تبتعد عن إبنتها و تتجه إلى الصالة لتستقر على الأريكة
- ما هذا السؤال الغريب؟!
أجابته بهدوء لينطق بسخرية و جدية في نفس الوقت
- حسنًا، سأجيب أنا عنكِ، إنه شقيقي دانيال، صحيح؟
إبتلعت هيلين ريقها بصعوبة ثم نطقت بصوتِ يشبه
الهمس
- من؟!
- لا داعي للتغابي هيلين، أنا هنا لمساعدتك، أهو دانيال؟!
تهانفت هيلين لتقول بصوت مرتجف
- و حتى إن كان هو، لماذا قد أصدِقُ أنك ستساعدني؟ أنت رجل مافيا صحيح؟ كيف لك أن تساعد الناس؟!
- من قال أني أريد مساعدتكِ؟! أكان أنا؟! أسف، أخطأتُ التعبير إذن، بعبارة أوضح، أنا أريد تطبيق القوانين وحسب
إستغربت من جملته لتسأل بحيرة
- أية قوانين هذه؟!
- قوانين منظمتي، لا تعرفينها صحيح، لذا سأخبركِ بواحدٍ من أهمها، عندما تحمل امرأةٌ من رجل مافيا تصير حياتها بين يديه...كليًا
تجمعت الدموع في عيني هيلين و خرج صوتها متوترًا و مهزوزًا
- هل هذا يعني...أن دانيال لديه كل الحق في التصرف معي كما يريد؟! -أحس إدوارد بخوفها لكنه لم يكذب عليها و أجاب بالموافقة لتصدمه هي بكلماتها حين قالت- و المحكمة؟! ألا يمكنها فعل شيء حيال هذا؟!
إنصدم إد ليسأل محاولًا الحفاظ على أعصابه
- لا تقول لي أنكِ أقحمتِ المحكمة في هذا؟! هل أنتِ بكامل قواكِ العقلية لترفعي دعوة قضائية في محكمةٍ مدنية ضد رجل مافيا؟! -سمعها تُجهش بالبكاء من خلال سماعة الهاتف و أشفق عليها بشدة لذا تنهد و أخذ الحديث بصوت هادئ- إسمعي هيلين، أُدرك أنه من الصعب تقبل هذه الحقيقة خاصةً مع إنتشار إشاعاتٍ بشعة حولنا و أنا لست هنا لأُنكر أننا وحوش هوايتنا القتل أو أُمثل دور المسكين و لكن عندما يتعلق الأمر بحياة الناس العادية يتحول الأمر إلى شيءٍ جدي، أنا أعرف أخي و أدرك تمامًا أنكِ لم تُنجبي هذه الفتاة برضاكِ أو حتى قَابَلْتِ دانيال برضاك لأنني أعرف ماذا كان عليه أخي قبل سنين، لقد كان مُغتصبًا يتجول في شوارع لندن، ما فعله في تلك الفترة أدى إلى كارثة حتى أن الفتيات العذرى كدن ينعدمن و عليه، فأخي هو المخطئ و لكن القانون قانون و يجب أن يُطبق، لا يجب أن تنظري إليه بنظرةٍ سيئة فأنا في صفك و عندما أقف في صفك هذا يعني أن لا أحد يمكنه إيذائك حتى لو كان دانيال نفسه
إلتقطت هيلين أنفاسها و حاولت كتمان شهقتها ثم عادت للحديث معه بعد نفسٍ طويل
- ربما، ربما أنت لا تعرف قصتي جيدًا فدانيال يرفض الإعتراف بالحقيقة، حقيقة أن جينيفر هي إبنته، بل يرفض حتى تقبل وجودي، لو كان الأمر بيده لقتلني اليوم قبل غدًا
- و من قال أن الأمر بيده أو أنه مُخير؟! كل شيءٍ أقوله
سيُنفذ، لكن أنتِ أخبريني، ماذا تريدين من دانيال بالضبط؟
زفرت هيلين الهواء لتُهدئ نفسها ثم أردفت بينما تمسح دموعها
- الأمر مُحرج، و قد يبدو لك منه أني امرأة جشعة و لكن الحقيقة حقيقة و الحقيقة هي أني أريد من دانيال أن يعتني بجينيفر معي، أي بالمال -أخفضت نبرة صوتها كثيرًا في أخر الكلمات و قابلها صمت إد لتقول- هذا فقط
