UNTIL DEATH | حتَّـى المـَوت

By Emiliejk69

121K 6.5K 3.9K

ألِكسندر مارتيني ، مُفَكِّك القنابل و العقِيد القائِد للقوات الخاصَّة الإطاليَّة ، رجل من صميم الجليد فِي بذ... More

UNTIL DEATH | 00
UNTIL DEATH | 01
UNTIL DEATH | 02
UNTIL DEATH | 03
UNTIL DEATH | 04
UNTIL DEATH| 05
UNTIL DEATH | 06
UNTIL DEATH |07
UNTIL DEATH | 08
UNTIL DEATH | 10
UNTIL DEATH | 11
UNTIL DEATH | 12

UNTIL DEATH | 09

8.9K 522 310
By Emiliejk69

الفَصل التاسع | أحرقه بـمن فيه.

___________

أستطيع الشُّعور بـأعينه المختلطة بالإخضرار و العسَل تلتهمني ، تكبلني من جديد كي لا اتحرك بٱتجاه المستشفى و الغيرة التي تجعله أسير الغضب في هذه اللحظة مدمرة للغايـة.

رفعت مقلتاي لأشاهد تذمُّر ملامِحه و اكتظاظ الغيظ بهم ، ينتظر تلك الثانية التي سأقرر فيها النهوض لـينقض كـأسد شرس على غزالتِه.

-لماذا تنظر إلي هكذا.

بـبرودة دم نطق بينما بتجرد من قميصه الأسود و الذي لم يفتح من ازرار سوى ما تبقَّى ، ثلاثا فقط.

-لـن تذهبي لأي مكان.

قمت من السرير بٱتجاهه متناسيَة جسدي العارِي ، أستشيط غضبا.

-عذرا أيـها العقيد! لكنك بالتأكيد لن تسجنني هنا...

تجوَّلت عيناي في الغرفة بينما هو كان يتأملني بـإنعام.

-في هذه الغرفة.

خطى بٱتجاهي يلغي المسافة بيننا لأستطيع الإحساس بـأنفاسه تلطم وجنتاي.

-إن وطأت أقدامك ذلك المستشفى سأحرِقه بـمن فيه.

برودة كلماته و هدوء اعصابه الذي يشبه السكون ما قبل العاصفة جعل من الغصة العالقة بـحنجرتي صعبة التجاوز.

-ذلك المستشفى بـه مرضى! أطفال أبرياء ، كبار السِّن و الكثير من الألَم.

لم يرِّف له جِفن ، لكنه ٱلتزم الصَّمت لـبرهة من الزمن ثم عاد ناطِقا.

-سلامتهم تتعلق بـك ، إن تخلَّيت عن عنادِك و ٱلتزمت ورشتِك سـيكون العالم بـخير.

إقربت من وجهه أتحدى قسوته في التهور لـٱقتراف ما يخبرني بـه ، أخشى أن يطبق كلامَه بـِالفعل.

-لا تتهوَّر و إلا لن يكون لـي حل سوى الإفشاء بـأفعالك لذى الشرطَة.

كانت هناك شعيرات كـستنائية فوق وجنتاي ، بـأنامله أشاحهما خلف أذني.

-سـتبدين سادجة للغايَة أمامَهم.

سـأنهار ، حتما سأخِرُّ أرضا بـسبب تصرفاته السَّامة.

-لا تملكين أي دليل يبرهن عن مـصداقيَّتك.

ثم أضاف بـغرور و هو يبصِر رماديتاي مبتسما ابتسامَة باهِثة.

-و بدلا من ذلك سـيتم القبض عليك بـتهمة بلاغ كاذِب ضد رجل سلطة بـوزن ثقيل في إيطاليا.

هوَ صادق ، على الرغم من كذبِه ؛ هو صادق حقا.

-نهايتُك سـتكون على يدي.

تمتم بـنبرة خبيثة في حين أنه يدَه تدحرجَت فوق النَّمش الذي بـصدري،

-الموتُ على يدِ فاتنَة مثلك لَن يكون خسارَة في حقِّ روحـي.

صفعتُ يده بعيدا عني ثم نطقت بـصوت مكفهِرٍّ.

-أكرهُك!...أكرَهك كما لو أنَّه الشعور الوحيد الذي يتغمدَّني كلما فكرت بك و كلما نظرتُ إليك.

لاحظت كيف تشنج جفنه الأيسر بـخفَّة و هـو يطبق عليَّ نظرات من أصلِ الجحيم.

-جيِّد...ديلاَّ روفـيري.

تجاوزتُ موضع وقوفه متوجهة إلى الأريكة التي كان بـها فستاني الزمرُّدي ، تجرَّجت من قميصه الذي غدىٰ يحرقُ جلدِي ثم ارتديتُ الفستان مع كعبيَ العالي على الرغم من أن شعري لم يكن في حالة جيدة للخروج إلا أنني لم أهتم بذلك القدر الذي ٱهتممت فيه بالفرار من هنا.

ألقيت نظرة على جذعه المثالي ثم على مفاتيح السيارة التي وُضِعت فوق مكتبِه.

-سأحتاج ٱستعمال سيَّارتك كي أعودَ إلى منزلي.

لم ينبِس بـبنت كلمة لكنه توجه إلى مكتبِه و التقطَ المفاتيح ثم وجههم إلي.

-لا تقودِي بـسرعَة.

أصدرت همهمةً توافِق كلامَه ثم سِرت إلىٰ الباب ، هناك شيء ما جعلني أتوقف كـم لو أنني أرفض الذهاب، ألتفتت إليه فـوجته لا يشاهِدني بل يراقب السماء الصافية من زجاج الشرفَة.

شيء ما انفجَر بـأعماقي دفعني للركضِ صوبِه و تقبيل رقبتِه من الخلف ، ربما ذلك الشعور الذي راودني فجأة كَي يخبرني أنني كنتُ قاسيَة معه.

لكنَّك شعورا آخر يتحدث بـأنه أشد الناسَ بغضا في قلبِي.

-شكـرا لكَ.

عندما قررت الإبتعاد مسك تلك اليد التي عانقت صدرَه ثم اجتذب جسدي نحوَه ، كل ما شعرت بِه هو شفتاهُ تريح أنفاسها فوق رقبتي.

أسدلت جفنايَ ، لأنني شعرت بـالدفء ينسكِب بـغزارَة بين أضلعي بينما خافقي ينبِض عنيفا.

-شكرا لـكِ أيضا...مرجانِي الأحمـَر.

أيقضني كـلامه من سباتي فـأيقنت ما هويت له ، الآن أنـا الآن أبدو و كأنني غارقَة في حبه إلى النخاع.

تمسكت بـالمفاتيح ثم ركضت خارِج الغرفة ، عبر سلَّم المنزل انتقلت إلى الطابق السفلي حيث تمثال ديـفيد الذي سرق أنفاسي مرة أخرى..

سحقا! ليس لديَّ متسَّع من الوقت لـتأملك أيها الرائع.

أغلقا الباب خلفي ثم سارعت إلى السيَّارة ، لا أصدق أنني أسوق خاصتَّه التي راقتني يوما من بعيد.

