لمحت في شفتيها طيف مقبرتي...

By MSaud92

6M 49K 23.3K

لمحت في شفتيها طيف مقبرتي .. تروي الحكايات ان الثغر معصية ( للكاتبه : طيش ) More

لمحت في شفتيها طيف مقبرتي .. تروي الحكايات ان الثغر معصية
Part 1
Part 2
Part 3
Part 4
Part 5
Part 6
Part 7
Part 8
Part 9
Part 10
Part 11
Part 12
Part 13
Part 14
Part 15
Part 16
Part 17
Part 18
Part 19
Part 20
Part 21
Part 22
Part 23
Part 24
Part 25
Part 26
Part 27
Part 28
Part 29
Part 30
Part 31
Part 32
Part 32
Part 34
Part 35
Part 36
Part 37
Part 38
Part 39
Part 40
Part 41
Part 42
Part 43
Part 44
Part 45
Part 46
Part 47
Part 48
Part 49
Part 50
Part 51
Part 52
Part 53
Note
Part 55
Part 56
Part 57
Part 58
Part 59
Part 60
Part 61
Part 62
Part 63
Part 64
Part 65
Part 66
Part 67
Part 68
Part 69
Part 70
Part 71
Part 72
Part 73
Part 74
Part 75
Part 76
Part 77
Part 78
Part 79
Part 80
Part 81 - The End

Part 54

66.2K 517 119
By MSaud92

-





أستشعر الغيرة
من نبرة حروفها ..
و أكاد أجزم '

هنا خافق
خان صاحبه
ليسقط بين نبضة
عقل منتقم
و عشق خاسر ..

مالذي أسقطني
بين فكي
موت حتمي
و موت روحي ..

أتقدم
أحاول تجاوز المستحيل
بجنون أريد
النهايه فقد
سئمت هدنة
لا راحة بها ..

أستنشق
هواءها
أتتبع خطواتها
و ليتها تدرك
من أنا ''

ويحك
لا تريني قوة
لا أحتمل بها
وجها جديدا لك
لن تخترقي
حاجزا شيدته بيدي
ولن يمزقه أحد غيري "

* وردة شقى.





رواية : لمحت في شفتيْها طيف مقبرتي تروي الحكايات أن الثغر معصية ، بقلم : طِيشْ !
الجُزء ( 54 )

وقفت على أطرافِ أصابعها وصدرها يُلاصق صدره ، ذراعه التي أنسحبت خلف ظهرُها تحكِي برعشتها عرُوقِها المتفحِمة بسوادِ تفكيره. رفعت عينها لعينيْه التِي أرتعشت بنظراتِه وأستطاعت أن تُخبىء خوفها بجمُودِ ملامحها التي أحمَّرتْ بحرارةِ قُربه. صمَت ليس لأن حديثُه وجوابه الذِي أراد ان يُقوله ضاع ولكن غرق في عينها المُحصَّنة بالكِحل. أظن قرأتُها مرَّة على إحدى أوراقِي بخطِ سلطان العيد " لو كنتِ تدرين ماألقاه من شجن لكنت أرفق مـن آسى ومن صفحا " أظنُ أنني لم أفهمها جيدًا ، أظنُ أنني فهمتُها الآن ، فهمتُها من هذه العينيْن. علِّميني الحُب حتى أتعلم العفُو. فأنا لا أعرفُ بهذه الحياة سوَى حُب أمِي وضاع وعرفتُه جيدًا مع من يُشاركني الإسم إبن العيد وأيضًا ضاع ، علميني كيف يكُون للحُب بقاء ؟
تصاعدت أنفاسُها المُرتبكة لتضع يدها على صدره في نيةِ البُعد وهي تخشى القُرب بأن يصهرها ! " مدرِي أبكي ولا أضحك " باكِر العُمر يُخبرك عن شيْبه وضياعه في راحةِ كفيْك ، باكِر العُمر يرثي بياضه الذِي غزآ سوَاد شعرك ، باكِر سنندب حظُنا إن فاتنا العُمر لا أنت الذِي قبَّلت عُمرك بضحكة ولا أنا التِي رضيْتُ بغيرك. قبَّلها ، ليتَ الحديثْ يسرقُ من هذه القُبلات ونفهم بعضنا. ألتفتت برأسها ليُقبِّلها بالقُرب من شفتيْها ، دفعته برقَّةِ أصابعها لتبتعد بجمُودِ شعُورها ، أنحنت لتأخذ هاتفها الذي سقط منها وخرجت بخطواتٍ سريعة دُون ان تلفظ كلمة.
تنهَّد ليمسح وجهه بأنامله ، جلس على الكنبة مُنحنيًا الظهر يُغطي أذنيه بكفوفه التِي تضغط بكلُ قوَّاها على رأسه. لم أكُن بفظاعة هذا التفكير والحيرة ؟ لم أكُن يومًا هكذا ؟ ماذا يحصل معي ؟ لِمَ أشعُر بالحاجة المُلَّحة لأبي ؟ لسلطان العيد ؟ لو كان هُنا والله لن أستحِي بأن أُخبره ما يحدُث الآن معي ؟ لن أخجل من الإرتماء بكل حُزني عليْه ؟ لكن " لو " تقتل كل هذه الأحلام! موجوع جدًا من " لو " التي تتطفَّل بأحاديثي وتشطُرني أنصافًا ، موجوع من يأسي الذِي لم يكُن دخيلاً عليّ سوَى يوم عرفتك ، موجوع من ضربي لك ، من تصرفاتي بأكملها لأنها لم تكُن يومًا تُنسب إليّ بغير العمل الذِي أعترف بأني ضربتُ فيه الكثير ولكن لم أضرب أنثى رقيقة مثلك. " وينك " يا سلطان العيد ؟ تنظُر ماحصَل بيْ ؟ ، وينك ؟ تقرأ عيني وإبتسامة الرضا الكاذبة! وينك ؟ تُرشدنِي وتُخبرنِي ما الصح و ما الخطأ ؟ أحتاج أن تضربني حتى أستوعب والضرب منك لا أُصنِّفه ضرب.
الطائف – اليوم الحادِي عشر من الشهر السابع في صيفِ المملكة سنة 2005. الساعةُ تُشير للثانية والنصف ظهرًا وقتُ تعامد الشمسْ وحُرقتها.
جالِسْ أمامه دُون أن ينطق حرفًا.
سلطان العيد بإستفزاز واضح : إيه وش اللي مو عاجبك ؟
سلطان بدر يمسحُ جبينه المتعرق ويتجاهلُ حديثه
سلطان العيد بحدة : طالعني
سلطان بدر يرفع عينه و حرارةُ الشمس تغلي دماغه.
سلطان العيد بحدَّةِ صوته الطاغية : وش تنتظر ؟
سلطان بدر : أفكر باللي صار أنا مستعد أضحي بكل شي لكن أمي خط أحمر
سلطان العيد : وأمك بعافيتها وصحتها الحمدلله .. وبنفسي قلت لك بحط لك حرس ومحد بيقرِّب من أمك
سلطان بدر تنهَّد ليعُود لصمته.
سلطان العيد : اللي يخاف الفقد جبااان
سلطان بن بدر أخفض رأسه : ماني جبان بس هذي أمي ، تعرف وش يعني أمي ؟ مستحيل بأرضى
سلطان العيد : محد يرضى لكن ركِّز الحين بشغلك وماعليك من اللي فات!
سلطان بدر بغضب : وأنت خليت فيها تركيز ! سحبت كل جوالاتي
سلطان العيد بسخرية : أجل أنسى الجوالات من اليوم ورايح لين تنتهي مهمتنا
سلطان بدر : أبي أكلمهم
سلطان العيد : لا ..
سلطان بدر : لو سمحت !
سلطان العيد : تعلَّم تواجه الـ لا .. ماهو كل شي نعم
سلطان بدر تنهَّد ليقف ويرفس بقدمه المقعد الخشبي.
سلطان العيد بحدة : سلطااان !!
سلطان بدر دُون أن يلتفت إليْه : هذي إستراحتي وماأبي أقضيها معك
سلطان العيد الذِي أبتسم ، عقد حاجبيْه من العرق الذِي بدأ يتصبب على ملامحه : ترى بتتعاقب هذا أنا حذرتك
سلطان بدر : ما تقدر تظلمني
سلطان العيد ضحك بشدَّة ليُردف : تعاااال .. قلت تعاااااااال
سلطان بدر توقف ليلتفت إليْه مُبتسمًا : ماأظن من الشروط هنا انك تستفزني .. أنحنى ليأخذ قارورة المياه.
سلطان العيد بتصويب مُتقن على القارورة التي تناثر ماءُها.
سلطان بدر عض شفتِه لينظُر إليْه بحقدٍ كبير ، الآخر وقف مُتجهًا إليْه : و تعلَّم بعد *ضرب صدرِه* أنه الدنيا ما تمشي على الكيف والشي اللي بإيدك ممكن تخسره ! فحافظ عليه قبل لا تبكي عليه ...
وبضحكة عميقة أكمل : يعني ليتك شربتها بسرعة ...

