الفصل السابع..
مرت عدة أيام أخرى توطدت فيها علاقة عاصم و سارة و لم يعد عاصم يفكر كثيرا بشكل علاقته بها او بشكل مشاعره نحوها..
فقد اتخذ قراره بأن يترك كل شئ للأيام.. او يمكن ان يكون قلبه لم يريد عقله بأن يفكر في ذلك الأمر حتى يستمتع و لو قليلاً بحديثها و ضحكتها و تلك المشاعر التي يختبرها لأول مرة.
و في نفس الوقت قررت سارة ان تستغل خطوة هدى الكبيرة و أنها خرجت بنفسها دون عناء أحد معها لتناول طعامها مع عائلتها.. ففضلت أن تطرق الحديد و هو ساخن..
طلبت من عاصم أن تتحدث معه على إنفراد في أمر هام.. شرحت له خطتها و خطوات تنفيذها و لكن عاصم كالعادة عارضها في باديء الامر خوفاً على هدى من تلك الخطوة الهامة....
عاصم(معترضاً): لا طبعا.. ايه اللي انتي عاتجوليه ديه؟؟ اني مش ممكن اعمل في اختي اكده واصل.
سارة: تعمل ايه؟؟ هو انا قلتلك تقتلها.. و بعدين ممكن تتكلم عادي عشان اعرف اتفاهم معاك.
عاصم: حاضر يا ستي هاتكلم بحراوي.. و ماتغيريش الموضوع لو سمحتي.. يعني هي حركة زي اللي انتي بتقولي عليها دي مش هاتضايقها.
سارة: لا طبعا هاتضايقها.. و هو دة المطلوب.
عاصم(ضارباً كفيه ببعضهما بدهشة): و الله العظيم انا ما عارف اقولك ايه؟؟ يعني انتي عارفة أن حركة زي دي هاتضايقها و تزعلها و عايزاني اعملها.
سارة: ممكن بس تهدى شوية و تسمعني للأخر؟؟
زفر عاصم أنفاسه الحارقة التي وصلت لسارة.. أنفاسه التي كادت أن تحرقها برغم أن المسافة بينهما تتخطى المتر أو اكثر..
عاصم(مستغفراً): قولي.
سارة: عنيف اوي حضرة العمدة.
كبح عاصم ابتسامته بصعوبة فاردفت هي...
سارة: ياعم اضحك قبل ما الضحك يغلى.. ماتكتمش الضحك غلط على صحتك.
عاصم(ابتسم بشغف): و عرفتي منين بقى اني ضحكت.
سارة: قلبي دليلي..
عاصم(مقهقهاً): ههههههههه.. قلبك مرة واحدة؟؟
سارة: ايوة و بعدين هو انا حد ممكن يقعد معايا و مايضحكش.
عاصم: لا طبعا.. خلينا في المهم.. ممكن تفهميني بقى ايه قصدك من الحركة اللي انتي عايزاني اعملها في هدى دي؟؟
سارة: حاضر يا سيدي.. اسمع...
هدى زي ما قولتلك قبل كدة معتمدة بشكل كامل على حبكم ليها و انكو بتعملوا ليها كل اللي هيا عايزاه.. فاحنا لازم نخليها تعتمد على نفسها اكتر.
عاصم: تمام.. و احنا عملنا كدة فعلاً.. ولا انتي شايفة ايه؟؟
سارة: ايوة انتو عملتو كدة فعلاً.. بس كمان لازم نكمل.. هدى إنسانة حساسة و رقيقة.. يمكن سبب في وحدتها و العزلة اللي كانت فيها هو أنها تخفف عليكم.. كانت شايفة أنها لما تحبس نفسها في اوضتها و جوة الكرسي بتاعها أنها بتخفف عنكم وجع انكم تشوفوها و هي بتتعالج و تتوجع هي كمان.
او انكم تشفقو عليها من اللي هي فيه و كمان تخفف من طلباتها و مساعدتكم ليها.
و احنا لازم نستغل النقطة دي.
عاصم: ازاي؟؟
سارة(بتعقل): انا اقولك.. تخيل معايا كدة أننا نفذنا خطتنا.
عاصم: خطتنا.. هو انا ليه حاسس أننا هانسرق بنك.
سارة: لا خلي موضوع البنك دة بعدين.. لما هدى تخف كدة عشان تطلع معانا الطلعة دي..
عاصم(ضاحكاً بشدة): ههههههههه.. دة انتي مشكلة.
سارة(برقة): و ياترى مشكلة حلوة ولا مزعجة..
عاصم(بعشق خالص و كأنه يحدث نفسه و لم يلاحظ ان صوته وصل الى أذنيها): احلى مشكلة مرت عليا في حياتي.
سارة(تنحنحت بخجل): آآ... خلينا في هدى.
عاصم(تنحنح ليجلي صوته هو أيضاً بإحراج): اه.. اه خلينا في هدى.. كملي خطتك يا زعيمة.
سارة: احمم.. ماشي... تخيل كدة أن احنا نفذنا خطتنا.. تخيل كدة معايا موقف هدى هايبقى ايه و هي مش قادرة تخرج من اوضتها عشان تاكل معاكم زي ما بقت تعمل.. أي حركة ليها برة الاوضة هاتبقى محتجالك عشان تشيلها تنزلها السلم و تطلعها..
و حد ينزل لها الكرسي بتاعها و يطلعه.. غير أن انا شخصيا لما اجي اقعد معاها هابقى محتاجة حد يطلعني و ينزلني برضه...
تفتكر واحدة في رقة هدى و طيبتها هاتستحمل تتعب كل الناس اللي حواليها بالشكل دة قد ايه...
عاصم(بعد تفكير): طيب و افرضي الموضوع جه بنتيجة عكسية..
سارة: ازاي يعني؟؟
عاصم: يعني بدل ما تتحدى نفسها عشان تقف على رجليها تقرر أنها ترجع تاني لعزلتها في أوضتها عشان ماتتعبش حد..
سارة: ماعتقدش.