-الحياة غريبة جدَّا.

قلتها بـأسفٍ شديد ، البارحة كان مجرد مترصِّد مهووس يبث الرعب بـشراييني و اليوم ها أنا ذا أقود سيارته الفارهَة.

آمل حقا أن يكون البيتُ فارغا من أصحابِه ، على كل حال سـأركنها بعيدا عن المنزل كي لا ينتبِه لها أحد.

بعد طريق لا بأس بِه وصلت أمام حديقة المنزِل و فجأة رأيت حارسان بـبذلة سوداء أمام بابها الحديدي ، إقتربت منهما ثم سألتُ بـطريقة فضوليَّة.

-من أنتُما ؟ و لما أنتما أمام الباب؟.

حطَّت أبصارهم عليَّ ، لكِن تبا إنني أبدو كما لو كنتُ في حرب ما أو تورَّطت في معركة شرسة مع قطط الشَّارِع.

-كلَّفنا السيِّد روفـيري بـحراسة المنزِل.

رفعت حاجِبي و قد تذكرت كيف كان سـيفقد صوتيه بـسبب بياناته التي سرِقت ثم أجبت بـلا مبالاة.

-حسنا...إفتح الباب!.

تلبية لأمري فتح الباب ، توجهت إلى الداخل فـإذا أجد زوجَة روزيـلا تجلسُ رفقة ماتيو ...ماتيو كلبها الصغير من فصيلة ال Caniche toy.

بـحماس صِحت متحاشيَة نضراتها القاتلة.

-ٱنظروا من اكمل علاجَه و عاد إلينا ، إنه عزيزي ماتـيو.

نباحه اللطيف جعل من ابتسامتي تتسع اكثر لكنها سرعان ما تلاشت عندما لمحت روز تلتهم هيئتي.

-كيف أصبحتِ يا روزيلاَّ ؟ هل تحسَّنت حالتك عنِ البارحَة.

طأطأت رأسها بـنعم ثم سألتني بـنبرة مشكِّكة.

-أين قضيتِ ليلة البارحة حتى أنَّك لم تعودي معنـا إلى المنزِل؟.

كنت أفكر في ٱختِلاق الكذبة رقم مئة لولا عقلي الذهي الذي طبَّق حساباته قبل أن يدفعني للحديث.

-كنت أتجوَّل مع السـيِّد ميشـيل في الغابة التابعة للنادِي لكن سرعان ما غادرتُ حينما ٱتصلت بي صـوفيا...المسكينة كانت تعاني من ألمِ الدورَة.

سألتني بـٱهتمام أدرِك غايته جيِّدا.

-المسكينة! هل هي جيدة الآن؟.

تمتمت و أنا أقترب من ماتـيو ، انحنيت القرفصاء لأمسح على فروِه.

-جيِّدة هذا الصَّباح..ساعدتها في وضع كمادات دافئة و صنع مشروب دافئ.

تلاحظ تعاملي البريء مع كلبِها ثم سحبته من حزام العنق نحوها.

-على أيِّ آمـيرا...السـيد مـيشيل في المستشفى العسكري بـسبب محاولة قتلِه ليلة البارحة في الغابَة.

غمغمت بـشرود و أنا أتذكر تفاصيل البارحة الصادمة و كيف انفجرت دمائه الجافية على جسدي ، تلك المشاعر المؤذية و بكائي الهستيري.

-أخبرني عمِّي هذا الصباح...لكن هل هو بـخير؟.

أجابتني بينما تضع سابقا فوق الأخرى و لا تراني أبدا.

-الرصاصة ٱخترقت كتفَه و كانت على مقربة من قلبِه...إستغرقت عمليَّته خمس ساعات لكنه الآن في حال أفضل عن البارحَة.

لست أدري لـما تغمدتني مشاعر العطفِ و الألم حيال حالته ، هو رجُل بريء و ليس من العادِل أن يعيش مصيرا كـهذا بـسببي.

-سـأغير ملابِسي ثم سـأذهب لرأيته... الشرطة تريدني أيضا على الرغم من جهلي بما حدث.

هزهزت رأسها توافقني الرأي فـلم آخد الكثير من الوقت للإختفاء ، أغلقت باب غرفتي جيدا ثم هرعت إلىٰ خزانتي لألتقِط لباسا من ملابسي اليوميَّة.

كيف سـأتصرف ؟ و ما الذي عليَّ قوله لـتمويه الشرطَة؟ هل يجب الإعتراف بـحقيقة العقـيد القايد مارتيني أم أنني سـأبدو كـالمجنونة.

لا أحد سـيصدِّقني...الشرطة لن تنظر إليَّ حتَّى.

كنت جاهزة في غضون عشرِ دقائق ، وضعت هاتفي في جيبِ سروالي الجينز ثم غادرت الغرفة.

لم تكن في الأسفَل روزيـلا بل كل ما وجدت هو خادِمتين يمسحان الغبار عن بعض الدِّيكورات.

لم آخد دراجتي الهوائية لأنني قررتُ الذهاب في سيارة الأجرة و ما هي سوى نصف ساعة حتى توقَّفت أمام مبنى ضخمِ يحيطُ بـه سور عريض و أمام بوابتِه الحديدية الواسعة أربعُ جنود مسلحين ، الأطباء بـالمآزر البيضاء يدخلون و يخرجون بينما الممرضون أيضا يفعلون نفس الشيء.

دلفتُه بـببساطة متجهة نحوَ جهة الإستقبال

-غرفَة السـيِّد ميـشيل روسُّـو في الجناح رقم إثنان ، الطابَق الثالث.

شكرتها ثم قصدت المِصعد و ماهي إلا دقيقة حتى وجدت نفسي بـالطابق ، هناك تلاتة جناحات فـسارت بي أقدامِي إلى الباب ذو الرقم إثنان.

الباب منشَقّّ قليلا مكنَّني من رصدِ صوتِ عمي و هُـو يتحدّث بـيأس.

-بـما أن ميشـيل الآن في حالة لا تسمح لـه بـالتحرك كثيرا سـنأجل الخطوبة إلى موعِد آخَر.

إرتفعت دقات قلبي بـشكل مهول و سيقاني أصبحت كـالهلام فجأة ، أصلي للربِّ أن يكون ما فهمته غير صحيح و آمل أن تكون حقا إبنتُه تلك هي المعنيّـة بالخطوبَة.

فتحت الباب بعدما ٱسترجعت أنفاسي و بـٱبتسامة مزيَّفة نطقت بينما الجميع ينظر إلي ، السيد أنطوان ، إبنُه و عمي مع زوجتِه

-مرحبًا.

عيون ميشـيل تناظرني و قد كانت متعبة كثيرا ، حزَّ في نفسي رؤيته هكذا.

-كيف حالكَ مـيشيل؟.

نظراته كانت ذى مغزى حتى أنه لم يتحدث قبل مدة قصيرة من الصَّمت المريب و لا ريب من أنه يعرف بـأنني أعرف الفاعِل.

-ليس أسوأ من البارِحَة.

نبرتُه الخشنة ٱكتست الكثير من التعب.

-لكِن كيف حدث هذا؟.