،

تضاربت أصابعها وهي تتداخلُ في بعضها البعض ، بغير عادتها هادئة مُرتبكة تُخبره بالموضوع بتأتأةِ الخجل لتُردف : عاد أنا مدري ، يعني صليت بس حسيت مرة مرتاحة ومرة لأ
يُوسف المستلقي على الأريكة في بداية الفجر : والله فيصل والنعم فيه ، يعني شخصيته حلوة وإنسان كوَّن نفسه بنفسه !
هيفاء : بالله يعني أقتنتعت ؟
يوسف : هههههههههههههههههههه و مزيون يعني الحمدلله نثق بالجيل الجاي بس إذا طلعوا يشبهونك إنا لله وإنا إليه راجعون
هيفاء ترمي عليه المخدة : أستح على وجهك
يوسف بضحكة : لا بصراحة يعني الأختلاف يخلي بينكم توافق
هيفاء : ليه وش مختلفين فيه ؟
يوسف : شوفي هو ميوله إقتصاد وتجارة يعني ذكي ماشاء الله وحسابات وأرقام وأنتِ وش ميولك ؟
هيفاء : تكفى لا تحسسني بغبائي
يوسف : ههههههههههههههههههههه من ناحية غباء فأنتِ غبية جمبه
هيفاء بعُقدة الحاجبيْن : لا جد عاد يوسف أنتِ تنصحني بوشو ؟
يوسف : بالنسبة لي .. ودي أقولكم مبروك
هيفاء أبتسمت : يالله ما تآخذ الأمور بجدية
يوسف بإبتسامة : لو فيه عيب قلت لك عنه ، الرجَّال كويس وفاهم وواعي وتعجبني ثقافته غير كذا قايم في أمه الله يخليها له واختهم الصغيرة ريف عاد هذي محجوزة لعبدالله
دخَل منصُور وبين يديْه إبنه : كنت داري أنكم سهرانيين
هيفاء تخجل أن تتحدث بهذه المواضيع مع منصور فألتزمت الصمتْ.
يوسف يأخذُه من بين يديْه ويُقبِّله : بدت تطلع ملامحه ! والله شكيت فيه أول ماجاء تحس أنه أستعجل على الجيَّة
منصور ضحك ليُردف : عاد هذا مكتوب إن شاء الله لبنتك
يوسف : لآ خلَّه يآخذ ريف أخت فيصل
منصور : ذيك عوبا ما نزوِّجها هالزين
يوسف : الله أكبر على الزين خلنا ساكتين بس! لو طالع على عمه كان قبلت فيه .... رفع للأعلى بإبتسامة عريضة ليُرجِّع عبدالله حليبه الذِي شربه قبل قليل على وجه يُوسف.
هيفاء ومنصُور ضحكُوا بصخب حتى أختفى صوتُ الحديث ولم يستطيعوا أن يلفظُوا كلمة واحِدة من ضحكاتهم.
يوسف الذِي أستوعب متأخرًا وهو متجمد من الصدمة ، بتقرُف وضعه على الأرض ويسحب منديل يمسح وجهه : واضح تربية اليهود
منصُور : عسسسل على قلبك
يوسف : قل تبن إيه والله قال عسل!! .. وقف ... أنا لو أتروش 100 مرة ما راح تروح الريحة
منصور بضحكة : لآ تبالغ ريحتك مسك عاد هذا من السبع عبود
يوسف وملامحه يعصُرها التقزز : حسبي الله بس ... وخرج مُتجهًا للأعلى. دخَل لجناحه في حين كانت مُهرة تُخرج ملابس لها للإستحمام ، وقفت عند باب الحمام لتنظُر إليْه.
يوسف بلا تفاهُم مسك مُهرة من كتفيْها ليُبعدها ويدخل الحمام : أنتظري
مُهرة رفعت حاجبها : وش فيك ؟
يوسف غسَل وجهه كثيرًا : رجَّع عليّ ولد الثور الثاني
صخبت بضحكتها لتدخل بجانبه أمام المغسلة وتأخذ منشفتها الصغيرة وتمسح وجهه : بتروش بعدها انت لأني دايخة
يوسف بإبتسامة بلهاء شدها لخارج الحمام مُغلقًا الباب : طلعي لي ملابس ولايكثر ..
مُهرة وهي تنظُر للباب المقفل بوجهها : مافيه إحترام للكائن البشري التعبان واللي يبغى ينام
يوسف ويختلط صوته بصوتِ الماء : يا قلق تراك تكلمين نفسك ماأسمع

،

أشرقتْ شمس باريس على عينه التي سهَرت ليلة الأمس ، أخذ نفَسًا وشعر بحركة في الخارج تأكد من وجود أثير ، فتح الباب لتلتفت عليه وهي تضع طبقٌ على الطاولة : صباحك سكر
عبدالعزيز بصوتٍ ممتلىء ببحة النوم : صباح النور .. وتوجه للحمام تفكيره مُضطرب ولا أحد يشغله سوى " رتيل " ونبرةُ حديثها بالأمس تُفتت بقايا العقل الذِي يعيشُ عليه. الصدق الذِي شعر به جعل ثقته بحُبها تتقلص أضعافًا وأضعاف.
أثير التي لاتعرفُ لِمَ مزاجِه المُنقلب منذُ ليلة الأمس وإحتفالهم ، رُغم أنَّ الجو كان ينحصر على الأصدقاء المُقربِّين وهو من وافق على فُستانها ، لا شيء فعلته مُزعج أبدًا.
تنهَّدت وهي تراه يخرج ويتجه لغُرفته مرةً أخرى ويجلب هاتفه : عندك شغل اليوم ؟
أثير : إجازة
عبدالعزيز جلس ليشرب من كأس عصير البُرتقال الطازج.
أثير : متضايق ؟
عبدالعزيز رفع حاجبه : من أيش ؟
أثير : مدري من أمس وأنت مو على بعضك
عبدالعزيز : لا بس مشغول شوي بالشغل
أثير بغيرة مفضوحة : ولا رتيل ؟
لم يرد عليها ، ألتزم الهدُوء بعكس الإضطرابات التي تُقيم في صدره الآن.
أثير : يعني إيه ؟
عبدالعزيز دُون أن ينظر إليْها : مصدِّع ومالي خلق أدخل بأيّ نقاش
أثير بهدُوء : طيب
عبدالعزيز بعد صمت لثواني : تراها زوجتي للعلم يعني
أثير : ودامها زوجتك ليه أخترت عليها وحدة ثانية ! هذا يعني أنها ولا شي عندك
عبدالعزيز بغضب : كيف ولا شي ؟ أثير الله يرحم لي والديك لاتنهبلين على هالصبح
أثير تنهَّدت : أنا ما قلت هبَل ! هذا شي واضح لو أنك تحبها ماتزوجت عليها يا عزيز
عبدالعزيز أبتسم : وش هالثقة اللي يخليك تتأكدين أني ماأحبها
أثير بإبتسامة : أنا واثقة من هالشي .. وقفت لتتجه نحو معطفها المُعلق خلف الباب ... الجو اليوم بررد حيل تدفى كويِّس
عبدالعزيز ينظُر إليْها : وين بتروحين ؟
أثير ألتفتت عليه : بطلع مع البنات نتسوق ...
عبدالعزيز : وين ؟
أثير ضحكت : وش هالتحقيق !
عبدالعزيز تنهَّد لينتبه لبنطالها الذِي يضيق عليها : ترجعين البيت وتغيرين اللي لابسته وبعدها تروحين
أثير تمتمت وهي تُغلق أزاريرها : لا
عبدالعزيز أتسعت محاجره : عفوًا ؟
أثير : هذا لبسي لا تتدخل فيه ! أنا ماتدخلت بلبسك ولا قلت لك لا تلبس هذا وألبس هذا
عبدالعزيز بتهديد : طيب والله بعزته لو أشوفك طالعة من البيت اليوم لا تشوفين شي عمرك ماشفتيه وهذا أنا حلفت
أثير بغضب : يعني بتحبسني ؟
عبدالعزيز : أفهميها زي ماتفهمينها ! اليوم تجلسين في بيتكم !!
أثير تنهَّدت : عزوز هالأشياء ماتمشي عليّ ! ولا راح أسمح لك تمارس سلطتك عليّ !! من حقي أرفض شي مايعجبني
عبدالعزيز : أنا قلت اللي عندي
أثير بجُرأة : بطلع وبشوف وش اللي ما شفته منك
عبدالعزيز وقف مُتجهًا لغُرفته : جربتي طعم الكفّ ؟
أثير بضحكة ساخرة وهي تتجه نحوه وتقف عند الباب مُتكأة على طرفه : وأنا أقدر أشتكيك
عبدالعزيز ألتفت عليها : ترى أحكي من جدِّي
أثير : أستغفر الله العظيم وأتوب إليْه .. طيب هالمرَّة بمشيها بس لاتفكر أنك بتمارس هالأشياء فوقي !!
عبدالعزيز وهو ينزع بلوزة بيجامته ويرتدِي قميصه ، أثير لم يتحرك بها شيئًا وهي تراهُ عاري الصدر لتُردف : أنا طالعة .. وخرجت.
سُرعان ما تخيَّل لو كانت رتيل هي التي أمامه ، يستطيع تخمين إحمرار خدِّها و " يا قليل الأدب " التي ستلفُظها. أبتسم من تفكيره ، يالله لو أنها تُصبِّح عليّ كل يوم لجعلتُ شتائمتها تعني " أحبك بشدَّة ".

