4- أيام كنت غرّا طائشا تعوزني البراعة في الحكم .
شكسبير - أنطونيو وكليوباترا
وقعت شارلوت في أضطراب عاطفي كبير منذ عاد ليام ألى الجزيرة , ولم يكن هناك من تبوح له بحزنها , وكان عليها أن تحتمله وحدها , ولم يكن بوسها أن تحتمل سخرية فلافيا بينما تحتوي شعورها الأليم بالضياع.
لم يكن بعودته قد حرمها فقط من الجزيرة , بل شوّه الصورة التي رسمتها عنه بعد أن أستولى على مكان لا يبعد غير أميال قليلة عن الشاطىء وكان يخصها بكل سند خلقي.
لم تكن لتزور الجزيرة للمرة الثالية عادة قبل أن تمضي عدة أسابيع , غير أن أباها , بعد عودتها السريعة المفاجئة من الجزيرة بعشرة أيام , أشار وهو يتناول طعام العشاء قائلا :
" يمكنك أن تأخذي القارب غدا يا شارلوت أذا أردت ذلك ".
وسألته :
" حقا؟ حسنا".
كانت قبل ذلك بوقت غير بعيد تشعر بالبهجة أذا ما سنحت مثل تلك الفرصة.... ولكن هذا العرض الآن زاد من شعورها بالأحباط أذ كانت قد صممت على ألا تطأ قدمها أرض الجزيرة ثانية طالما هو هناك.
غير أن الأمر أختلف الآن بعد أن واتتها الفرصة وداخلها فيما بين العشاء والأفطار شعور بأمكان الرجوع عن مشروعها .
وأستسلمت في النهاية لشعور قوي يغريها بأن تذهب لتستطلع نوايا ليام , فهي لا تريد أن تراه بل تريد أن تعرف ما ينوي أن يفعله بجزيرتها.
وأحست بالألم عندما فكرت أنها ستضطر أن تدخل الجزيرة عن طريق القناة التي لم يجرؤ أحد سواها على أن يجتازها لسنوات طويلة , وتذكرت كيف أقتربت بعصبية من الشاطىء في أول مرة وكيف صارعت ضد الشجيرات الصغيرة .
وعندما بلغت المنزل لم تجد أي تغييرات واضحة منذ آخر مرة كانت هناك , ولكنها عندما أقتربت من الباب الأمامي وجدته هذه المرة مفتوحا على مصراعيه , وسمعت صوت منشار ..... ووقفت في الردهة تحاول أن تتعرف على مصدر الصوت , بينما أنطلق قط في مقتبل نموه من غرفة الجلوس يشمشم حولها ويحك جسمه في ساقيها البنيتين العاريتين .......
وأنحنت لتداعب القط قائلة :
" بسبس.........".
كان القط نحيلا للغاية ولم تكن فروته في حالة طيبة ,وبدا كأنه حيوان ضال يعاني من نقص التغذية , لكنه لم يكن عصبيا أو نافرا , وربتت عليه بيدها فأنس لها في أطمئنان وتقدير .
وتوقف صوت المنشار وسمعت وقع أقدام وظهر ليام في أعلى السلم فتوقف لحظة وأرتفع حاجباه , ثم هبط ألى الردهة قائلا :
" أهلا وسهلا....... كيف حالك؟".
وأحمر وجهها , وقالت في شيء من الحذر :
" صباح الخير".
" ما كنت أتوقع أن أراك قبل أسبوع أو أسبوعين .... وظننت أنك لن تستطعي الحضور ألا مرة في الشهر ".
وعلّقت في شيء من القسوة :
" أعتقد أنك لم تكن تنتظر أن تراني بالمرة :
" هل ذلك لأنك كنت مضطربة في المرة الماضية ؟ كان ذلك أمرا طبيعيا , وكنت أعرف أنك ستهدأين وتقتنعين عندما تجدين الوقت لتستعرضي الأمر من جديد ".
زقبل أن تفتح فمها لتدحض هذا الكلام أضاف :
" كنت على وشك النزول لأخذ كأسا من الشراب , ماذا تشربين ؟ كوكاكولا أم قهوة؟".
" لا أريد شيئا , شكرا ".
" لا ! حسنا! لنذهب معا ألى المطبخ ونرى - هيا يا أوليفر !".
وأشار ألى القط الذي جرى أمامهما على الفور أتجاه المطبخ .
وقال ليام وهو يفتح علبة الشراب :
" من حسن الحظ أنك جئت اليوم أذ كنت بالأمس في المدينة وتركت لك ملاحظة على الباب ".
ونظرت شارلوت ألى أوليفر , وقالت :
" من أين حصلت على هذا القط؟".
" ألتصق بي أول مر ذهبت فيها ألى المدينة وكان من الواضح أنه ليس ملكا لأحد وقد أحضرته ليؤنسني وسمّيته أوليفر لأنه كان هزيلا أعجف , ولكنه الآن أفضل حالا , أما زلت مصرّة على ألا تشربي شيئا؟".
" لا....... شكرا!".
" أذن فلنخرج ألى الهواء الطلق .... وهناك بعض الكراسي المريحة في فناء البيت".
ولاحظت شارلوت أنه قام بأخلاء مساحة كبيرة من الشجيرات والأعشاب التي كانت تنمو وراء المنزل منذ زيارتها السابقة , وكان هناك كرسيان من الألومنيوم , ومنضدة تحت شجرة من أشجار الياسمين الهندي العطرة , وسألته شارلوت بعد أن جلسا :
" هل يعرف أهل القرية أنك تعيش هنا؟ وهل أستخدمت أحدهم في أصلاح المنزل".
ووضع كأسه على المنضدة , وهز رأسه قائلا :
" أنني أعتمد على نفسي في الوقت الحاضر وعندما يصبح المكان جاهزا للسكن أحتاج ألى طاه وبستاني , ولكنني أفضل الأعتماد على نفسي في هذه المرحلة ".
وأبتسم ثم أستطرد يقول :
" هل تظنين أنني لا أستطيع العيش بدون خدم ؟ أن أعداد الطعام أم تنظيم المسكن من الأمور التي لا تحتاج ألى مهارة كبيرة".
" تستطيع أن تحتمل لأسابيع قليلة , ولكن الأمر سوف يحتاج ألى شهور لتنجز كل شيء بنفسك".
" أقدر أنه يحتاج ألى حوالي ستة شهور شرط أن يتم تركيب المولد الكهربائي في وقت قريب".
" ولكن حتى لو توفرت الكهرباء , لا تستطيع أن تعيش هنا وحدك لعدة شهور".
" أنك لا تقدرينني حق قدري يا عزيزتي , فمن المعروف عني أنني أتم قراءة كتاب بين حين وآخر , ولا تظنين أنني محروم من المصادر ".
" أنك لم تتعود هذا اللون من الحياة ...... وبرغم أننا أعتدناه فأننا نشعر بالضيق في بعض الأحيان".
وعلق ساخرا :
" أنك شابة وطبيعي أن تشعري بالقلق , أما أنا فقد أستمتعت بالحياة وذقت ألوانا عديدة منها".
وقالت في قسوة :
" أعتقد أن بك جنونا , أنني أعرف تماما ما سوف يحدث , سوف تدخل تعديلات على المنزل وسوف تسيء أليه حتى تضيق به وتبيعه , وعند ذاك سوف ترحل وتبدد المال".