أبدو الآن كـمهووسة متلاعِبة أو ربما كـممثلة بارعة في إثقان دور البراءة ، نطق ميشـيل بـصوت هزيل.

-هل يمكننا التحدث بيننا فقط؟.

تجولت عيون الياقوتِ خاصَّته بين عمي و زوجته ثم والِده فـتدفقا إلى الخارج لـنبقى وحدنا ، كنت جد مرتعِبة حول ما يُريد مناقشته معي و أكثر ما خشيت أن يخبرني بأنه يعلَم بـما ٱقترف العقـيد القائد في حقِّه.

-آميرا...إقتربي قليلا.

ذلك ما فعلت ، جلست فوق الكرسي القريب من سريره ثم قابلته بـمُقَل مهتزَّة.

-أنا أسمعُك.

إنه يتألم و ألمُه فضيع الغابَة ، يمكنني ٱستشعارُه.

-أين ٱختفيتِ ليلَة البارِحَة؟ إعتقدت بأنك تأذيتِ أيضا.

أنا لا يمكنني الكذب ثانية ، في الواقع أنا مستعدة لـلإعتراف لأن ضيق الهواء بـحلقي يدفعني لـذلك.

-ميشـيل! لقَد صدِمت كثيرا حِيال ما حدث معك ، سأكون صريحة جدا و سـأخبرك بـالحقيقة.

مسكت يده الممدودة فوق السرير بـجانب جسدِه.

-هناك رجُل يطارِدني منذ تلاتِ سنوات ، لا أعلم عن هويَّته شيئا لكنني متأكِدة من أنه من فعل بـِك هذا.

شعرت بـصدمته التي عجزت ملامحه عن كبحِها ، يده التي ٱبتعدت عني و محاولته للنهوض.

-لا تتعِب نفسك رجاءً.

وضعت يدي على صدرِه بـبطء أمنعه من الحركة فـجرحه لا يزال رطبًا.

-ما قُلتِه خطِرٌ جدا...هل السـيد ألبير يعلم عنه؟.

ربما ارتفعت نبرتي قليلا بـسبب ارتعابِي من أن يخبره.

-لا أحَد يعلم سوايَ و أنت.

تقاسيط وجهه المرتخِية برهنت عن التعب الذي هو به و على الرغم من ذلك يحاول الحلوس بـٱعتدال.

-لقد حاول قتلِي! هل هو رجل خطِير لـهذه الدرجَة.

كل ما كان يدور في ذهني هو إقناعه بـالصمت ، ألا يفشي السر الذي إعترفت بـه توا.

-ميشـيل ، أدرك حقا أنني لم أتعرَّف عنك سوى البارحة لكِن أتمنى ألا تخبِر عمِّي عن الموضوع.

إحتدَّت نظرته لـوجهي الخائف.

-تبدين مذعورة للغاية يا آميرا...ألم تهتمي حقًّا لأمرِي؟ أ لا ترين الحالة التي أوصلنِي إليها ذلك الرجل الغريب بـسببك.

متوترة نظفت حلقي ثم تلفَّظت في جهاد مع أعصابي ألا تنفجِر.

-أنا آسفة من أجلِك لكنني لستُ متأكِّدة ما إن كان هو بـالفعل، أعني أشك.

أسفر عن إبتسامة ماكِرة بها الكثير من الإستهزاء.

-كنتِ متأكدة قبل ثوانٍ ...لن يقترف غيره فِعلا شنيعا كـَهذه لأنني لا أملك أيَّ أعداء.

مسك ذراعه متألما فجأة ، صدر منه أنين خافِث لـيظيف.

-سأصمتُ من أجلِك...لكن بـمقابِل.

سألت نفسي قبل أن ينطق لساني ، أيُّ مقابل بـحق السماء.

-أي مقابِل؟.

أحاط جوانب وجهي بـرمقاته الناعسَة ، عيونه الثملة بالألم تحولت لـبركان فائر.

-أن تقبلِي الزَّواج بـي.

صدمات تلو الأخرى تخترق صدري فـشعرت كما لو أنَّ ما بين أضلعي تعرض لٱنفجار مدمِّر.

-ما الذي تهذي بـه؟ أعتقِد بأن مخدر العمليَّة الجراحيَّة لا يزال مؤثرا على إدراك عقلك.

تبسم بـشدة بينما يرد بـبرود.

-أنا في كامِل وعيِي و متيقن جدا ممَّا أقول ، أمَّا إن كان لكِ رأيٌ آخر سـيتعين عليَّ محاسَبتك،

طواعية إنعقدت حواجِبي ، أناملي ترتجِف لكنني أقبض عليها جيدا عساها تتوقف.

-تحاسِبني على ماذا؟.

تمتم ميشـيل بـنوع من الغضب المكبوت ، أرى داخله أمواجا هائجة.

-من سـيضمن لي أنك لم تقومي بـٱستدراجي إلى الغابة كي تتم تصفيَتي من مترصِّدك.

ربما أصيب بـالجنون أيضا ، رجل عاقِل لن يتصرَّف هكذا أبدا.

-لكنَّك من لحِقت بـِي.

صمت قليلا و قد بدى كما لو أنه يرتِّب كلماته بـدماغه.

-لأنَّني أعجبت بكِ و بـشدة...كنتِ كـاللغمِ و لا زِلتِ.

أصدم ثانية كما لم أصدم من قبل ، خفقات قلبي ترتفع بـشدة و حواجبي تشتد عقدتها.

-أنـا لن أتزوج زواجا كـهذا! لست مستعدة لفكرة الزواج إن صحَّ كلامي سـيد ميشـيل.

إقتربت يده من يدِي ثم وضعها فوق خاصتي ، مسح فوقها بـلين،

-سـتتعايشين مع الوضع فيما بعد.

إنتشلت يدي منه و عندما كنت في صدد التحدث ، أقصد الصراخ! اندلعت أصوات الإنذارات في أرجاء الجناح و فجأة دخلن الممرضات يركضن بـهلعٍ نحو سرير ميشـيل الذي توتر.

-ما الذي يجري هنا؟.

إضطربت لغة جسدي بـسبب شكي في أمرٍ ما فـسألت الممرضة .

-إندلع حريق في الجناح المجاوِر و علينا الآن الأنتقال إلى الأسفَل.

بـنبرة مرتعِشة سألتها ثانية.

-أ هو جناح الأطفال؟.

تمتمت الممرِّضة و هو تدفع المصل للأخرى كي تسير بِه،

-المستشفى لا يستقبل الأطفال.

غادر ميشيل مع الممرضات فـتبعته إلى الأسفل أركض في السلم ذو الأجراج اللانهائية ، الدخان يتصاعد بـكثرة بينما صفارات الانذار لا تتوقف عن الصياح مسببة توترا لأعصابي.

خرجت إلى الساحة الكبيرة لأجد العديد من الإطفائيون يسارعون لإخماد الحريق ، لكن عقلي لا يفكر سوى في شخص واحد،

ألـيكسندر مارتـيني...

إنبثقت إلى الخارج بعيدا عن المستشفى و عيناي تكاد تفيض من الدَّمع ، أنفاسي حرجة و أرغب في الركض بعيدا عن المحيط الذي أعيش بِه.