،


 مُتربعة فوق السرير وشعرها بفوضوية على كتفها اليمين : أنا أتوقع قالها بس كذا عشان يستفزك ... والله رتيل !
عبير المُستلقية على السرير وتلعبُ بخصلاتِ شعرها : أنا مع ضيْ ! يعني ليه يقولها قدامك أكيد يقصد يقهرك
رتيل الجالسة على كرسي التسريحة وعيُونها مُحمَّرة من البكاء : حيوان كلب كل شيء خايس في هالدنيا هو
عبير ضحكت وهي تقف مُتجهةٍ لها : أمسحي دموعك وخلينا نطلع وننبسط وماعليك منه خليه يولِّي
ضي : أنا بروح أشوف عبدالرحمن يمكن صحى
دخل عبدالرحمن قبل أن تقف ضي : صباح الخير
عبير القريبة قبَّلت رأسه : صباح النور
ضي ألتفتت عليه : توني أقول بجيك
عبدالرحمن بضحكة : أنتِ زين ما تسحبين عليّ
ضي : ههههههههههههه حرام عليك توّه ما صار لي ساعة جالسة عندهم
ألتفت لرتيل ليتفاجأ بملامحها الشاحبة : افآآ مين مزعلك ؟
رتيل تعرَّت بمشاعرها أمام والدها لتُردف بغضب : من الكلب
عبدالرحمن بإبتسامة : و مين الكلب ؟
رتيل : فيه كلب بهالدنيا غير عبدالعزيز
عبدالرحمن بضحكة عميقة أردف : وش صار أمس ؟
رتيل : قالي أنه الليلة بيحتفل مع الكلبة الثانية !
عبدالرحمن يجلس على طرف السرير : عيب يا رتيل
رتيل : لا ماهو عيب ! هي كلبة وصخلة بعد
عبدالرحمن : ههههههههههههههههههههههههههههههههههههه أستغفرك يا ربي .. رتيل هالألفاظ أحرقيها كل هالجمال والنعومة وتقولين كلمات شوارعية ؟
ضي بضحكة وقفت : أنا بروح ألبس ..
رتيل بثقة الأنثى : إيه أنا ناعمة و جميلة لكن اللي يدُوس على طرفي أدوس عليه يا يبه وماله علاقة بالأنوثة أبدًا.
عبدالرحمن مدّ لضي كرت الغُرفة ليردف بإبتسامة : يمكن يبي يخليك تغارين ؟ لأن أمس المغرب جاني
رتيل : يبه أنت واقف معي ولا معه ؟
عبدالرحمن : معك أكيد بس أنا أقولك يمكن ! تعرفين عبدالعزيز شوي شخصيته ماتنفهم بسهولة
رتيل : إيه هُم الكلاب كذا
عبدالرحمن : رتتتيييل ! عيب يبقى زوجك
رتيل : يبه تكفى قول عبدالعزيز قول أي شي بس لا تقول زوجك لأن عندي حموضة من هالكلمة
عبدالرحمن أبتسم : طيب ما ودِّك تصفين العلاقة معه ؟
رتيل بجدية : وش كانت نيِّتك بزواجنا أول مرة ؟
عبدالرحمن : يمكن قلت بنية طلاق لكن والله في داخلي ماكنت أبيه طلاق لأن ماراح ألقى أحسن من عبدالعزيز ! بس بفترتها أكيد أنه كان غلط وجود عبدالعزيز معك فعشان كذا كنت رافض.. لكن لو بظروف غير بالعكس أنا راضي عن عز تمام الرضا
يُكمل : عشان كذا الحين ودِّي تتفاهمون أكثر
رتيل : ما بيننا تفاهم
عبدالرحمن يعرف أنها كاذبة ليُردف : اجل تبين الطلاق ؟
رتيل شتت أنظارها ولم تنطق شيئًا.
عبدالرحمن وقف : أجل حاولي يا رتيل
رتيل رفعت عينها بدهشة ، لم تتوقع أنَّها مفضوحة لهذه الدرجة!
عبدالرحمن أبتسم : يالله قومي ألبسي

،

مرتمي على الأريكة و ريحة الشُرب الكريحة تفوح منه ، منظرُه مقزز لأيّ شخصٍ سوِيْ يُدرك بأن العبثُ بحدُود الله هو جحيمٌ آخر غير جحيمُ الآخرة. نظر إليْه بعقدة حاجبيْه ليُفرغ قارورة المياه عليه : قووووم !!
فتح عينه بتثاقُل وهو ينظر لوالده. مُرتعشًا من برُودة الأجواء التي تتسلل من النوافذ المفتوحة.
رائد بغضب : قلت لك لا تشرب ورجعت تشرب!! وتلومني لا خليتك زي الكلب هنا ! لأنك ماتقدر تسيطر على نفسك !!
فارس يستعدل بجلسته والصُداع يفتفت عقله : أستغفر الله
رائد : ماشاء الله تعرف ربِّك
فارس بعصبية : وأنت يا يبه خليت فيني عقل يخليني أعرف ربي ولا ماأعرفه
رائد يجلس على الكرسي : والله أنك بلوة
فارس يمسح وجهه بأنامله : على الاقل بلاي على نفسي ماهو على مجتمع كامل
رائد بحدة ينظُر إليْه : نععم يا روح أمك ؟
فارس لم يتجرأ أن يُعيد كلماته ليقف مُتجهًا للحمام ولكن تفاجىء من المشرط الصغير الذِي مرَّ بجانب بطنه ، ألتفت على والده بصدمة : لو داخل فيني ؟ لهدرجة روحي رخيصة ؟
رائد الذِي يتقن الرمي رماها بجانبه ولم يقصد أن يرميها عليه ولكن ليُخيفه. تجاهله وهو يخرج هاتفه ،
فارس بغضب أغلق الباب بقوة لتضجّ الشقة معه.

،

وضعت البذُور في يدِها لتُدغدغ مناقير الطيور راحةِ كفِّها ، ضحكت لتُردف : يجننون
ريَّان القريبُ منها ، بإبتسامة : يالله جعت ! خلينا نروح .. مد يدِه لتُمسكها وتقف ..
أقتربت بائعة الورد لتبتسم بتغنُج ، في لحظةٍ كانت تنفُض ريم بعض البذور المتشبثة في جاكيتها.
مدَّت له وردة حمراء ذات غصنٌ زاهِي بالأخضر ، أخذها ليُخرج لها من محفظته بعض النقُود ، ألتفت على ريم ومدَّها لها.
أبتسمت : شكرًا
ريَّان بمثل إبتسامتها : عفوًا
ريم وهي تنظرُ للعالم من ضحكتِه وإبتسامته ، تشعُر بهزيمتها لكل البؤس منذُ أن عانقته ، لاتعرفُ كيف هي قيمةُ هذا العناق ؟ هذا العناق مُكلِّف جدًا جعلها تسعدُ بأولِ صباح إسمهُ صباح العروس فقط. هذا العناق لا يُشترى ودقاتِ قلبه أيضًا لا تُشترى ، هذا الشعُور جنَّة وأنا لا أعرفُ طريقًا أسهلُ أتذوقُ به جمالُ الدنيا إلا من عينيْه. هذا العناق للتاريخ ، لتاريخ قلبي فقط.
ريَّان شعر بأنها تسرحُ به ، ألتفت عليها وبإبتسامة إستغراب : وش فيك ؟
ريم هزت كتفيْها : أفكر باللي صار أمس
ريَّان خلخل أصابعه بكفِّها : ووش وصلتِ له ؟
ريم بضحكة : أني عجزت أفهمك
يسيران على شارع تقسيم الصاخب بالخُطى : ماهو بيوم وليلة بتقدرين تفهمين .. قدامنا عُمر
ريم أبتسمت وهي تنظرُ للوردِة التي بيدِها : معك حق

،

ينظرُ إليْها من خلف الزجاج ، منذُ ليلة الأمس وهي لم تفُوق بعد. كان يُريد أن يُسعدها ويُخبرها بأنه عرف إسم المستشفى التي أنتقلُوا إليْها بعد الحادث ، كان يشعُر بأنَّ هُناك باب سينفتح بعد أن تعرف ولكن خابت كل آمالها عندما سقطت ، رُبما حكمةٌ من القدر أنها لا تعرف الآن أو رُبما لا أعرف ! لاأعرف يا رؤى ما يحصلُ بهذه الحياة ؟ هذه الأمور التي تُعرقل كل فرصة لنبتسم لا أفهمها أبدًا. "وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُواْ بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِّلصَّابِرينَ " بمثل ما عاقبُوك يا رؤى هُم يستحقُون ! أمل الذِي نجهلها ومقرن الذِي نسبُوك إليْه وهو ليس بأبيك! جميعهم الذِين لا أعرفهم ولا أوَّد أن أعرفهم. الوجَع أنِّي أتماسكُ أمام إندفاع هذه العاطفة إتجاهك ، الوجَع أن أكُون راضيًا على نفسي من رضا الله وأكُون غاضب من قلبي الذِي يُريدك ، الوجَع كُل هذا الوجَع أنني أتجاوزُ عن " وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُواْ بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ " و أفعل " وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِّلصَّابِرينَ " أعرفُ جيدًا جزاء الصبر ولكن نفسِي تُريد شيئًا آخر. تُريد أن تفرغ كل هذا السواد وتنفثُه. مللت الصبر وأنا ساقطٌ في قاعِ يأسي. لا أعرفُ لو كُنت أنتمي لغير الإسلام ماكان حالِي ؟ لكُنت الآن أجرحُ جسدِي بكل جروح هذا العالم. أنا لولا رحمةُ هذا الدين لكُنت في خبرِ كَانَ ولكن ألمْ يجيء الوقت الذِي أبتسم به ؟ يالله أرزقني النفس الصبُورة ما عاد بنا قوَّة تتحملُ كل هذه التيارات القاتلة.

