بسم الله نبدأ..
ألا بذكر الله تطمئنُ القلوب. 🤍
سبحان الله.
الحمد لله.
لا إله إلا الله.
الله أكبر.
استغفر الله.
_____________________
🦋.
1.
بداية النهاية!...
رجل قد يكون قوي، ولكنه من الداخل أضعف ما يكون..
أسطول من السيارات السوداء تسير في تناغم غريب، في خط مستقيم كسرب من النمل الأسود الكبير، تتقدمهم سيارة زرقاء داكنة وكأنها ملكة النمل تسير بكل شموخ..
توقف ذلك الأسطول في آن واحد بنظام شديد..
ليهبط أحدى الرجال من السيارة السوداء راكضا نحو الزرقاء حتى يفتح الباب، ففتح الباب بقوة قبل أن يقترب حتى، فظهر بطلته الخاطفة على وجهه التجبر والشر، قلبه ينبض بالشر، عينه تطلق شرار، ولكن كل تلك صفات داخلية غير ملموسة، يغطيها ذلك الوجه الوسيم ذا البشرة البرونزية التي اكتسبها بفضل أشعة الشمس، وعينه الزرقاء الداكنة متناغمة مع خصلاته الحريرية المموجة السوداء منسدلة على جبهته..
خطى لذلك البناء المهيب ذا الطراز الفخم بخطوات مدروسة، وضع نظراته على عينه فأصبحت لا ترى...
بداخل البناء في أحدى القاعات التي يوجد على بابها لافتة مدون عليها "قاعة المؤتمرات"، كان هناك عدد ليس بقليل من الرجال ذوي السلطة، وعلى المنصة كان يقبع ثلاث رجال يبدو عليهم كبر السن، ويبدو على جميع من بالقاعة أنهم ينتظرون شيئا ما أو أحدا ما!.
فقال أحد الرجال الثلاثة بحنق بدى على وجهه ولم يلاحظ أن الميكروفون أمامه يعمل:
" لا يلتزم بالموعد أيضا!"
" ٩و ٤٥ دقيقة، لقد أبكرت أليس كذلك!"
استدارت له الرؤوس بدهشة من اقتحامه القاعة وخلفه عدد لا بئس به من الرجال، ينظر لهم ببرود بعينه المتخفية وراء عدسات النظارة السوداء، وزع نظره عليهم جميعا فوجد الرهبة والخوف متشكلة بعنيهم، فأبتسم بخبث وشعور لذيذ يثلج قلبه!...
_____________
خرجت من بيتها وهي تركض بخطوات متعثرة، تغلق حقيبتها وتلملم حجابها المبعثر والمربوط بعشوائية، فهي قمة في الهرج..
توقفت لثواني قبل أن تخطو خارج البناية وهي تشعر بسعادة تدغدغ قلبها فتنهدت بحيرة من تلك المشاعر التي تأتي لها فجأة، من يومها وهي لم تعد كما كانت!..
خرجت متجهة لجراج المبنىٰ ولم تتكلف أي عناء في البحث عن سياراتها، فالأعمى يستطيع رؤيتها بلونها الوردي الساطع..
استقلت السيارة وانطلقت لوجتها متجاهلة رنين هاتفها المتكرر...
"قاعة المؤتمرات"..
جلس في مكانه بكل ثقة ثم نزع نظارته لتظهر عينه التي تشع قوة وغرور، ولا تزال العيون تتباعه، عيون تكاد تخرج قلوبا من النساء، وعيون حقودة من الرجال الذين يكرهونه ويحقدون عليه لما وصل إليه بسنه الصغير..
همهم الرجل الذي يجلس بالوسط أعلى المنصة، فاتجهت الأنظار نحوه، فبدأ بالحديث وهو يحاول أن يمحي ذلك التوتر الذي تلبسه ما أن دخل ذلك المتعجرف:
" السلام عليكم، مرحبا بكم جميعا في أول اجتماع للبرلمان هذا العام لدولة آكادية، بالعاصمة سيلان، أنا رئيس البرلمان شفيق السعدي..."
فبدأ الجميع بالتصفيق بحرارة كبيرة، ثم استئنف حديثه بإبتسامة جاهد ليظهرها:
" سأعرفكم الأن بالعضو الجديد معنا، سيد داوود روهان.. "
فاتجهت الأنظار نحوه ولكن لم يرف له جفن، نهض بتباطئ وجفون متدلية، رفع عينه وابتسامة جانبية تزين ثغره، نظر لهم قليلا بصمت ، فأردف شفيق :
" عرف نفسك سيد داوود إذا سمحت!.."