أريدُ أبي...أو ربما أمِّي ، بلى! أرغب في عناق دافئ مع أخي.

كنت أسير على الرَّصيف بـخطوات متسارِعة و تائهة ، جهِلت وجهتي و شيئا فشيئا أفقد شعوري بـالأمان فـأعانق جسدي بـكلتا ذراعاي.

لما علي تحمل كل هذا الضغط و الأذى من رجل لا يشبهني في شيء! إنه مجرَّد وحش آدمي لا يفكر قبل أن يقدم على فعل الكوارِث ، إندفاعي و متهوِّر.

-آمـيرا.

سمعت صوتَه ينادي بـإسمي فٱلتفتت بـعيون باكِيَة.

-لماذا تتصرَّف هكذا بـحق الجحيم؟.

لم يجب سوى أنه إندفع نحوي لـيضم جسدِي إلى صدرِه ، دافئ على الرغم  من قسوتِه.

-لأنك عنيدَة جدا و أنـا أفوقك عنادا.

كلماتي عاجزة عن الخروج بـِسلاسة و تتلعثم كي تصبح غير واضحة ، كفه كانت تمسح على خصلاتي بـرفق لأهدأ لكنني لم أستطِع.

-انتَ تؤذيني هكذا...تؤذيني كثيرا.

لانت نبرته التي كانت منذ قليل تنفث السمّ حتى أنني شعرت بـقوة حضنه تزداد.

-صه! بل أحميك.

أنهى عناقه فـبرزت لي عيونه المحمرَّة ، إنها محتقنة و تعبر عن الغضب.

-أنت لا تعرفين شيئا عن الذئاب التي تحيط بـك.

أي ذئاب يتحدث عنهم هذا الرجل لأنني لا أرى غيرَه قادر على إرتداء أي قناع أراد ، مرة ذئب و مرة أخرى ثعبان يلتوي حول عنقي.

-لماذا قمت بـإضرام النار في المستشفى؟ أ حياة الناس رخيصة لـهذه الدرجة.

كوب كفيه يحتجِز وجنتاي و إبهامه يمسح على خدِّي بينما عيناه ترتجفان و هي تناظرني.

-لأنـني لا أتحمل رؤيتك تتحدثين مع رجل آخر غيرَ ألـيكسندر...أحترق بـشدة كلما تخيلت أن رماديَّتيك تنظرانه.

مسكت رسغاه و أبعدتهما عني ، لم أنبس بـبنت شفة غير أنني أكملت طريقي وحيدة إلى المنزل و طوال الطريق أفكر في كلام ميشـيل و عن زواجي بـه.

أنا لا أرغب بـإقحام نفسي في علاقة معقدة كـالزواج و الأعظم من هذا الأرتباط بـرجل لا أكنُّ له أي مشاعِر سوى مشاعِر التعاطُف.

العقـيد القائد كان يسير خلفي كل تلك المدَّة التي قطعتها إلى ورشتِي.

فتحت بابها ثم ٱلتفتت إليه ، كان يقفُ بعيدا عن الباب يرتدي بذلته العسكريَّة مع لثام أسود لا يظهر سوى عيناه.

كل تفاصيله تصرخ بـالرعب و أنـا أجد نفسي غارقة في بحرِ شخصيته المخيفة. أكره نفسي ، أكره تفكيري الذي هو مِحوره.

فتحت نافذة الورشَة كي تدخل نسائم الصباح ، البحر أمامِي و بحر هايج آخر خلفي.

-قطعت كل تلك المسافة كي تبقى ساكنًا خلفي.

أخدت ممسحة إسفنجية من الخزانة بـجانبي و بدأت في نفض الغبار عن المكتَب.

-ما التي ترغبين بـسماعِه؟ أنني تغيَّبت عن عملي لأبقى قريبًا منك،

تمتمت بـصوتٍ مختنِق بـسبب حساسيَّتي تُجاه الغبار.

-أنتَ قائد الوحدَة ، لا أحد سـيحاسبك إن تغيَّبت لكنَّك تفرض وجودَك عليَّ و أنا لا أريدك.

بـخطوات رزينة إقتربَ من المكتب حيث أقِف تحديدا ثم ٱنتشَل من يدي تلك الممسحة المليئة بأتربة المكتب لأنني لم أنظفه منذ أسبوع تقريبا.

-كفِّي عن التفوُّه بـكلام تافِه.

إنتقل إلى المطبخِ المطلِّ علىٰ فضاء عملِي لينظِّف تلك الإسفنجة الملطَّخة و عاد بها إليَّ ، أشاهِده و هو يمسح على المكتبِ الذي أصبحَ مشعّّا.

-سـيحتقن أنفكِ إن تصرفت بـغباء و مسحت الغبار دون ماء أو سائل مخصص لذلِك.

فجأة غادرتني عطسَة قويَّة كبحت رذاذها بـساعدي ثم ٱبتعدت عنه نحو صنبور الماء.

-أنت محق ، أنا دائما أتصرَّف بـغباء لـدرجة أنني أتستَّر على أفعالك القبيحة بـمحض رغبتي.

غسلت وجهي قليلا ثم توجهت لـمكتبي ثانية ، جلست في كرسيِّه و ٱستخرجت علبة عملي متحاشية النَّظر فِيه.

-لستُ شـريرا كـما تعتقدين ، كـورالو روسُّـو.

تشنج فكِّي و ٱندلعت النيران بـداخلي فـالسبب بروده و جلوسه أمامي مفرِّقا بين ساقيه.

-أنـت لست شريرا كما تعتقد لكنك وقح جدا في هذه اللحظة حسب ٱعتقادي.

أراح ذراعه و يده فوق فخِده الأيمَن و إستراح جدعه على الأريكَة،

-لماذا؟ هل يستفزُّكِ منظري.

قدر المستطاع حاولت أن ألتهي بـالمعدات أمامي و بسلة الأحجار الكريمة من نوعِ المرجان الأبيَض ، أخدتُ عقدا من الذَّهب الخالص و شرعت في تتبيث المرجان على السلاسلِ المتفرعة منه.

على شكلِ دموعٍ فاتنة.

لم أكلمه و لم أنبس بـكلمة تطفِأ لهيب تعطُّشه للحديث معي إذ أمتنع بـقوة عن إبصارِه.

-الصمتُ علامَة الرِضا و القبول ...إستفزَّك منظري كثيرا و ترغبين بـشدة في الجلوس عليه.

لم أرفع رماديتاي المصدومة و قد لُجم لساني عن الكلام حتى أن حبة المرجان التي أحملها باللاقط سقطت فوق المكتب.

إبتلعت شعور التوتر العالق بـحنجرتي ثم نطقت مكفهرَّة الحروف.

-الصمت بـالنسبة لي علامة الرفض و عدم الرضا... حينَ أمتنع عن مبادلة أحدهم الحوار أصمت كي لا أفجِّر كرامته إلى قطع لن يقدِر على جمعها.

تراقصت نظراتي المشمئزة بين عينيه و شفتيه ثم سقطت على هندامِه.

-توقف عن ملاحقتي كي لا تسبِّب لـنفسك المتاعِب.