وضحك وقال :
" لا أظن أنني سأعاني من الضيق طالما أنك قريبة مني يا شارلوت".
وحدّقت في دهشة قائلة :
" ولكنني لن أكون قريبة منك....".
" جئت اليوم ".منتديات ليلاس
وأحمرت خجلا وقالت :
" جئت لأنني نسيت شيئا هنا ".
" صحيح؟".
" على الأقل , أظن ذلك , ولكن ربما أكون فقدته في مكان آخر".
" وما هو ذاك ؟ ربما ساعدتك في البحث عنه ".
وأخذت تفكر فيما عساها أن تكون قد نسيته ؟ كتابا ؟ أم نظارة شمسية؟ أم مطواة ؟ وعلق قائلا :
" أحرى بالناس الذين تحمر وجوههم عندما يكذبون أن يلتزموا الصدق , لماذا لا تعترفين بأنك حضرت خصيصا لتسألي الأسئلة التي لم تسأليها في المرة السابقة؟".
وصمتت لحظة ثم قالت :
" أريد أن أعرف , هل أشتريت الجزيرة أم أستأجرتها ؟".
" لا هذا ولا ذاك ...... لأنها كانت دائما ملكي.......".
ولهثت شارلوت قائلة :
" ملكك ........دائما؟".
وكانت هناك علبة سيكار على المائدة ففتحها , وأخذ واحدة منها , وقال :
" ولدت هنا , وماتت أمي هنا , وأنت تعرفين القصة".
" ولكن لا يمكن أن تكون أبن سوليفان! فأسمك هاملتون....".
" غيّر الأقارب الذين تبنوني أسمي , وخيّل أليهم أن ذلك قد يمنع الفضيحة ".
وأشعل السيكار وبدأ يدخن , وواصل يقول :
" أن أردت البرهان فسأريك شهادة ميلادي ... ولقد تسجل أسمي فيها ! ليام بادريك سوليفان , أبن سين وروزالين سوليفان , من جزيرة مانغو".
" لا أكاد أصدق ... أقصد أنني أصدقك بالفعل ...... ولكن الأمر يبدو غريبا للغاية".
وتمتمت بعض الوقت ثم قالت :
"أذا هذا هو الذي جعلك تبدو مخيفا أول مرة رأيتك . كنت في غرفة الجلوس عندما......".
وتوقفت عن الكلام وهي تعض شفتيها , ولكنه أكمل لها :
" عندما أطلق شون سوليفان النار على أمي , نعم , أن هذه الواقعة صحيحة".
" ولكن , أن تعيش هنا بعدما حدث ؟ كيف يمكن لك أن تحتمل ذلك؟".
" بعد أكثر من عشرين سنة كما تعلمين تنطفىء الذكريات....... حتى المؤلم منها , وأذا بدا عليّ الأكتئاب في اليوم الأول فلأنني كنت شاردا في التفكير فيما أذا كان المكان يستحق الأصلاح ! وكنت أتوقع أن أحده في حالة سيئة بالطبع , ولكن آثار التصدع تتجسد بشكل متزايد للشخص الذي يكون قد شاهد المبنى وهو في وضع معقول".
وهيء لشارلوت أن أجابته كانت متناقضة , فكيف يذكر المبنى في حالته الأولى بينما ينسى الذكرى السيئة لوفاة والديه , وواصل ليام يقول :
" وفي أي حال ليس لي خيار في الموضوع .... هذا المكان هو آخر ما بقي لي من الميراث ... ... أنا لست واسع الثراء كما يظنون , ولذا فأنني سأصبح في أزمة مالية بعد أصلاح المنزل".
وتجاهلت تعليقه قائلة :
" هل تعني أنك ستصبح مفلسا حقا أم تعني أنك ستعاني من ضائقة مالية "." لن أكون في ضائقة مالية فحسب ..... ولكن معدما تماما".وعلقت شارلوت :
" لو عرفت كيف يكون حال من يعاني المتاعب المالية لما سخرت بهذه الطريقة".
قالت ذلك وهي تتذكر قلق أمها وغضبها كلما جدّت مطالب مالية تثقل كاهل ميزانية أسرتها المحدودة.
وعلّق ليام في مرارة :
" أن الضيق والحزن لا يفيدان شيئا".
" ولكن أذا أصبحت مفلسا حقا , فكيف ستعيش؟".
" لن أموت طالما أن هناك سمكا في البحر وأستطيع أن أزرع البطاطا والبازيلاء الهندية ..... وأذا ساءت الأمور فسأحاول أن أعمل".
" ولكن هل سبق لك العمل؟".
" لم يكن ذلك ضروريا".
" أعتقد أنه من الصعوبة بمكان أن تجد فرصة هنا ..... سكان الجزيرة أنفسهم لا يجدون فرصا كافية للعمل".
" أستطيع أن أزعم أنني سأجد فرصتي , فالشيطان يجد سبيلا لأغوائه ".
ونهض من كرسيه وقال :
" سأشرب كأسا أخرى ...... هل تشربين الكوكاكولا الآن؟".
" حسنا ..... أشكرك !".
ولاحظت وهو يعود من المطبخ بعد ذلك بدقائق قليلة وقد حمل كوبين أنه تغيّر منذ لقائهما الأول.........تخلص من تلك النظرة المنغمسة في الملذات وبدت قوته واضحة تكشف عنها عضلات كتفيه , كان يبدو أكثر قوة ولم تؤثر فيه آثار الأسابيع الخمسة الأخيرة من العمل المضني كما كانت تؤثر فيه ليالي السهر السابقة وأيام البطالة .
وسألته بعد أن جلس :
" هل قلت للآخرين أنك تنوي أن تعيش هنا ؟".
" لا........ ولكنني قلت وداعا..... وتركت السفينة في ميناء فورت دي فرانس , ولم أصرح لهم بوجهتي ".
" ألم يضايق ذلك الأميرة مونتيفالكو؟".
وأجاب ساخرا :
" فقط أنها أعتادت التخلص من ضيوفها عندما تتضايق منهم وليس حين ما يقررون هم الأنصراف عنها".
وأخذت شارلوت تحتسي شراب الكوكاكولا لكنها لم تستطع أن تقاوم فضولها , فسألته:
" ألم تكن بينكما قصة حب ؟ ولو ألى حد ما!".
كان مستلقيا في كرسيه , وأجاب بدون أن يدير رأسه .
" لم يكن بيننا شيء من ذلك , فالحب يا شارلوت لا يحصل لكل شخص".
" ألا تريد أن تتزوج ويكون لك أطفال ؟".
" لست حريضا على ذلك بشكل خاص".
" ولكنك هكذا ...... ستصبح وحيدا في شيخوختك ".
" عشت وحيدا معظم حياتي ...... وأفضل أن أعيش كذلك".
وحاول أن يغير الموضوع قائلا :
" ما رأيك في النزول ألى البحر قبل الغداء ؟ هل أحضرت معك شيئا من الطعام ؟ أذا لم تكوني قد فعلت فبوسعي أن أعد بعض المأكولات".
