الملائكة تسقط

By ceIoise

24.9K 723 656

تعيش آنجلين تشافيز حياتين، واحدة تكون فيها ابنة بائع القرية المتزمّت وأخرى تصبح فيها ابنة رجل أعمالٍ كثير الس... More

| ↓ |
[ الكذبة الكبيرة ]
[ ساحر النّساء ]
[ البادئ أظلم ]
[ القط والفأر ]
[ العاصفة ]
[ قلب النّار ]
[ رائحة العبث ]
[ بيت الورود ]
[ خيوط الثّقة ]
[ لمسة سحر ]
[ تلال إيبيريكو ]
[ الغيرة ]

[ حلقة الإتهام ]

736 61 57
By ceIoise

يستطيع الشّيطان أن يكون ملاكًا..
والظّلمات نورًا..
لكن أمام الحمقى والسّذج فقط.
_

جلس الجميع في دائرةٍ كبيرة، كان العدد ثمانية عشر فردًا، أغلبهم شباب ولم يكن من الحاضرين سوى ستة فتيات.

وضع خوليان قارورةً فارغةً بالمنتصف

«من يدير القارورة يسأل ومن تقع عليه يجيب، الذّي يتردّد يشرب ومن يرفض يُلقى في المسبح»

وافق الجميع ووضعوا أكواب الكحول أمامهم، وقعت القرعة الأولى بين هارييت وجان، يبدوان كقريبين للمرّة الأولى فقد كانا يمتلكان نفس لون الشّعر الأشقر والعيون الزّرقاء و الأنف الأفطس كذلك.

سألت هارييت
«متى آخر مرّة مارست فيها الجنس؟»

كان سؤالًا عاديًا لكنّ الجميع يعلمون كم أنّ جان متكتّمٌ في هذه الأمور، عضّ شفتيه وشرب من كأسه، أطلق الجميع صيحات الخيبة

«نريد أجوبة!»
صرخ رفاييل متحمّسًا وقام ليدير القارورة

وقعت القرعة بينه وبين خوليان، ابتسم هذا الأخير

«ما اسم الفتاة الأخيرة التّي قبّلتها يا خوليان؟»

فكّر خوليان لبعض ثوانٍ
«أنا لا أتذكر»

«عليك ذلك! هذا أساس اللّعبة»

«كانتا فتاتين» صرّح دون خجل «نسيت الأسماء بمجرّد ذكرها»

«بالطّبع فعلت»

صافحه رفاييل ضاحكًا وانتقلت اللّعبة إلى راؤول، وقع دوره مع جوزيف، كان بالفعل يعرف الكثير من الأمور عنه بحكم صداقتهما لسنوات، أطفئ راؤول سيجارته ونظر مليًا نحو جوزيف الذّي يكاد يغطس في النّوم من فرط السّكر

«يمكنني أن أقترح سؤالًا إن لم تجد واحدًا»
سخر خوليان

فهم راؤول قصده وألقى نظرةً ناحية آنجلين لجزءٍ من الثّانية

«أعتقد أنّ جوزيف أكثر سكرًا من أن يجيب على أيّ شيء»

ضحك وتابع
«ما هو أفضل كوكتيلٍ شربته؟»

«هذا سؤالٌ سخيف»

«إنّه أسهل سؤالٍ يا جو»

شعر بانكماشٍ في معدته لكنّه أجاب

«هذا»

تلمّس الكأس البارد بين أصابعه وتطلّع لآنجلين التّي لم تعره اهتمامًا متظاهرةً بتناول المكسّرات.

وصل الدّور إلى جولي شقيقة رفاييل، أمسكت القارورة وأدارتها لتقع عند خوليان من جديد، تظاهرت بأنّ ذلك لم يوتّرها

«أيٌّ من هؤلاء تبادلت القبل معه؟»

ضحك خوليان وأدار عينيه بينهم ثمّ رفع أصبعه وأشار نحو شخصٍ واحد

«آنجلين!»

تبادل الجميع النّظرات المندهشة، دبّت الحرارة والتّوتر في جسد آنجلين فعضعضت على شفتها لكنّها لم تستطع إكتساب الثّقة اللّازمة لتواجه اتّهاماتهم الصّامتة وابتأست نفسها، كان بإمكانه أن يكذب لكنّه أراد إذلالها، ودّت لو تمسك به وتصفعه.

كان خوليان مستلقيًا على كرسي التّشمس يراقبها، أطبق أسنانه بإحكام ينتظر إنفجارها لكنّها تصرّفت كما لو أنّه كان أمرًا عرضيًا، تابعت شرب عصيرها دون أن تتقاطع أنظارهما حتّى.