غمغم ألـيكسندر بـلكنة عنيفة و هو يقوم من مكانه متوجها صوبي ، لـوهلة فكرت بـالركض نحو المجهول.

-سـأتوقف حين يحلو لـي آنِسة روفـيري.

على حين غرَّة هدأت أنفاسه و سكنت ملامحه المتجهمة ، لقد نظر إلى العقد الذي يرتعِ بين يدايَ معبِّرا عن أضطراب جسدي.

-هل أخفتُكِ؟.

هـو يعلم جيدا أنه مصدَر رعب بالنسبة لي ، طأطأت رأسي إيجابا قبل أن يتدفق الماء بين جفناي ثم يمهمِر فوق خدِّي.

-سحقاً!.

بـأنامله حذف تلك الدموع التي وجدت سببا للإنهيار ، لا أدرك حقًّا سبب بكائي لكنني أردت أن يرتاح قلبي قليلا.

-أنـا آسف...لم أنوِي أبدا إيذائك يا آمـيرا.

رفعت مقلتاي الدامعتين بِه ثم أبعدتها حين فطنتُ لـلطفِ خاصته.

-هكذا هم البشَر ، يؤذونكَ بـشتى أنواع الألم ثم يطلبون المغفرة.

لا يمكنني إستهلاك نفس الهواء الذي يتنفسه ، عِطره أيضا يحيط بي من كل ركنٍ مكونا سلاسلا و أغلالا تكبلني.

-محقَّة ، لأننا محض بشرٍ كما قلتِ نخطِئ و نُصيب...نَجرح و مع ذلك نُداوِي نفس الجرح.

من ذقني رفع وجهي كي يتأمله بـأريحية متجولا بـعسليَّتيه المحضرة فوق شفتايَ و رماديَّتاي.

-البشر يعيش في حالة من التناقض المرضية ، يحب و يكرَه ، يمارِس الجنس بـإرادته و بعدَ ذلِك يلعن نفسه ألف مرَّة لأنه خان.

تحركت شفتيه المخفيَّة تتمم ما يتصارع في ذهنه من أفكار.

-يعطِي عهدا ثم يُهينه.

أرفض كلامه بـقوة فما يقوله لا يتماشى مع معتقداتي ، قد اكون متشددة.

-من يحب لا يخون أبدا و من يجرح ليس بـٱستطاعته علاج ما سببه من ألم...من يعطي عهدا ثم يُهينه ليس كفؤا للثقَة.

أزحت وجهي عن سبابته ثم ٱستقمت مبتعِدة عنه نحوَ بار المطبخ الصغير.

-أمّا أنا فـلا أمنح فرصتين...بـالكاد أعطِي فرصَة واحِدة.

أثر أقدامه يصدر جلبة في مسمعي ، هوَ قريب مني يحادي جسدِي و يوشك على الإلتحام بِه.

-هل تعلمين أن صاحبات الشَّعر الأصهَب يعانون من العصبيَّة المفرطة أكثَر من غيرهم من النِّساء.

لا أعلم حقا لكن ما ذنبي إن كانت أعصابي من نار بـسبب جينات والدتي.

-مذهِل! العـقيد المعقَّد خبيرَ بأجساد النساء إذا.

تجاوز بلاهي عندما أخد القليل من خصلاتي بـٱتِّجاه أنفِه ، أشاهده كيف أسدل جفنيه الثملة مستمتعا بـرائحته.

-لهذا لا ينصح بـصباغة الشعر باللون الكستنائي و لهذا أنـت فريدَة من نوعِك.

أعاد شعيراتي فوق كتِفي ثم أدار جسدي نحوَه ، عيناه المظلمتين تسحبانني تجاهها كـالثقب الأسوَد الذي يملك جذبا مهولا لـنجمتيَّ.

-أنا حقا لا أحبُّ لون شعري ، منذ نعومة أضافري أجِده غريبا  ربما لأنني كنتُ الصَّهباء الوحيدة في المدرسَة.

لا أدري كيف وجدت نفسي فوق البار لأنه باغث سهوتي و حملني لأجلِس فوقـه.

-الشيء النَّادر دائما ما يكون لافتا للنظر و آسر! للعين ، عندما رأيتك قبل ثلاث سنوات إستغربتُ كثيرا...تردد في قرارة نفسي كيف لفتاة فاتنة حدود الجنون و بَريئة حدود الملائِكية أن تنحدر من عائلة  لها ماضٍ سوداويٍّ.

تفاجئت من طريقة كلامه عن عائلتي ، أنا لا أنحدر أبدا من محيط ملوث لكنه يزعم أن أصولي قذرة.

-ماضٍ سوداوي! ماذا تقصد؟.

تسللت أنامله الدافئة حول خصري الضيِّق و أسفل القميص الذي يستر بدني راح يدعكُ جوانبه بـبطء مذيب.

-أقصد السـيد روفـيري.

هنا إتسعت مقلتاي و لاح الفضول مع القليل من الخوف حيال ما قاله.

-والِدي؟.

ردَّ على الفور و بين أسنانه يزفر هواء ساخنا شقَّ سبيله فوق وجنتاي المكتنزة.

-عمُّك.

_____________

ALEXANDER'S POV

________

كيفَ سـأخبرها بأن عمها الذي تقدِّره شيطانُ روما المارِد ، عيونها البريئة التي تخاطبني لـلبوح بالمزيد ترتعِش خوفا من أن أفصح عن أمرٍ صادم و أشك بأنها سـتصدق حقيقة أن عمَّها ٱغتالَ أهمَّ جنرالٍ في الدولَة...والِدي.

عانيت الكثير كي أحصل على الحقيقة ، تعرضت لـشتى أنواع الألم لأعرِف من أغرق والدِي في بركة من الدماء الدافئة بعدما إخترقت رصاصة قاتلة دماغه و أخرى قلبَه.

قبل خمسة عشرة سنة من الآن و عندما كنت في الثانية و العشرين أو أقل ، كان أنا من عانقَ جسدَه المحتضِر بينما دمائه تتدفَّق على ملابسي و بين هاتين اليدان اللتان تمسكان بـخصرِها.

آميرا ديـلا روفـيري من قسوة الحياة عليها و عليّ أن تكون ضحيَّة أخرى للشيطان ألبير.

أخدت أمسد بشرتها الناعمة بـيدي ، مشاعر الرغبة تراودني مجددا لتطفِئ لهيب الكراهيَّة و تضرم آخرا للشَّوق...أشتاقها كثيرا و كم أشتهي أن ألمِس نعومتها الحاميَة ، أنها كَـبركان خامِد يستدعيني لٱشعاله.

تردِّد سؤالها ثانية لكنني لست واعيا ، إدراكي قد سلِب كليًّا من طرفها.

-سـيد مارتـيني هل أنتما على عداوَة...لأنني في ليلة الحفلة شعرت بأن الحوار بينكما كان مشتعلاً بـخفاء.

تهت في بحر عيونها و لا سبيل للنجاة ، أنا الغريق الذي لا يوَدُّ العيش إلا بـأعماقِ محيطها.

-أنتِ تتوهمين ...لستُ عدوا له لكنني أعرفُ عنهُ أشياء لا يجوز الإفصاح عنها.

