الصمت الباكي

By ara90909

677K 23.4K 4K

دراميه. أكشن. غموض.حزينه .والباقى هتعرفوة More

المقدمه
الشخصيات
الفصل الأول
الفصل الثانى
💛🌻
الفصل الثالث
الفصل الرابع
الفصل الخامس
❤❤
نبذة ❤
إقتبااااااس 💛
الفصل السادس
إقتباس ❤
الفصل السابع
الفصل الثامن
الفصل التاسع
الفصل العاشر
الفصل الحادى عشر
الفصل الثانى عشر
الفصل الثالث عشر
الفصل الرابع عشر
طلب بسيط😘
مهم جدا
الفصل الخامس عشر
الفصل السادس عشر💐
نوت 💐
إقتباس....
الفصل السابع عشر
الفصل الثامن عشر
هديه بسيطه 😘😘
سعاده🙉🥳
الفصل التاسع عشر ❤
الفصل العشرون
الفصل الواحد والعشرون
إعتذار😢
الفصل الثاني والعشرون
يا فرحة قلبي💃🙈
إقتباس 🙈
الفصل الثالث والعشرون
الفصل الرابع والعشرون
أفرحوا معانا 🤩🥳💃
إقتباس..
إقتباس ٢ ..
الفصل الخامس والعشرون
نوفيلا جديد..💃
الصمت الباكي..
الفصل السادس والعشرون ج١
الفراشة البيضاء
الفصل السادس والعشرون ج٢
نوفيلا ..
نوت.
إقتباس من الفصل 27
الفصل السابع والعشرون
الصمت الباكي
الفصل الثامن والعشرون
إعلان
اقتباس
الفصل التاسع والعشرون
إقتباس
الفصل الثلاثون ج ١
الفصل الثلاثون ج٢
#إقتباس
الفصل الواحد والثلاثون
تذكير، وإقتباس
إقتباس 2🔥
إقتباس3 🔥🔥
إقتباس4🔥🔥🔥
إعلان
مـــــــؤمن ...🖤
إعلان 🖤🖇
إعلان الفصل 32 🖇
تذكير بأخر الأحداث والشخصيات😘
الفصل الثاني والثلاثون
الفصل الثالث والثلاثون 33
الفصل الرابع والثلاثون 34
الفصل الخامس والثلاثون "35"
الفصل السادس والثلاثون "36"
إقتباس الفصل 37
الفصل السابع والثلاثون "37"
إقتباس الفصل "38"
الفصل الثامن والثلاثون "38"
إقتباس الفصل "39"
الفصل التاسع والثلاثون"39"
الفصل 40
إعتذار💔
الفصل الأربعون "40"
عودة 💛🌾
الفصل الواحد والأربعون "41"
الفصل الثاني والأربعون "42"
إقتباس الفصل "43"
إستطلاع رأي 😁
الفصل الثالث والأربعون "43"
إقتباس الفصل "44"
الفصل الرابع والأربعون "44"
يا مُعين 😌
الفصل الخامس والأبعون "45" ج1
الفصل الخامس والأربعون "45" ج2
إقتباس الفصل 46
الفصل السادس والأربعون "46"
إقتباس الفصل 47
الفصل السابع والأربعون "47"
الفصل الثامن والأربعون "48"
الفصل التاسع والأربعون "49"
إقتباس من الفصل "50"
🖤🍂.
الفصل الخمسون "50"
الفصل الواحد والخمسون "51" ج(1)
الفصل الواحد والخمسون ج[2]
الفصل الثاني والخمسون "52"
إقتباس
آسفة 💔
مهم جدًا جدًا بخصوص الرواية 🖇
مهم جدًا 🖇🙈
إقتباس الفصل 54
الفصل الثالث والخمسون "53"
الفصل الرابع والخمسون "54"
إقتباس "55"
الفصل الخامس والخمسون "55" ج【1】
الفصل الخامس والخمسون "55" ج【2】
نوت.
الفصل الخامس والخمسون "55" ج【3】
إعتذار.
نواصل 🌻
إقتباس الفصل "56"
الفصل السادس والخمسون "56" ج1
الفصل السادس والخمسون "56" ج2
الفصل السادس والخمسون "56" ج3
الفصل السابع والخمسون "57" ج1
مهم .. مواعيد الرواية
الفصل السابع والخمسون "57" ج2
الفصل الثامن والخمسون "58"
بُكرا
الفصل التاسع والخمسون "59"
الفصل الستون "60"
إقتباس.🔥
الفصل الواحد والستون "61"
إقتباس ناري من الفصل "62"🔥
🥺💔
الفصل الثاني والستون "62" ج1
الفصل الثاني والستون "62" ج2
إقتباس🔥
مواعيد .. ومهم جدًا..
الفصل الثالث والستون "63" ج1
الفصل الثالث والستون "63" ج2
ياريت الكل يجمع هنا..
نقطة ومن أول السطر.
إقتباس🔥
ما قبل الأخير.☄
الفصل الرابع والستون "64"
مهم 💯 .
مهم🤒
الفصل الخامس والستون "65" والأخـــيــــر.
إقتباس أخير🔥
آخر إقتباس ناري للرواية🔥
الخاتمة
مهم 🥰
الجزء الثاني 🔥
إقتباس ٢💣
مهم جدًا جدًا جدًا جدًا
مهم 👀
مهم جدًا 👀
تعالوا هنا 👀
مفاجأة 🥳

الفصل الخامس والخمسون "55"【4】

5K 263 32
By ara90909

- بسم الله الرحمن الرحيم
- استغفروا الله
- لا تلهاكم القراءة عن الصلاة

[قبل ما تقرأي الفصل روحي إقرأي الوِرد بتاعك في المصحف لو لسه ما قرأتي، هاتيجي تلاقي الفصل مستنيكِ يا حلوة🤭]

الفصل الخامس والخمسون "55" ج[4]
"الغيرة سعيرٌ حارق"
"أســـــــــــــــــــوة"

خرج من المزرعة يشعر أنها تضيقُ به ذرعًا يجتر أحزانه بنظرة ساهمة، لاحت على وجهه الحياة إثر أن تسرّبت لأذانه صوت مرحٌ ضاحك يأتي من الباحة الخلفية للمنزل، قطع المسافة بخطوتين لترتد الروح بجسده فور أن رأها تقف على أغصان شجرة التوت تقطف وتُلقي حبات التوت بفمها بتلذذ شديد.
- يلا يا ويسي جيبي ليا شوية، إنتِ خلصتي الشجرة كلها.