كانت شارلوت قد أحضرت معها طعامها العادي برغم أنها لم تكن تعتزم أن تأكله على الجزيرة , ولكن بعد أن أماط ليام اللثام عن شخصيته زلل شعورها نحوه بالعداوة وأصبحت تحس بدلا من ذلك بالعطف والفضول , وقالت :
" نعم , أحضرت بعض الطعام , ولكن أذا كنت لم تعمل قبل الآن فكيف تستطيع أن تمارس الطهو وتنجز كل هذا العمل؟".
" ربما لم يسبق لي العمل بالمعنى المتعارف عليه , ولكنني لم أكن كسولا , فلقد مارست أشياء كثيرة ".
" مثلا؟".
" التسلق والطيران والتزحلق على الماء , وغيرها ....... لننزل ألى الماء!".
كانت شارلوت قد أمضت شطرا كبيرا من حياتها في البحر فأتقنت الغوص ألى مسافة ثلاثين قدما .....وكانت تستطيع البقاء تحت الماء أل ما يقرب من ثمانين ثانية , وأدهشها أن وجدت ليام على المستوى نفسه , لم يكن هناك مكان في البحيرة تصل أليه ألا ويلحق بها وكل منهما يرى شبح الآخر يلقي بظلاله على قاع البحر .
ولم تستطع أن تكتم أعجابها ببسالته الفائقة التي لم تكن تتوقعها , وقالت وهما يتناولان الطعام :
"أستطيع أن أقرر الآن أن بوسعك أن تجد سبيلك لكسب رزقك ., فبأمكانك أن تكون صائد محار".
وأبتسم ليام وقال :
" تقصدين أن أبيع المحار ألى السيّاح".
" لا...... لا ...... أقصد المحار أو الأصداف الصغيرة التي تحتوي اللآلىء , يمكنك أن تصطاد الأصناف النادرة التي يطلبها الهواة".
" كم تساوي المحارة النادرة أذا أستطعت أن تعثري على واحدة؟".
" عثر أحدهم على محارة نادرة يطلق عليها لقب ( مجد البحار ) وبيعت بأربعمائة جنيه..... أنها من أثمن أنواع المحار في العالم , وما وجد منها قبل الآن لا يزيد على خمس وعشرين واحدة ".
وبدا عليه الأهتمام , وسألها :
" أين؟ في البحر الكاريبي ".
" لا ! المجد من سلالة ترجع ألى جزر الهند الشرقية ...... ولكن مع ذلك توجد محارات نادرة في هذه المياه , وحتى تلك التي تعتبر شبه نادرة مثل المحار الذي يطلق عليه أسم الملك فينوس والمحار الحلزوني تقدر بمبالغ طائلة وخاصة أذا كانت سليمة "." هل تجمعين المحار ؟".
" لا أجمعها وهي حيّة ....... لا أحب أن أتسبب في قتل الحيوانات التي تعيش فيها , ولكنني أحتفظ بالمحارات الفارغة التي أجدها ولديّ كميات كبيرة منها ".
" أعتقد أنني كنت ممن يبحثون عن المحار وأنا صبي ولكنني لا أذكر ذلك الآن ".
" بأمكانك أن تحصل على كتاب وتدرس كل شيء عن أنواع المحار , وستجد فيه ما يشغلك خلال فترة المساء , وربما أصبحت متخصصا في هذا العلم ".
ونظر أليها في صمت لعدة لحظات ثم قال :
" أتريدين أن تحتويني يا شارلوت ؟".
وأجابت :
" أنه مجرد أقتراح.... وأذا كنت تعتقد أنه أقتراح سخيف .....".
" على الأطلاق , بل أنه لطيف جدا منك أن تبدي هذا الأهتمام ......... وربما أخذت بنصيحتك , وسأضعها موضع الأعتبار ".
وحان وقت رحيلها فقالت :
"هل أعود مرة أخرى ؟".
" في أي وقت تريدين طالما أن أسرتك تعرف بذلك ".
" ولكن الجزيرة ستكون مكانا مأمونا طالما أنك هنا".
كانا يقفان ألى جانب قاربها , وقد بلغ الماء خصرهما , وحملها ألى القارب وهو يقول :
" ربما يصر بعض الناس على أنها ليست مكانا مأمونا بعد , وأعتقد أنني لست الرفيق المناسب لفتاة شابة بريئة ".
" لو كنت سيئا حقا لما همّك أن يعرف أبواي , وفي أي حال فقد قابلتك أمي وأحبتك".
" لا أظن أنها كانت تفعل ذلك لو عرفت أنني قد عانقت أبنتيها..... وربما حدّثتك أختك عن هذا".
وقالت شارلوت في صراحة :
" نعم ........ وكانت غاضبة ......... أنها تكرهك!".
" وهذا يوضح أنها أكثر تعقلا منك يا طفلتي".
" كلا........ فقد أحبت فلافيا جون , أما أنا فلم أثق به على الأطلاق ".منتديات ليلاس
وأضافت في قوّة :
" ثم أنني لست طفلة".
وأومأ قائلا:
" حسنا , أنك لست طفلة ... ولكن من الأفضل أن يكون لك أصدقاء من سنك".
" مثل جون؟".
" جون مثال سيءللجيل الذي ينتمي أليه , ولكن من المؤكد أن هناك العديد من الشبان ذوو الخلق الطيب".
" ليس في هذه المنطقة , وفضلا عن ذلك ......".
وتوقفت فشجعها على مواصلة الحديث قائلا :
" وفضلا عن ذلك......".
كانت تعتزم أن تقول : وفضلا عن ذلك فأنه لو كان هناك شبان فأن أبي لن يسمح لنا بالأختلاط بهم ولكنها بدلا من ذلك قالت :
" لا شيء, ينبغي أن أنصرف الآن ...... وداعا ".
وفي اليوم التالي لعيد ميلاد شارلوت السابع عشر في نهاية ذلك الشهر .... كسرت ساقها اليمنى , ولحسن الحظ كان الكسر بسيطا في العظام الخارجية من الساق , ولم يمض وقت طويل حتى أستطاعت أن تتحرك بصعوبة في البيت وعلى الشاطىء , وأذ وضعت ساقها في الجص كان من الصعب عليها أن تركب زورقها الصغير.
وعندما شفيت ساقها كانت قد مضت فترة تصل ألى عشرة أسابيع منذ آخر مرة زارت فيها الجزيرة.
وفي اليوم التالي لأزالة الجص كانت تجلس في مرفأ الميناء تفكر فيما أذاكان ليام قد أحس بشيء من الحيرة بسبب غيابها الطويل , أو أنه لم يهتم على الأطلاق , وحينئذ لاح على مرأى البصر قارب بمحاذاة الشاطىء , وعرفته فورا , أنه قارب الصيد الأزرق الذي كان ليام قد حصل عليه كسائح متجول .
وهيء لها أنه كان يمر متجها نحو الجنوب وكاد قلبها يقنط من اليأس ولكنه حوّل طريقه وأتجه نحو الميناء , ولمعت عيناها وعادت أليها حيويتها وأنتظرته لتمسك بحبال المرساة , وأحست بأن السماء أكتسبت بزرقة صافية وأن مياه البحر قد زادت لمعانا وأصبحت التلال أكثر خضرة. وقال ليام عندما أدركها في الميناء :
" أهلا أيتها الغريبة؟ كيف حالك؟".