قد تقول الآن في قرارة نفسها عن سبب تناقض عيناي و كلامي ، ليتني قادر على إخبارها بـأنني نسيت ألوان العطفِ منذ دهرٍ.

ظلَّت صامتة تراقصت تلك العيون التي تشبه أحبَّ أنواع الرصاص الي ، تفاصيلها تذكرني بـالحرب و السلم...جوانب الأمل من اللون الأسوَد و جانب الأسى من الأبيَض.

سماويَّة عندما تلتزم الصمت عندهَا تصبح ملامحها أكثر هدوءً ، مهووسٌ بها هكذا و مجنون بها حين تثرثر.

أراها ترتخي بين ذراعاي تأترا بـلمساتي المتملِّكة لـجسدها ، إنها تخصُّني و كل شبر منها لـي.

و إن حاول أحدهم الإقتراب منها سـيتجرع مرارة الموتِ على يَدي.

____________________

إنه يتملَّكني ، يسيطرُ على جوانب جسدي كما يُسيطِر على أنفاسي التي تغادِرتي بأمرٍ منه و الأقسى من هذا أن مشاعري التي طالما تحكَّمت بها تعصيني الآن.

متشوِّقة جدا لـتأمل حُسنِ وجهه ، جماله الفريدُ و ملامحه الأسيويَّة التي تعبر عن جينات أمِّه أيضا ...من هزليَّة الموقف أننا متشابهان فـكلانا أخد جينات ربما لا يحبها على الأطلاق و قد شكَّلت لنا عقدة مرِنة خلال فترة الطُّفولة.

إقتربت لأرى عيناه بـشكل جيد ، كانتا تراقبانني في صمتٍ لـثوان قبل أن أنطِق.

-أزِل القناع ألِكسندر...أريدُ رؤية وجهك.

تمتمَ خامسا بينما يقربني من بطنِه فـغدت معدتي تلتصِق بـه

-لماذا؟ ما الرائع في رؤية وجه متوحِّش.

تلعثم لساني و فقذَ فصاحته من قوة السؤال ، أتمنى حقا ألا يفرط فاهي بالإعتراف على أن وجهه أوسم ما رأيت في حياتي.

-إنَّه يشعرني بالآمان على الرغم من بشاعة نظراته و حدَّة ملامِحه.

هزز رأسه إيجابا ثم مسك رسغِي يوجِّه يداي إلى قناعِه الأسود.

-جرِّديني منه!.

إهتزت أنفاسي و ٱرتفعت دقاتي كما لو انه ألقى على عاتقي مهمة ثقيلة ، أخدت أتنفَّس بـسرعة مهولة و أنا أجرِّده منه.

حينما رأيتُ وجنتيه المكتنزَة بـفعل سخونة اللثام تبسمت طواعية ، شيء ما دفعني للأقتراب منهما و طبع قبلة خفيفة عليهما.

-قبلة الخدِّ لن تخمِد لهيبي.

مررتُ لساني فوق شفتايَ و أنا أبصر مقلتيه المتعطشتين لـقبلة مختلِفة ، يداه تدعكان جدعي و ترسل الحرارة لـسائر أعضائي ، ما بين فخِدي تحديدا فـتنهال علي أفكار منحرفَة تدعم رغبتي في ٱلتهام شفتيه.

حين وشكتُ على لمس خاصته و إقتربت شفاهي من الهدف ، ٱزدادت وثيرة زفيره حيث يخرج كل دفء جسده عبر أنفِه.

فغرت شفاهي و كنت على مقربة من تقبيلة لولا صوت أخي داميانو الذي ٱنتشر في المكان.

لم يدخل بعد إلينا مما جعلني أدفع العقـيد بـسرعة و أقفز إلى الأرضيَّة الخشبية. ألهَث.

-سيـد مـارتيني! إختبِئ.

ينتهِز فكرتي و لا يعطيها أي ٱهتمام ، أخد لثامَه ثم عاد إلى الأريكَة لـيجلس مرتاح الأعصاب.

أما أنا فقَد سقط فكِّي من فِعلته و كلما ٱزدادت خطوات داميان كانت الدماء تجري بـسرعة كبيرة نحو وجهي ، ها قد ظهر جسده بين إطار الباب يبعِد ديكوراته عن وجهه كي يدخل ثم يناظرني بـعيون مشعَّة.

-آمـيرا.

إقتربت منه خطوات كي أعانِقه ، أخشى أن يتصرف بـحماقة أمام رئيسه و يخسر عملَه.

-كيفَ كان يومك يا أخِي.

ردَّ داميان بـصوت سعيد و كأنه يحمل أخبارا سارَّة كي يقولها لي،

-جيِّد جدا ، لقد تمَّت ترقيتِي.

كانت نظراته تبرق بـشدة و السعادة تتدفَّق من مقلتيه كـشلال متلألِئ.

-أنا سعيدة من أجلِك ...Signore, maresciallo (سيدِي ضابط الصف).

عناق آخر بيننا أخد يتوهَّج إلى أن سُمعت همهمة من السيـد مارتيني ، أشعر بـجسد أخي يتوقف عن الحركة بعد أن ٱنتبه له.

إبتعد عني و هو يتلفظ مصدوم الذِّهن.

-سيِّدي العقيد!.

تحدث أليكسندَر بـلباقة و هو يتجوَّل بـنظراته الواثقة بيننا.

-يمكنُك مناداتِي بـإسمي خارج الوحدَة داميان.

أرى معالم الشك و الحيرة تتفاقم بـملامحه ، هو الآن يتسائل عن طبيعة علاقتي بـه أو ربما سبب تواجده في ورشَتي لذا تكفَّل الكولونـيل مارتـيني بالتفسير عنِّي.

-كنتُ مارًّا من هنا و رأيت لوحة الورشة مكتوب عليها لقبُ روڤـيري لذا ٱعتقدت بـأنك فتحتَ مشروعا خلسَة عن الدَّولة.

يا إلهـِي لا تجعل ضحكتي تنفجر في هذه اللحظة بـسبب تصرفاته الحمقاء ، إنه لا يعي عن تقاسيطه التي تمثل الجديَّة و لا يدرك حقا أن يبدو مثيرا للشَّفقة.

-أنتَ تعلم بأن هذا غير قانوني ما دمتَ ملتزما بـخدمة الجَيش.

إقترب داميانو منه ثم احتجزَ مكانه بـجانبه متحدثا بـأدب.

-الورشَة ليست لـي ، أنها لـشقيقتي آمـيرا.

تمتمتُ أنا بـصوت منخفِض و لسان خجول حقًّا،

-إنها لـي و ليست لأخي كما أخبرتك قبل قليل.

بعد كل هذا سأل شقيقي بـنوع من الشك ، هو ذكي للغاية و يعرف كيف يكشف كل أمر مختبئ و لهذا يرعبني.

-هل تعرفان بعضكما البعض؟.

استقام العقيد شامخ الجسد ، عجل حزامه السميك الذي يحوي سلاحه ثم قال بـبرود.

-قطعًا ، لكننا ٱلتقينا أكثر من مرَّة.