- هذا غير ممكن! -إبتلعت ريقها لتسمعه يُكمل- لأن دانيال ليس ذلك الشخص الذي يتحمل المسؤولية فهو يملك إبنةً أخرى و هي تعيش هنا لكنه لا يهتم بها البتة،
صدقيني، لو ماتت سيكون آخر الحاضرين في الجنازة لذا لا تتوقعي أن يهتم بحياة إبنة كما تقولين: "لا يريد الإعتراف بها" و بخصوص المال فأنا قادرٌ على إعطائكِ قدر ما تشائين لكن أنا بكل صراحة أريد أن أرى دانيال يتحمل نتائج أخطائه
تنهدت و تحدثت هذه المرة بصوت ضعيف فيه الكثير من الألام
- أنا لا أريد أن يعتني دانيال بأي شيء، أنا لا أطلب منه الرعاية أو الإهتمام فقط أريد المساعدة، إبنتي صماء و تكاليف نقلها للطبيب و المدرسة و كل ما تحتاجه باهضة و أنا أعمل منذ عشر سنوات من أجلها، لكني فقدت عملي الآن و قد تعبت كثيرًا، أحتاج لأحدٍ يساعدني، عائلتي لن تفعل لأنهم لا يرغبون بوجودي أساسًا، في نظرهم أنا سببت لهم العار لأني أربي طفلةً كانت نتيجة ما حدث و لكن...إنها إبنتي، لا يمكنني التفريط بها، لا أعتقد أنك ستفهم شعوري تمامًا و لكن أنا أحتاج للمساعدة، إنتهى، لم أعد أستطيع تحمل المسؤولية وحدي
سمعته زفر من سماعة الهاتف و بينما تمسح تلك الدموع المنسكبة على خديها خوفًا من أن تستيقظ إبنتها و تراها هكذا سمعت صوت إدوارد الهادئ
- لا بأس، حاولي أن تكوني قويةً من فضلك، أنا أفهم حبكِ الشديد لإبنتك فأنا أيضًا لدي إبنة و فقدت أخرى من قبل و أعرف ماذا ينتابكِ الآن، لكن أريدكِ أن تتأكدي بأن كل شيءٍ تحت السيطرة، في الوقت الحالي، إعتبري المشكلة محلولة و قد إنتهت
إبتسمت بأمل من كلامه و الدموع بعينيها ليردف لها
- لا داعي للقلق بعد اليوم يا هيلين، كل شيء سيكون على ما يرام، أعدك
- لا أكاد أصدق ما أسمع من شخصٍ يقول أنه رجل مافيا!
ضحك على تعليقها ثم إسترخى على كرسيه ليتكلم
- الناس يتجاهلون الكلمات الأولى الأولى دائمًا، أنا "رجل مافيا" و ليس "مافيا" فقط، هناك فرقٌ على ما أظن -ضحكت هيلين بصوتٍ لطيف لتسمع إد ليكمل- حسنًا أعتقد أننا إتفقنا، إنتظري إتصالًا مني و تأكدي بأنه سيكون إتصالًا يحل كل شيء
- حسنًا، شكرًا، مع السلامة
- وداعًا
أغلق إد سماعة هاتفه و رماها على المكتب ليتمتم بحنق
- اللعنة عليك يا والدي!
•••
حل المساء بسرعة دون أثر لأيس أو دانيال لكنهما إجتمعا مع العائلة حول طاولة العشاء التي كان إدوارد و ماريا غائبين عنها
•••
- ممتازة! -قالها أندرو ثم أكمل و هو ينظر للورقة- كل شيء جيد، نسبة السكر جيدة، الهرمونات مُعدلة ولا أثر لفقر الدم، تهانينا يا ماريا أنتِ...-رفع لها إبهامه بمعنى الجيد و غمز لها لتبتسم له هو الذي أردف ببعض الجدية- طبعًا كل هذا بسبب والدكِ المهتم!
قلب إد عيناه ليخرج صوته بسخرية
- أليس لديك شيءٌ ما للقيام به في المطبخ؟!
زفر أندرو ثم إنسحب للخارج تاركًا إياهما على راحتهما
عانق إدوارد ماريا بقوة فهمست لها
- أسفة!