«هل نتابع؟»
تحمحم راؤول ورمى القارورة ناحية ماري، وقفت في المنتصف مرتبكة وأدارتها لتقع على هيفن

«آه أنا لا أعلم»

احتارت ماري
«هل لا بأس في أن أسأل إن كنت معجبةً بأحدٍ هنا؟»

علت حمرةٌ خفيفة وجه هيفن ونظرت نحو البيرة خاصتها، لم تكن تشرب الكحول وحتمًا لن تجيب على سؤالٍ كهذا لكنّ الجواب كان واضحًا

«أنا لا أستطيع»

قالت أخيرًا وبمجرّد دفعها للكوب حملها رفاييل بين ذراعيه، ركض بها نحو المسبح رغم تخبّطها وألقاها داخله، فغرت آنجلين فمها وسارعت لتنقذ صديقتها، كانت تعلم جيّدًا أنّها لا تقدر على السّباحة، قفزت خلفها وصارعت للحظاتٍ تحت الماء قبل أن تستطيع إخراجها أمام ضحك الآخرين وأصوات هواتفهم.

تقيّأت هيفن الماء من رئتيها وارتجفت، وقف الجميع يحدّقون فيهما. وكما لو أنّ ماءً باردًا صُبّ على رأسه، أمسك خوليان بمنشفة وألقاها عليها بينما أخذ راؤول أخرى وأعطاها لآنجلين.

«هل أنت مجنون؟»

صرخت آنجلين في وجه رفاييل، كانت قد نسيت تمامًا لباقتها، غباء ذاك الشّاب واندفاعه كادا يقتلان صديقتها

«أنا..أنا لم أعرف»
حكّ رفاييل رأسه
«أعتذر»

«كان بإمكانك أن تسأل»

رمت آنجلين المنشفة جانبًا وانحت لتساعد هيفن على تجفيف نفسها، نادت جولي على الخادمة

«ساعديها في تغيير ثيابها»

أمسكت كلتاهما بذراعيها المرتجفين، كانت ما تزال تعاني من آثار الصّدمة، تمسّكت بيد آنجلين وسحبتها معها

«اذهبي سآتي خلال دقائق»
طمأنتها ثمّ التفتت ناحية رفاييل مجدّدًا

«أنتم مجموعةٌ من الهمج»

التصق ثوبها المبلّل بجسدها وشعرت بالقطرات الباردة تنزل عبر ظهرها، عليها أن تسرع للمنزل وتجفّف نفسها غير أنّها أكثر غضبًا من أن تترك ذلك يمرّ على خير، حاول جوزيف تهدئتها لكنّها أبعدت يده

«أتعتقدون أنّكم مضحكون هكذا؟ حين تسخرون من الآخرين أو تحاولون فضحهم؟»

كانت تعني خوليان خصيصًا بكلامها لكنّها نظرت ناحية رفاقه

«حمقى!»

وقف خوليان أمامها
«لم يقصد رفاييل ما فعله ولقد اعتذر»

«لست أنا من يجب أن يعتذر إليها»

«من أشار إليك من الأساس؟»

ابتسم لها
«أوه صحيح! أنت ملاك الدّراما ستجعلين الأمر حولك سريعًا»

أرادت أن ترفسه وتمسح تلك الإبتسامة المتغطرسة عن وجهه، انحنى نحوها بما يكفي كي يهمس في أذنها

«أم أنّ غرورك الصّغير قد تأذّى لأنّني أخبرتهم بسرّنا؟»

ثار فيها سخطٌ خبّلها، وسدّدت إليه لكمةً قوية وثابتة على وجهه، ولمّا تراجع ممسكًا صدغه اقتربت منه لتلكمه مرّةً أخرى لكنّ صوت هيفن أوقفها

«لنرحل من هنا يا آنجل»

لم تحتّج آنجلين ولحقت برفيقتها في هدوء تاركةً الشّباب منبهرين.

«أنفك ينزف»

قال راؤول مقرّبًا منديلًا من وجه خوليان بينما كان هذا الأخير يلاحق أثرها وفي عينيه نظرة غضبٍ وتوعد، سيجعل غرورها يتبخر.

في طريقهما نحو منزل سارة، مسحت آنجلين آثار المساحيق المتبقية من على وجه هيفن دون أن تعلّق بشيء

«لقد ضربتِ خوليان آلفاريز!»
قالت غير مصدّقة

«احتاج أن يتعلّم درسًا»

رأت بوضوح أنّ شيئًا أسود وشريرًا قد ومض في عيني آنجلين، أدركت من تلك النّظرة أنّها كانت أحوج في فعل ذلك لنفسها أكثر منه دفاعًا عنها، لم تلمها لكنّها لم تعتقد أنّه استحق ذاك التّصرف العنيف.