،

عض شفتِه بخبثْ ، ليتربع بجانبها على السرير ويأخذ خصلةِ شعرها الداكنة ليُدغدغ أعلى شفتها ، تحركت بتضايُق ، ليفتَح هاتفه على مقطَع هادىء حتى يخرُج وجهٌ مشوَّه بدهشة ، وضعه أمام عينها لتفتحها بتثاقُل وتشهق بخوف كبير. وتبتعد ليرتطم رأسها بقاعدةِ السرير الخشبية ، وتحذف الهاتف لآخر جهةٍ من الغرفة.
يُوسف أرتمى على السرير صاخبًا بضحكته حتى شعر بأن عينيْه ستبكِي من فرط الضحك على منظرها.
مُهرة أخذت الوسادة وحشرتها بوجهه بغضب : وقفت قلبي لو صار فيني شي ؟ يعني لو متّ يعتبر قتل تدري ولا لا ؟
يوسف المختنق ، أبعد الوسادة ضاحكًا : حايلية ما يهزِّك شي هذا أنتِ قمتي وبغيتي تضربيني
مُهرة عضت شفتها بغضب وهي تمسحُ وجهها من الرعب التي شعرت به : يالله !! أمزح مع ربعك ماهو معي ! خوفتني قسم بالله يعني لو صاير فيني شي ! و على فكرة قريت مرَّة أنه حرام ومايجوز وماني محللتك
يوسف كان سيتكلم لولا أنها هاجمته : وبعدين وش قصدك بالحايلية ؟ الحايلية تراها تلعب فيك لعب
يوسف : ههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه الله لايضرك على هالطاقة مابقيتي ولا كلمة كليتيني بقشوري .. أنا أمدحك بالعكس وأقولك يالحايلية .. بس طلع عندك تعصب وعنصرية
مُهرة رفعت حاجبها بعناد : إيه اللي مو من حايل يطيح من عيني
يُوسف يمسحُ عينيْه وهو يعُود لصخب ضحكاته ، منذُ فترة لم يفعل مقلب بأحد ولكن شعور اللذة يطغى عليه.
مُهرة بعد أن أنتظمت أنفاسها : إيه أضحك .. ورحلت بخطوات هادئة مُتعبة ناحية الحمام. دقائِق طويلة وهو يتصفح هاتفه ومازال يشرقُ بإبتسامته. نظر إليْها وهي تخرُج : مهرة أسمعي
مهرة : ما أبغى أسمع شي
يوسف المستلقي على السرير : طيب أعتبريها إعتذار
مُهرة ألتفتت عليه بإبتسامة : يالله خلِّص قول
يوسف : يقولك الشاعر ياعرب وشهي سوات اللي عشق بنت بدويه ؟ حطت النيشان في صدري وبارقها رماني ، لا ربت يم الحجاز .. ولا وطت نجد العذيه ، لاسكنت أرض الجنوب .. ولا نصت درب العماني ، حايـليه لعنبو من لا عشق له حايليه ، أشهد ان دنياي زانت عقب ماخلي نصاني ، صوتها لامن دعاني كن جوفي به حميـّـه ، يفزع بنبض العروق أليا سمع خلي دعاني ، عينها القايد وانا كلي لها مثل السريه ، ان رفع بالصوت ياجندي ألبــّي بأمتناني ، وان وصلته اجمع الرجلين وادق التحيه ، وان لحظني برمش عينه أنحدر باقي كياني ، كن مابيني وبين الزين قوّه جاذبيه ، حالف ٍ قلبي على طاريه مايوم يعصاني
أردف بضحكة وبمثل نبرته الشاعرية وهو بقرأ إحدى " البرودكاستات " التي أتته : شامخه مثل الجبال و زينها ماشفت زيـّـه ، مايوصفها قصيد .. ولابيوت .. ولا اغاني ، وعزها عز الشيوخ اللي على الشيمه وفيه ، وخصرها لامن تثنى شبه عود الخيزراني ، شعرها مثل السفايف لا اعتلت ظهر المطيه ، منه ريح العود ينفح لا وصلني ثم غشاني ، منبهر .. ياقوة الله في تواصيف البنيه ، لو بعدد بالوصايف طول عمري مامداني. ... وسلامتك
مُهرة : ههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه صح لسانك
يوسف : بس ترى الشعراء كاذبون
مُهرة بإنفعال : أجل خل القصيدة لك
يوسف : ههههههههههههه يالله عززنا لك ولحايل وش تبين بعد ؟
مُهرة وهي تجلس على الأريكة البعيدة : محنا محتاجين تعزيزك !
يوسف : طيب مُهرة آخر شي أسمعي يلوق لك
مُهرة : بصلِّي الضحى أبعد عني
يوسف : آخر شي .. متغطرسه لو قصر الوصف تختص ، باهدابها لسان القصيده تقصه ، هيكل يبي عالم تضاريس مختص ، يوصف مدرج خصرها للمنصه ، متقسمه كل شيء خارج عن النص ، وجارت على فستان ملزم بنصه ، الكعب يوم الخصر من كتفها ارتص ، الردف رص الساق والساق رصه ، مشي المهار ايقاع وان عثرت وغص . .
لم يُكمل من علبة المناديل التي أتت بوجهه : قليل أدب ! وش هالغزل الفاحش ؟
يوسف بضحكة صاخبة : كل شي خارج عن النص .. هلا هلا يا حبيبي والله
مُهرة بحدة ترتدِي جلال صلاتها : وصخ !! وذوقك طلع رخيص
يوسف : حايلية ما يبيِّن في عينها
مُهرة ضحكت لتتلاشى ضحكتها وترفع كفَّاها : الله أكبر.

،

وضع العُود العتيق على مناطق النبض في جسدِه ليأخذ هاتفه ومحفظته ومفاتيحه خارجًا ، نظر للطابق الثالث ، بعد ثواني خافتة طويلة صعد مُتجهًا للغرفة التي سكنتها قبل أن تذهب لوالدها. فتحها بهدُوء ولم تنتبه إليْه وهي التي مُعطية ظهرها للباب ومُنسجمة بتسميعها لذاتها. واضح انها تراجع.
الجُوهرة وضعت رأسها على ظهر الكُرسي لتُراجع حفظها وبصوتٍ عذب يتحشرج بأياتِ اليوم الموعود : يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ وَالسَّمٰوَاتُ وَبَرَزُواْ للهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ ، وَتَرَى الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُّقَرَّنِينَ فِي الأَصْفَادِ ، سَرَابِيلُهُم مِّن قَطِرَانٍ وَتَغْشَى وُجُوهَهُمْ النَّارُ ، لِيَجْزِي اللهُ كُلَّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ إِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ ، هَذَا بَلاَغٌ لِّلنَّاسِ وَلِيُنذَرُواْ بِهِ وَلِيَعْلَمُواْ أَنَّمَا هُوَ إِلَـٰهٌ وَاحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ . . . . تعثرت بكلمتها ، وجَعٌ عظيم أن تُخطىء في آيةٍ واحدة بعد أن حفظت الكتاب بأكمله ، وجعٌ عظيم أن تتلخبط بكلمة وكأنك تشعرُ بضياع القرآن من يديْك. الحُزن كل الحزن أن يتحشرجُ صوتِي دُون أن أتذكر الكلمة.
تأتأت وهي تُردف : أنما هو إله واحد وليذكرهم .. أنما هو إله واحد وليذكُر ..
أتى صوتُه المبحُوح في القرآن من خلفها : أَنَّمَا هُوَ إِلَـٰهٌ وَاحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ.
لم تلتفت عليه ، أخفظت نظرها بعد أن تجمَّعت دمُوعها إثر ضياع كلمة من آيةٍ حفظتها تمامًا.
جلس على الطاولة التي أمامها بجانب كُوب قهوتِها ، أطال نظره لها بينما هي سحبت منديلاً ومسحت وجهها ، رفعت عينها المُضيئة بالدمع : لا يكون بتشكك بعد بحفظي للقرآن ! ما أستغربها مـ
قاطعها بهدُوء : لا
الجُوهرة أرتبكت من هدُوءه لتُشتت أنظارها. تشابكت أصابعها.
سلطان وعينهُ تُركز في الآثار التي على عنقها وبدأت تختفِي تدريجيًا ، طال صمتهُم لتقف الجوهرة مُتجاهلة جسدِه الجالس وبنبرةٍ جاهدت أن تخرج بإتزانٍ أكثر : تآمر على شي ؟
سلطان مُلتزم الصمت تمامًا ، جمُود ملامحه لا يجعل للجوهرة فرصة التخمين بماذا يُريد أو حتى يشعر. نظرت إليْه لتُعيد سؤالها بربكةٍ ظاهرة : تآمر على شي ؟
سلطان بهدُوء : بيفرق معك لو آمر على شي ؟
الجوهرة بقسوةٍ بانت في نبرتها : لا ماراح تفرق مجرد أداء واجب
سلطان تنهَّد ليقف ويتركها في وسطِ حمم القسوة التي لاتليقُ بها ، نزل للأسفل مُجيبًا على هاتفه : هلا بو ريان