نظر إليها و هي بين أحضانه تضع يداها على صدره و بعيناها نظرة الألم
- ما هذا الذي تقولينه يا ماريا؟! على ماذا تتأسفين؟!
- على ما فعلته، لقد تجاهلت تحذيرك و سببت الفوضى و أزعجت الحراس و...-عضت شفتها بقهر و هي تتذكر الحارس الذي أصابه السكين في صدره لتُكمل بأعينٍ متجمعةٍ بها الدموع- تسببت في قتل أحدهم
زاد في ضمها نحوه ليقول بصوت ناكر
- مستحيل، ملاكي لا يمكن أن تسبب موت أحدهم،
صغيرتي، مهمة الحراس هي حمايتنا و هم أرادوا ذلك بكامل إرادتهم
شهقت ثم أخبرته بصوتها المتألم
- لكني مَن دخل إلى الزنزانات و تجاهل أوامرك، صحيحٌ أن تلك الفتاة كانت تخطط للهورب إلا أني ساعدتها بذلك عندما فتحت الباب الرئيسي
إنصدم إدوارد مما قالته توًا و هي شعرت بهذا لذا شدت على ثيابه أكثر فحاول عدم إظهار أي صدمة و همس
لها بهدوء
- صغيرتي لا تبكي، هذا غير مهم فالجميع يخالف أوامري أحيانًا لكن الأهم هو أنكِ تعلمتِ ألا تفعليها مجددًا -هزت رأسها موافِقةً بسرعة ليتبسم عليها و هو يخفض رأسه لمستواها، ضرب جبهته بجبهتها بخفة ثم تحدث- عظيم!
هذا ما يجب أن يحدث إبتسمت و هي تشعر بأنه ليس غاضبًا عليها كما توقعت أنه سيكون، أكمل إد الحديث معها بعد أن سألته عن سبب وجود كاميلا في السجن و شرح لها ذلك حتى داهمها النعاس و تركها لترتاح بينما هو نزل ليتناول عشائه
•••
كان السكوت مسيطرًا على الوضع عند طاولة العشاء أو بالأحرى دام الصمت حتى أنهى إدوارد أكله ثم إلتفت نحو دانيال ليقول
- إذن دانيال! منذ متى صرت تخفي عني الأسرار؟! حسبتُ أيس هو الوحيد الذي لا يخبرني بما يحدث معه!
لم يكترث داني كثيرًا و هو يتناول أكله و يجيب
- لماذا، هل سمعت أني قمت بصفقة دون إخبارك؟!
ضيق إد عينيها ثم قال بنبرةٍ جادة
- سمعت أنك تملك إبنة أخرى تبلغ العشر سنين
توقفت اللقمة في حلق دانيال ما إن سمع هذا و سوزان كذلك بينما ضيق جون عيناها و جاك و أيس مستغربان،
وضع دانيال الملعقة من يده ببطء لكن بعصبية ثم سأل محاولًا عدم الصراخ
- إمنحني سببًا واحدًا جعلك تتكلم معها؟
إبتسم إد بخفة و تحدث بينما يُسند يده لخده
- أتغار عليها أخي العزيز؟!
نظر نحوه دانيال بحدة ثم إنفجر قائلًا
- لا تقل لي أنها أقنعتك بكلامها! الشيء الوحيد الذي تجيده تلك العاهرة هو الإبتزاز عاطفي، تقول أن إبنتها مريضة لتأخذ المال منا، إنها مخادعة!
سخر إد و على وجهه ملامح البرود
- و بعد؟! إذا أخذت المال منا؟! نحن نملك ما يكفينا و يزيد بالملايير!
- إنها مخادعة يا إد إفهم، مجرد عاهرةٍ مخادعة!
سأل إد محافظًا على ملامحه الباردة
- مخادعة! عاهرة! إبتزازٌ عاطفي! هل أتعبت نفسك يومًا و تحدثت إليها بهدوء؟ هل أحسست يومًا بقيمة أولادك حتى تقول عنها أنها تبتزنا عاطفيًا؟ هل ذهبت يومًا لرؤية إبنتك و رأيت حالها لتقول أن أمها مخادعة؟!