ربت على كتفِ شقيقي ثم تجاوزه كي يغادِر تحت نظراتي المتوتِّرة من أسئلة قادِمة لن تنتهي
بـسرعة.

ٱختفى العقيد تاركًا أخي يقدم على طرح أسئلة أصعب من مسائل إختبارات الرياضيات ، تخنقني و تبطِئ تفكيري.

-أينَ إلتقيتما ، يبدو و كأنه أخد كل راحته معك...هل أنتما على علاقَة؟.

أصدرت شهقة مبتذلة لا أشك في كونه سـيشعر بـأنها مسرحية مثقنة ، آمل ذلك.

-أنه شقيق صديقتي صـوفيا و لسنا على علاقَة ...أخبرتك من قبل أنني لا أميل لـمن يشتغلون في المجال العسكري.

همهم بـنبرة غير مصدقة و هو يضيق جفنيه.

-ذلك الرجل لا يعرف الرَّحمة ، هناك شائعات تجول بين المجنَّدين بأنه يعمل لـصالح المخابرات الحربية و يقوم بـتنظيم عمليات التصفية ضد الأنظمة التي تهدد الدَّولة.

أضافَ بـلكنة عاميَّة مزيحا رمقاته عني إلىٰ المنضدة التي تتوسطها مجموعة من الكتب و الروايات لا تتعدى الخمس.

-هذا العقيد لن يعيش طويلا إن كان ما سمِعته صحيحا.

تلك الغصة التي إحتلت صدري و صعِدت نحو حلقي جعلت من عيناي تكاد تفضَح مشاعري الجيَّاشة بـالألم ، أن يمُوت! هذا ما لا سأتحمله بـالتأكيد.

-مصير لا يهمنا داميان...و الآن هل تريد القهوة أم عصير الليمون.

أردت حقا الهرب من نظراته ، رغِبت في البكاء بعيدا عنه و ألا يرى ما يستوطِنني من عاطِفة أكرهها حتى أنني لم أبكي فـ مهما اخفيتُ الدموع بالماء سـيبقى الحزن ظاهرا علي.

-كأس قهوَة مرَّة.

سحقا! كلُّ شيء يذكِّرني بـِه.

______________________

بعدَ أسبوع على الساعَة الخامِسة مساءً.

كنت في حديقة المنزل و بين أناملي مقصٌّ كبير الحجم ، أعدل بِه تفرعات زهور الهيدرنجا.

انها النوع المفضل لدي كونها شجيرة فاتنة تعلوها رؤوس من هذه الزهور الجميلة ، مختلفة ألوانها ...زرقاء سماويَّة ، وردية ، بيضاء و بنفسجيَّة.

منغمسَة في تنظيمها بينما أدندِن ألحانا مبعثرة ، صوتي جميل لكنه ليس مثاليا للغناء إلا إذا كنتُ في الحمام.

عندما رفعت رأسي كَي أرى لمن فتحت بوابة المنزل تفاجئت من دُلوف سيارته الميرسديس النفيسة و قد توقفت أمامي ، أنزل الزجاج يناظرني بـتلك العيون الحادة ذات التأثير الوخيم على إدراكي فـعدت أستئنف عملي متحاشية الأنغماس معه في رمقات آثمة.

و السؤال الأكبر هو ، ما الذي جاء به إلى منزل رجل لا يُطيقه.

أ هِي خطة جديدة لـتصفية عمِّي أم أن الأمر لا يستحق كل هذه الجلبة التي يحدثها تفكيري.

بـخلسة اراقب توجهه إلى الباب الرئيسي حيث المنزل ، فتحت الخادِمة الباب فـتوغل داخِلا دون الإلتفات إلي مسببا هيجانا لـكبريائي العنيف و بـسبب الفضول الفاتِك رميت المقص و تجرَّدتُ من الحذاء العالي البلاستيكي المخصص للبستنَة ثم هرعت حافية إلى المنزِل.

أعلم بـأن فستاني الناصِع ليس في حالة جيدة بـفضل الأتربَة لكنني لست خجولة من ممارسة ما يريحتي و إن كان الثمن أن ابدو كـمتشرِّدة.

دفعت الباب بـوجه متجهم على يدِه التي تصافح يد روزيـلا ، تلك الوقحة تبتسم في وجهه بـبراءة مبتذله بينما نصف نهديها ستتدفق من فتحة الفستان القصير.

خلفهما و خلف عمي الذي يقدمها له كما لو أنه أتى لـخطبتها.

-هذه صغيرتي روزيلا ، إبنَتي الوحيدة.

رغم جديته في التصرف إلا أنني أحسست بـقنبلة نووية إنفجرت بـأركاني و لا سيما ما بين أضلعي.

-سـيد مـارتيني ، مرحبا بِك.

كان تطفلي دون شعور ، لا أعلم كيف تحدثت و أنا لا أنتعل أي حذاء حتى لكنه إلتفَت متمعنا في تأملي من أخمصِ قدمي الحافية لأعلاي.

-آمـيرا! شكرا لك.

لم أسلَم بـالتأكيد من بنيَّتا روزيلا التي توشك على صفعي لأنني سرقت منه ٱهتمامه.

-تفضل بـالجلوس سـيد مارتيني ، ستأتي القهوة بعد لحظات.

تأتأ عمي يخاطبه بـتبجيل ، له حظور قويٌّ يحثم على الجميع إحترامه و التفكير قبل التحدث معه.

سار نحو أريكة البهوِ الواسع ثم جلس واضعا ساقا فوق الأخرى و مستريجا بـجدعه عليها ، ترك لـمجال بصري الركض بـحريَّة فوق جسده الذي يضم بذلة سوداء قاتِمة و التي تشبه لـحد كبير لون شعره النَّاعم.

يبدو مثيرا للغاية على عكسِي أنا التي ظهرت كما لو كنتُ في حرب أهليَّة بينما روزيلا التي جلسَت أمامَه كانت في كامل أناقتها و جمالها السَّاحِر.

شعرت بالأسف على نفسي فـقررت خلال ثانية الفرار إلى غرفتي كي أغير ملابسي و أنظف اقدامي لكن صوتَ عمِّي اللطيف ناداني .

-عزيزتي آميرا ، حظِّري لنا القهوة رجاءً.

كيف! لست خادمتك أيها العجوز! ، هذا جوابي التي أسِرَّ في داخلي قبل أن أرد بـأدب.

-المطبخ مليء بـالخادمات عمِّي ، يمكن لإحداهن تحظيرها.

لاحظت كيف احمر وجه عمِّي و أعلم بأنه يحب قهوتي جدا لكن ليس الآن ، ليس الآن بـحقك.

-آمـيرا.

نظفت حلقي بـصعوبة ثم طأطأت رأسي أقبل طلبه.

-حسنا!.

تمتمتُ بـنبرة هوجاء سترتها بـرداء اللطافة عندما سألت العقيد القائد.

-كيف يريدها السـيد مارتـيني؟.

لاحَ بصره صوبي لـيزعزع أركان أنوثتي و يرجِف حصون جسدي ، كيف لـنظرة بسيطة منه أن تنتج بي كل هذا،

-مُرَّة... دون سكَّر.