" أنا بخير , وكيف حالك أنت الآن ؟".
" على ما يرام ! ماذا حدث لساقك ؟".
" لقد كسرت , وكانت في الجصّ .... وهذا هو السبب في أنني لم أزرك ".
" يا لك من مسكينة ! يا لسوء الحظ ومع ذلك فأنها تبدو كأنما لم يصبها أذى ".
وجلس القرفصاء لينظر أليها وقال :
" أين كان الكسر؟".
ووقفت شارلوت على اليسرى ورفعت اليمنى لتحدد له بالضبط أين كان الكسر .
وتحسس ليام بأصابعه مقدّمة ساقها , وقال :
" ولكن كيف حدث ذلك؟".
" كنت ألهو مع الأولاد وسقطت عن سطح المطبخ".
وعلّق قائلا :
" كبرت على هذه الألعاب والشقاوة التي تخص الصبيان ".
" نعم .... فعمري سبعة عشر عاما الآن ".
ووضعت قدمها على الأرض وتركت يدها على كتفه للحظة أطول , وأحست بأن كتفه قوية كالصخر , ونهض يقول :
" حقا بلغت السابعة عشرة؟ كنت أحس بأن هناك شيئا تغيّر فيك , أما كان ينبغي أن تلبسي قبعة ؟".
" قبعة..... لماذا؟".
" لتمنعي تجاعيد الوجه من الظهور ..... فالنساء عندما يكبرن لا يستطعن أن يهملن مظهرهن كما تفعل فتيات السادسة عشرة".
وصاحت تقول :
" أوه , أنك متوحش!".
وأستأنف الحديث قائلا :
" كنت أظن أنك لم تحضري لأن أبويك لم يسمحا لك بذلك".
" هل أفتقدتني ؟".
" كانت هناك لحظات أحسست فيها أنني بحاجة ألى أن أجد شخصا أتحدث أليه ... حتى لو كان هذا الشخص أنت".
" أشكرك كثيرا....... وأذا فلن أفكر في زيارتك مرة أخرى ".
" أفهم من هذا أن أبويك وافقا على أن تزوريني ؟".
" لم أطلب أليهما ذلك بعد... فلم يكن لهذا الطلب معنى حتى تتحسن رجلي ".
" أذن سأطلب أليهما أنا بنفسي".
وبدأ يسير قرب الميناء , فأمسكت بذراعه تقول :
" هناك شيء لا تفهمه ".
" هل تعنين أن أباك من المعارضين للصداقة بينك وبين الآخرين؟".
" نعم , ألى حد ما ........ وكيف عرفت ذلك؟".
" أحسست به أحساسا داخليا ".
" قد لا يكون لطيفا أتجاهك , ولكنه لا يقصد أن يكون فظا والأمر لا يزيد عن كونه متقبلا بعض الشيء".
" هكذا يكون الأذكياء أحيانا ".
وربت على يدها يطمئنها ز
" لا تقلقي ! فلن أسبب له أي ضيق".
كانت تخشى ألا يصمد ليام للعداوة التي يظهرها أبوها لأي شخص غريب أذا ما أحس نحوه بشيء من عدم التقبل.
وظهر رافاس مارتن في الشرفة المكشوفة وهما يسيران أتجاه المنزل فأحست بشيء من الذعر ...... وبدأ يهبط الدرج ليقابلهما ...... وكانت شارلوت تأمل في أن تكون أمها موجودة في تلك اللحظة حين يتقابل الرجلان , وأخذ أبوها يتفحص ليام بنظرة غير ودية , ولكن ليام صمد ولم يبد عليه أي أضطراب , وقال :
"أأنت السيد مارتن؟ أنا هاملتون الذي يسكن جزيرة مانغو , كنت أقرأ كتابك عن تاريخ جزر الأنيل الصغرى , ولديّ بعض الوثائق التي كنت أعتزم تقديمها ألى متحف فكتوريا الملكي , ولكن خطر لي أنك ربما تجد فيها ما يهمك , وقد تستحق أن يشار أليها في الطبعة المقبلة من مؤلفك!".
" هاملتون ؟ جزيرة مانغو ؟ المعروفة بأسم جزيرة سوليفان على ما أعتقد ؟ والتي تقع على الساحل على مسافة من هنا , كنت أظن أنه لا يقطنها أحد".
" ألى وقت قريب مضى , ولكنها لم تعد كذلك الآن , فأنا أقطن هناك وأن كنت لا أريد أن أذيع النبأ , وأرى أن ما يشاع عن الجزيرة من أنباء مخيفة يعتبر في الوقت الحاضر ميزة من وجهة نظري , لأنني أريد ألا يقطع أحد عليّ هدوئي". ونظر ألى شارلوت , وواصل حديثه قائلا :
" ومع ذلك فليس لدي أعتراض في أن تحضر أبنتك ألى الجزيرة من حين ألى حين , فقد فهمت أنها تهتم بدرجة واضحة في مجال دراستي الرخويات البحرية ".
وأحست شارلوت بشيء من المفاجأة عندما نسب أليها الأهتمام بمجال دراسته , وكان لذلك أثر السحر على أبيها ........ وبدلا من أن يسأله كيف ومتى بدأت الصداقة بينهما , ولماذا لم تحدثه أبنته بذلك , دعاه ألى الدخول وطلب ألى شارلوت أن تحضر له بعض الشراب , وكانت هذه أول مرة ترى فيها شارلوت أباها على هذه الدرجة من الكرم .
وعادت أمها ومعها فلافيا من مهمة كانتا تقومان بها في القرية , وقال قبل أن يقدم رافاس زوجته أليه :
" تقابلنا أنا وزوجتك من قبل , فقد حضرت ألى هنا مرة ولكنك لم تكن موجودا , كيف حالك يا سيدة مارتن؟".
وأبتسمت في شيء من التشكك وقالت :
" كان ذلك يوم أن نقلت ألى المستشفى يا رافاس , وقد نسيت أن أخبرك ".
" كل ما قيل عن ذلك المرض كان ضجيجا لا مبرر له , أنا بصحة كاملة , ما رأيك في أن تتناول الطعام الآن معنا يا سيد هاملتون ؟".
لم يدرك ليام أن الآخرين حوله كانوا قد صعقوا من المفاجأة لتلك الحرارة النادرة التي أبداها الأب أتجاهه , وأجاب :
" أقبل الدعوة بكل سرور شرط ألا يسبب هذا أزعاجا لبرنامج المطبخ ".
وعلقت هيلين :
" ليس هناك أي أزعاج".
وقال زوجها :
" هيا بنا ألى المكتبة لنتحدث في حرية هناك".
ومضى الرجلان وأسرعت هيلين ألى المطبخ لتعطي بعض التعليمات ألى فيوليت , ثم عادت وقالت :
"فلافيا , أنهضي وأحضري بعض الأزهار للمائدة ! شارلوت أسرعي لمعاونة فيوليت , من حسن الحظ أن العشاء سيتأخر حتى الثامنة , وكنت أتمنى أن يكون هناك متسع من الوقت لنصنع شيئا خاصا".
وطمأنتها شارلوت :
" لا تتضايقي يا حبيبتي , فأن ليام لا يكترث بما يقدم له على المائدة ".