عاصم: ليه بقى؟
سارة: عشان هايصعب عليها التقدم اللي هي وصلت له و التغيير اللي هي عملته.. و برضه هافرض معاك ان دة حصل.. ساعتها بقى هابقى أقنعها أن دة مش صح.. عشان مش لمجرد أن أوضتها فيها شوية تصليحات يبقى خلاص نهد كل اللي احنا بنيناه و عملناه لمجرد أنها هاتقعد في اوضة تانية كان يوم.
و كمان هايصعب عليها الفرحة و السعادة اللي بقت تشوفها في عيونك انت و ماما هنية و الحاج عبده.
عاصم(حك ذقنه بانامله بتفكير): اممممم.. هافكر..
سارة: خلاص اتفقنا.. هاتنفذ امتى..
عاصم(بسرعة): إيه هو دة.. بقولك هافكر لسة هافكر...
سارة(بضحك): ما انت هاتفكر و هاتقتنع انا عارفة.
عاصم: يا سلام على الثقة .
سارة(رفعت ياقتها الوهمية): طبعا.. دي اقل حاجة عندي.
عاصم: متواضعة تواضع يودي في داهية.. بس بقولك إيه صحيح مش هاتقولي لابويا و امي...
سارة: لا طبعا.. اوعى..
عاصم: ليه؟؟
سارة: الاتنين مش هايعرفو يخبو الحقيقة عنها.. انا عايزة الموضوع يبان طبيعي للكل.
عاصم: و اشمعنى اخترتيني انا.
سارة: عشان انت بتعرف تخبي كويس.
عاصم: يا سلام.. مين قالك كدة.
سارة(بهدوء ما جعله يشعر أن عيناها الضريرة قد نقذت غير ضلوعه لتطلع على قلبه): احساسي.. احساسي و قلبي اللي عمرهم ما كدبو عليا.. بيقولو أن جواك حاجات كتير اوي و انت مش عايز تحكيها.. و مخبيها كويس اوي.
ظل ينظر لها و لعيونها التي تنظر بعيداً رغماً عنها.. و لكن في داخلها كانت تتمنى أن يعود لها نظرها فقط في تلك اللحظة حتى ترى ما بعينيه من مشاعر هي متأكدة تمام التأكيد أنها بداخله.
كانت متأكدة من أنه ينظر لها في تلك اللحظة.. كانت تشعر بذبذات الحب تخرج من عينيه تتجه مباشرة لقلبها... ففاجئته بسؤالها..
سارة: هاتفضل تبصلي كدة كتير؟؟
عاصم: و عرفتي منين اني ببصلك؟؟
سارة(قالت بهمس هادئ): اللي بيخرج من القلب بيوصل القلب .
لم يحد بنظره بعيدا سوى على صوت زوجة عمه و حماته السابقة السيدة صالحة بصحبة ابنتها عبير زوجة عاصم السابقة.. و اللتان كانتا في زيارة لمنزل الحاج عبد الرحمن حتى يطمئنا على هدى و على حالتها الصحية كما تفعلان كل فترة كبيرة كمجرد واجب ثقيل على الطرفين تؤديانه فقط إرضاءاً الحاج حامد عم عاصم...
صالحة: سالخير يا عاصم...
عاصم(وقف بتأفف بعد أن سمع صوتها): سالخير يا خالة.. كيف حالك؟؟
صالحة: زينة يا ولدي زينة.. انت كيف احوالك و ازيك و ازيك هدى و ام عاصم.
عاصم: كلهم بخير يا خالة..
صالحة: احنا كنا جايين اني و عبير عشان نطمنو على هدى.. اصل بجالنا كتير ماشوفنهاش.. فجولنا ناچي نطلو عليها..
عاصم(بترحاب بارد مثلهما مثل الأغراب): بيتكم و مطرحكم يا خالة صالحة..
صالحة: ايه.. ماعتسلمش على بت عمك ليه؟؟
عاصم(على مضد): كيفك يا عبير.. ازي احوالك؟؟
عبير: زينة يا واد عمي..
كانت صالحة تنظر لسارة بتفحص مريب.. لم تنظر سارة نحوهما بطبيعة الحال.. تعجبت هي و ابنتها من تلك القابعة دون حراك و دون حديث فسألت عاصم بإستفسار..
صالحة: الا هي مين دي يا عاصم؟؟
عاصم(بتردد خوفاً منهما عليها): دي.. دي الدكتورة سارة.. الدكتورة الچديدة بتاعة هدى.
صالحة: ايوة ايوة.. الضاكتورة النفساوية.. ايوة ايوة عرفتها.. ازيك يا ضاكتورة .
سارة(مدت يدها لهم و بالطبع في اتجاه بعيداً نسبياً): اهلا بيكي يا طنط..
صالحة: طنط.. ماشي.. و بعدين اني واقفة هنا..
ثم التقطت يدها بقوة لدرجة أن سارة كادت أن تقع من على كرسيها.. و تأوهت بصوت..
سارة: ااه...
عاصم: بالراحة يا خالة صالحة.. مش اكده.
صالحة: ماهي اللي ماهياش معتبراني.. بتمد يدها بعيد.. مش مستعنية أنها تسلم عليا.
عاصم: يا خالة مش أكده.. انتي مافهماش.
عبير: امال ازاي يا واد عمي.
سارة(بحرج): اصل يا جماعة انا بس.. عنيا يعني...
عبير(مقاطعة بدهشة): عامية؟؟
عاصم(بغضب): عبير..
عبير(بتجاهل تام لعاصم): عامية ماعاتنضريش ياختي.. صحيح ادي الحلج للي بلا ودان.
عاصم(بغضب بعد ان تأكد توقعه و خوفه عليها منهما): لمي لسانك يا عبير.
صالحة(بتجاهل لبركان عاصم الثائر): صُح؟؟ چايبين دكتورة عامية تداوي اختك المشلولة (ثم مصمصت شفتيها بتحسر أو بشماتة) حسرة عليكي يا هدى...
و هو ابوك مالجيش غير دكتورة عامية يچيبها لأختك.
شعرت سارة بالحرج و الخجل في آن واحد ففضلت الإنسحاب..