قبل أن أدلف المطبخ قصدت غرفتي لأغير ملابِسي ، فلا أحد قادر على تغيير ما أخطط له قبلا او يستطيع تسيير كلماته علي ما دمت غير قابلة للموافقة.

أفكر بـهيستيريا في ٱختيار أقصر تنورة لدي إشتهاءّ في إشعاله ، أنا بـالفعل أريده أن يحترق في صمت لذلك إرتديت تنورة قصيرة مع قميص ضيق ثم أسدلتُ خصلاتي الطويلة لـتتحرر من سجن المشبك الذهبي.

نزلت إلى المطبخ متوجهة نحو كيس البُن المطحون المتواجِد في الجهة المخصصة له و بالقرب من عصارة القهوة ، الخادمتين تنظران ألي بـٱستغراب ليس لأنني هنا بينهما بل لأني أناملي ترتعِش غيظا حين تذكرت لمسة يدِ روزيلا لـكفه.

قريبا سـأتحول إلى رماد بـسبب مشاعر الغيرة اللعينَة.

أصبحت القهوة جاهزة ، سكبتها في كل كوب مخصص لذلك ثم وضعتها في الصينية من نفس أنواع الأكوَاب.

لم أنسى واحدا لـزوجة عمي فلا شك أنها أنظمت إليهم الآن.

سحقا! تلك الشياطين الماردة التي بـعقلي تمرَّدت ثانية و دفعتني التهورُّ حيث ملأت كوب العقـيد بـالسكَّر ، و سعيدة جدا لأنه سـيشرب العسل من يدي عِوض القهوَة.

أشك في هويَّتي الإيطالية ، لأن فتاة مثلي تنتمي لإيطاليا لن تجرأ على المساس بـمقدساتها.

عندما دخلت الرُّدهة الكل حوَّل نظره تجاهي و لا سيما مفكِّك القنابل الذي تفحص هيئتي بـفك مشدود و أنفاس مكبوتَة ...سينفجِر! حتما سـينفجِر.

إقتربت من عمي الذي تفاجأ أيضا من طريقتي الجديدة في اللباس ، لأنه يدرك حقا أنني لا أشبه إبنته.

-تفضَّل عمِّي.

أخد مني الكأس ثم إستأنفَ حديثه مع ألكسندَر لكن في لحظة ما أسترقت النظر لأناستازيا زوجته فـوجتها تشير لٱبنتها عليّ.

لم أهتم حقا غير أنني إنتقلت للعقـيد الذي يجيب سؤال عمي عن كيف كانت حياته في لا سبيتزيا ، و كيف مرَّت فترة تدريبه هناك.

-تفضَّل سـيِّد ألـكسندر.

تعمق في النور لـرماديَّتاي أكثر من عدة ثوان ، حتى شعرت أن كل العيون علينا و قد استنتجت الأنجذاب بيننا لكنه أشاح بـخاصته إلى كوب القهوة في آخر لحظة.

-شكرا لكِ.

إبتسامة شيطانية إعتلتني حين تذوَّقها فـتقلصت ملامِحه و بشق الانفس منعت صرخاتي ، قهقهاتي الصاخبة الشامتَة من الإندلاع.

ستمتِع.

بـهدوء وضعت الصينيَّة على المنضدة ثم جلست بـقرب روزيلا التي تتفحص هيئتي سرا ثم نبست هامسة.

-هل تغير نوعك في اللباس فجأة أم حضورُه من جعله يتغيَّر.

منحتها نظرات ثاقبة لن تتجَاوزها على الإطلاق.

-لا تتفوَّهي بالهراء.

ألتزمت الصَّمت أخيرا و هي تأخد كوبها من الصينيَّة ، أما السـيد أليكسندر مارتيني فلا يتوانى عن تسليط نظرات متهدِّجة صوبي بين الفينة و الأخرى.

أشعر بـه يفكر في طريقة مثلى للتخلص مني ، خطة مثالية لـأنهائي او ربما خلطة سحريَّة لـتخبئتي بين أضلعه ...هذا ما تفصح عنه عيناه التي تضيقُ كلما جاورتني.

-أينَ الحمَّام؟.

سحبني من سهوتي سؤاله الذي وجهه لعمي و الذي بـدورِه نظر إلي كي أصطحبه إليه ، ربما لم يكلف إبنته من أجل أن تبقى جالسَة كـأميرة مرموقَة..

-تفضَّل معي سـيِّدي.

قام خلفي مباشرة ، أسير و هو يخطو ورائي حتى أنني أحسست بـعيونه تلفح تضاريسي بـعنف و ما إن وصلنا رواقا يؤدي إلى باب الحمام حتَّى ٱحتجز جسدي بين يديه يجعل منه مرتطِما على الحائط،

صدر مني أنين منخفض الجديَّة لكن حدة عيناه لم تكن منخفضَة على الإطلاق.

-أكرَه عندما تعبثين بالقهوَة التي تخصُّني.

تردد صدى كلماته في أذني ، نبرته الخشنة تستغل كل شعور لعين بـداخلي مشتاق للإحساس بـه.

-أظنني أحتاج عقابا سـيد ألكسندر ...لم أكُن بارَّة بك.

__________________________

نهايَة الفصل التاسع

مرحبا كيفكم و كيف احوالكم يا حلوين ❤️❤️❤️❤️

بعد البارحة ادركت انو متابعيني أصابتهم متلازمة الاغلفة الحمراء❤️

رح اخلي دول الأغلفة مدة معينة ثم اصمم أغلفة حمراء ناااااار بس عشانكم،

لكن لما أمل منهم رح لغيرهم و أعيدهم مرة ثانية.

اكتشفتو اني مرااااااا ملووووولة 😂😂😂😂😂

رأيكم في بارت الليلة و أحداثه.

رأيكم في تعامل الكسندر .

يا ترى آميرا هتقبل الزواج بـ ميشيل ، او تعتقدو رح يلوي ذراعها بشي ...

المومنت لما سوى حريق بالمشفى✨✨✨✨

حبيب قلبي يجنننننن🙂‍↕️

احبك يا أليكسندر 😂😂✨✨

روزيلا ديلا روفيري

آميرا ديـلا روفـيري

البير ديلا روڤيري

الكسندر مارتيني

داميانو ديلا روڤيري

ملابس آميرا بالمشفى

فستانها في الحديقة

لما غيرت ملابسها

Continue Reading

You'll Also Like

8.3M 245K 129
في قلب كلًا منا غرفه مغلقه نحاول عدم طرق بابها حتي لا نبكي ... نورهان العشري ✍️ في قبضة الأقدار ج١ بين غياهب الأقدار ج٢ أنشودة الأقدار ج٣
4M 167K 65
فتيـات جميلات وليالــي حمـراء وموسيقـى صاخبة يتبعهـا آثار في الجسـد والـروح واجسـاد متهالكـة في النهـار! عـن رجـال تركوا خلفهم مبادئهم وكراماتهم وأنس...
2.1M 265K 70
اجتماعية رومانسية
2.1M 73.8K 39
قصه شيخ عشيره عمره ٣٩ ياخذ فصليه بعمر المراهقه ١٦ سنه بسبب العادات والتقاليد