شمله داوود بنظرة باردة ثم قال:
" مرحبا، أنا داوود روهان، رجل أعمال.."
ثم صمت، فأشار له شفيق بأن يكمل، فأكمل داوود بلا مبالاة وملل شديد يكره تلك الرسمية المستفزة:
" هذا كل شيء.. "
ثم جذب هاتفه ونظارته وهبط عن مقعده ففتح له حارسه الباب، وقبل أن يخرج أتلفت لهم وقال بابتسامة جانبية:
" إلى اللقاء يا رفاق.."
انهى حديثه بغمزة خبيثة، رافعا نظارته على عينه، وخرج بضجيج كما دخل...
تباعه الجميع بدهشة من جراءته فكيف له يخرج هكذا من اجتماع مهم كهذا!..
كيف يجرأ على فعل ذلك!..
نظر شفيق نحو الباب بغيظ ثم أردف بسرعة وهو يكاد ينفجر:
" انتهى الأجتماع.."
وهبط عن المنصة كل جزء بجسده ينتفض غضبا متوعدا لذلك الداوود الماكرِ...
______________
توقفت بسيارتها أمام ذلك المنبى الضخم، لتهبط بلهفة، نظرت في الإرجاء كأنها تبحث عن شخص تائه، وما أن لمحت مرادها حتى ركضت نحوه وهي تصيح:
" أبي أبي..."
استدار لها الرجل الذي كان يرتدي ثياب رسمية ويضع سماعة بأذنه كما الحرس، يقف على درج المبنى، قال بدهشة:
" سبيل!، ما الذي جاء بك إلى هنا؟"
"جئت لأعطيك طعامك.. "
ثم قدمت له علبة طعام صغيرة، وابتسامة بلهاء مرتسمة على وجهها، تناولها منها وهو ضيق عينه بشك، وهي تدعي البراءة، فأردف بحنق:
" فعلتي ما برأسك ها! "
فهزت رأسها بسرعة كبيرة وقالت بعبوس جادت تمثيله:
" أنت تعرف أنني أريد رأيته ولكنك دائما ما ترفض أبي، أنني من أكبر معجبينه!.. "
فقلب أبيها عينه بحنق، وما كاد يجيب حتى وجده يهبط على سلم المبنى الكبير فركض نحوه هو والجميع ليكونوا حوله تاركا ابنته بمفردها...
شعرت بالاكسجين ينسحب من جسدها ما أن لمحته يهبط على الدرج بطلته الخاطفة، لا تعرف كم مضى من الوقت وهو تنظر له ربما ثواني... دقائق... ساعات...
فاقت وهي تجد ذلك الجيش يركض نحوها أو هكذا ظنت فهم يركضون خلف سيدهم الذي كان يهبط ويتحدث بهاتفه بوجه حانق، فتراجعت للخلف بخوف من المشهد المهيب، فمالت قدمها لتغمض عينها مستسلمة لمصيرها _ وهو السقوط من فوق الدرج الكبير_ ولكن لما تطير الأن بالهواء هل ماتت!
" هل سنظل هكذا كثيرا! "
فتحت عينها بصدمة من ذلك الصوت الذي اخترق سمعها، نظرت له بعيون جاحظة أنه هو أمامها، فارس أحلامها، لا تعرف أنه سيكون كابوس أحلامها!...
شعرت بنفسها تسحب داخل عينه التي سرقتها من قبل، هي تعرف تلك العيون عن ظهر قلب، ليس من الصور أو المقاطع المصورة له، لا بل كان لقائنا حقيقيًا!..
فقلب داوود عينه بملل وهو يعدل من وضعتيها على الدرج بحذر ثم تركها وأكمل طريقه لسيارته، وقبل أن يستقل سيارته لمح سيارتها التي كانت بالقرب منه فظهرت ابتسامة ساخرة على وجه ثم ركب السيارة وانطلق..
اقترب منها والدها ليوبخها:
" لكي عقابك سبيل.. "
فهزت رأسها دون وعي لما يحدث، لا تستوعب أنها كانت بين ذراعيه، فركضت من أمامه، وهو ذهب خلف سيده..