كانت شارلوت على صواب , فقد شكر ليام مضيفته قبل أن ينصرف بحرارة قائلا :
" كانت هذه أفضل وجبة قدمت لي لأسابيع طويلة مضت يا سيدة مارتن , قد تعلمين أنني أعيش عيشة على جانب كبير من البساطة والقسوة في الوقت الحاضر , ولكنني أتمنى أن أرد كرمك عندما تنتظم حياتي ".
وألتفت ألى زوجها قائلا :
" قد لا أجد الفرصة للحضور لفترة معينة وفي الوقت نفسه لا أود أن أرسل أليك هذه الوثائق بطريق البريد فقد يكون من المناسب أن يحضر أولادك لأخذها".
وأجاب رافاس :
" بالتأكيد ...... بالتأكيد .... وليكن ذلك غدا أذا كان يناسبك ".
" حسنا ......... ولكن قد يكون من الأفضل أن يعهد ألى شارلوت بذلك , فالطريق خلال الجزيرة وعر بعض الشيء ولها به خبرة من قبل".
كانت شارلوت تظن أن ليام سيكون في أنتظارها عندما تصل ألى جزيرة سوليفان في صباح اليوم التالي , ولكنه لم يكن هناك , وعلى ذلك أتجهت ألى منزله وصارت تنادي :
" يو....... هو ...... أنا هنا".
ولكن أحدا لم يجب ....ولم تمض لحظلت حتى هبط القط مسرعا عبر الدرج وأخذت شارلوت تداعب أسفل ذقنه قائلة :
" أهلا .....يا أوليفر ..... أين سيدك ؟".
ونادت ولكنها لم تحظ بأجابة للمرة الثانية .... وأجتازت المطبخ ألى الباب الخلفي ووضعت يديها حول فمها وصفرت صفارة نداء ولكنها لم تسمع أجابة من خلال الأشجار , كانت الجزيرة ساكنة كما عهدتها عندما كانت تأتي وحدها ألى هناك , فيما عدا صوت أنفاس أوليفر .. ونظرت ألى القط تقول :
" ليس معقولا أنه ما زال في الفراش".
وقررت أن تصعد ألى الطابق العلوي لترى أذا ما كان قد أستغرق في النوم , لم تكن غرفة النوم مغلقة بالمفتاح , ونقرت على الباب وأنتظرت بعض الوقت ثم فتحت الباب , كان الفراش يدل على أنه قد أمضى ليلة قلقة ولكنه لم يكن هناك الآن .
وفكرت في أن ليام لا بد أن يكون موجودا في مكان قريب , فالفراش والصندوق والحقائب والمصباح على الأرض , كانت الأشياء الوحيدة الموجودة في غرفة النوم وكانت الغرفة تعكس مظهر حجرة خالية في بيت مهجور , لا بد أن أعصاب ليام من حديد أو أنه لا أعصاب له بالمرة , أيكون بأستطاعته أن يواصل العيش هنا بدون أن تؤثر فيه الوحدة أو القلق ؟
وأحست بالضيق والحيرة بعدما بحثت في سائر الغرف وفي جزء كبير من الجزيرة بلا جدوى , هل تعمّد أن يختبىء ؟ هل أراد شيئا من المزاح؟ وأستبعدت الفكرة , أيمكن أن تكون وقعت له حادثة كالسقوط من فوق شجرة أو جرح جرحا بليغا وهو يقوم بأزالة الشجيرات والأعشاب؟
وأحست بذعر حقيقي , وأخذت تعدو بأسرع ما تستطيع بدون أكتراث بالجروح والخدوش الناشئة عن أختراق ذلك الممر غير الممهد وهي تخشى أن تتحقق مخاوفها.
وقادها الممر ألى الشاطىء الثاني للجزيرة , لم تكن شارلوت قد حرصت على أن تزوره مرة ثانية بعد الأستكشاف الأول الذي قامت به للجزيرة بسبب الشجيرات الكثيفة والأعشاب التي كانت تجعل الوصول أليه صعبا , كان من الممكن الوصول ألى المكان عبر طريق البحر ولكنها كانت تخشى أن يلحظ قاربها بعض المتسكعين على الرصيف في قرية الصيد على الجانب الآخر من القناة لو سلكت هذا الطريق.
وأخذت تهرول على الطريق الحلزوني الضيق وهي تتوقع عند كل أنحناءة أن تصل ألى نهاية الممر ولكنه أدى في النهاية ألى الشاطىء الصغير , وهناك كان ليام يرقد متمددا بقامته الكاملة على الرمال.
وأحست بالذعر عندما رأته في وضع الأنبطاح , كان عاريا فيما عدا منشفة تحيط بخصره وكان يرقد على بطنه وقد أسند رأسه على أحد ذراعيه .
وأنحنت فوقه وهي تلهث فتململ في مكانه , لم يكن فاقد الوعي وأنما كان فقط مستغرقا في نوم عميق , وركعت على ركبتيها تختلس النظر ألى وجهه فأستدار جانبا بحيث ظهرت أحدة وجنتيه وعين مغلقة من المكان الذي ركعت فيه .
كان من الواضح أنه لم يحلق ذقنه منذ زيارتهم لبيتهم في اليوم السابق , وكان فكه من الخارج خشنا كما رأته لأول مرة , رموش عينيه طويلة وكثيفة كرموش فلافيا وأنفه مقوس بارزا ينم عن القوة والرجولة , وبدت بشرته قاتمة كبشرة فيوليت ولكنها غير مكتنزة بالدهن مثلها. ومست شارلوت بأصابعها عظام كتفه في لطف تقول :
" أنهض يا ليام".
وبدأ يتحرك في بطء , وهو يتمتم مستفسرا بدون أن يفتح عينيه :
" مم؟".
وكرّرت :
" ليام! أستيقظ".
كانت يدها لا تزال على كتفه , على أستعداد لتوقظه بطريقة أكثر قوة .
وكان مستغرقا في النوم , ودهشت عندما أستدار فجأة على ظهره وجعل يده تتسلل ألى ذراعها وتجذبها نحوه قائلا :
" كم الوقت الآن!".
وأحست بشيء من الأضطراب جعلها تعجز عن أن تجيب على الفور, ولم يكن بوسعها أن تخلص نفسها لتفرد قامتها , كانت تتوقع أن يفتح عينيه , ولكنه أبقاهما مقفلتين لأنه كان يستطيع من خلال الوهج الساقط على جفونه أن يخمن أنه يرقدد ووجهه أتجاه الشمس ويخشى أن يبهره الضوء , وقد وضع ذراعه الآخر تحت خصرها قبل أن تتمكن من الكلام.
وخرج من شارلوت صوت بين اللهاث والصرير , وفتح ليام عينيه , وتكوّر جسمه كأنما أصابته طعنة رمح وفي حركة سريعة خفيفة أنتصب جالسا يقول :
" ما الذي تفعلينه؟".
" لم أفعل شيئا ..... على العكس ..... أنت الذي فعل ....... كنت أوقظك".
" حسنا...... أذا أردت أن توقظيني فعليك أن تركليني بقدمك".
" لقد مسست ظهرك ...... ولكنك أستدرت فجأة وجذبتني ...... لا بد أنك كنت تحلم ... لا بد أنك ظننت أنني تارا".
