لا زلت لا أصدق....إنها هنا...بين يداي ...أضمها بقوة
إلتفتت إلي بإبتسامة خجولة وكانت عيونها تقول الكثير...فقد بان الشوق والعشق جلياً فيهما مما جعلني أرغب بالإنقضاض عليها وأكلها
وضعت يدها اليمنى على خدي وبيدها الأخرى أمسكت بيدي
"أُحبك"
أول كلمة تخرج من فمها منذ فتحي لها باب الشقة ...تلك الكلمة المكونة من أربع أحرف جلعت قلبي يهتز .....لو أنها تعلم مقدار تأثيرها عليي لما قالتها ورحمت قلبي الذي لن تهدأ دقاته عند سماعها
وقتها لم أستطع تمالك نفسي وسحبتها لأخذ منها ما هو حقي ولم أترك لها فرصة لكي تأخذ أنفاسها
تورد وجهها بشكل لطيف ونظرت إلي بتأنيب
"لا تنظري إلي هكذا أكنت تتوقعين مني التهاون معك وعدم أخذ حقي خصوصاً بعد القنبلة التي القيتها على قلبي... إنتظرت لأربع أشهر لهذه اللحظة ...وقد أمسكتك أخيراً"
ما أن فرغت من كلامي حتى قرصتني بقوة في ذراعي
"اوتش...ايّتها اللئيمة"
"هههه تستحق ذلك "
أمضينا ساعات ونحن على هذا الوضع نتحدث ونضحك ونمزح ولم يترك أحدنا يد الآخر ولم نشعر بأننا قد أمضينا معاً سبع ساعات فقد شعرت بأنها كانت سبع دقائق
قفزت حين إنتبهت للوقت فقد غربت الشمس
"يا إلهي ستصاب جدتي بالفزع فقد أخبرتها بأنني سأذهب للتنزه لبضع ساعات "
بدأت بالبحث عن هاتفها في حقيبتها والتي إتضح أنه كان على وضعية الصامت
فزعت حين وجدت ما يقارب عشرين مكالمة من منزل جدتها
فشارعت بمعاودة الإتصال بها
كانت تتمتم بخوف مع نفسها فحاولت أن أهدئها
"يا إلهي أنابيل إهدأي "
"كيف سوف أهدأ فقد غبت عنها لساعات طويلة قد تتصل بالشرطة والإطفاء والنجدة والأسوأ تتصل بأمي"
كنت مقدماً على ألكلام ولكنها شارعت بالحديث في الهاتف حينما أجابت جدتها
"جدتي انا آس....."
لكن صوت جدتها المنفعل قاطعها عن الكلام وقد كان مرتفعاً كفاية لكي أسمع تأنيبها وتوبيخها لصغيرتي....يا لك من مسكينة آنا ليلتك تبدو طويلة
"أيّتها المتهورة أين أنتِ إلى الآن هل وقعتي في ورطة هل تعرضتي للسرقة لقد كنت على وشك الإتصال بوالدتك"
فزعت حين سمعت آخر ما قلته جدتها وهمت بمقاطعتها لكي تهدئ من روعها
"جدتي جدتي أرجوكِ إهدئي أنا بخير وأنا في طريقي للبيت لم يحدث معي أي شيء سيء أبدا ....لقد نسيت نفسي حينما قابلت صديقة قديمة وقد سرقني الوقت"
"لما لم تجيبي على الهاتف إذا؟"
"اوه بخصوص ذلك لقد كان صامت ولم أنتبه...لا تقلقي أنا قادمة وسوف أخضر لكِ كعكتك المفضلة ..ها حبيبتي لا تغضبي فقط"
"تباً لك ايّتها ال$$×&*..أتحاولين رشوتي"
لم أستطع تمالك نفسي أردت الضحك بأعلى صوتي فقد عرفت الآن من أين لها بتلك الشتائم...يا إلهي أشعر بأني لن أحتمل أكثر سوف أضحك
"كلا يا غاليتي أنت يا معشوقتي يا قرة عيني لا أحاول رشوتك ....ليسامحك الله فأنتِ في بالي دوماً والآن هدئي من روعك وجهزي الشاي حتى نأكل الكعك معاً عند وصولي"
فعلا أردت الإنفجار فلم أتوقع بأنها محتالة ..لقد كانت محتالة بطريقة ظريفة ...ولكني قد تمالكت نفسي فليس من المفترض أن أفهم الإيطالية....اللعنة حتماً عليي إخبارها الحقيقة
"هل كل شيء بخير؟"
تبسمت ناحيتي وهي ترتدي حذائها
"اوه أجل لا تشغل بالك سار الامر على خير...سأذهب لرشوتها بكعكتها المفضلة حتى لا تقوم بمعاقبتي"
"ههه تجيدين الرشوة إذا"
"اووه طبعاً فأنا تلميذتها...لن تجد شخصا أمهر من جدتي في المفاوضات والرشوات"
قهقهت على كلامها" تبدو علاقتكما رائعة"