«أنت تكرهينه»
قالت بخفوت

«أنا لا أكره أحدًا»

«خوليان ليس أيّ أحدٍ بالنّسبة إليك»

تباطأت جميع الأحاسيس داخل آنجلين فأراحت رأسها على المقعد الدّافئ وأطبقت عينيها جاهدةً للحفاظ على السّيطرة

«توقفي عن ذكر اسمه»

«يا إلهي أنت لا تنكرين!»

كان عليها أن تقول شيئًا أو ستستمر هيفن بتكهّن الأمور وحينها لن يحصل خير، لطالما فضّلت الحذر على جيشان العاطفة، ما خطبها اليوم؟

«لا، هو ليس أيّ أحد إنّه شخصٌ تافه وبغيض»

«توقّعت ذلك! كنتما تنظران لبعضكما طوال الوقت»

«مستحيل. لا نعرف بعضنا لتلك الدّرجة»

«لكنّه قال أنّكما تبادلتما القبل»

شعرت بدوّامةٍ تتكوّن في صدرها وأحسّت بأعراض الزّكام تنتابها، الكارما حقيرة! فكّرت في كذبتها هذا الصّباح، لقد أصبحت حقيقةً الآن.

«كان أمرًا عارضًا حدث منذ سنوات»

«أخبريني كلّ شيء»

يا لإضاعة الوقت، والنّفاق، والكذب الذّي لا حدود له، استهلكت الحفلة كلّ طاقتها ولم يسعفها مزاجها لمسايرة حماس هيفن الطّفولي، هل تفضح نفسها وتخبرها أنّها قبّلته فقط بسبب خيالٍ غبي حول إمكانية وقوعه في حبّها؟ لقد كان يستغلّها طوال الوقت ولأشهر عديدة استنزف مشاعرها حتّى ما عادت تحسّ أو تؤمن بإمكانية الحب بل فقط.. تتظاهر.

«لنتحدّث في وقتٍ لاحق»

انتابتها نوبة عطاس وشعرت بالمرارة في حلقها، رأت وجهها شاحبًا ومكفهرًّا في مرآة السّيارة الأمامية

«يا إلهي! ستمرضين هكذا»

طلبت هيفن من السّائق أن يسرع أكثر

«شكرًا لإنقاذي، سأشتري الأدوية وأكتب الملخصّات وأحضرها لك غدًا»

«لا داعي»

ربّتت آنجلين شعرها برفق ممسّدةً إيّاه إلى الوراء
«سأكون بخيرٍ في الصّباح»

وكما هو الحال فقد شعرت بألمٍ مبرّحٍ في جسدها في اليوم الموالي، ألزمها البقاء في الفراش وأن تعد خالتها بألّا تحاول الخروج لأيّ مكان.

في الحقيقة كانت تكره البقاء مستلقية دون فعل شيء، ذاك يزيد ألمها ويبعث إحساسًا بالعجز داخل عقلها، أحبّت أن تتحرّك لترى النّاس وتراقب حيواتهم.

في العادة تخرج كلّ مساءٍ لتتمشّى في شوارع فالنسيا، كانت رائحة الشّكولاطة السّاخنة تسحرها أيّام الخريف وها قد حلّ سريعًا، ليس عادلًا أن تستقبل فصلها المفضّل مريضةً ومتعبة.

دخلت بيا إلى غرفتها بعد عدّة طرقات، كانت خادمة خالتها في السّتين من عمرها، امرأةً قصيرة وذات شعرٍ طويل عكفت على عقصه دومًا، كانت تقاسيمها لإنسانةٍ مرهقة، شخصٌ قضى معظم حياته يخدم الآخرين، ابتلعت آنجلين ريقها متخيّلةً نفسها تمرّ بنفس المرحلة في قريتها الصّغيرة.

«هناك شابٌ يريد رؤيتك»

«من يكون؟»

هزّت بيا كتفيها
«لم يخبرني باسمه»

«لا بأس، سأنزل في الحال»

ارتدت روبها الأزرق الصّوفي ونزلت نحو الحديقة، قد يكون الزّائر واحدًا من رفاق خالتها، اعتاد بعضهم على زيارة المنزل وإحضار دعوات الحفلات بأنفسهم لكنّ الشّخص الذّي وقف في منتصف حديقة ورودها كان شابًا يقاربها في العمر.