سارة(بحرج): طيب عن اذنكم.
عاصم: على فين يا سارة.. ماخلصناش كلامنا.
سارة: معلش نكمله بعدين و خليك دلوقتي مع ضيوفك.. عن اذنكم..
رحلت و تركتهم للهيب عاصم الغاضب الذي على وشك الإنفجار في هاتين العقربتين اللتين لا يراعيا شعور أي أحد..
عاصم(نظر لهما بغضب و بلهجة مستعرة): اني عايز افهم ايه اللي انتو جولتوه ده.. في حد يجول اكدة؟؟
عبير: الله.. و انت مالك بيها.. محموجلها جوي أكده ليه؟؟
عاصم: عشان عندي دم.. و المفروض نراعو شعور الناس.. مش نعرف فين وجعهم و ندوس عليه بچزمنا..
صالحة: حُصل خير يا عاصم.. و بعدين انت صحيح محموجلها جوي ليه اكده..
عاصم(بيأس): هاجول ايه بس.. مافيش فايدة فيكم.. عموما البيت بيتكم و امي چوة هي و هدى..
ثم تركهما و ذهب مسرعاً خلف تلك المجروحة حتى يخفف عنها.. أما هما فقد لاحظا اهتمامه بها و الذي من الواضح أنه إهتمام من نوع خاص ...
صالحة: انى الفار بيلعب في عبي يا بت يا عبير.. تفتكري في حاچة بيناتهم..
عبير: في ولا مافيش مش فارجة.. عاصم ليا اني لوحدي زي ما اتفجت معاكي جبل سابج.
صالحة: و دي هانعملوها كيف دي.. شكل البت واكلة عجله على الاخر.. مانتيش واعياله چري وراها كيف.. و انتي تبجي عبيطة لو سيبتي واحد زي عاصم و عزه و فلوسه تروح لحد غريب.. مش انتي أولى..
عبير: طبعا اني أولى.. و بكرة تشوفي.. بس الموضوع ماهيبجاش سهل.. احنا ايوة ادينا مطلقين بقالنا ياچي سنتين و شكلها كدة مافيش طريج للصلح..
صالحة: عشان انتي اللي طالبة الطلاج.. بس لو عايزة ترجعيه تاني هاترجعيه بإشارة منك.. بقاله سنتين مطلجك و ماتچوزش ولا فكر يعملها مرة واحدة حتى يبجى ماجدرش ينساكي..
و يبقى الطريج فاضي جدامك... اوعي تسيبيه تاني..
عبير: تفتكري ياما .
صالحة: امال ايه افتكر طبعا..
عبير(بمكر و خبث): تخافيش على بتك ياما.. وحياتك ماهاسيبه الا اما يرچع لي تاني.. سوا بخطره ولا غصب عنيه حتى.
صالحة: بجولك ايه.. احنا نخلصو زيارتنا و نروحو بيتنا و نفكرو في حل على رواجة..
ثم اتجهتا معا للداخل حتى يقابلا هنية و هدى التي لا تطيقهما نهائياً و التي كانت من المعارضين لهذه الزيجة و الوحيدة التي لم تخفي فرحتها لانفصال شقيقها عن ابنة عمها..
=================================
اما عاصم فاتجه مباشرة لسارة...
فقد اتجهت هي لمقصورتها و لا تعلم لماذا و لكنها وجدت دموعها تهطل على وجنتيها.. لما شعرت بجرح قلبها هذه المرة.. فهي قد اعتادت سماع هذه الكلمة الجارحة "عامية" سمعتها كثيراً..
و لكن ليس أمامه.. ليس و هي بصحبته.. فهي لم تكن تريد لأي شخص أن يعايرها بعاهتها أمامه.. كانت تريده أن يراها كاملة..
سمعت طرقاته على بابها.. فهي قد باتت تعلم طريقته في الطرق على بابها.. فله طريقة مميزة عن غيره.. مسحت دموعها و قامت لتفتح له..
سارة(بعد أن فتحت الباب): ايوة يا عاصم.. في حاجة؟؟
عاصم(و قد صعد إلي مقصورتها لاول مرة): ايه يا سارة.. انتي زعلتي منهم..
أعطته ظهرها و كذبت عندما قالت...
سارة: لا خالص و هازعل ليه.. هما ماقالوش غير الحقيقة.
عاصم: لا طبعا.. دي مش الحقيقة.. سارة بصيلي..
سارة(أغمضت عيناها بألم): ياريت.. ياريت اقدر ابصلك يا عاصم ياريت.
اقترب منها و امسك بذراعيها و أدارها لينظر لها و يفاجئ بعينيها الدامعة.. فهي قد تعمدت ألا تنظر له عندما فتحت الباب.. فقال بذهول..
عاصم: انتي بتعيطي يا سارة؟؟ للدرجة دي؟؟
سارة(بكت بصوت ملحوظ): غصب عني.. غصب عني مش قادرة أبطل عياط.. مش عارفة ليه.. اشمعنى المرة دي ماستحملتش الكلمة.. مع اني سمعتها كتير و كنت مفكرة إن مابقاش ليها تأثير عليا خلاص.. مش عارفة.. مش عارفة..
عاصم(و هو يمسح دموعها): طيب خلاص.. خلاص عشان خاطري... كفاية يا سارة عياط.. دموعك دي غالية عليا اوي..
سارة(و علا نشيجها بصوت قطع نياط قلبه): مش قادرة.. مش قادرة..
ثم حاولت كتم شهقاتها و لكنها فشلت مما ذاب البقية الباقية من قلبه.. فلم يشعر الا انه ضمها بداخل صدره.. ظل يهدئها و يملس على شعرها بحنان و حب..
عاصم: سارة عشان خاطري اهدي.. كفاية عياط.. كفاية كدة.
سارة: انا اسفة.. اسفة انك شوفتني كدة...
أبعدها عاصم عن صدره قليلاً و قال بنبرة مرحة حتى يحاول أن يخرجها من حالة حزنها تلك..
عاصم: اشوف ايه بقى... ما كل شئ انكشفن و بان.