،

تسيرُ بجانبه في منطقة اللاديفانس الأكثرُ أمنًا في باريس الصاخبة وأيضًا الأكثر تحضُرًا. لم أرفض ليس رغبةً به وبالجلُوس معه ولكن أُريد أن أشاركه الحقد الذي كان يفرغه عليّ في وقتٍ كُنت أرى الخطأ من جلوسنا مع بعض لكن هذه المرَّة مُختلفة. هذه المرَّة أنا راضية تمامًا وراضية على قهره ولن أبكِي على أنني قاسية عليه أبدًا ، يستحق أكثرُ من ذلك.
عبدالعزيز جلس على المقاعد التي على الرصيف لتجلس هي الأخرى بجانبه : كيف حفلتك أمس ؟
عبدالعزيز فاض بقهره من سؤالها ليُردف ببرود : حلوة
رتيل أبتسمت بتمثيل تقويسة البراءة : بس حلوة ؟
عبدالعزيز دُون أن ينظر إليْها : تجنن
رتيل : هههههههههههههههههههه كويِّس
عبدالعزيز تنهَّد ، لتُردف رتيل بإستفزاز واضح : بسم الله على قلبك ما يصير كذا عريس وهذا منظرك !
عبدالعزيز : كلمة ثانية وبفجِّرك هنا
رتيل أبتسمت لتقف : ماأحب أجلس، بتمشى
عبدالعزيز : أذلفي لأي مكان
رتيل ببرود : يعني بتجلس هنا ؟
عبدالعزيز يُخرج سيجارة لتندهش رتيل بشدَّة من أنهُ " يُدخن " ، أردفت بإندفاع : تدخن ؟
عبدالعزيز الذي لا يُدخن أبدًا ولكن في الفترة الأخيرة بات يشتهيها في إضطراب عقله : ماهو شغلك
رتيل سحبتها من فمِه بغضب : وأبوي يدري ؟
عبدالعزيز بعصبية لوَى إصبعها ليجعلهُ يقترب من مُلاصقة ظاهِر كفَّها ، سقطت السيجارة على الأرض لتخرجُ " آآه " من فمِها الصغير ، سحبت يدها وهي تضغط على أصبعها من الألم : أحسن أنا ليه حارقة دمي إن شاء الله تموت منها !!
عبدالعزيز تجاهلها وهو يدُوس على السيجارة ويُطفئها ويُخرج الأخرى.
رتيل أتجهت للطريق الآخر لتدخل المجمَّع التجاري Les Quatres Temps وتفرغ غضبها بمحلاتِ العطُور التي تستنشق بها كل الأنواع وكأنها تستنشق " حشيش " حتى يُصاب رأسها بالصُداع وتنعس.
بقيَ يتأملُ المارَّة ، الخطوات الثقيلة والخفيفة ، المُبتهجة والمكسُورة ، الحُزن الواضع بهذه الأقدام أو الفرح المُتراقص بها ، سيقان الإناث الهزيلة أو الممتلئة ، أو سيقان الرجال المُتشعبة ، نفث دُخانه بات يكتسب الصفات السيئة تباعًا. حتى وأنا أدخن أشعرُ بالضمير الذي يحرق عليّ إستمتاعي بهذه السيجارة. أسقطها على الأرض ليُطفئها بقدمِه. وقف مُتجهًا ناحية المُجمع حتى يبحثُ عنها ، أنتبه للممر الذِي يخرجُ منه أحدٌ ينظر إليْه بريبة ، ألتفت للخلف ليجِد شخصٌ آخر ينظر إليه ، يحاصرُوني من كل جانب ، حك جبينه ليُكمل سيره وهو يشعرُ بالنظرات التي تُراقبه ، ألتفت لمن حوله يُريد أن يراها ، هؤلاء لا ينتمُون لرائد الجوهي أنا أعرفهم تمامًا هؤلاء مُختلفين. دخل الصخب وضاعت نظراته من الأدوار وإتساع المجمَّع ، وقف يُفكر بإتزانٍ أكثر. ليخرج مُتجهًا للممراتٍ فارغة بعيدة عن تجمُع الناس. وبمهارة أدخل يديْه في جيبه ليفتح هاتفه وهو مازال في جيبه ، كتَبْ " لا تطلعين من المجمّع " ضغط على جهة اليمين حيثُ سجل المكالمات ، بأصبعه تجاوز أول رقم والثاني ليضغط على الثالث الذِي كان لرتيل. أبتعد عن المنطقة تمامًا بسيْره ليدخل ممرٍ ضيِّق ويبدأُ الركض بأقصى ما أعطاهُ الله من قوَّة ولياقة. مُجرد وقوفه ليأخذ نفَس جعله يرى الأقدام التي أمامه ، رفسهُ بين ساقيْه ليسقط ، أتى من أمامه ليُمسك رأس عبدالعزيز ويصطدمُه بقوَّة على الجِدار ، سالت دماءُه من مؤخرة رأسه ليتضبب بصره ، رفع عينه ليلكمُه الرجل الأشقَر ذو الملابس العادية التي تُظهر أنه كعامة الناس. سقط عبدالعزيز على الأرض و كانت ستأتِي رفسةٌ من قدم الآخر على أنفه ولكن مسكها عبدالعزيز ليلوِيها ويُسقطه أرضًا ، وضع قدمه على صدرِه ليرفعه بشدَّة من شعره الأشقر ويضغطُ عليه بقوَّة من باطِن رقبته حتى أغمى عليه. أخذ سلاحه وأخرج من جيبه علبة الرصاص وأتجه بعيدًا وهو يمسح بطرفِ كُمه الدماء التي تسيلُ من رأسه ، بخطواتٍ سريعة خرج من الممر الضيِّق الموحش ، أدرَك بأنهُ في خطر كبير وأدرَك بفداحة الخطأ الذِي فعله ، سيقتله عبدالرحمن لو علِمْ أنني تركت رتيل لوحدِها ... بكل تأكيد سيفقد ثقته بيْ. وضع يدِه على رأسه يُريد أن يفكِر بإتزانٍ أكثر ، أتصل ولا إجابة ، أسند ظهره على الجِدار حتى يأخذُ نفَس أكثر ، كانوا أكثر من ثلاثة أشخاص ، أين البقية ؟ ضغط على رقمها مرةً أخرى ولا مُجيب ، أرسل إليْها رسالة " ردِّي بسرعة ماعندي وقت " أنحنى جانبًا في إحدى الزاويَا ليُخرج سلاحه وهو يُجهِّزه ، وضع أداةٍ حادة صغيرة تُشبه المشرط بين أسنانه وهو يُدخل في جيبه علبة الرصاص ، أهتز هاتفه ليجد رسالة منها " حاول تترجى أكثر بكلا الحالتين ماراح أرِّد ولا أبي أرِّد "
في داخله أراد أن يراها ويطحنها بفكُوكه ، لم يُكمل حديثُ النفس هذا إثر شعُوره بفوهةِ السلاح التي تلتصق برأسه ، بلكنةٍ فرنسية : أسقط السلاح !
عبدالعزيز بألم أدخل الأداة الصغيرة تحت لسانه وهو يشعرُ بتجريحها وطعمُ الدماء التي تغرق بفمه ولكن لا حيلة له أخرى إن تجرَّد من السلاح. وقف ليُخبره الآخر : دُون أيّ فوضى حتى لا تخسر نفسك ، تخرج الآن أمامي
عبدالعزيز بخضوع تام سار خارجًا للشارع المُكتظ ومن خلفه الرجل الذِي لم يرى ملامحه بعد ، يشعرُ بفهوة السلاح على خصره بعيدًا عن أعين الناس ، لكنتُه الفرنسية لا تُشعرني بأنه فرنسي الأصل ، لا من المستحيل أن يكُون من أتباع رائد. شعر بإهتزاز هاتفه ، أدخل يده وهو يُجيب ولا يعرف من. كان صوتُ المارَّة فقط من يُجيب طرف الآخر ، لا يستطيع أن ينطق جملة يخاف أن يبلع الأداةُ الصغيرة إن تحدَّث بشيء. تمنى لو أنه بوسعود سيعرف بالتأكيد بنباهته. نظر لرتيل وهي تخرجُ للطريق المجاور ، أراد أن يصرخ فقط لتبتعد ، بنبرةٍ خبيثة : حبيبتك
عبدالعزيز تقيأ دماءه على الأرض والأداة ليلتفت ويلكُمه أمام الناس التي تمُر وتنظر بإستغراب ، كان يُدرك بأنه لا يستطيع أن يُمسك سلاحه بطريقٍ عام وسيورط نفسه لو حاول قتلِي بمنطقة كهذه. سحب السلاح بخفة لجيبه وبلكنته الفرنسية التي تعلمها منذُ الصغر : شكرًا على غباءك ... سحب محفظته وأخرج بطاقة هويته وتركه على الأرض ، بخطواتٍ تسبقُ الدقائق أتجه للطريق الآخر ، بحث بعينه ليراها تهمّ بدخُول إحدى الطرق ... سحبها لتنتفض برُعب : خييير ؟
أتسعت محاجرها من منظرِ الدماء التي حول فمِه ، عبدالعزيز بغضب : ولا أسمع نفَس ... أتجهُوا حيثُ مكان وقوف سيارتِهم ، ركبت بصمتٍ مُهيب ومن المرات القليلة التي تخافُ منه بهذه الشدَّة.
أخذ قارورة المياه وفتح باب سيارته ليتمضمض ويُطهِّر فمه من الدماء ، سحب منديلا ومسح وجهه بأكمله ولم يُبالي برأسه المجرُوح ، حرَّك سيارته ليُخرج هاتفه وهو يقُود ، ينظرُ لآخر مُكاملة وكانت " ناصر ". أتصل عليه ليُجيبه بعصبية : وش صاير لك !! يخي ساعة أكلمك ولا ترد
عبدالعزيز : فتحته بدُون لا أحس توني أنتبه ..
ناصر : طيب أنا الحين عند أبوي بعد شوي أكلمك عندي موضوع مهم
عبدالعزيز : طيب .. وأغلقه. .. دُون أن يشعر عضّ طرف لسانه لتخرُج منه " آآخ ".
ألتفتت عليه بإندهاش ، بصدمة لا تعرف كيف تتحدث بكلماتٍ مُتزنة.
يُكمل قيادته وهو يمسحُ الدماء التي تنهمر في منديله ، ينظرُ للمرآة الخلفية والسيارة الواضحة أنها تتبعهم : أتصلي على أبوك بسرعة
رتيل بربكة أخذت هاتفه وضغطت على رقم والده ووضعته على " السبيكر " ، عبدالرحمن : ألو
عبدالعزيز بصوتٍ مختنق : قاعد يصير شي غريب ! فيه ناس يراقبوني الحين وما هُم من الجوهي أنا متأكد من هالشي ..
عبدالرحمن الذِي قام من مقعده : وينك فيه ؟
عبدالعزيز : الحين طالع على شارع جورج سانك
عبدالرحمن : طيب وين رتيل ؟
عبدالعزيز : معايْ .. مقدر أجيكم .. واليوم موعدي مع رائد ! هالصدفة ماهي كذا
عبدالرحمن بدآ يفقد إتزانه بالتفكير : طيب لحظة ..
عبدالعزيز بعد صمت لدقائِق وهو يخرجُ لطرقٍ بعيدة عن باريس ومازالت السيارة تُراقبه ، بتوتر : قرَّبت أطلع من باريس
عبدالرحمن الذِي كان ينظرُ للخريطة من الآيباد : قاعدة أدوِّر لك أقرب مكان .. مو معك سلاح صح ؟
عبدالعزيز : لا تهاوشت وخذيت
عبدالرحمن بدهشة : صاير شي ؟
عبدالعزيز : شوية جروح بس ! ورتيل ماجاها شي
عبدالرحمن أطمئن قليلاً : طيب أنت تدل دُوفيل صح ؟
عبدالعزيز : مقدر الحين أنا في جهة الشمال
عبدالرحمن تنهَّد : عز قولي أماكن تدلَّها عشان نتصرف
عبدالعزيز ينظرُ للوحة التي تُشير لـ Rouen 130 km : روَان قدامنا ..
عبدالرحمن : طيب خلك فيها وإحنا بنجيك .. كم شخص ؟
عبدالعزيز : أتوقع واحد اللي ورايْ لأن واحد أغمى عليه والثاني اللي سحبت منه السلاح
عبدالرحمن بتوتر كبير وكلماته تتسارع : طيب يمديك تتوّهم .. لا تدخل بمناطق ماتعرفها وتضيع ..
عبدالعزيز بقلق : طيب متى راح تجون ؟
عبدالرحمن : أنا الحين بروح أشوف بس أهم شي روحوا لمكان آمن .. بطاقتك معك ؟
عبدالعزيز يخرج محفظته ليتأكد : إيه .. طيب خذيت بطاقة الهوية مدري الرخصة حقت اللي مسكني .. إسمه حتى مو واضح البطاقة مكروفة
عبدالرحمن : طيب خلاص ركِّز .. أتصل عليّ بس يصير شي .. عطني رتيل ؟
عبدالعزيز بسخرية : تسمعك
عبدالرحمن بغضب من أنه وضعه على " السبيكر " وجعل رتيل تسمع كُل هذا : عـــــــــز
عبدالعزيز : بنتك ماهو أنا
عبدالرحمن تنهَّد : طيب .. أنتبه و بتصل عليك بس يصير شي وأنت بعد ... أغلقه.
عبدالعزيز : بدل جلستك يالباردة جيبي المناديل وأمسحي الدمّ
رتيل بقهر وهي على وشك البكاء : أنت الحين اللي لا تكلمني
عبدالعزيز بغضب : رتيييل لا يكثر وجيبي المناديل
رتيل أخذت المناديل وألتفتت بكامل جسمها لتمسحُ ما حول فمِه وبغضب شدَّت على مسحتِها ، عبدالعزيز أبعد رأسه : والله لو أني يهودي
رتيل : مين هذولي ؟
عبدالعزيز : ما أعرف

