☆لوكا☆
☆
قلبت جسدي على الجهة اليمنى لسريري، ولكن دون فائدة. قمت بتعديل وضعيتي إلى الاستلقاء على بطني، يدي تحت الوسادة، لكن النتيجة كانت نفسها. تنهدت بعمق، وامتلأت بالضيق. لم أغير وضعيتي، وواصلت النظر إلى المرآة الصغيرة ذات اللون الوردي، التي أسقطتها زوي في تلك اللحظة الأولى التي التقينا فيها في الكازينو.
يا إلهي، التفكير في تلك المرأة مرهق حقاً. رغم كل ما فعلته، ما زلت أريدها. أقسم أنني مختل. لقد تجاوزت مرحلة الحب إلى الهوس.
على الرغم من أنها هي من سببت لي الجرح– بل فتحته، إلا أنني كنت أرغب في الاسترخاء في حضنها. أريد أن تملأني بابتسامتها وثرثرتها التي لا تنتهي. تنهدت بعمق مرة أخرى، ورفعت نظري إلى الساعة، التي تخطت السادسة صباحاً. لم أنم أو أغمض عيني ولو للحظة واحدة. طوال الليل، غمرتني الأفكار والذكريات، مانعةً إياي من الهدوء.
النوم.
لساعات طويلة، لأيام إذا لزم الأمر. فهو الطريقة الوحيدة للهروب من مشاكل العالم. ربما أجد بعض الراحة في أحلامي.
لكن لم يحدث ذلك. فمثلا. غُصت بالتفكير عن الطريقة التي تحدث بها ماثياس، و رغبته بالانتقام. ووضعت الاحتمالات. ماذا لو فعل شيئاً غير متوقع؟ ماذا لو بحث عن نقطة ضعفي واستغلها؟ سأقتله إذا فعل. هذه المرة، سأستهدف قلبه تحديداً. أو ربما رصاصة بسنتيمتراً واحدًا فوق حاجبيه مفيدة. رغم أنني أريد تعذيبه ببطء، فكلما رأيته أمامي، رغبت في التخلص منه بلحظة واحدة.
كما علمت من آرثر البارحة أن زوي نقلت القضية إلى داميان، وهذا يريحني كثيراً. سأتخلص أخيراً من كاستيلانو بسرعة، وأي صلة تربطه بي وبابنتهم فالنتينا ستنتهي اليوم. هكذا خططت.
بعد صراع طويل وتفكير عميق حول كيفية التخلص من أنطونيو كاستيلانو، وجدت حلاً واحداً. سأرسل محاميي الخاص، جاستن نيفيل، إلى إيطاليا مع عقد نهاية الشراكة بيده.
وها هي القصة تقترب من نهايتها. كل ما كان مرتبطاً بي وبكاستيلانو سينتهي، وعلاقتي بإيطاليا ستختتم هنا. بعد هذه المرحلة، ستصبح إيطاليا آخر بلد أختار الذهاب إليه، مهما كانت الأسباب.
رفعت نفسي من على السرير، عضلاتي تنقبض مع كل حركة. رغبت في إنعاش الوعي والابتعاد عن تلك الأشباح السلبية التي تستنزفني، لذا انحنيت لبدء القيام بتمارين الضغط بينما أعد. كانت هذه الطريقة الوحيدة لتجاهل تلك الأفكار والتركيز على الوصول إلى الرقم ألف. في كُل مرة أتوتر فيها.
سُمِعَ صوت طرق على الباب، تلاه صوت رجولي: "زعيم، هل أنت هنا؟"
بدأت أتعرق، كل خلية في جسدي كانت تطالبني بالتوقف، لكنني واصلت التمارين دون اكتراث. "ادخل، آرثر." خرج صوتي هادئاً.
دخل آرثر واقترب ليضع العقد بجانبي. كان العقد الذي طلبت ملئه لإنهاء الشراكة مع أنطونيو. توقفت عن الحركة واستقمت، وأنا أحمل الورقة بيدي. لم أبدو مرهقاً، بل أنفاسي طبيعية، رغم العرق الذي تتصبب مني نتيجة الجهد. "قل لجاستن أن يحجز تذكرة لإيطاليا."
"أمرك سيدي."
ابتعدت عن مكتبي، وامتدت يدي لأخذ القلم الذي كان يلمع تحت ضوء المصباح. وقعت العقد بسرعة، ثم دفعته لآرثر دون أن أوليه اهتماماً. مررت يدي في شعري الأسود المبلل، وجعلته يتدفق خلفي، ثم أشرت إلى آرثر. "أرسل ثلاثة رجال مدربين مع جاستن. لا يمكننا الثقة بأنطونيو."
"حاضر." قالها وهو يأخذ العقد، ثم توجه نحو الباب بخطوات ثابتة، ملامح وجهه جدية ككل مرة.
فتحت النوافذ، ليدخل الهواء البارد من الصباح الباكر. كانت الغيوم تتجمع في السماء، وكأنها تستعد لإطلاق زخات المطر. استنشقت نفساً عميقاً، وأغمضت عيني للحظة. فجأةً، مرت ذكرى عابرة، جاءَت إلى ذهني بوضوح تام، وكأنها حدثت للتو.
__________
قبل سبع سنوات
رائحة الشاطئ وملوحته كانت الشيء الوحيد الذي كسر صمتنا الممتد. جلست على الرمال، بينما هي كانت تستقر على سترتي، تتشبث بذراعي وتضع رأسها على كتفي. رفعت رأسي لأضع قبلة لطيفة على جبينها.
ابتسمت بحرج، ونظرت إلي مباشرة بعينيها العسليتين الجميلتين، بدون نظاراتها. تأملتها بحب ثم قبلت أرنبة أنفها برقة. "نجمتي."
"نعم؟" رفعت حاجبيها بابتسامة مهتمة ولطيفة.
ركزت نظري عليها، وشعرت بشيء غريب يعصر صدري. الطريقة التي تنظر بها إلي بحب، وتلك العاطفة التي تمنحني إياها، تجعلني أشعر أنني لا أستحقها. لا أستحق حبها.
"أنا خائف."
"مما أنت خائف؟ هيا، أخبرني. أنا أستمع." اقتربت مني أكثر، وضعت ذقنها على كتفي.
"خائف من أن لا ننجح."
"هراء." ضحكت برقة، ثم نظرت أمامها إلى البحر بابتسامة خفيفة.
"زوي، أنا جاد." تنهدت، ويدي تمسك بيدها، أقبلها برقة، كأنني أبحث عن أي وسيلة للحفاظ على تواصلنا الجسدي.
"سننجح." عادت لتنظر إلي، وقد اتسعت ابتسامتها بلطف. "قصص الحب كلها تنجح. هل تعرف أفروديت؟ آلهة الحب في الأساطير اليونانية؟"
ابتسمت. رغم أنها ليست متدينة، إلا أنها متعلقة بجذورها، خاصة بالدين الإغريقي. "نعم، أعرفها."
"سمعت مرة أن أفروديت قالت إن الأحبة دائماً ينجحون، حتى في أحلك اللحظات، لأن حبهم هو قوة لا تعرف الفشل."
"حقاً؟" رفعت حاجبيّ واتسعت ابتسامتي. ضحكت على براءتها وشغفها بالموضوع. عدت للنظر أمامي، وبدأت ابتسامتي تتلاشى قليلاً. "وماذا لو لم نفعل؟" نظرت نحو الشاطئ.
نظرت أيضاً نحو الشاطئ، وابتسمت.
"ربما في حياة أخرى."
★☆★☆★☆★☆★
هل كُنتم تعرفون هذه المعلومة؟ 🫶🏻