سارة(مسحت دموعها و سألته باهتمام): هو ايه دة اللي انكشف و بان؟؟
عاصم(إبتسم بحب حتى يخرجها من حالتها): أن شكلك بيبقى زي القمر و انتي بتعيطي.
ابتسمت هي رغما عنها و قالت له...
سارة: و دة وقته دة.. خضتني .
عاصم: سلامة قلبك من الخضة.. بقولك ايه... هو انا ممكن اطلب منك طلب.
سارة: طبعا ممكن.
عاصم: ممكن تخليكي هنا شوية.. ماتجيش ورايا.
سارة: لحد ما يمشو يعني..؟ طبعا.. كنت هتعمل كدة اصلا من غير ما تقول
عاصم: لا مش قصدي لحد ما يمشو.. بس انا لازم آدبهم على اللي عملوه دة.. و لو انتي جيتي مش هقدر اعمل حاجة..
سارة: عاصم لا بلاش.. ماحصلش حاجة لكل دة.. انا متعودة على كدة.. بس ماحبتش أن حد يقولي الكلمة دي قدامك انت بالذات..
عاصم(ابتسم بسعادة): و اشمعنى انا بالذات؟؟
سارة(بارتباك): ها... لا.. مش عشان حاجة معينة يعني.. بس ماحبتش كدة و خلاص.
عاصم(بإبتسامة عريضة): و انا ماحدش يهينك و اسكتله يا سارة.. انتي في بيتي.. بيت الحاج عبد الرحمن المنياوي عمدة البلد كلها.. و ماحدش يهين حد يخص عاصم المنياوي مهما حصل.. فاهمة.. بس خليكي هنا لحد ما ابعتلك فاطمة.. اتفقنا؟؟
سارة: حاضر.
هم أن يتركها و لكنها استوقفتني بسؤالها..
سارة: عاصم.
عاصم(التفت لها و هو يقف على باب المقصورة): نعم.
سارة: هي دي تبقى عبير طليقتك؟
عاصم(إزدرد لعابه و قال بصعوبة): ايوة.
سارة: طيب.. طيب هو انت ممكن ترجعلها؟؟
عاصم(بنبرة قاطعة و دون تردد): مستحيل..
سارة(أرادت هي تأكيده): ابدا ابدا؟؟
عاصم(ابتسم بمكر): ابدا ابدا.. بس ليه بتسألي..
سارة(ابتسمت رغما عنها): ها.. لا مافيش بس مجرد سؤال..
عاصم: ماشي.. هاعديها دلوقتي انه مجرد سؤال و بعدين لينا كلام تاني.. عن إذنك دلوقتي..
خرج بالفعل و لكن لم يغلق الباب خلفه كلياً.. فقد حثه فضوله على أن يبقى قليلاً و يشاهدها لبضع ثوانٍ أخرى.. و بالفعل.. نظر لها عبر فتحة الباب الصغير ليجدها تقفز بسعادة و هي تقول..
سارة: مش هايرجعلها.. ابدا ابدا.. yes yes yes.
لم يستطع كبح ابتسامته ولا سعادة قلبه الذي يرقص على نغمات الحب.. فهي تحبه أيضاً.. اه كم يود أن يدخل لها و يحتضنها بل يأخذها و يهرب بعيداً عن أعين المتربصين...
بمناسبة المتربصين...
فقد شاهدته عبير عبر نافذة المنزل و هو يخرج من مقصورتها و يتجه الي داخل المنزل... فقد تابعت خط سيره منذ ان تركها هي و امها و دخل خلف سارة إلي المقصورة و ظلت تنتظره حتى خرج و أنه آت له..
أما هو..
فما أن خرج من مقصورة سارة حتى تحولت معالم وجهه من البسمة و الحب للتجهم و الغضب الذي على وشك أن يفجره في وجه عبير و أمها.. لم تلاحظ عبير ذلك لأنه أصبح ذو وجه عابس مؤخراً بشكل عام.. فلم تتوقع البركان الذي على وشك الاندلاع..
و بداخل السرايا....
دخلت صالحة و ابنتها على أهل الدار لتجد هنية تجلس بصحبة هدى يأكلون بعض الفاكهة و هم يشاهدون التليفزيون..
دخلت صالحة بصوتها العالي و ضوضائها المعتادة..
صالحة: سلامو عليكم يا ام عاصم.
انتبهت لها هنية و وقفت لترحب بهما..
هنية: ام خالد... كيفك يا خيتي؟؟
صالحة: زينة يا ام عاصم.. زينة.. كيفك يا هدى يا بتي..
هدى(بملل فهي لا تحبها لا هي ولا عبير): الحمد لله يا طنط.. عاملة ايه؟
صالحة: برضيك ماعاتبطليش تجوليلي طنط دي.. جصره اني بخير طول ما انتي زينة.
هنية(لعبير): كيفك يا عبير.. عاملة ايه يابتي.
عبير: بخير يا مراة عم.. كيفك انتي و كيفك يا هدى.. عاملة ايه دلوق؟؟
هنية(تنهدت بحزن حتى تنجنب نظرات الحسد التي يمكن ان تودي بتقدم صحة ابنتها): اييييييييه.. كيف ما هي.. مافيش چديد والله يابتي.. ربنا يبعت الشفا من عنده.
هدى: لا يا ماما... انا كويسة و زي الفل و قريب اوي هاقف على رجليا تاني أن شاء الله.
هنية(بدعاء صادق): أن شاء الله يا بتي.. أن شاء الله.. اتفضلو يا چماعة انتو غرب محتاچين عزومة ولا إيه.. اتفضلو اتفضلو.
صالحة(بتهكم بعد ان جلست): ما انتو برضيك ياخيتي يعني المفروض تچيبولها حكيم زين..
هنية: والله يا صالحة ولا ليكي عليا حلفان.. احسن الحكما سوا هنا في سوهاچ ولا في مصر.. ولا واحد نافع..
صالحة: وااه.. امال مين اللي شوفتها جاعدة في الچنينة مع عاصم ولدك دي؟؟ هو مش جال عليها الضاكتورة بتاعة هدى يا بت يا عبير..