نظرت أسوة لأسفل بوجنتين محمرتين موشومة بحُمرة التوت وكذلك شفتيها التوتية، وضعت يدها بخصرها وهي تستند على أحد الأغصان:-
- التوت للبنات بس يا زيدو لا يجوز الرجالة تاكل توت، مش إنت راجل ولا أيه.

ضرب يزيد أرجله بتذمر، وهتف:-
- ماشي يا ويسي لكِ زنقة.

اقترب مؤمن منهم حتى صار أسفل الشجرة الوارقة فانتبه له يزيد الذي قفز فوقه بسعادة:-
- مومي إنت صحيت..

حمله مؤمن بحنان وقبل رأسه قائلًا:-
- صباح الخير يا بطل.

- صباح النور يا مومي، كنت هدخل أصحيك بس ويسي مش رضيت.
نظر مؤمن لأعلى ليراها منغمسة بإلتهام التوت ولم تُعرة أية إهتمام، ابتسم ليزيد وقال:-
- وأنا صحيت أهو يا بطل تقدر تروح تجيب كل ألعابك مكونتش أعرف إنهم في الأوضة إللي نمت فيها.

أسرع يزيد بلهفة طفل نحو الداخل بينما أستند مؤمن على جزع الشجرة رافعًا قدمه مستندًا عليها وتنفس براحة.
- أيه كنت فاكر إن مشيت، يا حرام لونك مخطوف أووي وأصفر شبة اللمونة يا باشا، للدرجة دي متعرفش تعيش من غيري.

طالعها ببرود وقال بحسم:-
- انزلي هنا.

ارتقت أحد الفروع ثم استند عليه وهتفت بعناد:-
- ولو قولت مش نازلة هتعمل أيه.

ردد بنفاذ صبر:-
- قولت انزلي.
- ملكش حُكم عليا يا بتاع الحريم.
ردد بدهشة وزهول وهو يصلب طوله:-
- بتاع الحريم!! أيه بتاع الحريم دي، لمي ألفاظك بدل ما ألمها بطريقتي يا عسبرة .. أنا صابر عليكِ.

اجتذبت أحد الأغصان وألقتها فوقه بغضب وأتبعتها بقولها:-
- أيه صابر عليكِ دي، ليه يا أخويا بعمل فيك أيه، وأيه لمي ألفاظك دي، مالها ألفاظي يا شرشبيل.!
متقلقش مسير في يوم هتقوم مش هتلاقيني وهمشي من وشك للأبد.

انقبض الذي بصدره واستطاعت إلجامه بتلك الجملة المسمومة، وفي تلك الأثناء كانت مشغولة بأكل حبات التوت بغضب منه وعليه بعد موقف أمس.
ابتسمت بخبث ثم استدارت تقول بحماس:-
- مش هتصدق شوفت مين، ومين كان قاعد معانا قبل ما تقوم.

زفر بضيق وتسائل بلامبالاة:-
- مين!
مالت على أحد الأغصان وقالت بنبرة رقيقة عن عمد واضعة كفها أسفل ذقنها:-
- يُوسف.

كرمش وجهه ورفع رأسه نحوها واستخبر بتعجب وقد اتقدت شُعلة هينة من الغيرة لم تتفاقم بعد بعينه من هيئتها ونُطقها لإسم ذكوري بتلك الطريقة:-
- ومين يوسف ده.!

تجاهلته وأخذت تجمع التوت وتضعه بجوفٍ بملابسها إثر رفعها لطرف كِنزتها وأجابته بإنشغال مقصود:-
- فاكرة الظابط إللي كان في المهمة بتاعة الأعور إللي كان مع الضابط ليث، كان فضل واقف معايا وجابلي مايه أشرب وكدا، شوف يا محاسن الصُدف يا أخي طلعت دي بلد يوسف وكان جاي أجازة وإحنا بنلعب أنا ويزيد من بدري شوفته وهو رايح على القرية وهو اتفاجأ بيا، وجه قعد معانا شوية ودردشنا...
آآآه نسيت أقولك إنه كان جالي في المستشفى يشوفني لما انضربت بالرصاص وجابلي كمان ورد..
بصراحة يُوســــ...

وقبل أن تُكمل جملتها شعرت بأنفاس كالجمر تأتيها من خلفها تنم عن تنفيس بركان يمور بالكثير، ابتلعت ريقها باضطراب قابضة على أحد أوراق الشجرة بتوتر ثم ببطء التفت له وياليتها ما التفتت..
ابتسمت بإرتعاش وقالت بتلعثم:-
- أيه ده .. إنت جيت هنا إمتى..!
اقترب منها بشدة حتى أصبح ظهرها يحتضن الشجرة من خلفها، وهمس من بين أسنانه بنبرة باتت أشبه بالفحيح:-
- لما كنتِ مشغولة في حكاية سي يوسف..

ابتسمت بوجل وهي تشعر بجسده مُلتصق بجسدها، زادت حُمرة وجنتيها وهمست بتوتر واضعة كفها على صدره أو بالأحرى فوق تلك الحُمم البركانية التي تُبقبق محاولةً إبعاده:-
- طب .. ابعد شوية، لو حد شافنا هيقول أيه.!

ضرب الجذع الذي خلفها بقوة جعلتها تفزع، تسارعت أنفاسه وهو يقترب منها ليضع يده على خصرها بتملك شديد يمنعها من أن تبتعد عنه إنشًا واحدًا فانفرطت حبات التوت وانفرطت معها دقات قلب أسوة الذائب بهواه.
- هيقولوا مجنونة.
وتابع وهو يضغط على خصرها بقوة، وهمس بجانب أذنها حتى لامست شفتاه أذنها:-
- تعرفي لو نطقتي اسمه تاني هعمل فيكِ أيه!! صدقيني حاجات عقلك البريء ميقدرش يتصورها، هتتحاسبي وحسابك معايا عسير، أقسم برب العباد لو حاولتي أو فكرتي بس تجيبي سيرته بأي طريقة همحيه من وسط البشر..