،


 ،

عانقتها بإشتياق كبير لتُعانق من بعدِها ضيْء ، أبتسمت : وين رتُول ؟
عبير : رايحة مع عز
أفنان عقدت جبينها : مع أنه قالت لي أمي بس يخي ماتقبلت الموضوع للحين وأنها تزوجت
عبير بضحكة : لآ رجعنا بيعلنون للعالم بعدها بتحسِّين
أفنان أبتسمت : شلُونك ضي ؟
ضي بمثل إبتسامتها : بخير الحمدلله .. طيب أمشوا نطلع أختنقت من الجو هنا
خرجُوا من المحطة ، لتسيرِ أقدامهُن الرقيقة على الرصيف ، عبير تنظُر للغيم : شكلها بتمطر
أفنان : من كثر ما أمطرت في كان صرت ما أحب المطر
ضي : وش سويتي في كَان ؟
أفنان : أريح من باريس كله سعوديين وعرب .. يعني الشغل بس برا نادر ماألقى عرب
ضي : و المُحاضرين ؟
أفنان بإبتسامة عريضة : فيه سعودي واحد و ثاني أردني والباقي أجانب
عبير تُخرج هاتفها لترى مُحادثة من رتيل قبل ساعتيْن " خلِّي أبوي يتصل عليّ " ، كتبت لها " موجودة ؟ " طال إنتظارُ عينها على الساعة لتعرف أنها بعيدة عن هاتفها. : غريبة رتيل راسلة لي أتصل على أبويْ
ضي أخرجت هاتفها : اليوم عندهم شغل أصلاً ... لحظة ... دقائق حتى أجابها بإتزانٍ أكثر بعد الربكة التي حصلت : هلا ضي
ضي : هلابك ، مشغول ؟
عبدالرحمن : لا .. خذيتوا أفنان ؟
ضي : إيه معانا الحين .. رتيل راسلة لعبير عشان تتصل عليها
عبدالرحمن : إيه خلاص كلمتها
ضي : طيب كويِّس
عبدالرحمن : وين بتروحون ؟
ضي كانت ستتحدث لولا أنه قاطعها : خلوكم في المنطقة نفسها لا تجوني
ضي رفعت حاجبها بإستغراب : يعني نجلس هنا ؟
عبدالرحمن : إيه وبجيكم بعدها
ضي : طيب .. تآمر على شي حبيبي ؟
عبدالرحمن : سلامتك وأنتبهوا على نفسكم ... بحفظ الرحمن .. أغلقه
ضي : أبوك يقول نجلس هنا ومانرجع