عبير: ايوة ياما.. جال أكده..
هدى: ايوة هي.. مش بس الدكتورة بتاعتي لا كمان بقت صاحبتي و اكتر من اختي كمان.
صالحة(معاتبة): و هو يعني الدكاترة كانو جطعو مالجيتوش غيرها الدكتورة العامية دي.. عامية يا ام عاصم.. كانش العشم يا هنية لا.. عامية؟؟
هدى(بغضب فهي قد بدأت تحب سارة و على الأقل سارة افضل من عبير و لن تعطيها فرصة الاستهزاء بها): هي مين دي اللي عامية.. ايه يا ام خالد الملافظ سعد..
عبير: في ايه يا هدى و هي امي كانت غلطت يعني.. ماهي عامية .
دخل عاصم و قد سمع اخر جملتين...
عاصم: ايوة غلطت.. و انتي كمان غلطتي.
صالحة: وااه.. غلطنا في إيه بجى عاد..
عاصم: ايوة غلطتو و غلطتو غلط واعر جوي.. لما تدخلو دوار الحاج عبد الرحمن المنياوي عمدة البلد و كبيرها و تهيني ضيفة فيه تبجو غلطتو.
لما تفضلو تتريجو و عليها و هي واقفة من غير ما تراعو شعورها تبجو غلطتو.. لما حتى ماتعملوش ليا اني اي اعتبار اني واجف و تفضلو تتمجلتو عليها و عليا و على ابوي اللي مالجاش غير الدكتورة العامية من وچهة نظركم عشان تعالچ بتنا تبجو غلطتو..
هنية(ضربت على صدرها بصدمة): يا مري.. انتو جلتو الحديت ده جدام سارة.
عاصم: ايوة.. و سايبها في الكراڤان بتاعها مش مبطلة عياط.
هدى(بغيظ): صحيح.. الاحساس دة نعمة.
عبير: و هو كان ايه اللي حُصل يعني لكل دة؟؟ هي مش دي الحقيقة.. مش هي عامية ولا بنتبلو عليها.
عاصم: ياما في ناس كتير بتشوف بس عامية الجلب و البصيرة.
عبير: تجصد ايه يا واد عمي؟؟
عاصم: اجصد أن كلامك الدبش اللي كنتي بتحدفيني بيه زمان كنت بعديه.. مش عشان ماكنش بيأثر فيا.. لا كان بيأثر و بيوچع و جوي كمان.. بس استحملته و سكتت عشان عمي و عشانك انتي يا مراة عمي.. و طلجتك لما طلبتيها بلسانك.
بس اوعي يصورلك شيطانك انك ممكن توچعي ضيف من ضيوف بيتنا و تهينيه بحديتك الزفت ده و تفتكري أن اني ممكن اسكتلك فاهمة..
صالحة(في محاولة لتلطيف الجو): وااه يا عاصم انت لسة فاكر.. ده كان زمان.. مايبجاش جلبك اسود عاد.
عاصم: انا عمر جلبي ما كان اسود.. بس كمان عمره ما نسي اي حاچة.. لا حلو بيتنسى ولا عفش بيتنسى..
خلاصة الجول.. طالما دخلتو الدوار ده يا تحترمو اللي فيه يا ماتدخلوهوش من أصله.. بالإذن.
توجه إلي غرفته و ترك الجميع في ذهول..
فهدى كانت ترى شقيقها بهذه الثورة لأول مرة في حياتها.. لم تكن تتصور أنه بهذه القوة من قبل.. حسناً فهو قوي الجسد و الشخصية أيضاً و حاسم ولا يقدر على معارضته اي شخص.. و لكن هذه المرة كان كالوحش الكاسر الذي على وشك افتراس أحد الحيوانات الذي هددت أبناءه..
و هنية أيضاً ظلت تتساءل اين ذهب إبنها الحنون الخلوق الذي يراعي شعور الجميع حتى من لا يستلطفهم.. لا ليس هذا بالتأكيد.. أكانت كل هذه الثورة لأن زوجة عمه و زوجته السابقة نعتتا سارة بالـ"عامية".. أيعقل أن يكون ما كانت تشك فيه من قبل حقيقة؟؟
اما صالحة و ابنتها فقد أصابتهما الدهشة الشديدة.. فهذا ليس عاصم الشخص الهادئ الخجول الذي يراعي شعور الجميع..
فقد تحول تماماً لشخص آخر.. أكانت كل هذه العاصفة من أجل الضيفة الطبيبة؟؟ لا فبالتأكيد هناك شيئاً بينهما.. و عند هذه الفكرة قررت عبير خوض تلك الحرب ضد تلك الطبيبة.. فعاصم لها.. تزوجته و طلبت الطلاق و وافق هو و ستعيده لها مثل ما تركته.
صالحة: عاچبك أكده يا ام عاصم.
هنية: ايه بس اللي حصل يا صالحة عاد؟؟
صالحة: بجى ولدك يطردنا من بيته و تقوليلي اي اللي حُصل؟؟
هدى: زي ما عاصم قال.. لما تدخلو بيت لازم تحترمو اللي فيه يا ماتدخلوهوش اصلا .
هنية: هدى.. عيب أكده
هدى: و هو انا قلت حاجة.. مش عاصم اللي قال ولا مش قادرة عليه هاتتشطري عليا انا.
عبير(بغيظ منها فهي تعلم ان هدى لا تحبها و لكنها ستتحمل كل شئ مقابلة الوصول لمرادها): مجبولة منك يا بت عمي.. و عموما أحنا كمان لينا كبير يرد عليه و على كبيره.. ياللا ياما و لينا حديت تاني.
صالحة: بينا يابتي.
هنية: استني بس يا صالحة..
صالحة: فوتك بعافية يا ام عاصم.. احنا بس كنا چايين نطمنو على هدى.. و اطمنا عليها خلاص.. أما اللي حصل ده فكيف ما عبير جالت في رچالة يردو عليه.. فوتكم بعافية.
رحل العدوان الثنائي من المنزل مثل ما تسميهم هدى و عادت هنية لابنتها لتجدها تأكل الفاكهة بكل هدوء لا بل بكل برود.. فقالت هنية بتعجب..