على الرغم من طيور السعادة التي أخذت تُرفرف بداخلها ومن الشعور الذي كان يُرضيها ويُشعرها بأنوثتها ومدي هيمنتها عليه لكن لم تروق لها طريقة حديثه معها واستخدامه العنف بتحذيره، أزاحته عنها بقوة، وصاحت بعناد وتمرد إمرأة على رجُلها:-
- قولتلك ملكش دعوة بيا ولا حُكم عليا، أنا أعمل وأكلم كل إللي يعجبني يا قاسي، مين عطاك الحق تأمرني وبأي حق، إنت ناسي كلها أيام وكل واحد هيروح في طريقه و...

- اخرسي بقاا وبطلي الكلام ده.
واقترب منها مرةً أخرى وهو يحدجها بنظرته المرعبة وكزّ على أسنانه يقول وإبتسامة سخرية تُزين فاه:-
- إنتِ للدرجة دي ساذجة، فكراني ممكن أسيبك ولا أطلقك، دا بُعدك نجوم السما أقربلك يا حلوة، إللي بيدخل وكر الصياد مش بيخرج منه، بمعنى .. طول ما فيّا نفس وعايش مش هتغيبي من تحت عيني لحظة..
لمّا يبقى قلبي ده يخرج من مكانه ابقى إمشي..

قالها وهو يضرب موضع قلبه بقوة، نظرت هي بشرود وتصاعدت الذكرى لعقلها فصعقتها رجفة عنيفة وتلبسها الإرتياب ومشهده وهو يسبح بدمائه يهاجم عقلها بلا رحمة كفلاشات سريعة فامتُزع قلبها من أرضه...
كان يظن أن تضوج وتثور عليه لكن قابله صمتها البالغ.

انسل من أعلى الشجرة، وهتف بهدوء وهو يمد يده:-
- يلا تعالي انزلي كفاية لعب صغار بقى.

أفاقت على كلماته واستمرت في عنادها متذكرة مواقفه السابقة مُعتقدة أن له علاقات نسائية عديدة، عارضته بشراسة:-
- مش محتاجة منك حاجة يا شرشبيل، كفاية التوت بتاعي وقع بسببك، إنت شغلك بس تنكد عليا يخربيت كدا.

حرك رأسه بعدم فائدة وهو يرتاح بأن عَسبرة قد عادت، مدت أسوة قدمها بحذر للغصن المُنخفض لتتفاجأ بمن يسحب قدمها بشدة فتسقر بين أحضانه.
- لما أقول كلمة تتسمع، إنتِ بقيتي شرسة ليه كدا.
- أيه عايزني أفضل خاضعة لِسي السيد ولا أيه، أوعى تفكرني ساهلة يا باشا دا أنا أسوة على سن ورُمح، فاكرني مقدرش أنزل من على شجرة، أنا نص عصابات مصر كنت ملففاهم حولين نفسهم وكنت بطلع أسوار قد الشجرة دي مرتين..

كانت تصرخ غاضبة بوجه مكتوم أمام وجهه مباشرةً أمّا هو كان بعالمٍ آخر خاص به فقط، عالم مليء بكثير من الأشياء الذي يُريد أن يحيا بها معها..
يتأمل ملامح وجهها عن كثب بحرية تامة، هي إمرأته، حلال ربه، وحبيبة قلبه الذي عشقها قبل أن تُدب بها الروح، ملاك أيامه التي لم تتبدل وظلت كما هيّ.
هي مكافأته على صبره وسلوانه .. هي معجزته .. نعم مُعجزة!!
كان ينتظر ولادتها على أحر من الجمر يعُد الأيام عدا، ويوم أن تنفست كُتب لكُلًا منهما أقدارًا مُفترقة، ويحول بينه وبينها أكثر من عشرون عامًا متروك بهم لخياله الجموج..
أين هي ملاكه، كيف هي، ما هي ملامحها، هل كبُرت وهي لا تعلم شيء عن وجوده من الأساس، هل روت لها "أميرة" عن فارسها الذي طوته الأيام؟ هل بينما كانت بأعشاء أمّها كان يصلها همسه .. وتشعر به.!..
بينما كان يتسائل بين الجدران المُظلمة كانت ملاكه تُسارع قدرًا أخر وكأن أقدارها تمدرت إلا أن تتذوق مما تذوق به فارسها، كانت تجابه الأيام تلتحف السماء، والأرض لها مهادًا.
وبعد تلك السنون تتقلص الدائرة وتتقارب الأطراف حتى يجتمعان .. الحارس والملاك..
فتكون له تارةً دواء لداءه، وتارةً أخرى داءً ليس له دواء.
ويكون لها أحيانًا وطن تختبأ مُلتحفة بدفئه، وأحيانًا زمهريرًا يضرب بجوانب قلبها .. غير أن العرّافة قد نقشت على الأحجار أن لن يفترق الحارس والملاك، كلاهما روحان ملتحمتان بجسدٍ واحد.
أليس تلك بمعجزة..؟!!!
تلك العينان مروجه الخاصة جنته هو فقط، وذاك الوجه الحريري المصبوغ بالشفق لا يحل سوى لعيناه فقط أن تغوص به، وتلك الشفاه التوتيتين ليست مُباحة إلا لسواه، أمّا حقول البُندق برأسها فهي لأجل أن يُمرمغ بها أنفه يشتم فُلها إلى اللانهاية..