كانت نظرات سوزان مصدومةً بشدة مما تسمع خاصةً بعد أن أجاب دانيال بعصبية
- أنا لا أعرف حتى ما إذا كانت إبنتي حقًا أو لا
زفر إد ثم قال بهدوء و قد علم أن أخاه يحمل غضب الكون في صدره
- لا بأس، برغم أن عمر الفتاة عشر سنين و هي نفسها المدة التي مرت منذ قمت بالتسبب فى مجزرة الإغتصاب تلك لكن من يدري، المؤمرات لا تنتهي لذا سنقوم بتحليل الحمض النووي و دع الأطباء يخبرونا الحقيقة
عض دانيال شفته من الداخل و قد حُصِرَ في الزاوية فهو يعرف جيدًا أنه إغتصب هيلين و أن جينيفر هي إبنته و لكن...
تنهد إد و هو ينهض عن الطاولة
- بصحتكم، أيس، تعال، أريد الحديث معك
إستغرب أيس من طلب عمه خاصةً بعد ما حدث صباحًا
لكنه زفر بتعب و تبعه إلى مكتبه
تنهدت سوزان بحنقٍ و نهضت هي الأخرى عن الطاولة و أخذت الطريق نحو غرفتها، أولًا ماريا و الآن فتاةٌ مريضة في العاشرة و هي أختها!
إضمحلالها من هذا الكون يزيد يومًا بعد يوم بسبب ماريا و الآن أختها قادمةٌ لكي تساعد ماريا لتجعل "سوزان ماديسون" مجرد ذكرى لا أحد يهتم لوجودها أو يكترث إذا حدث لها شيء فهي صارت نكرة بحق
وصلت إلى غرفتها و بسرعة دخلت و قفزت على السرير لتهرب من هذا العالم القاسي
•••
أغلق أيس باب المكتب و بقي يعطي ظهره لإدوارد الذي أردف بعد ثواني
- يبدو أنك نسيت أين يجب أن تنظر! -زفر أيس و لم يلتفت البتة و هذا ما حث إد ليقترب منه حتى صار لا يفصل بينهما الكثير- أتفعل هذا لأني صرخت في وجهك صباحًا؟! -لم يسمع إد أي تعليق من أيس و قد أحس أنه منزعج، رغم ذلك أكمل كلامه بهدوء- على كلٍ، أريد الحديث معك بخصوص ما تحدثنا عنه من قبل...
زواجك -رفع أيس وجهه عن الأرض و ما لبث إد يكمل كلامه حتى وجد أيس ينظر إليه بأعينِ غاضبة و هذا حث إد على إدخال يديه في جيوب سرواله و إكمال كلامه بإبتسامة تشق وجهه- أعتقد أني إتخذت القرار الصحيح عندما أجلتُ الأمر، فحسب ما علمت، لقد صار لديك ما تهتم به أكثر من مايا و حتى أهم من كاميلا! -حملق أيس بعمه بأعينِ مندهشة و مبهمة في نفس الوقت فهو لم يتوقع أن يسمع هذه الكلمات، أحس بيد إد توضع على مؤخرة رأسه قُرب رقبته و أنصت لكلامه الذي كان يحمل نبرة إهتمامٍ هائلة- أريدك أن تبقى هكذا لأطول مدةٍ ممكنة، مفهوم؟
وافق أيس برأسه و مازلت على وجهه الدهشة و عدم التصديق و ما لبث يفهم ما الذي سمعه توًا حتى وجد عمه قد عانقه!