ونهض ليام يحكم الفوطة حوله وهو يقول :
" لا...... لقد ظننت ..... نعم! محتمل..... لا أستطيع أن أتذكر.... أنني آسف....لا بد أنني سببت لك بعض الأنزعاج .. أعتذر ..... كم الساعة الآن؟".
" حوالي الحادية عشرة , على ما أظن , جئت مبكرة على غير العادة ".
" يا لله! هل تأخرت ألى هذا الحد؟ أصنعي بعض القهوة بينما أقوم بحلاقة ذقني".
وأخذ يشق طريقه أتجاه المنزل أمامها.
وعندما أقتربا من المنزل , قال :
" لن أتأخر أكثر من خمس دقائق , وأنا أشرب قهوتي بدون حليب".
وعندما هبط الدرج كان يرتدي قميصا وبنطلونا قصيرا , وقد مشّط شعره , وقال :
" أرجو ألا يضايقك أذا كنت سأحلق ذقني هنا".
ووقف يحلق ذقنه أمام مرآة صغيرة معلقة على مسمار ثبت في الحائط.
وشردت بفكرها لحظة وتذكرت أنها قد عرفت خشونة تلك الذقن مرتين بينما أختها فلافيا وهي في التاسعة عشرة من عمرها لم تعرف سوى قبلة ناعمة على وجنتيها , وأحست بأنها بذلك أكثر خبرة وسعادة.
وقطع ليام أفكارها يقول في قوة :
" تنبهي , فالغلاية تغلي على النار ! ".
وأحست أنه بذلك قد جعلها للمرة الثانية بأنها تشعر بأنها ما زالت صغيرة لم تنضج بعد. وسألته وهي تعد القهوة :
" أحقا ليدك بعض الوثائق التي قد تهم أبي؟".
" بالطبع .... وألا لما قلت ذلك أذا لم تكن عندي؟".
" حسنا , كان أسلوبك وأنت تحدث كخبير في علم دراسة المحار".
" كلا , على الأطلاق ...... قلت فقط أنني أدرس الرخويات البحرية , وهذا صحيح , وأعرف عنها الآن أكثر بكثير مما كنت أعرفه عندما كنت هنا في المرة السابقة".
وقدم لأوليفر بعض الحليب المحفوظ وأخذ يسرب قهوته.
وقالت شارلوت :
" كيف أحبك ؟ أنت يا من.........".
وأكمل لها :
" أنجح في التعامل مع كل الناس ".
" حسنا , ربما تتهمني بالوقاحة , ولكنني لم أكن أقصد ذلك , فقط أقصد القول أن أبي عادة لا يحب أي شخص غريب , ولم أكن أعتقد أنك ستشذ على القاعدة لأنك أنت وهو على النقيض , قطبان متنافران".
" بالنسبة ألى المرض الذي أشارت أليه أمك والذي قال أبوك أنه شيء تافه .... ماذا كانت أعراضه ؟".
وسردت شارلوت ما سبق أن أخبرها به أخوها وما شهدته بنفسها ثم قالت :
" ولم تسأل ؟".
" لأنني أحسست أن أباك يعاني من حالة قلق ومن الضروري أن يهتم بوضعه الصحي , وأرى أن تقنعوه بأن يضع نفسه تحت الرعاية الطبية".
" أنه عنيد للغاية , حاولت أمي ذلك , ولكنه لا يقتنع , لا أريد أن أتحدث عن أبي هكذا .... فأنا أحبه كثيرا وكلنا نحبه".
وشرب ليام قهوته بدون أن يترك فيه بقية , ثم قال :
"نسيت أن أحضر لك الأوراق..... سأصعد لأحضرها الآن ".
وعندما رجع قال :
" لدي أرتباطات بالذهاب ألى المدينة اليوم يا شارلوت , ويؤسفني أنني لا أستطيع أن أدعوك لتناول الطعام ".
كانت شارلوت تتوقع أن تمضي اليوم كله على الجزيرة , ولم تستطع أن تخفي أحساسها بالأحباط.
وأعطاها المظروف الكبير الضخم المحفوظ في حقيبة من البلاستيك وسارا معا ألى البحيرة وقال لها عند حافة الماء :
" تعالي كلما أستطعت ذلك , فأنا لا أخرج كثيرا ومرحبا بك دائما ".
وأبتسمت وهي تقول :
" حسنا ... أشكرك... ألى اللقاء يا ليام!".
وهذه المرة لم يحملها ألى زورقها وأكتفى بأن قال :
" وداعا".
وأخذ يخوض في المستنقع , وأعتلى قاربه وقال :
" أنت أولا .......".
وكان يعني بذلك أنها ينبغي أن تسبقه بقاربها عبر القناة .
وأحست شارلوت أحساسا لا يكذب أن قصة أرتباطه بالذهاب ألى المدينة لم تكن ألا كذبة بيضاء أنتحلها للتخلص منها ..... وأنه ربما قام بجولة قصيرة في القرية ثم عاد ألى الجزيرة , كانت في حيرة بسبب تلك المناورة وهي تعبر المنطقة المعروفة بأسم أولدمانز بوينت لتقترب من الميناء فلم تلحظ شبحا يخرج مسرعا من بيت مارتن ويهرول ألى الشاطىء ليقابلها , كان الشبح فيوليت تقول في صوت غريب أجش:
" أسرعي يا حبيبتي ...... أسرعي!".
وأكتشفت شارلوت أن فيوةليت كانت تبكي وترتعد في تأثر بالغ , وصاحت شارلوت:
" ما الخبر؟ ماذا حدث؟ ".
وساعدت شارلوت لتصعد ألى الميناء ثم أمسكتها بين ذراعيها وقالت في صوت غالبه الحزن :
" أنه أبوك يا طفلتي ..... ساءت حاله بدرجة كبيرة ونقلته سيارة الأسعاف ألى المستشفى , وذهبت أمك معه ثم أخذت فلافيا الأولاد في سيارة تاكسي , وهناك تاكسي آخر في أنتظارك يا عزيزتي .. ليس أمامنا وقت ....... سأذهب معك!".
مات رافاس مارتن قبل الغروب بدون أن يستعيد وعيه بعدما أصيب بالنوبة القلبية الثانية التي كانت أكثر خطورة من الأولى ودفن ظهر اليوم التالي , وعادت أسرته التي فاجأتها الصدمة ألى البيت.
ظلت هيلين مارتن لأيام عديدة تبدو كأنها لم تتأثر لوفاة زوجها , كانت تؤاسي الأطفال وفيوليت وتقوم بأعمالها العادية أو تجلس على الشرفة تحدق نحو البحر في هدوء غير طبيعي بعينين لا تدمعان.
وفي أحد الليالي أيقظ كيث شارلوت باكيا يقول :
" ماما تبكي! ماذا نفعل؟".
وأيقظت شارلوت فلافيا وذهب الثلاثة ألى غرفة أمهم , لكن الباب كان مغلقا ولم تسمح لهم بالدخول ووقفوا لفترة طويلة أمام الباب يستمعون بلا حول ولا قوة ألى نحيبها المكتوم وأخيرا ذهبوا ألى الفراش , وأخذت شارلوت تعانق كيث وتطمئنه حتى نام بين ذراعيها.