إبتسمت لي وهي تهز رأسها "نعم فأنا وهي لدينا علاقة قوية ومقربة و لا نخفي شيء عن بعضنا"
سكتت للحظة وبدى عليها الحزن ثم تابعت
"ولكني لاول مرة أجد نفسي أكذب عليها ...هذا حقاً يشعرني بالضيق"
تقدمت منها وجذبتها من ذراعها لأُحاوطها بعناق دافئ
"ليس عليك الكذب يمكننا إخبارها بأمرنا....والأمر كذلك بالنسبة لوالديك أنا مستعد لمقابلتهم وطلب مواعدتك بشكل رسمي منهم"
ظهر الخوف والقلق على وجهها وبدأت تهز رأسها بخوف وتلك النظرة الراجية في عينيها
"كلا...كلا لقد إتفقنا أن لا نخبر أحداً منهم في هذه الفترة ...إذا علم والدي لن يسمح لي بالذهاب إلى نيويورك...ثم إن جيجي ستقع في ورطة فقد إئتمنها والداي عليي في تلك الرحلة سوف يلقون اللوم عليها
أرجوك لنتمهل في الوقت الحاضر وحينما أبدأ بالدراسة في نيويورك عندها سأخبره بأني إلتقيت الشخص المناسب وبأنني وقعت في حبه...وبذلك أكون قد ضمنت بقائي معك وضمنت بأن جيجي لن تتورط في شيء"
هززت رأسي موافقاً فقد بدى كلامها منطقياً
"حسناً إذا هيا لنذهب قبل أن تتأخري أكثر على جدتك"
أوقفتني وعلى وجهها الحيرة
"ماذا تقصد لنذهب الم نتفق على ان....."
قاطعتها على الفور "أجل أجل لن أقابلها ...فقط سوف أتأكد من وصولك سالمة ...سأرافقك إلى محل الكعك ثم أتأكد من دخولك لبيت جدتك"
أومأت برأسها وسارت أمامي ...خرجنا من باب الشقة وتوجهنا إلى متجر الكعك إبتاعت كمية كبيرة بالنسبة لجدة عجوز ...تبدو مدمنة على السكر
"أليست هذه الكمية كثيرة ...أعني السكر مضر للصحة خاصة للعجائز"
إلتفتت إلي بنظرة منصدمة"إياك أن تسمعك فستقوم بقطع رأسك"
إلتفت إليها بصدمة مما تعني فأجابت
"إن جدتي ليست عجوز لازالت في الثانية والخمسين ولديها قوام عارضات أزياء وأتراهن معك إن وجدت خصلة واحدة لونها أبيض في شعرها الطويل ذو اللون البني الباهت"
لقد صدمتني حقاً كيف من المعقول أن تكون بهذا العمر ولديها حفيدة على وشك أن تصبح في الثامنة عشر من المفترض أن تكون أنابيل إبنتها وليست حفيدتها
لاحظت أنابيل الصدمة على وجهي فضحكت بصوت مرتفع على شكلي
"يا إلهي ليتك ترى وجهك لا يقدر بثمن"
عقدت حاجباي "أكنت تسخرين مني ايّتها الشقية"
"هههه كلا كلا ما أقوله صحيح ..فجدتي كانت متمردة هربت بعمر السادسة عشر مع جدي بعد أن رفض والدها زواجها منه وحين بلغت السابعة عشر كانت قد انجبت أمي...وأمي أيضا تزوجت بعمر السابعة عشر وأنجبتني في عمر الثامنة عشر وهكذا أصبحت جدتي جدة وهي لا تزال شابة"
وااو!!! هذا يفسر الكثير.
"لا تخبريها مستقبلاً بأني نعتها بالعجوز"
"هههههه حسناً حسناً فأنا لست بغنى عن رأسك الجميل"
إرتجف جسدي ..تبدو جدتها مخيفة...
وصلنا للحي اللذي تسكن فيه جدة آنا المخيفة إستدارت نحوي ونظرت لأيدينا المتشابكة ومن ثم نظرت إلي بإبتسامة
"أراك غدا"
"أجل أراك غدا...تصبحين على خير"
"وأنت بخير"
إقتربت مني وطبعت قبلة على خدي وهمت بالمغادرة نحو المنزل الذي على زاوية الطريق
راقبتها من بعيد حين دخلت فإطمأن قلبي وعدت أدراجي لشقة أخي
في اليوم التالي تقابلنا مجددا وتجولنا في جميع أنحاء روما كانت روما ساحرة في كل شيء وما زادها سحرا في نظري هي القابعة بجواري تأكل مثلجات في منتصف الشتاء....يا ربي أخشى أن تصاب بإلتهاب رئوي...ولكن مهما حاولت إقناعها بشرب شيء ساخن أفضل لها إلا أنها لا تستمع ...كم هي عنيدة
كالعادة أوصلتها لبيت جدتها حرصا على سلامتها لكن ما حدث في اليوم التالي جعل الصدمة تقع على رأسي
"ماذاااااا؟؟؟؟!!!!"