أتعرفون كم مضى منذ آخر مرةٍ قام فيها أحدهم بمعانقة أيس و إحاطت صدره بذراعين دافئتين؟
للحظة أحس و كأنه لم يعانق أحدًا من قبل فهو بالكاد يتذكر ما إسمه في هذه اللحظة، بصعوبة رفع ذراعيه و
بادل عمه العناق برغم دهشته التي وصلت إلى حد تجمع بعض الدموع في عينيه فهو يشعر بشيءٍ لم يحصل عليه منذ مدة طويلة
"حنانٌ أبوي"
برغم أنه عمه لكن صورة والده تأتي فقط حين يحضر إدوارد، مع جون، مع دانيال، كلهم يشعر بأنهم أعمامه و في بعض الأحيان أصدقاء و لكن إدوارد ليس نفس الشيء، منذ أن كان في السادسة و عيناه لا ترى سوى إدوارد، إد و إد ثم إد هذا ما كان يراه و مازال يراه
مرت تلك الليلة على أيس و كأنها سنوات و لم يصدق متى أتى الصباح فقد أحس أنه لن يأتي
•••
صباحًا و مجددًا، حادث إدوارد أخاه دانيال عن موضوع هيلين و لكن هذا الأخير بقي مصرًا على رأيه مما جعل إدوارد يجهز للقيام بالتحاليل نهاية الأسبوع و هذا ما كان يُزعج دانيال كثيرًا، و في النهاية و قبل يومٍ من الذهاب للقيام بالتحاليل تراجع دانيال و إعترف بما فعل لهيلين و كونه يعرف كل شيء من قبل بل منذ كانت جينيفر جنينًا صغيرًا و لكنه كان أصغر من أن يتحمل مسؤولية ما فعل لذا تناسى الأمر و تجاهله تمامًا
حدث ما حدث و إتفق إد مع دانيال على ما يجب فعله، أراد دانيال تقديم المال لها وحسب و لكن إدوارد أراد و بشدة أن يجعل دانيال يتحمل بعض المسؤوليات و غطى كل هذا برغبة تنفيذ القوانين بحذافيرها لذا قرر أن هيلين ستكون ضيفة البيت لأجلٍ غير مسمى خاصةً
و أن قرانها من دانيال قد عُقد حسب القوانين دون زفاف و وافق دانيال بعد مناوشاتٍ كبيرة مع أخيه و حدث ما وعدها به إدوارد و إتصل بها ليخبرها به
هيلين في البداية ترددت كثيرًا فهي تعرف في النهاية أن البيت للرجال المافيا و مهما كان الوضع سيبقون منحرفين عن القانون، و لكن تلك الرغبة داخلها في لقاء دانيال بل و العيش معه، تلك الرغبة التي يمكن تسميتها "رغبة إنتقام" تدفعها بقوة نحو قبول العرض، و في ظل وضعها و إبنتها الصغيرة المسكينة لم تجد نفسها سوى و هي تقبل بعرض إدوارد حاملةً داخلها رغبةً جامحة في جعل دانيال يعاني تمامًا مثلما عانت هي لأنها تُدرك كم سينزعج من وجودها معه تحت نفس السقف
•••
رمشت عينا هيلين كثيرًا بعد أن تدحرجتا على كامل تلك الغرفة التي كانت مذهلةً لدرجة جنونية، هذه ستكون غرفتها هنا، في منزل رجال المافيا هي تملك غرفة، ترتجف أوصالها لمجرد التفكير في كونها صارت تنتمي لعائلةٍ من المافيا لكنها رغم ذلك زفرت ثم أخفضت بصرها لجينيفر التي تقف أمامها، وضعت هيلين يديها على كتفي إبنتها و إقتربت بالقدر الكافي من أذنها لتقول بصوت عالي قليلًا حتى تسمعها الأخرى
- هذه غرفتنا عزيزتي
إبتسمت جينيفر برغم أنها لم تسمع جملة أمها جيدًا لكنها كانت متأكدة من أنها جملةٌ تجعلها سعيدة ثم أخفضت بصرها لتتفحص الغرفة بعيونها البنية لكنهما وقعتا على بنيتي ذلك الذي يتكئ على الباب و نظرةٌ حادة تُغرق وجهه، إستدعاها هذا لتشد ثياب والدتها التي إنتبهت لها و إلى ما تنظر و لم يكن سوى دانيال و على وجهه ملامح الإنزعاج التام
حملقت به هيلين و كأنه عدوها اللدود ليبتسم بسخرية
- لقد جعلتي مني أضحوكة، في العادة لا يعيش من يفعلون بي شيئًا كهذا! -أتت هذه الجملة المهددة منه و قد أخذ يقترب منها و هي كانت تضع جينيفر خلفها كحركة دفاعية برغم خوفها الذي كان واضحًا لدانيال و هذا ما جعله يقترب منها بقوة حتى كاد يصفعها على الجدار ثم هدد بصوت جامد و نظراتٍ قاتلة في عينيه- إياكِ أن تظني أن اللعبة إنتهت و أنتِ من فاز بها، أنا لستُ شخصًا صبورًا ولا شخصًا يحب الصبر و لكني رغم ذلك سأنتظر اليوم الذي ستموتين فيه، عاجلًا أو أجلًا ستموتين، ففي عالمنا لا نعيش كثيرًا خاصةً الضعاف أمثالك و تعرفين ماذا، في تلك اللحظة التي سيدفنوكِ
فيها سأكون أنا في وسط الحانة أعاشر من أريد و أنتِ
ستكونني تحت التراب و إن، إن إزعجتيني فسوف أحرمكِ من حق الدفن في قبر و أحرق جثتك بحكولي
المفضل لذا لا تزعجيني، هذا لمصلحتك و مصلحة...