لم ينتبه الغريب لقدومها إلّا بعد أن تنحنحت، كان وسيمًا وأنيقًا، وجدت شبهًا غريبًا بينه وبين ممثّلي هوليوود القدماء، فيه جاذبيةٌ غامضة لكنّ ذلك سرعان ما تبخّر حين تحدّث، لقد كان ثرثارًا وذا لكنةٍ شرقية غريبة.
أخبرها أنّ اسمه إيلي سلامة، لبنانيٌّ جاء في زيارة عملٍ إلى إسبانيا وقد أرسله والده ليدعو سارة إلى حفل افتتاح خط الملابس الذّي ساعدت شركةُ خالتها في تسويقه.

«بالطّبع! سأخبرها بشأن الحفل»

أمسكت بطاقة الدّعوة ولاحظت أنّه تعمّد لمس يدها

«لم أعلم أنّ سارة تمتلك ابنة أختٍ في نفس عمري»

«هل أبدو كبيرةً لهذا الحد؟»

ضحك إيلي
«وهل أبدو رجلًا عجوزًا في نظرك؟»

«ليس كثيرًا»

«كم عمري إذن؟»

ادّعت آنجلين التّفكير
«سبعةٌ وعشرون..تقريبًا ثمانية»

«كنت قريبةً جدًا.. أربعةٌ وعشرون»

اتّخذت مقعدًا بالحديقة وأراحت جسدها المتعب عليه

«لست جيدةً في التّخمين أبدًا»
ثمّ أضافت حين جلس إيلي بجانبها مستأذنًا
«أكبر منّي بسنتين»

«ما تزال الحياة أمامنا»

لم يلاحظ العبوس في وجهها حين سرح بنظره في الورود الحمراء المحيطة بالمكان، لطالما أحبّت هي وخالتها غرس الورود معًا، جعلت المنزل ينبض بالحياة ويعبق برائحةٍ زكيّة.

«فإذن خالتي لم تتحدّث عنّي أبدًا؟»

«أجل، في الغالب لا تحكي عن حياتها الشّخصية»

ضحكت آنجلين بنعومة ومدّت يدها نحو شجيرة ورودٍ حمراء صغيرة لتلاعب وريقاتها بحنان، كلّ ذلك وإيلي يراقبها. أدركت بسرعة ما يعتمل في صدره، ذاك الشّاب الأحمق قد وقع في شباكها بسهولة، قطفت وريدةً صغيرة وأعطتها إيّاه

«هذا تذكارٌ من اسبانيا»

«سأعتزّ به»

لامست أنامله الأشواك بحذر وقرّب الوردة ليتشمّمها، ركّزت عيناه الزّرقاوتان على آنجلين في جلستها تلك، بدت كملاكٍ حقيقي، كان روبها من السّاتان يشفّ عن بعض المناطق في جسدها وحاول إيلي جاهدًا ألّا ينظر إلى ما دون كتفيها.

«زرنا المرّة القادمة أيضًا»

كانت تلك إشارته لينصرف لكنّه وقف هناك حائرًا، أراد تمضية مزيدٍ من الوقت بصحبتها فقد كانت ممتعة.

«هل يمكننا تبادل أرقام الهواتف؟»

ابتسمت آنجلين بأدب
«بالطّبع»

أملته رقمها وتأكّدت من أنّه راسلها لتسجّله

«نتحدّث لاحقًا إذن!»

«سيسعدني ذلك»

لم يخفي حماسه وهو يصافحها مودّعًا وحين غادر عادت سحنتها العبوسة لتكشف عن إرهاقها، أحيانًا تتمنّى لو أنّها مثل هذه الوردات، لا تموت إلّا لتعيش من جديد، بدون التزامات، بدون مسؤوليات ولا قلق يعكّر روحها.

Continue Reading

You'll Also Like

1.1K 120 33
هو ذلك الشخص الذي يتلاعب بمن حوله وكنهم دما يحركهم كيف ما يحب ويفعل ذلك دون بذل أي جهد او حتى ان يتحرك شخصيا فهو قادر على ذلك من خلال الناس نفسهم كيف...
121K 11.5K 22
"حذاري الساحر ستايلز سوف يغضب عندما لا تصدق بالسحر ،وعندما تحصل عليه تذكر السحر يأتي بثمن" المقاطعه الثالثة عشر غريمز لاند تصنيف الروايه(قصص هواة،غمو...
7.4K 942 27
انا خطيئه على هذا العالم.. انا فتاه سيئه.. انا وحش.. الجميع يرحل كأني مصابه بلعنه الفقد.. لكن عندما افقت علمت اني السبب بفقدهم.. أصبحت لا أعلم ن...
717 79 9
عيونهُ ، سماءٌ مُتّصلةٌ بالبحرِ ، تُغرقُ الروحَ في غموضِ الزرقةِ و الرماديّ ."