"أجل كما سمعت جدتي طلبت رؤيتك اليوم"
إنعقد لساني من شدَّة الصدمة....الم تقل بأنها لن تقول شيئاً عنا في الوقت الحاضر....صحيح أنني كنت أرغب بشدة بالتعرف على أفراد عائلتها ولكني بعد أن سمعت عن جدتها المخيفة لم أعد أرغب بذلك
"كيف حدث وأن أخبرتها عنّا...الم تقولي بأنك لا تريدين أن يعلم أحد في الوقت الحالي"
هزت رأسها بقلة حيلة وأكملت
"صحيح ولكن مع الأسف إتضح أن جدتي لديها أنف بوليسي فحين تناولت إفطاري وأخبرتها بأني ذاهبة للمتجر الذي يبيع أدوات الرسم أوقفتني قائلة( ما رأيك بأن تحضريه إلى هنا عوضاً عن لقائه في الخارج....ثم اليس لديه ذوق لم يأتي إلى الآن لكي يعرف عن نفسه)"
اوك...!!!الآن أنا مرتعب ○-○
سألتها في حيرة من أمري"ولكن كيف علمت بالأمر؟"
نظرت إلي وهزت رأسها بإبتسامة أيضا كانت في حيرة
"لقد سألتها مالذي تعنيه حينما قالت لي ذلك الكلام ولكنها إبتسمت إبتسامة شيطانية وقالت لي أتظنين بأنني غبية يا طفلة هيا إذهبي فوراً وقولي له أن يأتي لكي أقوم بتقيمه"
أنهت كلامها مع ضحكة خجلة ومعتذرة من أقوال جدتها
"يا إلهي ...أشعر بالتوتر لكي أكون صريح "
وضعت يدها على فمها محاولة عدم الضحك على خوفي الواضح من مقابلة جدتها
"إذا لا مفر من الأمر عاجلاً أم آجلاً عليي مقابلتها اليس كذلك؟"
"أجل معك حق"
وقفت ومددت يدي لها فأمسكتها وتوجهنا معاً خارج الشقة متجهين إلى حكم الإعدام...أقصد منزل جدتها
تقدمت أنابيل ما أن وصلنا للمنزل وفتحت الباب وبدأت بمُنادات جدتها والحديث بالإيطالية
"جدتي...لقد عدت"
سمعت صوت الأخرى قادم من الداخل
"أهلا صغيرتي...هل أحضرتي الهدف معك أم هرب كجرو صغير؟"
ماذا....؟؟؟!!! (هدف....جرو صغير)
"اوووه جدتي لا تتحدثي عنه هكذا ارجوك...ثم إنه شاب مسؤول ولا يهرب من أمور كهذه "
حبيبتي الصغيرة كم أعشقك...ولكن يبدو أنه لدي شجار قادم مع هذه الجدة
خرجت من الغرفة التي كانت آخر الردهة أمممم...لن أقول جدة...ولكن كيف علي أن أصفها ...لم يبدو عليها بانها قد تجاوزت الخامسة والثلاثين....فعلا لديها قوام شابة صغيرة
هل حقا هي في الخمسين من عمرها....لقد كنت مشدوه ولم أنتبه بأنها قد صارت على مقربة مني وتعطيني نظرات تفحصية بإشعاعات ليزر...
"مرحباً بك...أنا لوليتا جدة أنابيل من طرف والدتها"
إنتبهت بأنني كنت واقفاً كالأبله فتداركت الموقف ومددت يدي لها بإبتسامة وإنحناءة خفيفة
"سنيورا لوليتا ..لي كامل الشرف لمقابلتك"
إبتسمت لوليتا وكأن ما حصل قد راق لها شدت على يدي التي كانت تصافح يدها وقامت بسحبي لعناق مع قبلات على الخدين مما جعلني أجفل فأنا لم أقبل جدتي أو أمي من قبل
ولم تكتفي بذلك ولكنها قد تبطأت ذراعي وسحبتي لغرفة الجلوس.....مما دفعني للنظر لطلب النجدة من آنا التي إعتلت وجهها نظرات غريبة ناحيتي...هل إقترفت خطأ ما؟!!!