____________
عادت للمنزل بعد وقت قصير وذلك لسلكها بعض الطرق المختصرة، فتحت الباب بواسطة المفتاح وهي تدندن بهدوء، دخلت وأغلقت الباب، ليدوي صوت رنين هاتها الذي لم يتوقف عن الرنين، فتنهدت بضيق لتدس يدها في الحقيبة حتى تخرجه، ظلت تعبث بالحقيبة حتى وجدته ثم ألقت الحقيبة على المعقد وهي تعدل من وضعية الهاتف المقلوب، ثم أجابت بحنق بعد أن رأت المتصل:
" مرحبا.."
أنصت للمتحدث وهي تفرك جبهتها بضيق، ثم ردت:
" حسنا، أنا في الطريق..."
اغلقت الخط، لتحمل حقيبتها واضعة بها الهاتف مرة أخرى وهي تمتم بعبوث:
" حتى يوم الراحة لا راحة.. "
قالت أخر كلمة وهي تغلق الباب بقوة لتصب به بعضا من غضبها...
توقف بسيارتها اللطيفة، أمام مبنى كبير له وجهة زجاجية، وعند المدخل معلق لوحة " مشفى آل روهان "..
فيتضح لنا أنها تعمل بالمشفى التابعة لعائلة عزيزنا الفاسد داوود روهان..
تعمل كطبيبة للعيون، بعد إن تخرجت وحصلت على درجة الماجستير به وهي الأن تحضر للدراسة الدكتوراة...
دخلت بخطوات واسعة ولم تلقي بال لأي أحد في طريقها واستقلت المصعد، مرت ثواني حتى خرجت منه لتقابل في وجهها أحد زملائها الأطباء فكان يرتدي ذلك المعطف الأبيض، فقالت بابتسامة لطيفة وهي ترفع يدها مرحبة:
"مرحبا.. "
ليقول الأخر بهدوء شديد متجاهلا تصرفاتها الطفولية:
" مرحبا، يقول المريض في غرفة 180 أنه يشعر بوخز في عينه ولكن الفحوصات لا تظهر شيء، وأيضا هو من طلبك تحديدا.. "
دائما ما كان مراد هكذا جديا ولا يمزح يتكلم برسمية مفرطة وكأنه حارس شخصي، وذلك لم تتعجب منه ولم تشغل بالها بما يفعل فقد أعتادت..
أغمضت عينها وهي تمسح على وجهها بغيظ من ذلك المريض، ثم ابتسمت باتساع بعد أن فتحت عينها:
" حسنا لنرى ماذا يريد.."
ثم تمتمت بصوت منخفض وهي تشمر عن ساعديها بشكل درامي وهمي، فهي لن تظهر بشرتها بالتأكيد:
" يبدو أن هناك ضحية اليوم..."
___________
وعلى الجهة الأخرى...
بعد إن تحرك أسطول السيارات الخاص بالسيد داوود روهان، وكانت وجهته منزله والذي هو عبارة عن قصر ضخم يتسع لأكثر من عشرين شخصا...
توقفت السيارات أمام القصر وما أن فتحت البوابة لم تدخل غير سيارة داوود والباقي ظلوا بالخارج، أوقف السيارة لتصدر صوتا مزعجا، ثم ترجل منها ودخل لقصره بعد أن فتحت له الخادمة وهي تخفض رأسها باحترام..
اتجه لغرفة مكتبه فاهتز هاتفه ليخرجه ويجيب دون أن ينبث بكلمة منتظر من الطرف الأخر التحدث..
مط شفتيه وهي يجلس على مقعد مكتبه ويستمع لما يقال، ليفتح فمه أخيرا محركا أعضاء نطقه التي تكاد تفسد منه:
" مساء سيتم التنفيذ.."
ثم أغلق الهاتف، ونهض ليتجه للخزنة الموضوعة بجانب المكتب فتحها وأخرج مجموعة من الأوراق، ثم أغلقها وخرج من المكتبة، ليصعد لغرفته...
حياته دائما ما تكون بذلك الشكل سريعة بطريقة مزعجة...