كان وجه هيلين في الصباح التالي يبدو وقد أنهكه الحزن , لكنها تخلصت من النظرة الشاردة في عينيها , وأحست شارلوت بأن تلك النظرة كانت أكثر أقلاقا من النحيب العنيف طوال الليل.
وذهبت هيلين ألى غرفة مكتب زوجها بعد الأفطار ومكثت هناك تفحص أوراقه حتى وقت الغداء.
وسألته وهي تعد القهوة :
" أحقا ليدك بعض الوثائق التي قد تهم أبي؟".
" بالطبع .... وألا لما قلت ذلك أذا لم تكن عندي؟".
" حسنا , كان أسلوبك وأنت تحدث كخبير في علم دراسة المحار".
" كلا , على الأطلاق ...... قلت فقط أنني أدرس الرخويات البحرية , وهذا صحيح , وأعرف عنها الآن أكثر بكثير مما كنت أعرفه عندما كنت هنا في المرة السابقة".
وقدم لأوليفر بعض الحليب المحفوظ وأخذ يسرب قهوته.
وقالت شارلوت :
" كيف أحبك ؟ أنت يا من.........".
وأكمل لها :
" أنجح في التعامل مع كل الناس ".
" حسنا , ربما تتهمني بالوقاحة , ولكنني لم أكن أقصد ذلك , فقط أقصد القول أن أبي عادة لا يحب أي شخص غريب , ولم أكن أعتقد أنك ستشذ على القاعدة لأنك أنت وهو على النقيض , قطبان متنافران".
" بالنسبة ألى المرض الذي أشارت أليه أمك والذي قال أبوك أنه شيء تافه .... ماذا كانت أعراضه ؟".
وسردت شارلوت ما سبق أن أخبرها به أخوها وما شهدته بنفسها ثم قالت :
" ولم تسأل ؟".
" لأنني أحسست أن أباك يعاني من حالة قلق ومن الضروري أن يهتم بوضعه الصحي , وأرى أن تقنعوه بأن يضع نفسه تحت الرعاية الطبية".
" أنه عنيد للغاية , حاولت أمي ذلك , ولكنه لا يقتنع , لا أريد أن أتحدث عن أبي هكذا .... فأنا أحبه كثيرا وكلنا نحبه".
وشرب ليام قهوته بدون أن يترك فيه بقية , ثم قال :
"نسيت أن أحضر لك الأوراق..... سأصعد لأحضرها الآن ".
وعندما رجع قال :
" لدي أرتباطات بالذهاب ألى المدينة اليوم يا شارلوت , ويؤسفني أنني لا أستطيع أن أدعوك لتناول الطعام ".
كانت شارلوت تتوقع أن تمضي اليوم كله على الجزيرة , ولم تستطع أن تخفي أحساسها بالأحباط.
وأعطاها المظروف الكبير الضخم المحفوظ في حقيبة من البلاستيك وسارا معا ألى البحيرة وقال لها عند حافة الماء :
" تعالي كلما أستطعت ذلك , فأنا لا أخرج كثيرا ومرحبا بك دائما ".
وأبتسمت وهي تقول :
" حسنا ... أشكرك... ألى اللقاء يا ليام!".
وهذه المرة لم يحملها ألى زورقها وأكتفى بأن قال :
" وداعا".
وأخذ يخوض في المستنقع , وأعتلى قاربه وقال :
" أنت أولا .......".
وكان يعني بذلك أنها ينبغي أن تسبقه بقاربها عبر القناة .
وأحست شارلوت أحساسا لا يكذب أن قصة أرتباطه بالذهاب ألى المدينة لم تكن ألا كذبة بيضاء أنتحلها للتخلص منها ..... وأنه ربما قام بجولة قصيرة في القرية ثم عاد ألى الجزيرة , كانت في حيرة بسبب تلك المناورة وهي تعبر المنطقة المعروفة بأسم أولدمانز بوينت لتقترب من الميناء فلم تلحظ شبحا يخرج مسرعا من بيت مارتن ويهرول ألى الشاطىء ليقابلها , كان الشبح فيوليت تقول في صوت غريب أجش:
" أسرعي يا حبيبتي ...... أسرعي!".
وأكتشفت شارلوت أن فيوةليت كانت تبكي وترتعد في تأثر بالغ , وصاحت شارلوت:
" ما الخبر؟ ماذا حدث؟ ".
وساعدت شارلوت لتصعد ألى الميناء ثم أمسكتها بين ذراعيها وقالت في صوت غالبه الحزن :
" أنه أبوك يا طفلتي ..... ساءت حاله بدرجة كبيرة ونقلته سيارة الأسعاف ألى المستشفى , وذهبت أمك معه ثم أخذت فلافيا الأولاد في سيارة تاكسي , وهناك تاكسي آخر في أنتظارك يا عزيزتي .. ليس أمامنا وقت ....... سأذهب معك!".
مات رافاس مارتن قبل الغروب بدون أن يستعيد وعيه بعدما أصيب بالنوبة القلبية الثانية التي كانت أكثر خطورة من الأولى ودفن ظهر اليوم التالي , وعادت أسرته التي فاجأتها الصدمة ألى البيت.
ظلت هيلين مارتن لأيام عديدة تبدو كأنها لم تتأثر لوفاة زوجها , كانت تؤاسي الأطفال وفيوليت وتقوم بأعمالها العادية أو تجلس على الشرفة تحدق نحو البحر في هدوء غير طبيعي بعينين لا تدمعان.
وفي أحد الليالي أيقظ كيث شارلوت باكيا يقول :
" ماما تبكي! ماذا نفعل؟".
وأيقظت شارلوت فلافيا وذهب الثلاثة ألى غرفة أمهم , لكن الباب كان مغلقا ولم تسمح لهم بالدخول ووقفوا لفترة طويلة أمام الباب يستمعون بلا حول ولا قوة ألى نحيبها المكتوم وأخيرا ذهبوا ألى الفراش , وأخذت شارلوت تعانق كيث وتطمئنه حتى نام بين ذراعيها.
كان وجه هيلين في الصباح التالي يبدو وقد أنهكه الحزن , لكنها تخلصت من النظرة الشاردة في عينيها , وأحست شارلوت بأن تلك النظرة كانت أكثر أقلاقا من النحيب العنيف طوال الليل.
وذهبت هيلين ألى غرفة مكتب زوجها بعد الأفطار ومكثت هناك تفحص أوراقه حتى وقت الغداء.
وبعد الوفاة بحوالي أسبوعين , وكانت قد أرسلت الأولاد ألى المدينة بقائمة للطلبات , أخبرت أبنتيها أنها تريد أن تناقش المستقبل معهما وبدأت تقول :
" أرى أنه من اللازم أن ننظر ألى المستقبل وأن كنا لا نحس بالرغبة في ذلك ... لا أريد أن يحمل الأولاد الهم ولكنكما أنتما الأثنتين أصبحتما كبيرتين الآن بدرجة تؤهلكما لمواجهة الحقائق أيا كانت .... بل أرى أنه من الواجب أن تشاركا بالرأي في أتخاذ القرارات الهامة , أن ما لدينا من النقود لا يكفينا ألا لأشهر قليلة , والمال الوحيد الثابتالذي نملكه هو هذا البيت , وهو لا يساوي كثيرا في الوقت الحاضر ولكن قيمته قد ترتفع كثيرا أذا ما قام شخص بأستثمار الخليج , وأعتقد أن ذلك سيحدث عاجلا أو آجلا , لأنه من أجمل المناطق في الجزيرة , لكننا لا نستطيع أن نعيش على ذلك , فليس لدينا الوقت ..... وأذن سيكون علينا أن نقبل أعلى مبلغ يقدم لنا ثمنا ونعود ألى أنكلترا , ولدينا مبلغ قليل في البنك ..... أما ثمن البيت فينبغي أن يغطي تكاليف رحلة العودة على أحدى سفن الموز".