"تفضل يا عزيزي وإرتاح هنا...ماذا ترغب بأن تشرب فيبدو لي بأن حلقك جاف"
إبتسمت محاولا لم شتات نفسي فقد كانت السنيورا لوليتا محببة بعكس ما تخيلتها..
"شكراً لكِ لا بأس ببعض الماء"
"أجل سأحضره حالاً لا تخجل فالبيت بيتك عزيزي"
هززت رأسي لها ثم نظرت لآنا
ولكنها لازالت تطالعني بنظرة متفحصة وعاقدة حاجبيها ما المشكلة بحق الإله
"ما الأمر صغيرتي..لما انت..........."
ولكني قد قطعت حديثي.......تباً كم انا غبي فبسبب توتري الشديد حينما قابلت جدتها نسيت نفسي وتحدث بالإيطالية بكل سلاسة...وقد إنتبهت الآن للأمر حين عدت للحديث مع أنابيل بالإنجليزية
إذا نظرة الإعجاب التي رمقتني بها الجدة كانت بسبب حديثي بالإيطالية....رائع رين أحسنت فقد قمت بإرضاء الجدة وأفسدت الأمر مع أنابيل في نفس الوقت...كم أنا عبقري
عادت السنيورة لوليتا وفي يدها صينية وضعت عليها العصير والماء وقطع كعك
"ما الأمر أنابيل لما أنت واقفة مثل عمود الإنارة تعالي وإجلسي بجانب حبيبك المثير...هيا هيا عليي سماع كل شيء كيف تقابلتما"
كانت أنابيل متجهمة الوجه وحاولت قدر الإمكان عدم إظهار ذلك ولكنها لم تستطع إخفاء ضيقها فقد كانت كل ملامحها تبعث الحزن والصدمة...لا ألومها فقد أخفيت عنها أمر مهم
إنتبهت جدتها للأمر وتقدمت منها بقلق
"حبيبتي ...ماذا هناك لما أنت عابسة هكذا هل..."
ولكني قمت بمقاطعتها وقد أكملت الحديث بالإيطالية
"أنا ألسبب سنيورا"
إلتفتت إلي الجدة وقد عقدت حاجبيها فأنا في منزلها منذ أربع دقائق فقط ولم يتسنى لي الوقت لفعل شيء يجعل أنابيل تعبس بوجهها هكذا فما اللذي حدث
"هل يمكنك أن تكون أكثر وضوحاً"
"أجل سنيورا...بصراحة لقد كذبت على أنابيل في أمر ولكن لم يكن في نيتي الكذب "
لازالت أنابيل تنظر إلي بحزن منتظرة تفسيري بالمقابل جدتها كانت تنتقل ببصرها بيني وبين أنابيل تنهدت قائلة
"حسناً حسناً لنجلس أولاً ولنسمع بهدوء لكل شيء فالغضب لن يفيدنا ولن يحل المشكلة"
جلسنا جميعاً على الأرائك ولكن أنابيل جلست بعيدة عني فلم أحتمل ذلك وقفت من مكاني وتوجهت إليها وجلست بجوارها وأمسكت يدها.....نظرت إليها ووجدتها تقضم شفتها بتوتر مما ستسمع وبدأت كلامي
"لقد أخبرت أنابيل بأني لا أتحدث الإيطالية ..ولكن كما هو واضح فأنا أُجيدها بطلاقة"
رفعت جدتها حاجبها "ولما تخفي أمراً تافهاً كهذا ...أعني ما المشكلة بإتقانك لنفس لغة حبيبتك"
ضحكت على نفسي مما دفعهما للنظر إلي بحيرة
"بصراحة لم يكن في نيتي ذلك فقد قلتها بدايةً من باب المزاح"
وبدأت أحكي ما حدث في لقائي الأول وكيف أن جيجي جاءت للحديث عني أمام أنابيل
"صدقيني يا صغيرتي في بادئ الأمر كنت قد مزحت معك لكي أُضحككِ وقد ظننت بأنك قد فهمتي مزحتي...ولكن عندما بدأت جيجي بالكلام أحسست بأنها قد سببت لكِ الإحراج مما دفعني لقلب المزحة إلى جد فقد كنتِ على وشك الإغماء من شدة إحراجك وقتها "
نظرت إلي بعتاب وصدمة
"إذا لما إستمريت بالإدعاء ولم تصارحني مبكراً"
"أمم بخصوص ذلك ...لقد كنت أقوم بتأجيل الأمر إلى حين وصولي إلى إيطاليا ورؤيتك وجهاً لوجه ...فإن غضبتي مني وقطعتي إتصالك بي لن أحتمل ذلك "
بدأت جدتها بالضحك بإستمتاع وكأنها تشاهد مسرحية هزلية
مما دفعني وأنابيل للنظر إليها في حيرة وما أن هدأت حتى أردفت
.....................