_______________
اقتحمت سبيل غرفة المريض، لتراه يجلس على الفراش وهو ينظر نحو النافذة ولا يبدو عليه أي تعب، لتقول بهدوء مزيف:
" ابلغوني أن عينك تتعبك؟ "
فأبتسم الأخر باتساع، ثم استدار لها قائلا:
" الان فقط أصبحت بخير.. "
فضحكت سبيل وهي تقترب منه بعد أن رسمت ملامح باردة على وجهها، ثم دنت منه قليلا، وقالت بفحيح لا يليق على شخصيتها اللطيفة منذ ثواني:
" حسنا لأجعلها تتعبك، ما رأيك؟ "
ظنت أنه سيخاف ويتراجع كما يفعل البعض، ولكنه ابتسم بهدوء، وقال:
" الشعلة ستعود.. "
ألقى جملته الغير مفهومة في وجهها، وأدار رأسه نحو النافذة مجددا بعيدا عنها، ابتلع ريقها بتوتر فتلك الجملة سمعتها من شخص قد زار المشفى من يومين، ورأتها قبلها بأسبوع مدونة على ورقة عند عتبة باب شقتها، فاعتدلت وهي ترمق ملامحه الهادئة:
" ماذا تعني؟ ومن أنتم؟ "
فرد عليه دون النظر لها:
" نحن حراس الشعلة. "
شعرت بريبة من تلك الجملة أكثر، فتراجعت وخرجت من الغرفة سريعا، ومن ثم خارج المشفى كليا لتركب سيارتها وتنطلق دون وجهة معينة فقط تفكر فمن هؤلاء وما دخلها بهم!...
______________
جاء المساء سريعا، وجاءت نسماته اللطيفة الهادئة..
في مكان مظلم لا يضيئه إلا عمود الإضاءة بالشارع والذي كان نوره يتقطع وكأنك بفيلم رعب، كان المكان هادئ حتى قطع ذلك الهدوء اقتراب العديد من السيارات بسرعة هائلة من أحد الاتجاهين والأتجاه الاخر كانت سيارته هو فقط، حتى يظن من يراها أنهم سيصتدموا ببعضهم، ولكنها توقفت على بعض سنتيمرات قليلا لينقطع نور العمود تماما..
هبط من سياراته وبيده حقيبة سوداء، وكان يرتدي كنزة شتوية سوداء وعلى رأسه القنسلوة ويغطي وجه بقناع أسود فلا تظهر إلا عينه الزرقاء، وبالمقابل هبط شخص أخر مع سيارة لا تقل روعة عن خاصته، وبيد ذلك الشخص حقيبة ممثالة..
ظهرت أبتسامة ماكرة على وجه داوود وهو يقترب من ذلك الشخص الذي لا يبدو أنه الزعيم هنا بل أحد رجاله، وقف أمامه مباشرة وابتسامته كما هي، فأردف الشخص الاخر وهو يقدم له الحقيبة:
" خذ.. "
تناولها منه داوود تزامننا مع تسليمه الحقيبة هو الاخر، وما أن استدار ليعود حتى وجد فوهات الأسلحة موجه نحوه، عض داوود على شفتيه مغمضا عينه الزرقاء، ثم فتحها ببطء، وابتسامته الجانبية عنوان لوجه الوسيم، ثم قال بصوت هامس لم يسمعه سوا من يقف خلفه ويبتسم بنصر لا يعرف أن مصيره قد انتهى:
" تريدون اللعب إذا! "
شملهم بنظر خاطفة قبل أن يعلو صوته بكلمة واحدة بعدها لن يرى منهم رأس من جسد:
" Catch!"
ثواني فقط ثواني و....
وطارت الدماء في كل مكان، تلخط وجه ببعضها فمسحها بيده بهدوء وكأن شيئًا لم يكن، خطى من بين الجسس بثبات غريب وكأنه يسير بين الصخور، استند على سيارته وهو يتابع ما يحدث كمن يتابع عمل درامي مشوق...
وبعد دقائق سمع صوت زئير يقترب منه ومعه تلمع ٦ عيون بقوة في الظلام، ابتسم بثقة غامزا بعينه:
" عملٌ رائع يا رفاق!. "
فخرج زئيرهم أقوى وكأنهم يفهمون ما يقول، فاقتربوا أكثر منه حتى اتضح مظهرهم، ثلاثة فهود كبيرة الحجم الأول أسود قاتم كحال الليل الكاحل، والثاني أصفر مرقع ببقع بنية يبدو عليه الشدة والثقة، والأخير ذا لو أبيض وبقع سوداء ويبدو عليه الهدوء والسكينة او هكذا يظن من يراه....
" هيا.. "
فقفز الثلاثة داخل السيارة بحركة متقنة، وأغلق الباب تلقائيًا، ثم ركب داوود وانطلق بأقصى سرعة متخطيا الحد المسموح!.
فإذا لم يكسر "داوود روهان" الحدود من سيكسرها!
____________
كانت تلك البداية، مجرد بداية تعريفية بسيطة فما خفي كان أعظم...
يتبع...
كونوا لطفاء وضعوا نجمة تشبهكم يا نجومي اللامعة...
دمتم لي رفقة طيبة 💕.