انفكت عنه أسوة بعد محاولات عديدة بأنفاس سريعة تتلاحق وتركها هو رحمةً بها، لم تجرؤ أن ترفع رأسها بعد ما حدث أو تنبث ببنت شفة، رفعت تنورتها وركضت بتعثر إلى الداخل بقلب يخفق بجنون ثائر..
صعدت لغرفتها وهي تكاد تبكي من فيض تلك المشاعر التي تسكنها، أغلقت الغرفة بإحكام وظلت تستند على ظهر الباب تتنفس بصوتٍ مسموع وصدرها يعلو ويهبط بجنون..
أغمضت أعينها تهدأ لكن هيهات الخيالات تقتحم الذكرى بإلحاح..
اقتربت من المرآة تتأمل هيئتها .. بُقع التوت الأحمر وشمت على خديها وشفتيها..
رفعت أناملها المرتعشة تتحسس شفتيها .. لا تتذكر شيء ولا تعلم حقًا كيف حدث ذلك!!

- إزاي حصل كدا، أنا محسيتش بحاجة وكأني كنت بعالم تاني، أنا .. أنا مش عارفة حصل إزاي .. ودا معناه أيه..!
أنا إزاي سمحتله أصلًا .. هو إللي سافل وقليل الأدب، إنسان مش محترم وخادني على خوانة أصلًا..
ماشي يا شرشبيل والله لأعرفك..

******

- مستحيل مؤمن يكون كدا، مستحيل ابني يكون زي ما بتقول عليه.

وقفت "جميلة" تقول معارضة بتأهب.

قال الماثل أمامها وهو يُثابر نفسه على الصبر، وقال دون رأفة:-
- مؤمن أسوء من كدا كمان بمراحل، بقى أسوء إنسان ممكن تقابليه.

صرخت مهتاجة وقلب الأم يضطرب بداخلها لأجل فلذة كبدها:-
- مش هصدق ولا كلمة عنه أبدًا، أيوا هما فرقوني عنه بس أنا ربيته عشر سنين وزرعت جواه كل الخير والنقاء، مهما كانت سوء الأيام والمُحيط إللي كان فيه بذرتي تتغلب عليهم، الخير جواه عمره ما يموت أبدًا..
أنا عرفاه كويس، مؤمن أحن حد ممكن تقابله، حنين وقوي وشجاع وراجل أووي..
لما خدته في حضني بعد أكتر من عشرين سنة .. الحضن ده اكتشفت بيه كل المعادن إللي جواه، بالرغم من كل إللي حصله وإللي شافه بس مجرد ما عرف إن تعبانة جرى عليا، أهتم بيا وشالني زي الطفلة بين إيديه..
تعرف .. فضل قاعد اليوم كله قدامي يبصلي بس..
أيوا اليوم إللي قبل اليوم إللي سيبته فيه بعد ما أجبرتني أكتب له الكلام ده..
يا كبدي ونور عين أمك يا مؤمن يا روحها من جوا .. يا ترى عملت أيه لما شوفت جريمة أمك على الورقة إللي سبتها..

تنفست وأكملت بينما كان الطرف الأخر يحاول إيقافها عن الحديث:-
- أيوا جريمة .. تلاقيه يا حبيبي ادمر، دمرته بالكلمتين دول وكسرت نفسه .. أنا دمرت ابني بإيدي ياريتني كنت مت ولا عملت كدا ...
تعرف اليوم ده .. اليوم الوحيد إللي حسيت إن ابني رجعلي فيه .. كان قاعد يبصلي وعيونه مبطلتش تنزل دموع، كان بيعيط زيّ الأطفال وموقفتش دموعه.
نام في حضني وهو بيعط بشهقات شبة الأطفال، ويقولي إنتِ رجعتي يا جميلة، رجعتي لمؤمن.. قولي إنك بتحبيني يا جميلة قولي إن جميلة بتحب مؤمن..
قالي احضنيني يا أمي .. احضنيني أنا بقالي عشرين سنة مانمتش..
مؤمن هو الضحية الوحيدة في الحكاية دي..
أنا بقولك أهو أنا هرجع لإبني .. رجعني لابني..

ألقى بعض الأوراق أمامها وأشعل شاشة يُعرض بها أحد المقاطع عن ولدها، وقال وهو يحاول التماسك:-
- طب كدا .. مصدقة ولا لسه، كدا تصدقيني ولا لا.!

ظلت تُشاهد بصدمة احتلت كيانها ثم أخذت أصابعها تُقلب بين الأوراق دون تصديق، رفعت رأسها وحركتها بجنون دون تصديق:-
- مستحيل، دا مش حقيقي، مؤمن ابني مش كدا.

أعطها ظهره وقال بقوة حاسمة:-
- للأسف حقيقي يا جميلة، ومؤمن لازم يتم التخلص منه في أقرب وقت....

********

اعتدلت من تسطحها على الفراش بينما كانت تُكمل قراءة كتابها، مسدت على معدتها برفق ثم رفعت رأسها وتسائلت بهدوء:-
- هو أنا ليه مش حاسة بحاجة، وكأني مش حامل.

ابتسم صالح بمرح ثم اقترب منها وتسطح بجانبها وأجابها وهو يُمسد على بطنها:-
- لسه يا عصفورتي، دا يادوب لسه نُطفة صغيرة، كل ما تكبر هتحسي بيها في كل مراحلها..

ابعدت يده بعنف، وهدرت:-
- ماشي ابعد إيدك وإياك تلمسني تاني طالما إحنا بعيد عن العيون.
- عصفورتي على مهلك يا حبيبتي النرفزة مش حلوة علشانك وعلشان إللي في بطنك.

طالعته بأعين تبعث شررًا من نار وقالت:-
- ملكش دعوة باللي في بطني، هو يخصني بس.
رفع صالح إحدى حاجبه وقال بعدم فهم:-
- إزاي يخصك لواحدك مش فاهم، يعني إنتِ جبتيه لواحدك ولا أيه.. جات إزاي دي.!

- آآه لواحدي، هو في بطني ولا في بطنك، أنا إللي هولد ولا إنت، أنا امه ولا إنت.!
- آآه قولي بقااا هي هرمونات الحمل بدأت من بدري بدري كدا.
- لا هرمونات ولا غيره، بعد ما كل اللعبة دي تخلص همشي من هنا أنا ومُزن وهربيها لواحدي .. هي بنتي أنا، هنتقابل أنا وأسوة إن شاء الله وهنعيش سوا، وهي تربي يزيد وأنا مُزن.