-سكت و أخفض بصره إلى جينيفر التي كانت منغمسةً في حضن أمها ثم رفع نظره إلى هيلين ليرى عينيها التي تجمعت بهما الدموع فإبتسم لها بإستفزاز و بحق أرادت في تلك اللحظة تحطيم إبتسامته ليزيد غيضها بقوله- مازلتِ طفلةً صغيرة تبكي لأتفه الأسباب و أنا لا أحب الأطفال الصغار و أعاقبهم عندما يبكون و لكن سأسامحك هذه المرة، لنقل أنه إكرامٌ للضيف
تحرك مغادرًا بعد كلماته و هذا جعل هيلين تتكئ على الحائط و يدها على فمها بينما دموعها نزلت بقهر و صمت، في أول يوم يهددها فماذا سيفعل في الأيام المقبلة؟!
هي ربما ستعيش هنا طوال حياتها، هل ستبقى مهددة؟!
أحقًا يمكن أن تموت بتلك السرعة كما سبق و أشار لها؟!
ماذا عن إبنتها؟! من سيعتني بها حينها؟! كيف ستعيش إبنتها المسكينة دون والدتها و دون أي أحدٍ في وسطٍ كهذا؟!
بسرعة إلتفتت إلى جينيفر التي كانت تربت على كتف أمها ثم عانقتها بقوة، لا يمكن هذا، يجب أن تبقى قوية مهما حدث، منذ عشر سنوات خسرت كل شيءٍ من أجل إبنتها، عائلتها، حياتها، سمعتها، خطيبها، مستقبلها و حتى حاضرها لكنها رغم ذلك تغلبت على العقبات و ربت إبنتها وحدها و تعودت على التعرض لمثل هذه التهديدات و المضايقات لذا...
مسحت عينيها من الدموع و ربتت على ظهر إبنتها و هي تستعد لمواجهة ما تحمله لها الأيام، هي واثقةٌ من قدرتها على مجابهة أي شيء كما أنها واثقةٌ بإدوارد الذي وعدها بأن يكون في صفها و كل هذه الثقة من حولها تشجعها للتقدم إلى الأمام و تواجه دانيال
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
أتمنى أن يعجبكم البارت ❤️
قبل ذهابكم أريد الحديث معكم بموضوعٍ ما، و أتمنى أن تفهموا قصدي جيدًا
من بطلة القصة؟
- إنها لونا (ماريا)
من هو البطل؟
- غير مهم
عندما أقول هذا فأنا لا أقصد أن البطل لا دور له بل على العكس، كل الشخصيات دون إستثناء حتى أندرو و جولييت لهم دور في القصة، هم ليسوا شخصيات أساسية و ليسوا ثانوية كذلك، أي أن لديهم دور في القصة التي بطلتها ماريا
هذا إن دل فإنه يدل على حق كل شخصية في الحصول على جزء من القصة و هذا يقودنا مباشرةً إلى جارد، في الحقيقة جارد صار موضوعًا للنقاش و الكثيرون يتسائلون عن رجوعه و دوره و غير هذا، جارد شخصية لها دور كبير، لا أستطيع شرحه الآن لأن ذلك يخرب كل القصة ولا داعي بعدها لأكمل القصة فأنتم تعرفون كيف تنتهي، لكن سأخبركم بشيء واحد و هو أن جارد لن يظهر إلا بعد سنوات لكن سيكون لديه ظهور مقطعي _فقرة صغيرة تصف حاله في بعض اللحظات_
أعرف أن غياب جارد يؤثر على القصة خاصةً و أنه الشخص الوحيد الذي شارك البطولة مع لونا في الجزء الأول و من حقكم أن تسألوا عن أوضاعه لكن أردت أن أخبركم فقط أني أحزن قليلًا عندما تهتمون بوضع جارد أكثر من فصل القصة، أشعر أن القصل لا قيمة له إن لم أذكر جارد فيه، لذا حاولوا تفهم أن هذا الجزء سيكون ببطولة أيس بينما جارد سيعود في الوقت المحدد له