" ولماذا أنكلترا؟ لم لا تذهب ألى الولايات المتحدة؟".
قالت ذلك فلافيا .... وكانت ترى أن نيويورك هي المكان الذي تطمع به .
وأحست شارلوت بالروع أذ رأت أمها تفكر في العودة ألى الوطن , فقالت :
" هل هذا ضروري يا أمي ؟ المطر يسقط دائما في انكلترا , وأعتقد أنها الآن أكثر سوءا عما كانت عندما هجرتها أنت وأبي".
كانت شارلوت قد عقدت صداقات مع عدد من سكان الجزيرة الذين هاجر بعضهم ألى أنكلترا , وبرغم أنهم يستمتعون بالحياة هناك فأن وصفهم في الرسائل أقنعها بأنها سوف سوف تشمئز من الحياة هناك .
وعلقت هيلين في أبتسامة باهتة :
" المطر لا يسقط هناك دائما يا حبيبتي ....... والطقس في بلادنا لطيف وعلى كل , فأنكلترا ليست كاملة , بل ليس هناك مكان يتوفر له الكمال , ولكنها أفضل من أماكن عديدة عن أنها وطننا الذي ننتمي أليه ".
وعلقت شارلوت :
" أنا أنتمي ألى هنا ".
وردّت فلافيا :
" لحسن الحظ أنا لا أنتمي ألى هذه المنطقة ".
وعلّقت الأم :
"ألا تريان أنكما تتمركزان حول نفسيكما ؟ ألم تنسيا الصبيان؟ أعتقد أن أنكلترا هي أفضل مكان لهم".
كن يجلسن على السرير في غرفة هيلين ودخلت فيوليت لتخبرهن أن السيد هاملتون في الخارج ينتظر أن يقابل السيدة مارتن , وقالت هيلين :
" لا بد أنه سمع بخبر الوفاة وأنه جاء للتعزية
وقالت فلافيا :
" هل تعتذر بأنك نائمة ؟".
" لا , من الأفضل أن أقابله , ويمكنكما أن تحضرا كذلك".
وبدا أن ليام لم يكن قد سمع الخبر فلم يظهر بمظهر من جاء ليبدي التعزية , وألقى عليهن التحية قائلا :
" طاب وقتكن".
ثم قال لهيلين :
" جئت أطلب مساعدتك يا سيدة مارتن , هل بوسعي أن أتحدث أليك حديثا خاصا؟ ربما أستطعنا أن نتمشى على الشاطىء لمدة خمس دقائق ؟".
" لا بأس أذا كنت تريد ذلك ".
وتمتمت فلافيا بعد أن مضت أمها مع ليام تقول :
" ماذا يريد يا ترى ؟".
وعلقت شارلوت :
" وكيف أعرف؟".
ورفعت شارلوت نفسها على الدرابزين الذي يحيط بالشرفة وجلست وظهرها يستند ألى أحدى الدعامات التي ترفع السقف وقالت :
" أما زلت تكرهينه؟".
" نعم!".
" لماذا؟".
" أنت تعرفين لماذا؟".
" أرجوك أن تقولي لماذا؟".
وأجابت فلافيا في قتامة :
" النمر لا يغيّر البقع على فرائه .... لا أثق به!".
" أنه الصديق الوحيد".
" قد يكون صديقك .... ولكنه ليس صديقي ".
وكان على الفتاتين أن تحبسا رغبتهما في الأستطلاع لأكثر من خمس دقائق , وظل هاملتون وهيلين يروحان جيئة وذهابا حوال نصف الساعة على الشاطىء , مشغولين بحديثهما الخاص , وتوقفا عند نقطة معينة ووقفا ينظران أتجاه البيت لعدة دقائق قبل أن يستأنفا تجوالهما , وتوقفا بعد ذلك للمرة الثانية , وجلس ليام القرفصاء وبدا كأنه يحدث علامات عل الرمل المبتل على خط المد والجزر وألى جانبه السيدة مارتن تتابع ما يقوم به.
ودمدمت فلافيا في قلق تسأل :
" ماذا يناقشان , وأيا كان موضوع المناقشة , أنا لا أفهم لماذا لا يسمح لنا بالمشاركة ؟".
ونزلت شارلوت من مكانها على الدرابزين وهي تقول :
" أنهما عائدان...".
وعندما أقترب هاملتون وهيلين نظرت شارلوت ألى وجه أمها تحاول أن تستطلع ما يساعدها على أستئناف موضوع المحادثة السرية بينهما .
وقالت هيلين وهي تصعد ألى الشرفة :
" تعالا وأجلسا يا أبنتي".
وبدا كأنها في شبه مأزق.
وجلست شارلوت وفلافيا تحدقان أتجاههما , وأستند ليام ألى الدرابزين وأشعل سيكارا.
وبدأت هيلين تتحدث قائلة :
" يعرف السيد هاملتون بخبر وفاة بابا .... ولقد فكر في أننا قد تصادفنا بعض المصاعب , وأقترح أحد الحلول لمشاكلنا".
وأضاف هاملتون :
"ولمشكلتي أنا أيضا".
ونظرت أليه هيلين تقول :
" هل أنت متأكد تماما من أن.....".
وقاطعتها فلافيا :
" أرجوك أن تتجهي ألى الموضوع مباشرة يا ماما !".
وبادر ليام ألى أشباع فضولهما قائلا :
"بأختصار ...... طلبت ألى أمكما أن تحضروا جميعا لتعيشوا معي في جزيرة سوليفان ".
" أوه...... لا !".
" أوه..... نعم".
أجابت الفتاتان بالدرجة نفسها من القوة ولكن التناقض بين رد فعلهما كان واسعا للغاية فقد أحست فلافيا بالرعب بينما عبرت شارلوت عن الترحيب الكامل.
وسأل ليام بنبرة يغلبها يغلبها المزاح :
" ولم لا يا آنسة مارتن؟".
" لأني لا أريد أن أصبح سجينة في جزيرتك , , أنا أشعر بالمرض لأننا منعزلين عن كل شيء , أريد أن أعيش كما يعيش الآخرون".
وصاحت هيلين توبخها :
" فلافيا ".
وأصرت فلافيا على مواصلة الكلام قائلة :
" أريد أن أحصل على عمل .... أريد أن أعتمد على نفسي".
وعلّق ليام بجفاء :
" بالطبع..... ولكن ذلك سيكون من الصعوبة بمكان أذا لم تحصلي على مؤهلات , لماذا لا تدعين أمك تشرح فكرتي بالكامل قبل أن تتخذي قرارك !".
وعلّقت شارلوت تقول :
" أعتقد أنها مدهشة".
وحذّرها ليام قائلا :
" قد تغيرين رأيك أذا عرفت قدرا أكبر من التفاصيل ".