هنية: شوف البت.. يابت بتاكلي أكده و كأن مافيش مصيبة حاصلة دلوق جدامك.
هدى(ببرود): و انا مالي انا ما سلفتك و بنتها هما اللي عايزين قطع لسانتهم.
هنية: اخ ياني منك.. هاتي تفاحة .
هدى(و هي تعطيها ثمرة البرتقال): لا كلي برتقان احلى.
هنية: اي حاچة منيكي حلوة.. تعالي في حضن امك هبابة بجى.
قبلتها هنية بحب و هي تحمد ربها على عودة ضحكتها مرة أخرى و تدعوه أن يكمل شفاؤها بخير..
أما عاصم فما أن أنهى حديثه معهم حتى انطلق بسرعة الصاروخ إلى غرفته ليظل يلهث بصعوبة و حدة و هو يتذكر عبير و حياته القصيرة معها...
فقد كانت حياتهما هادئة مستقرة في باديء الامر حتى تحولت لجحيم مستعر في النهاية.. فقد كانت تضايقه طوال الوقت.. تؤلمه بكلماتها الجارحة..
و في النهاية عندما طلبت الطلاق نفذه لها بدون نقاش.. فقد كان قد تعب و أرهقته حياته التعيسة مع فتاة لا تهتم بمشاعره.. لم تقف بجانبه في محنته بل كانت تعايره بها..
و تحمل كل شئ منها.. لكن عندما سممت سمع سارة بحديثها الخالي تمام من أي مشاعر أو إحساس لم يستطيع أن يمررها لها مرور الكرام..
إلا سارة.. لم يسمح لعبير أن تجرح مشاعرها.. لم يسأل عن السبب فهو يعلمه منذ مدة..
فهو يحب سارة..
نعم يحبها.. يحب كل ما بها كل ما يتعلق بها..
شكلها..
عيونها..
شعرها..
صوتها و ضحكتها التي تثير بداخله كل مشاعر الحب التي اختبرها و لأول مرة معها... و معها هي فقط.
اما صالحة و عبير ما أن دخلا منزلهما ليجدا الحاج حامد زوجها فيقصا عليه ما حدث في منزل أخيه الذي بالطبع لم يعرف الحقيقة كاملة..
فقد ذكرتا فقط الجزء الخاص بطرد عاصم لهما و لم يذكرها الجزء الخاص بإهانة و جرح سارة و معايرتها بعاهتها..
و في الحال و دون أن يحاول أن يفكر في تبرير منطقي لتصرف إبن أخيه الطيب الخلوق لمثل هذا التصرف.. فقام بمهاتفة أخيه على الفور يشكو له فعلة ولده و يعاتبه عليها أما عبد الرحمن و الذي يثق في ولده و في قراره و حُسن تصرفه ثقة عمياء فقد قال..
عبد الرحمن: يا حامد ياخوي انت خابر عاصم زين.. دة انت اللي مربيه و عارف و متوكد أنه ماعيعملش حاچة عفشة اكدة..
حامد: يعني مرتي و بتي عايكدبو اياك؟؟
عبد الرحمن: لا طبعا ماجصدش أكده.. بس اني برضك لازمن اسمع من عاصم.. و ليك عليا يا حامد لو طلع حديت عبير و ام عبير صُح لاچيبه لحديت عنديكم عشان يستسمحكم كلكم..
و اغلق الهاتف معه على ذلك و اتجه لمنزله حتى يعلم ما حدث.. دخل إلى منزله و استقبلته زوجته مثل عادتها كل يوم و سألها عما حدث أثناء زيارة زوجة أخيه و ابنتها لهم..
حاولت هنية أن تقص الرواية بشكل لا يدين أحد الطرفين و لكن هدى لم تسكت فتحدثت سريعاً دفاعاً عن شقيقها و صديقتها الجديدة..
هدى: لا يا بابا مش دة اللي حصل.
هنية: يابت اكتمي انتي مالكيش صالح.
هدى(بعيون قططية ممازحة اشتاقها والدها كثيراً): يرضيك كدة يا بابتي ماما تقولي ماليش دعوة..
عبد الرحمن(ضاحكاً من كل قلبه لأول مرة منذ زمن بعيد على تلك الماكرة التي اشتاق مزاحها): هههههههه.. لا يا جلب ابوكي ماعيرضنيش واصل طبعاً.. طيب جوليلي انتي ايه اللي حُصل؟؟
هدى: اقولك يا سيدي..
قصت عليه ما حدث.. كان يجاهد في الانصات لها و لكن فرحته بها و بعودة البهجة لحديثها سرقته من معرفة تفاصيل الواقعة..
هدى: شوفت بقى يا سي بابا.. يبقى مين اللي غلطان؟
عبد الرحمن(و لانه لم يسمعها جيداً): انتي ايه رأيك... تفتكري مين الغلطان؟؟
هدي: عبير و أمها طبعاً.. لأن هما اللي زعلو سارة الاول.
عبد الرحمن: يبجى عبير و أمها هما اللي محجوجين لسارة.. طيب ايه رأيك.. عبال ما اطلع اتحدت هبابة مع اخوكي.. تحضريلنا العشا انتي و امك الجمر اللي واجفة غيرانة منينا دي..
هنية: واه واه واه.. غيرانة.. و اني هاغير منيها العيلة الصغيرة دي.. جال غيرانة جال.
هدى: معاك حق يا بابتي.. شكلها غيرانة فعلاً.
هنية: ماشي يا بت ابوكي.. جدامي ياختى على المطبخ نچهزو الوكل و نبعت البت فاطنة تنادي على سارة.. ياللا همي ورايا.
كان يعاملها الجميع كأنها تمشي بساقيها و ليست و كأنها على كرسي مدولب حسب توجيهات سارة.. فقد طلبت منهم أن يتوقفون عن معاملتها بطريقة خاصة حتى تشعر بأنها طبيعية و حتى ينمو لديها حس الاستقلالية..