كان عقل صالح يذهب ويأتي وهو ينظر لها بتيهة، يحاول استيعايب حديثها، وبعد ما يقرب العشر دقائق تسائل بفضول:-
- بغض النظر عن الدراما إللي حكتيها دي ممكن أعرف مين مُزن.

وضعت يدها على معدتها وقالت:-
- بنتي طبعًا.
- ااه قولي كدا، هو إنتِ حددتي النوع وكمان سميتي، لا يا ما شاء الله عليكِ حقيقي.
تسائلت بهجوم وشراسة:-
- أيوا بنت، عندك اعتراض ولا أيه..
- لا يا عصفورتي اعتراض أيه، كل إللي يجيبه ربنا حلو وأنا راضي بيه..
- عادي ولا تعترض هو إنت ملكش فيها.
- يا مُثبت العقل والدين يارب، نامي يا حبيبتي نامي يا عصفورتي وارتاحي شوية.

صمتت قليلًا ثم قالت بهدوء:-
- صالح.
- يا روحه وقلبه وعيونه.
تسائلت بشرود:-
- هي مامتك بتعمل ليه كدا، وأيه إللي في بالك، يعني عايزة أعرف أيه إللي هيحصل؟

وقبل أن يُجيبها قاطعه رنين هاتفه، التقطه واقترب منها ولثم جبينها قائلًا بابتسامة:-
- خامسة وراجعلك يا عصفورتي، دا تلفون مهم.
حركت رأسها بإيجاب وهي تتابعه يذهب حيث الشرفة.

خرج صالح للشرفة ورفع الهاتف مُجيبًا..
- أيوا يا مُراد.
- أيوا يا صالح عامل أيه وأخبارك، كل حاجة تمت زيّ ما خططنا..
ابتسم صالح بخبث وهتف:-
- تمت يا مُراد، مش قادر أقولك الخبر نزل عليها إزاي، صدمة كبيرة أووي لها.
- أكيد يا صالح، خطتها كدا ادمرت، المهم دلوقتي إنت تحذر لأنها هتهاجمك ومش هتسكت أبدًا، هتبدأ تإذي سارة وكمان خد بالك من نفسك يا صالح.
قال صالح بألم وخيبة ألم وخذلان:-
- عارف يا مراد .. عارف إنها ممكن توصل للقتل.
- لازم نبقى حذرين لأنها وراها كتير وإحنا عايزين نعرف المستخبي يا صالح.
- إن شاء الله يا مراد ربنا موجود.
- نعم المولى ونعم النصير.

بغرفة بسمة التي أصبحت موطنًا للحُطام بعد أن هشمت كل ما وقع تحت يديها.
جلست والجحيم يتناثر من حولها بينما يجلس الشيطان بحضرتها هو وأبناءه يصفقون لها بحرارة.
صرخت بجنون وأعين يتطاير منها الشرّ:-
- إزاي .. حصل ده إزي، الحقيرة كانت بتخدعني، كنت نايمة على وداني وهما نايمين في حضن بعض لغاية ما بقت حامل منه..

أكملت بمهمس تقول من بين أسنانها بنبرة غريبة وكأن روحًا شيطانيًا تلبسها:-
- بس مفيش مشكلة الحمل زي ما جه يغور تاني مفيش أسهل منها، أمّا إنت بقاا يا صالح فإنت إللي عملت كدا في نفسك، مصيرك هيكون نفس مصير أخوك إللي اتخلصت منه بخطة ماتخرش الميا وقدرت أبعده عن طريقي بعد ما كان ناوي يتجوز واحدة من الفلاحين ويعملها هانم .. قدرت أتخلص من واحد من عيالك يا "أسما" زيّ ما اتخلصت منك ومن أبوهم وجه الدور على ابنك الكبير .. هبعته لكِ قريب علشان تكونوا مع بعض..
أصل هو كمان ماشي على منوال أبوه وراح جاب واحدة من الشارع يتجوزها زي ما أبوه جابك كدا وأتجوزك بدالي .. بدل بنت عمه بنت الحسب والنسب .. فضلك عليا وأهو في الأخر أنا إللي كسبت..
قدرك جه يا صالح .. لازم أبعتك عندهم بقاا هتفضل تعمل أيه.

*******

ختمت في نهاية المُهاتفة وهي تبتسم بسعادة:-
- خلاص هانت يا مومي بقاا ويجمعنا سقف واحد متعرفش إنت واحشني قد أيه ومحتاجة حضنك أوي.

جاء صوت مؤمن من الطرف الأخر قائلًا بحنان وصدق:-
- وإنتِ وحشاني عالطول يا ليلو، هانت وخلاص مفيش أي حاجة تاني هتفرقنا، بس علشان خاطري يا ليلى خدي بالك من نفسك واسمعي كلام ليث، ليث مهمته حمايتك يا ليلى، وأهم حاجة محدش يشم خبر إنك لكِ علاقة ولو بعيدة بمؤمن الصياد.

- مع العلم إن مش فاهمة حاجة يا مؤمن وحقيقي احتارت أوي، بس أنا بثق فيك كفاية إن أخيرًا حسيت بالأمان حتى لو إنت بعيد.

- وحياتك عندي لأعوضك يا ليلى وطول ما فيّا نفس محدش هيقدر يمسّ شعره منك ولا يفكر وإلا يكون كتب موته.

- إنت بطلي وسندي في الدنيا ربنا ما يحرمنا من بعض ونجتمع على خير يا مومي.
- هنجتمع يا ليلو، يلا ذاكري علشان إمتحاناتك مش عايز سقوط يا بت.

ارتفعت ضحكات ليلى وقالت بتلقائية دون أن تشعر:-
- نفس كلمة البت أسوة .. لو مش ذاكرنا يا ليلى مصيرنا السقوط..

تأهبت أسماع مؤمن واعتدل بجلسته متسائلًا بترقب:-
- مين هي .. قصدك مين.!
أجابته ليلى وقد غامت عيناها دموعٌ رقراقة وهاجمها حنين قوي لصديقة روحها التي فرقتها عنها الأيام:-
- أسوة .. صاحبتي وصاحبة عمري، أيوا إحنا اتعرفنا على بعض من بداية الكلية بس كأني عرفاها من سنين ومقدرتش أصحاب وأتعلق ألا بيها ومكونتش محتاجة وقت علشان أتعلق بيها أصلًا بعد صافي .. يمكن صافي وتعلقي بيها يرجع للأيام والعشرة والتضحية والمحبة .. بس أسوة غير.