،

بتوتر عظيم بلعت ريقها لتُردف : موافقة
بضحكةِ عين والدتها وبإبتسامة أشدُ إتساعًا : هذي الساعة المباركة
هيفاء أبتسمت والإحمرار واضح على ملامحها الصبيَّة ، دخَل منصُور ويوسف ووالدها معًا : السلام عليكم
: وعليكم السلام والرحمة
هيفاء كانت ستخرج لولا نداء والدها : صايرين مو قد المقام
هيفاء بحرج : وش دعوى يبه بس يعني نومي متلخبط وكذا و أسهر
يوسف بخبث : إبتسامة أمي هذي وراها علُوم
والدتها : دامكم أجتمعتم بفاتحكم بالموضوع
بلمح البصر أختفت هيفاء التي سارت بخطواتٍ سريعة خارج المجلس.
والدتها بإبتسامة : ولد عبدالله القايد خاطب هيفا
يوسف يُمثِّل جهله بالموضوع : جد ؟
والده : والنعم فيه
منصور ينظُر ليوسف بشك ويُقلد صوته : جد!!
يوسف ضحك وهو يسكُب له من القهوة : عن نفسي موافق
منصور : وأنا موافق
والده : دام أخوانه موافقين أنا بعد موافق الرجَّال ما يعيبه شي
والدتها : أجل أنتظر الرجال يومين بالكثير وهُم جايينك أهم شي خذوا الموافقة المبدئية
يوسف : والله وبناتك يا يمه صاروا بخبر كانَ
والدتها بضيق : هذي سنة الحياة نكبِّر ونربي بعدين غيرنا يآخذهم منَّا
يوسف ينظُر للخادمة التي تجلب عبدالله لوالده ، منصور ضحك : وحبي له
يوسف : على وش يا حظي ؟ شايف خشمه
والده : شف على كثر ما تتطنز على ولده الله بيبتليك ما بقى شي ما عيَّبت عليه
يوسف بإبتسامة : أنا واثق بنسلي حتى الجيل الثالث
منصُور يرفع إبنه : كله زين بس بعض الناس ما تشوف
يوسف : أستغفر الله الواحد يستغفر لذنوبه على هالولد
منصور يحذفه بعلبة المناديل : قل يعدد حسناته يوم الله رزقه بهالشيخ

،

في غُرفتها المنزويـة بهذه الشقة في جهةٍ بعيدة ، مُتربعة على السرير وبمُقابلها سَارة. ترفع شعرها لتتمرد بعض الخصَل : ما شفتها كثير
سارة : طيب كيف يعني شكلها أوصفي ؟
أثير : مدري ما أعرف أوصف يعني مقبولة
سارة رفعت حاجبها : هذا الكلام من الغيرة ولا صدق
أثير بإبتسامة ثقة : أغار ! لو يبيها ما تزوَّج عليها
سارة : طيب .. أنا طفشت خلينا نطلع
أثير : عزوز حالف أني ماأطلع اليوم
سارة : بدينا حلف وسوالف مالها داعي
أثير : بخليه هالأيام بس بعدين مستحيل يمشِّي كلامه عليّ .. وأصلاً أحسه بيطلق الحلوة اللي معه
لتُردف : تدرين يقولي بخليك تتحجبين !!
سارة : بس ترى عاد شخصيته قوية يعني بيمشي كلامه عليك
أثير : ماني حمارة أمشي وراه ! لي شخصيتي وله شخصيته ... قاعدة أفكر بعدين لا رجع الرياض
سارة : بترجعين معه ؟
أثير : أبوه الله يرحمه كان يشتغل في الرياض وأهله هنا .. يعني عادي عشان كذا بجلس
سارة : وبتخلينه معها ؟
أثير بسخرية : يشبع فيها
سارة : صح على طاري أبوه! قبل فترة يخرب بيت الشبه تخيلي من شفت ؟
أثير ببرود : غادة ؟ شفتها بعد
سارة بدهشة : تشبهها مررة .. الله يرحمها ويغفر لها
أثير : أول ما شفتها تعوّذت من الشيطان بعدين تحسينها مريضة أو فيها شي يعني وجهها مرة أبيض .. بس غادة الله يرحمها بياضها مو كذا
سارة : إيه صح بس نفس الملامح الخشم والعيون .. يممه يالعيون نسخة

،

رائِد بغضب : كيف يعني ؟ بس أرسل مسج ؟
: إيه قال أنه ما يقدر يجي اليوم
رائد تنهَّد : يعني تتعطل أشغالنا فوق ماهي متعطلة ! وش صاير معه هالصالح !!!
دخل فارس : السلام عليكم
: وعليكم السلام
رائد الذِي جلس بالشقة بعد أن علِم بإعتذار صالح له ، أردف : وين رحت ؟
فارس بسخرية : الملاهي
رائد ببرود : طيب ..
فارس رفع عينه لوالده وبيأس : أنا قررت أتزوج
رائد بسخرية لاذعة غرق بضحكته ليُردف بين ضحكاته المُتفجرة : لايكون حاط عينك على وحدة ؟
فارس ينظرُ لضحكات والده ، يعترف لذاته بأنه مجرُوح الآن من هذه الضحكة والسُخرية : لا
رائد : أنا أقول نام عشان تصحصح شويْ
فارس : وانا مصحصح !!! أبي أتزوج
رائد : بالله ؟ طيب قولي مين !
فارس : قلت لك ما أبي أحد مُعيِّن ! أبي أتزوج أي وحدة
رائد : وليه ؟
فارس : كذا
رائد : لآ أبي أعرف السبب لأن واضح ماهو عشان زواج
فارس : إلا عشان زواج لا تخاف أنا ما ألعب بأحد عشان مصلحة
رائد أبتسم : إيه عرفت أربيك
فارس بضحكة : ما قصرت والله
رائد : طيب .. وأنا أقولك يا حبيبي .... لآآآآ *أردف الرفض بحدةٍ قطعت برود كلامه*
فارس تنهَّد : يعني تبي تجلسني عندك إلى متى ؟
رائد يُشير إلى رأسه ليُردف : مزاج
فارس وقف : طيب يا يبه أنت تبي تخسرني ماهو أنا .. صدقني قادر أبتعد وما أسأل عن اللي ورايْ
رائد يُقلد نبرته : وأنا صدقني قادر أنهيك ولا أسأل أنت ولدي ولا غيره !!

،

بنبرةِ الضحكات تلتفتُ لها الصغيرة الأنيقة : مبرووووك ، تأتِي الأم الأشدُ اناقة بإبتسامتها ، تُبخِّرها لتُردف : مبروووك يا بعد عيني. الأب السعيد يقرأُ عليها : يالله أحرسها .. تنظرُ إليْهم بإبتساماتٍ هادئة : وين عبدالعزيز ؟
و كأن بُخارًا يتلاشى حتى تسمعُ صوتها الضيِّق ، خلخلت أصابعها في يدِ والدتها بهمس : يمه ردِّي عليْ .. يممه .. لا تخليني .. لا تموتين .. يممه ردِّي عليْ .. يممممه ...
بدأت دمُوعها تسقط بإنهمار مع سماع أصواتِ المُلتفين حول السيارة ونبرةُ الشرطة : يممه . .
تحشرج صوتها وهي تشعرُ بفقدها للوعيْ : يبــــه .. يبـــــــــــــــــــــه ...
رمشت عينها لتسقط دمعةٍ وتفتحها على السقف الأبيض والأجهزة حولها مُلتفَّة. نظرت لمَا حولها لتبكِي بشدَّة : يممه .. يمـــه .. يمـــــــه
دخَلت الممرضة لتُثبت جسدها على السرير. رؤى بإنهيار كبير تدفعها : أبي أمي .... وين أمي ؟ .. وين هديل .. ويننننهم
الممرضة بعدم فهم ، بإنجليزية ركيكة : أرجوك أهدأي
دخَل وليد : رؤى
رؤى تنظرُ إليه بضياع : وين أمي ؟ وينها !!
وليد تسارعت نبضاته ليُردف : رؤى ؟؟
رؤى : مين رؤى !! أبي أمي .. جيب لي أمي
شعَر بإختناقٍ فظيع وهو يُردف للممرضة : هل لك بأن تتركينا قليلاً ؟
الممرضة بإستجابة خرجت مُلتزمة الصمت.
وليد جلس بجانبها : وش صار ؟
رؤى ببكاء : أنا أعرفك ! صديق عزوز ؟
وليد : إيه .. طيب يا ..
رؤى تمسك رأسها : أنا ! أنا .. ياربي وش صار !! وين عبدالعزيز ؟
وليد : عبدالعزيز !!
رؤى تصرخ به : أبي أخوووووووووي
وليد : طيب طيب .. أهدي بجيبهم لك
رؤى بضعف وإنكسار : و ناصر ! أبي ناصر بعد
وليد : طيب
رؤى وكأنها تذكرت أحدًا لتُردف بجنون : وين هديل ؟ هديل وينهااااا .. رد عليّ أنت تعرف بس ماتبي تعلمني .. أيه عرفتك عرفتك أنت الدكتور ! صح قولي صح أنت أسوأ دكتور شفته بحياتي
وليد أبتسم ومحاجره تختنق بإحمرار لأنه أدرَك أنها تستعيد ذاكرتها وتعيش التخبط بين ذكريات ما بعد الحادث وما قبله : إيه أنا أسوأ دكتور
رؤى بهذيان : وين أبوي ؟ .. وينههم كلهم !!
وليد هز كتفيْه : مدري .. ماأعرف
رؤى : أنت كذااب ! أبي ناصر .. جيبي لي ناصر .. ناصر ما يخبي عني شي
وليد عقد حاجبيْه : بجيبه لك .. بس أهدِي
رؤى صمتت لثواني لتبكِي وتتعالى ببُكائها : أبوي ما مات صح ؟
و كلمة " الموت " مؤذية لقلب كُل شخص فكيفْ أنا ؟ أنا المُتعذب بك : صح
رؤى هدأت أنفاسها براحة : وعبدالعزيز ؟ ما جاء ويانا الحمدلله طيب وينه ؟
وليد : بيجي
دخلت الممرضة ومعها إبرة مُهدأة ، رؤى تنظرُ لوليد بغرق حُبها الذي تجهله : روح أتصل عليهم .. نادهُم ليْ
وليد : إن شاء الله ..
تُغرز الإبرة في ذراعها لتهدأ أكثر مُستعدة للدخول في نومٍ عميق ، بكلماتٍ مُتقطعة : عبدالعزيز .. عـ ...
وليد أغمض عينيْه ليمسح دمُوعًا لم تخرج بعَد ، خرج من غُرفتها في حيرةٍ شديدة ، هي أستعادت ذاكرتها بحادثٍ مثل ما فقدته ولكن تتذكرني ! تعيش التخبط. يالله وكأنهُ ينقصنا ؟