توجه كل منهم لوجهته و صعد عبد الرحمن إلى غرفة ابنه ليجده يقف بشرفة غرفته يستمع لإحدى المقطوعات الموسيقية العالمية التى دائماً ما يستمع إليها عندما يريد أن يهدئ أعصابه..
اقترب منه دون أن يشعر و نظر حيث كان عاصم مثبتاً أنظاره فوجده ينظر إلى مقصورة سارة سارحاً في ملكوت آخر.. فربت على كتفه فانتبه له عاصم..
عاصم(بعد أن انتبه و التفت لوالده): ابوي.. انت چيت ميته؟؟
عبد الرحمن: چيت من شوي بس انت اللي كانك مانتش معانا على الأرض الليلة دي(و نظر لمكان ما كان تائها منذ قليل).
عاصم(اتجه لداخل الغرفة حتى يهرب من تلميح والده): ماتواخذنيش يابوي بس ماسمعتكش.. كنت سرحان في مشكلة في الشغل بس.
عبد الرحمن(بمكر): مشكلة في الشغل برضيك.. ماشي بس كانها مشكله عويصة جوي.
عاصم(دون أن يشعر): هي من چيهة عويصة.. فهي عويصة جوي(ثم تراجع سريعاً) بس.. بس ماتخافش على ولدك يابوي.. اني افوت في الحديد.
عبد الرحمن(بثقة و دعم): عارف يا ولدي عارف.. ربنا يجويك.. و على العموم اني موچود برضيك لو احتاچت تتحدت معايا ولا تاخد رأيي في مشكلتك..
عاصم(اقترب و قبل كف والده): طبعا يابوي.. دة انت الخير و البركة هو اني اسوى حاچة من غيرك.
عبد الرحمن: ربنا يخليك يا ولدي.. المهم اني چايلك عشان اتحدت معاك في حاچة أكده.
عاصم(تنهد بتعب فهو يعلم ما هو مقبل عليه): عارف يابوي.. عارف.. اكيد عمي حامد كلمك في اللي حُصل النهاردة.
عبد الرحمن: سيبك من اللي جاله عمك ولا مراته ولا حتى اللي جالوه امك و هدى.. اني عايز اسمع منك انت.. تعالى اجعد چاري و احكيلي ايه اللي حُصل.
عاصم(بعد ان جلس بجانب والده على الفراش): يعني انت يرضيك يابوي يدخلو بيت الحاج عبد الرحمن المنياوي و يهينو ضيفة جاعدة فيه..
عبد الرحمن: لا طبعا ماعيرضنيش... و دي كمان ماهياش اي ضيفة.. دي الضاكتورة اللي بتعالچ اختك.. ولا ايه؟؟
شعر عاصم انه اصبح شفافاً و ان والده يرى ما بقلبه بكل سهولة فتلعثم قليلاً و هو يرد...
عاصم: ايوة.. ايوة طبعاً.. بس يابوي فاني عملت اللي انت كنت هاتعمله لو كنت موجود.
عبد الرحمن: و طردتهم؟؟
عاصم: لا يابوي ماحصولش و أسأل امي و هدى.. اني كل اللي جولته اللي ماعيحترمش ضيوف بيت الحاج عبد الرحمن يبقى مايدخلوش.
عبد الرحمن: و انت أكده ماطردتهمش يعني؟
عاصم: اللي تشوفه يابوي..
عبد الرحمن(بتراجع): بس كمان امك جالتلي أنك كنت بتزعق جامد و صوتك كان چايب اخر البلد..
عاصم(بحزن لما تذكر حالة سارة): يابوي انت اصلك ماشوفتش سارة كانت عاتبكي كيف.. كانت مجهورة... و اني مچرب جهرة المعايرة جبل اكدة..
مجرب لسان بت اخوك اللي كيف المبرد اللي ماعيحنش لحال حد.. و ماحبتش أن سارة تتوچع منها..
عبد الرحمن: خايف عليها كد اكده يا عاصم؟؟
نظر له عاصم و لم يرد ففهم والده رده.. فربت على كتفه بدعم و حب..
عبد الرحمن: ربنا يعمل اللي فيه الخير يا ولدي.. عموما اني اكده فهمت كل حاچة و اني هاتحدت مع عمك و افهمه اللي حُصل و أن أهل بيته هما اللي غلطو في ضيوفنا الاول..
(ثم وقف ليخرج من الغرفة) المهم ياللا عشان نتعشو زمان امك و اختك هدى چهزو لنا العشا..
عاصم(و هب واقفا خلفه سريعاً): طيب و .. جصدي يعني و..
عبد الرحمن(بتفهم): بعت البت فاطنة تنادم عليها.. زمانها وصلت تحت..
عاصم(اقترب منه و قبل يده و رأسه): ربنا يخليك لينا يابوي و يبارك لنا في عمرك.
عبد الرحمن: و يكتبلك كل خير يا ولدي.
اتجه مع والده الي غرفة الطعام ليجد هدى تجلس و بجانبها سارة و معهم هنية ترص الاطباق..
عبد الرحمن: كانكم هاتاكلو من غيرنا اياك.
هنية: و احنا نجدرو برضيك يا حاچ.. ياللا بسم الله.
جلس الحاج عبد الرحمن في مكانه على رأس المائدة و بجانبه أفراد أسرته و معهم سارة...
هدى: جوعتونا.. كل ده كلام.. اموت و اعرف سر واحد من الاسرار اللي بينكم دي اللي بتفضلو تتودودو فيها بالساعات.
عاصم(بسماجة اخوية): و هو انتي لما بتقعدي معاه بالساعات ولا مع امك كان حد بيسألك بترغو في ايه... كل واحد يخليه في حاله وحياتك.
هدى: بقى كدة.. ماشي ياعم.. بس انا حاسة كدة انك هاتحتاجني قريب.
عاصم: ربنا ما يحوجنا ليكي ياختى.. كلي و انتي ساكتة بقى.
عبد الرحمن: مافيش فايدة ابدا.. مش هانخلصو من مناجرتكم دي.