دق قلب مؤمن بعنف .. هل من الممكن أن تكون هي، هل يمكن أن يتلاعب بهم القدر إلى تلك الدرجة، استفهم أكثر وهو يحاول أن يصبغ نبرة صوته بالهدوء:-
- طب وهي فين ... يعني مش بتتقابلوا في الكلية.؟

قالت ما جعلت الأخر يتصنم:-
- بعد الحادثة إللي حصلت ليا في السجن وكدا استغربت طول فترة غيابي دي كلها إزاي أسوة مسألتش عني، ولما رجعت الكلية مقبلتهاش وقالوا إنها بقالها مُدة مش بتحضر الكلية، روحت الحارة إللي كانت قاعدة فيها ولما سألت قالولي تعيشي إنتِ .. تخيل قالولي أسوة ماتت..
أنا اتصدمت الأول بس إحساس جوايا قالي لا في حاجة غلط واتأكدت لما سمعت من كذا بنت إن أسوة جات الكلية بس أخدت بعض الأوراق ومشيت عالطول ومحدش كتير شافها..
دورت كتير عليها بس من غير أي فايدة وأملي الوحيد الإمتحانات وخلاص الحمد لله هي قربت أهي، وهقدر أنا وأسوة نتقابل إن شاء الله.

كأن العالم يدور من حول، هي لا غيرها لا محالة، تقصد ملاك، هل كانت ليلى على علاقه بملاك..؟!
رباه رُحماك...!

استطاع النطق بصعوبة وحذرها:-
- خلاص تمام يا ليلى، حتى لو اتقابلتوا متعرفش هي كمان أي حاجة عني ولا علاقتنا ببعض، هي مش مُستثناه يا ليلى..

- خلاص يا مؤمن تمام متقلقش، يلا سلام يا حبيبي.
- سلام..

أغلقت ليلى الهاتف وجذبت رداء الصلاة وأخذت تُصلي بخشوع ثم جلست فور أن انتهت على المصلاه ورفعت رأسها للأعلى وهمست بدموع سمحت لها أن تهطل بين يدي خالقها:-
- إنت عالم إني مش بعمل حاجة غلط، أنا في أمسّ الحاجة لقوتك يا قوي، عني وقويني مدني بالقوة الفترة الجاية دي علشان أقدر أنهي ولو بعض من الفساد ده، أنت لا تُكلف نفسًا إلا وسعها وإنت سخرتني علشان أنقذ البنات دي، خليك معايا وخليني في حماك وسدد خُطايا وسامحني على أخطائي يا حليم..

شعرت بالقوة والحماسة تتسرب داخلها شيئًا فشيء، وأن ذخيرتها تُشحن مددًا وعونًا من الرحمن، ابتسمت ثم أمسكت كتاب الله تقرأ وتلتمس السكينة حتى هدأت..
إرتدت ملابسها وحملت حقيبتها وعزمت على الخروج.

سارت حتى وقفت بوسط الممر، لمحت غرفة دٌنيا شبه مفتوحة ويبدو أنها ليست بالداخل، حسمت أمرها ثم ولجت للداخل ببطء، ظلت تلتفت تمسح أرجاء الغرفة بعينيها فتنأى لها صوت خرير الماء يأتي من قِبل المرحاض فعلمت أنها تستحم.
همست بأمل:-
- قدامي أقل من عشر دقايق، لازم أعرف هو فين.!

ظلت تبحث بحرص وهي تُعيد كل شيء لأصله مرةً أخرى، سمعت صوت الماء يتوقف فقررت الإنسحاب لكن قبل أن تخرج لمحت شيئًا بارزًا أسفل الدثار.
اقتربت ورفعته حتى وجدت كومة من المفاتيح..
ابتسمت بإرتياح وفتحت حقيبتها وأخرجت قطعة من الصابون ثم أخذت تطبع المفاتيح بها حتى أصبح للمفتاح صورة بقطعة الصابون، نظفت المفاتيح بحرص ثم وضعته محله مرةً أخرى وخرجت كما أتت.

ثم خرجت من المنزل قبل أن تلتقطها فراولة بينما ليث فبعمله وهذه فرصة لتُرتب بعض الأمور..
استقلت سيارة أجرة وبعد مدة قصيرة كانت تترجل أمام إحدى الكافيهات التي تطُل على النيل.
دخلت برزانة وهي تبحث بعينها عن المنشود حتى وجدته جالس بإحدى الطاولات النائية.

- أهلًا آنسة ليلى، يا ترى عايزاني في أيه.
- أهلًا بحضرتك، هحكيلك كل حاجة بس قبل دا كله ليث مش هيعرف ولا كلمة ولا كأني قابلتك.

********

كانت لازالت بداخله مِرْيةٍ حول أمر صديقة ليلى، وقف على باب المطبخ يتاكلها بعينيه وهي منشغلة بتحضير كعكة التوت المهوسة بِها، تُدندن بصوتٍ عذب جميل تشوبه مسحة ألم وأنين كنوح الحمام.
تنهد يُروح عن قلبه الحسِير المصاب بقطُورٍ كثيرة، لَجّ في الإقتراب حتى صار على مقربة منها ثم استند على حافة المطبخ.
قيّدتها رائحة قضّت مضجعها وسلبت عقلها فور أن آوت إلى أنفها فأدركت أنه يُحاوطها، سرت قشعريرة في جسدها كلّه كالنار وقد زاغت نظراتها وحاق بها التوتر من كل جانب، كيف ستضع عينها بعينه.!!

ابتسم بخبث وهو يعلم ما يدور بخلدها، هتف وهو يثقبها بنظراته:-
- أيه يا عسبرة ماله وشك مش عايزة تطل عليّا يعني.

شددت على أعينها بشدة وهي تلعن خُبثه، انتفخت أوداجها وتصاعد الدم لوجهها ثم استدارت وهي ترفع اصبعها بوجهه تقول بتحذير:-
- ماله وشي .. وبعدين أيه جابك، عايز مني أيه.!