،

أشتَّد تفكيره المُتذبذب ، عرَف رغبة عبدالمحسن ولن يُمانع منها بالنهاية يبقى أخيه مهما حدَث ، رُبما النصيحة تُفيد أو لا أعرف تماما ما يُفيده تماما ، لا يهمُني كل هذا ، الأهم أنني كيف أعيش ؟
قاطع تفكيره دخُول أحمد : فيه حالة حريق بحيِّك
سلطان وقف : بيتنا ؟
أحمد : لا .. من رجال الجوهي .. حارقين الفلة اللي قدامك
سلطان يأخذ هاتفه ليخرج مع أحمد ، يتصِل على عمته التي لا ترد وتشغلُ باله أكثر : الأمن هناك
أحمد : مسكرين الشارع
سلطان : مين اللي مسكرينه
أحمد بتوتر : أقصد صعب يوصلون الحيّ ! الطريق زحمة
سلطان ألتفت عليه بصدمة : الحي مافيه أمن !!
أحمد بربكة أكثر : إيه
سلطان يتصل على الجوهرة : زحمة وين في أي طريق ؟
أحمد : صاير حادث مروري
سلطان بعصبية : هذي مو صدفة .. قاعدين يستفردون فينا

،

هطل المطر بشدَّة والبرق يُرعب نفسَها التي تخاف ، منظرُ السماء في الغرُوب يُربكها أكثر : أبوي ما قال بيجي ؟
عبدالعزيز : إيه ..
رتيل بغضب : طيب الحين وش نسوي ؟
عبدالعزيز ببرود : طقِّي أصبع
رتيل : أكلمك جد!! والدنيا مطر يعني وش بنسوي
عبدالعزيز : شوفي تراني تعبان ومواصل والنفسية زبالة فأكرميني بسكوتك
رتيل تخرج هاتفها لتندهش من ضياع الشبكة : أيوآآ هذا اللي كان ناقص ! يعني وش بنسوي ؟
عبدالعزيز : قربنا نوصل لـ روَان
رتيل : طيب وأبوي كيف بيدِّل ومافيه شبكة الحين
عبدالعزيز : يهدأ المطر ونوصل هناك إن شاء الله بعدها ندق عليه
رتيل بقهر : ياربي .. أنا غلطانة أني جيت معك
عبدالعزيز أبتسم : جيبي المناديل وأمسحي وأنتِ ساكتة
رتيل بحدَّة : ماأشتغل عندك
عبدالعزيز الذِي يسير ببطء بسبب الأمطار القويَّة : تراك الحين تعتبرين كأنك مسافرة ومحد عندك ..
رتيل : تهددني ؟
عبدالعزيز : أعتبريها زي ماتبين
رتيل بقهر أخذت المناديل وأقتربت منه لتُردف : ما شفت مجانين زيِّك في أحد يبلع مشرط مدري وشو ذي الحديدة
عبدالعزيز : ماهو شغلك .. توقفت السيارة
رتيل : ليه وقفت ؟
عبدالعزيز صمت لثواني طويلة : شِتْ هابنز !!
رتيل أتسعت محاجرها : لا تقول أنها تعطلت .. عشان ماأنتحر
عبدالعزيز يخرج هاتفه ليرى أنَّ ليس هُناك شبكة ، حك جبينه ليلتفت على رتيل : رحنا ملح
رتيل بخوف : من جدك ؟ سوّ أي شي ..
عبدالعزيز يسحب معطفه ويرتدِيه : بشوف وش صاير يمكن أقدر أصلحه .. فتح الباب ليهب الهواء الشديد البرودة عليهم ، نزل و رأى كفارات السيارة الأمامية المثقوبة ، دخل مرةً أخرى : شكله داخل مسمار في الكفارات
رتيل : طيب ؟
عبدالعزيز يشد على معطفه وهو يشعر بالبرودة ، أغلق السيارة : ننتظر لين يهدى المطر
رتيل بغضب كبير : أنا وش ينطرني ! طيب إذا ما طلعوا لنا مرة ثانية !
عبدالعزيز : ضيَّعناهم ولا ما ضيَّعناهم ؟
رتيل : إيه بس
عبدالعزيز يقاطعها : اجل أبلعي لسانك

،

يجلسُ بجانبه ، بلع ريقه وهو يشعُر بقهقهة الحياة الساخرة ، أردف بذبذبةِ صوته الذِي يخُونه ، شعَر بجنُون الحب الذِي لا يصدق ما سَمِع ، شعَر بشعُوره جيدًا : آسف
ناصر أبتسم : على ؟
فيصل : أنا أعرف .. يعني بصراحة مدري كيف أقولك
ناصر : عادِي قول
فيصَل أخذ نفس عميق وكانه يغوص الآن لا يُدرك حجم الغرق الذِي سيسببه لناصر : بعد حادث باريس .. يعني .. أنا أبي أقولك أنه .. أنه يعني ...
شعر بأنه يختنق ، فتح أزارير ثوبه : والله مدري كيف أقولك
ناصر وقلبه بدآ يتصادم بشدَّة : يتعلق بمين ؟
فيصل : زوجتك
ناصر : إيه
فيصل : أنه .. يعني .. زوجتك .. صار .. يالله رحمتك .. زوجتك في باريس
ناصر ضحك لا يستوعب تماما : إيه عارف . . قبرها في باريس
فيصل : لأ .. يعني هي هناك
ناصر تجمَّدت ملامحه : مجنون ؟ كيف هي هناك !
فيصل بكلماتٍ مُتقطعة خافتة متوترة مرتبكة : يعني .. أنا عارف ماراح تصدقني .. يعني كيف إنسان ميت وبعدين حيَّ .. بس .. هذا اللي صار .. يعني أنا عارف أنك مصدُوم بس .. الله أراد هالشي وهذا قضاء وقدر .. زوجتك حيَّة يا ناصر

.
.

أنتهى 



.
.


إن شاء الله يروق لكم البارت ويكون عند حسن الظن دايم :$()

لاتحرمونِي من صدق دعواتكمْ و جنَّة حضوركمْ.

و لا ننسى أخواننا المسلمين المُستضعفين في كُل مكان أن يرحمهم ربُّ العباد و يرفعُ عنهم ظُلمهم و أن يُبشِرنـا بنصرهُم ، اللهم لا تسلِّط علينا عدوِك وعدونـا و أحفظ بلادِنا وبلاد المُسلمين.


أستغفر الله العظيم وأتُوب إليْه
لا تشغلكم عن الصلاة


*بحفظ الرحمن.

Continue Reading

You'll Also Like

1.6M 82.7K 32
عاصفة الهوى هي الجزء الثالث من جانا الهوى وتعتبر الجزء الثالث من العاصفة الدراما مع الرومانسية ، الحب مع القسوة ، الشوق واللهفه وقصص حب سنعيش مع أبطا...
2M 56.3K 79
النساء لا مكان لهُنَّ في حياته، عالمه ينصب على أبناء شقيقه وتوسيع تجارته في أنحاء البلاد. هو "عزيز الزهار" الرَجُل الذي أوشك على إتمام عامه الأربعين...
622K 7.2K 23
أنت نقطة ضعفي أنت ولو أحب ثاني أرد وأرجع أحبك
843K 9.2K 75
هي عدة معارك استمرّت لسنين طويلة، حيث كانت كل تلك المعارك في سبيل الحُب، حيث يستمر بطل الرواية في خَوض معاركه باحثًا عن انتصار يُمكّنه من نَيل معشوق...