هنية: ربنا ما يحرمنا من مناجرتهم و خناجهم يا رب..(ثم نظرت لسارة الصامتة) و انتي يا سارة ساكتة ليه و ماعتكليش كمان.
سارة(ابتلعت ريقها بصعوبة و اصطنعت ابتسامة مجروحة): أبداً يا ماما هنية سلامتك.. ما انا بأكل اهو..
عبد الرحمن: اول مرة تأكلي و انتي ساكتة أكده.. فين هزارك و ضحكك.
سارة: معلش بس اصلي عندي شوية صداع بس..
هنية: واه.. بعيد الشر عنك يابتي.. منين بس الصداع ده؟؟
سارة: مالك بس انتي اتخضيتي كدة ليه؟ بس يمكن قلة نوم.. أو عشان ماشربش قهوة النهاردة.
عاصم: أو يمكن من كتر العياط.
عبد الرحمن: صُح كنتي عاتبكي يا سارة؟؟ لا لا يا عاصم.. سارة اعجل من اكده..
اني الحاجة هنية و عاصم جالولي على اللي حُصل النهاردة.. و جالولي على اللي عملوه مرة اخوي و بتها.. و انتي عارفاني يا سارة راچل حجاني.
و اني بنفسي هاتصرف فيه الموضوع ده.. و هاخليهم ياچو يحبو على راسك كمان..
سارة: لا لا يا حاج عبد الرحمن مافيش داعي.. هما بس ماكنوش يعرفو.. مجرد موقف و عدى.
عاصم(بتهكم): صُح عدى..
سارة: ايوة عدى خلاص.
ساد صمت لعدة دقائق تتخلله بعض النظرات الجانبية بين عاصم و والده مفادها أن سارة تكذب و أن هناك تبعات لما حدث و هو سيثبت له ذلك.. حتى قاطع عاصم ذلك الصمت المتوتر محدثاً سارة..
عاصم: عاجولك ايه يا ضاكتورة.
سارة: ايوة يا استاذ عاصم..
عاصم: اسمحيلي يعني أسألك سؤال بما انك كدة ولا كدة مابتاكليش.
سارة(بحرج): لا خالص ما انا بأكل اهو..
عاصم(بتهكم): بجى بتاكلي؟؟ ما علينا... هي عبير و هي خارجة ماتحدتتش وياكي.
ظهر الارتباك جلياً على سارة حتى أنها أوقعت شوكتها التي تأكل بها...
هنية: سيبيها يا حبيبتي.. هاجيبلك غيرها.. يا يا فاطنة.. هاني شوكة نضيفة ليام سارة جوام.
فاطمة: حاضر يا ستي الحاجة.. حالا اهو.
عاصم(باصرار): ها يا سارة.. بجولك هي عبير و هي خارجة ماتحدتتش وياكي.
سارة(بتلعثم و ارتباك): لا.. لا و هاتكلمني في ايه..
عاصم: اصلي كنت شوفتها و هي خارچة هي و امها راحت ناحيتك و دخلتلك الكراڤان كمان.
سارة(و زاد ارتباكها): ااه.. ااه.. أصلها جات عشان.. عشان تعتذرلي يعني على اللي حصل.
عاصم(بدون تفكير ولا مقدمات): كدابة.
أصاب الجميع الذهول حتى نهره عبد الرحمن...
عبد الرحمن: عاصم.. عيب اكده..
عاصم: عاتكدب يابوي.. عاتكدب عشان تداري علي بت اخوك.. جالتلك ايه يا سارة..
سارة(بقوة مزيفة): قلتلك كانت جاية تعتذرلي عن سوء التفاهم اللي حصل.. بس.
عاصم: برضه كدابة.
هنية: ما مصدجهاش ليه بس يا ولدي..
هدى: عشان عبير عمرها ما اعتذرت لحد ولا راعت شعور حد..
عاصم: اهي بتك الصغيرة جالتهالك.. و بعدين لو نفرض أن كلامك صح.. ماجولتيش ليه أنها اعتذرت لك و كان الموضوع خلص.
عبد الرحمن: ايوة صحيح.. انى لسة جايل لك اني هاجيبهم يستسمحوكي و يحبو على راسك.. سكتي ليه طالما اعتذرولك..
ولا كنتي عايزة تولعي في الدنيا حريجة بين الاخوات؟
سارة(دمعت عيناها و قالت بسرعة): لا.. لا والله يا حاج عبد الرحمن.. انا عمري ما افكر اعمل كدة.. انا بس.. ماتخيلتش أن الموضوع كبر اوي كدة.
هنية: لا يا حبيبتي.. الموضوع كبير و كبير جوي كمان.. ضيف في بيت الحاج عبد الرحمن و اتهان.. دة لولا أنك واحدة عاجلة و منينا و علينا كان طار فيها رجاب دي .
عاصم(بإصرار): قالتلك ايه يا سارة.
سارة(بحدة): قولتلك اعتذرتلي و مافيش داعي لأي مشاكل ممكن تحصل.. و عموما انا بعد كدة هافضل في الكراڤان طول مافي ضيوف هنا.. عن اذنكم..
هنية: طيب كملي وكلك طيب .
سارة: شبعت الحمد لله.. أصبحو على خير.
تركتهم و رحلت وسط تجهم الجميع و ما أن خرجت حتى نطق عاصم بإصرار..
عاصم: كدابة.. و انى متوكد.. و بكرة الصبح هانروح انا و انت يابوي حدى بيت عمي و انا هاثبتلك..
تصبحو على خير..
تركهم هو أيضاً و صعد لغرفته حتى يستعد لمعركة الغد..
ياترى سارة بتكدب ولا بتقول الحق ...
و هل هما اعتذرولها فعلا و هي خبت على عاصم و اهله عشان تولع الدنيا زي ما قال الحاج عبد الرحمن و اهي تعتبر فرصة انها تبعد عبير عن عاصم اكتر و اكتر و يبقى ليها لوحدها..
و ياترى رد فعل عبير و امها و ابوها كمان هايكون إيه
كل دة اكتر هايكون معانا في فصل بكرة
#سارةوعاصم
#دوائي_الضرير
#نيمووو
#Nemooo