بسرعة البرق كان يطبع قبلة على اصبعها المرفوع بوجهه، ارتدت للخلف وهي تُنزل يدها بصدمة وهي تشهد تبدل حاله وتغيره معها يومًا بعد يوم، رابط مجهول يتجذبهما نحو بعضهم دون هَوَادة.
ابتسم برزانة وقال:-
- جاي أساعدك يا عسبرة، سمعت إنك هتعملي الغدا لواحدك.
- لا متشكرين مش عايزة مساعدتك يا باشا، بعدين بجلالة قدرك جاي تطبخ معايا.
وقف أمامها وكلمتها عيناه بما يحوي قلبه، حمحم بخشونة وقال:-
- كله فداكِ يا عسبرة، الغالي يرخصلك يا عسبرة الباشا.
جأر قلبها بعنف من تلك الكلمات التي ينسجها ببراعة على أوتار قلبها الشغوف.

مدّ مؤمن يده وهو يُحيطها بينما تعطي ظهرها لها تقطع بعض الخضروات، أراد أن يأخذ مكانها وجاء ليتناول السكين منها لكن على عين غرة وهي تُبعد يده فضربت السكين بيده ليُحدث جرحًا غائرًا.
سحب مؤمن يده بألم بينما شهقت أسوة بذعر واقتربت منه مسرعة وهي تُمسك بيده بإرتعاش، فاضت أعينها بالدموع وتربد لونها.
ثم قالت بتحشرج وقلبها يؤلمها:-
- أنا مأخدتش بالي مكونتش أقصد، آسفة، بيوجعك، سيبني أعالجك.

هرولت نحو أحد الأدراج تُخرج علبة الأسعافات ووقفت أمامه بلهفة تُمسك يده أمّا هو قد غاب بها وضاع الدليل لعودته.
رفع يده الأخرى واحتضن وجنتها يُمسدها ويُزيل دمعها بحنان ولهج يقول:-
- على مهلك يا عسبرة مفيش حاجة دا جرح بسيط..

ضمدت جرحه ورفعت أعينها التي التقت مع عينيه في حديثٍ طويل، همست بألم ممزوجٍ بالخوف:-
- حقك عليا مأخدتش بالي والله.

أغمض إحدى عيناه بلُطف وقال ليُخرجها من حالتها:-
- يااه عادي أنا اتعودت يا عسبرة هي دي يعني أول مرة تعمليها، بتحبي العنف إنتِ، وتحبي تشوفي دمي عالطول صح، امم والله خلاصي هيكون على إيدك يا عسبرة هتقضي عليا.

ضربته بخفة وابعدته بشراسة ثم هدرت:-
- أنا يا شرشبيل يا قاسي القلب والله ما تستحق أعالجك، أوعي كدا أما أمشي أكل الكيكة قبل ما تعكر مزاجي.

وقبل أن يُجيبها كانت الخالة فردوس تستأذن الدخول ثم قالت بإبتسامة:-
- يوسف برا وكان عايز يقابلك يا أسوة.

التفت مؤمن بسرعة ونظر لها بأعين استوطنها السعير لتبتلع بجوفها الكلمات، أشار لها برأسه دون كلام بعلامة محذرة باردة غاضبة..
حقًا هذا الرجل يجمع بين كل شيء وضده.

خرج مؤمن للخارج وبقت أسوة في الداخل لم تجرؤ على الخروج..
فور أن رأي يوسف مؤمن ردد بإحترام:-
- مؤمن باشا أهلًا بحضرتك البلد كلها نورت والله.

قبض مؤمن قبضته بقوة وأردف ببرود:-
- أهلًا .. خير في حاجة.

شعر بالجفاء بحديثه ولم يعلم ما هو خطأه، مؤمن صاحب أفضال لا تحصى عليه، فهو من توسط لأجل تعينه بمركز المكافحة وبالتحديد بفرقة الضابط ليث وذلك لأجل خاطر والده، أجاب يوسف المسكين بإبتسامة وحسن نية:-
- عرفت إن حضرتك هنا، وكمان قابلت أسوة وجيت....

بلع الباقي من جملته حين باغته مؤمن بلكمةٍ قوية جعلته يرتد للخلف وسيل رفيع من الدماء هبط من جانب فمه، هدر بنبرة تحمل غضبٌ أعمى:-
- إياك ثم إياك اسمها تنطقه، المرة الجاية لسانك هيوحشك.

ابتسم يوسف ولم يحتاج إلى بيّنة ليعلم ما في الأمر، كان يعلم بأمر زواجهم لكنه كان لا يُدرك هذا العشق الثائر في الوسط، قال يوسف في هذا الأثناء يُغاير مجرى الحديث بينما كانت أسوة تقف خلف أحد الأشجار القريبة من الباب والسعادة والفرحة لا تسعها وهي تستمع وترى نتيجة سعير غيرته الحارقة:-
- احمم ليث باشا بلغك بقتل الأعور في السجن.

رد مؤمن بلامبالاة وبرود:-
- أيوا اتقتل وهو يستحق .. أمثاله القتل حلال فيهم.

كانت أسوة تستمع بصدمة شديدة، مُحت إبتسامتها وأول ما جاء بعقلها أنه هو من قتله جراء خداعه إياه..
لكن لماذا.! فلقد كان بأيدي الشرطة وسينال عقابه، لكن كيف لهذا المتعجرف القاتل أن يفوت هذه الفرصة المغرية لسفك الدماء وينال شرف معاقبته..

خرجت من خلف الشجرة بصدمة وتسائلت بنبرة مملوءة بالإتهام:-
- إنت إللي قتلته..

تعجب مؤمن مما يسمعه ودار للخلف ليراها تنظر إليه بإتهام وشر كبير، غضب من خروجها بعد أن حرص عليها عدم الخروج، ابتسم يوسف وجاء يتحدث لكن سبقه مؤمن الغاضب يأمرها بعد أن وقف أمامها يجذبها من ذراعها برفق ويحثها للدخول:-
- إدخلي جوا وهتتحاسبي على عدم سماعك للكلام.

نفضت يده بقوة وابتعدت عنه وهدرت صارخة:-
- كنت عارفة إنك مش هتسكت، ومش هتعديها كدا، قتلت الراجل ليه ما الشرطة كانت موجودة وهياخد عقابه، ليه لازم توسخ إيدك بالدم... بس إزاي إزاي الباشا يتنازل عن كبرياءه..
ليه كدا .. ليه كل حاجة عندك حلها القتل..

انسحب يوسف فالأمر يحتاج لتوضيحٍ بينهم ولا يجب عليه التدخل بين رجل وزجته..

كان الغضب يمور داخل دماءه وهو مصدوم من حكمها السابق عليه وفكرتها عنه دون أن تكلف نفسها السؤال والنقاش، قال من بين أسنانه وهو يُحذرها ليُنهي هذا الأمر:-
- أيوا خاين وقتلته .. اتجرأ وكان مخطط لخداعي وأنا خلصت عليه علشان غلط معايا أنا مش غلط مع الشرطة كدا إرتاحتي بقاا، يستاهل القتل وقتلته..

عادت للخلف بصدمة وهي تشعر أنها ترى أحدًا أخر غير الذي كان بأحضانها، تحجر الدمع بعينيها واستدارت تركض خارج المزرعة هاربةً منه ومن نفسها وقلبها وكل العالم..
خرج خلفها وهو يجأر يُناديها بالعودة لكن لا فائدة، كانت تركض وكأنها تهرب من وحشٍ ما يلاحقها، عرجت إلى وادٍ سحيق بالجهة الغربية للبلدة ومؤمن يلحقها بغضب ناري.

بأقدام مُتعثرة، وأنفاس مُنقطعة تركض بقوة والخوف يتلبسها وكأن وحشًا يُطاردها.
تسقط بين الحين والآخر بسبب تلك العطوب المُنتشرة بتلك البُقعة المهجورة، والشمس تتوسط كبِد السماء وتنشر أشعتها الحارقة في الأفق مُسببه إرتفاع كبير بدرجة الحراره تُماثل حرارة شهر أغسطس بالرغم من انتصاف أشهُر البرودة لكن ساعات النهار تتقلب بين الفصول المُختلفة.

وقفت بُرهة وأَحنت ظهرها للأمام مُستندة بكفيها على ركبتيها تطلب الهواء لرئتيها طلبًا حثيثًا.

تسارعت خطواته وهو يركض نحوها سريعًا ويجأر مُناديها بصوتٍ مُرتفع جعلها تستقيم وتواصل الركض مرةً أخرى غير مُنتبهة لحجابها الذي انزلق عن رأسها دون أن تُدرك، فقد غشى الرعب والذعر على عقلها فلا تُدرك إلا الهرب منه فقط.

التفتت من حولها وهي ترى أرضًا واسعة جدباء مليئة بنباتات شوكية، عرجت إليها وأخذت تعدو مسرعة..

بينما هو فقد توسعت مقلتيه على أخرها عندما رأها تعرج إلى تلك البُقعة من الأرض وأدرك أن لا مفر مما سيفعله..

صرخ بصوتٍ مُرتفع بإسمها للمرة الأولى منذ لقائهم:- -"أســــــــــــــــــــــــــــــــــــــوة"...

تحجرت بأرضها فور سماعها صراخه باسمها للمرة الأولى، فدائمًا يتحاشى لفظه وكأنه نكره بذيئة وبدلًا منه يُناديها بملاك دون شعوره.
كانت ستسعد ويطرب قلبها فرحًا لو لم تكن بالموقف هذا.

التفتت تنظر إليه فرأته يقترب منها وقد تقلصت المسافة بينهما فلم تَضنُّ بالركض وشرعت تركض من جديد.
في حال أن "مؤمن" وقف مكانه ولم يعد لديه خيار سوى هذا.

جذب سلاحه من خلف ظهره، ورفع صمام الأمان الخاص به ثم وبدقة شديدة ومهارة لا تليق إلا به صوَّب تجاهها وحدد هدفه، وأطلق مُسرعًا برصاصة خرجت من فوهة سلاحه كالبرق لتخترق كَتِف "أسوة" التي شهقت بألم جراء إختراق الرصاصة كتفها.
تعثرت خطواتها وسقطت أرضًا، وهُنا استطاعت أن تُحرر دموعها من خلف قضبان جفونها وانسابت على وجنتيها المُشربة بالحُمرة إثر حرارة الشمس.
تقوست شفتيها بألم، وأخذت تتقهقر زاحفة للخلف وهي تراه مُقبلًا إليها يَدُك الأرض دكًا.
شعرت بالبرودة تتسرب إليها من الخوف والألم معًا، وقالت وهي غافلة عن مِضمار فِكره:-
- لااا يا مؤمن ...لااا
ثم أغمضت عينيها ساقطة ببحر من الظلام لا تُجيد السباحة به، لتُدرك أنها النهـــــاية...

يُـــــتبع..
#سارة_نيل.

قبل ما تمشي متنسيش تحطي لايك/ڤوت'.
عايزة أشوف تعليقاتكم وتوقعاتكم، وشاركوني آرائكم.
الفصل كان هينزل إمبارح بس حبيت أضيف شوية أحداث وأكبره، الفصل كبير أهو قدروني بقاا.
دُمتم بوِدْ💛

Continue Reading

You'll Also Like

677K 23.4K 164
دراميه. أكشن. غموض.حزينه .والباقى هتعرفوة
41.9K 1.4K 11
ل ملكه الابداع ايه محمد رفعت
324K 6.9K 9
لقد خانتك هي ايضا لقد كانت علي قيد الحياه انها تكون اخت ملكه السحره وايضا مساعدتها ولقد قتلتها منذ مده قصيره @@@@@ @@ رائحه الموت منتشره في المكان...
101K 3K 30
ابنت رجل اعمال غنى هى فتاه فضوليه للغايه تعشق التحدى تحدتها صديقتها ان تعيش كافتاه عاديه ليست كابنت رجل الاعمال محمد الهيلالى اما بطلنا هو شاب كان...