كـ الغـريق الـذي فقـد الأمـل فـي النـجاه وكـان صـوتـه كـ سـباح مـاهـر!
ابتـسمت بـوهن ثـم تـركت العـنان لجفـونها فـ سقطت عـلي عينيها وهـدأ جـسدها تمـاماً وهـي تـدرك أنـها وصـلت للشـاطئ بـأمـان!
أمـا الأخيـر شـعر بـجسدها يـرتخي بـين يـديـه فـزمجـر بضيـق وراح يـصفعهـا ولـكن تلك المـره وجـد يـد فـولازيه تمـنع يـده قـبل أن تصـل لـوجنتها
رفـع عينـاها يـري مـن هـذا و يـا ليتـه لـم يفعـل!
عينـاه أم كـتلة من الجحيـم!
صـوت تنفسـه هـذا أم عـاصفه !
أهـذا ريّـان مـن الأسـاس أم وحـش سيطيـح بـكـل شـئ لأجـلها!
لـم يستـوعب مـاحـدث الإ عـندما عـاجله بـلكمه قـويه أمـالت رأسـه للجـه الأخـري ثـم أخـري وأخـري ونيـران قـلبه لا تـهدأ بـل أنـها تشتـعل أكـثر وأكثـر
استقـام "ريـّان" ثـم أمسـك تلابيـبه يـجذبه إلـيه ثـم صـاح بصـوت جهـوري مـحاط بـقسـوه لازمـته مـنذ سـاعات
_قـصاد كـل لمـسه هتتمنـي المـوت ألـف مـره!
ثـم لكـمه مـره أخـري ولـكن تلك المـره بقـوه مـضاعفه عـشرات المـرات فسقـط أسفل قـدميه يتـأوه بـشـده وهـو يضـع يـده عـلي وجنتـه المـصابه
ركـله بـقـدمه فـ التقصـت رأسه بالحائـط خلفـه فصـرخ بـألم.. بـصق علـيه ثـم همـس بتـوعد
_ورحـمة أمـي لأعرفـك أن الله حـق
نـظر حـوله بـنـظره خـاطفه فـوجد مـبتغـاه مـعلق عـلي الحـائط وبـحركه سـريعه كـان يـجذبه إليه
عقـد زراعـيه خلفـه ثـم احـاطه بالـحبال كذلك قدمـه وكـل هـذا وهـو مستسلم بـفعل ألم رأسه
ثـم أسـرع بـخطـاه تـجاهها وقلبـه يتلهـف شـوقاً لـها... جثـي عـلي ركبتيه أمـامه يسنـد رأسهـا عـلي صـدره قـائلاً بـلهـفه
_ضـي..ردي عـليا أنتِ كـويسه!
ولكـنها لاتستجيب فقـط انفـاس غـير منتـظمه.. تفحـص مـلابسهـا الممـزقه فـأشتعـلت حـدقتيه بـنيران كـما نيـران قلـبه تمـاماً
لـم يشـعـر بيـده التـي اشـتدت عـلي خصـرها بـقـوه تؤلـم.. ألقـي نـظره عـلي ذاك الـرجـل خلفـه وجـده شبـه واعـي فقـط يـحرك رأسه يمنيًا ويسـارًا
أعـاد حـجابها يـخفي مـا ظـهر مـن خصلاتها ثـم استقـام يـخلع ستـرته يـخفي جـسدها و لـم ينتظـر أكـثر فـ وضـع يـده أسفـل ظـهرها والأخـري أسفـل ركبتيها يـحملها مُـقربـًا رأسـها مـن صـدره
لـو كـانت واعيـه لكـانت سمـعت تلك المضخه أسفـل رأسهـا فـبرغم ثبـاته طـوال السـاعات المـاضيه إلا أنـه كـاد يمـوت خـوفاً مـن أن يصيبهـا أي مكـروه فيـصيب قـلبه هـو الأخـر
******
وضـعها عـلي الفـراش وكـأنها آنيـه فـخاريه يـخشي عـليها مـن الكـسر... مـلس عـلي خـصلاتها ثـم انحنـي ولأول مـره مـنذ زمـن طـبـع قُـبله عميقـه عـلي جبينهـا
ارتفـع بـرأسـه قـليلاً ثـم مـسح بـقايا دمـوعها ثـم همـس بـجوار أذنـها وهـو يتـابع انتفـاضة جـسدها بيـن الحيـن والأخـر
_أنـا أسـف..
نـظر إلي والـدتها التـي جلسـت جـوارها تبـكي بـصمت يـمزق القـلب بـمجـرد مـا رأتهـا تنهـدت بإرتياح ثـم بـدأت بعـدها بالبكـاء ولـم تسـأله إلي الآن مـا حـدث.. زفـر بـ تعـب ثـم تحـدث بـصوت منخفـض
_غيـري هـدومها وخليكِ جمـبها لمـا تفـوق ابـقي كلمـيني
هـزت رأسـها وتـساءلت
_أنتَ هتمـشي!
هـزّ رأسـه ولـم يكـلف نفـسه عـناء الـرد ورحـل
******
_بـت يـا نسـمه يـلا هنمـشي
قطبـت جبينهـا بـإستغـراب وتـساءلت
_هنـرجع دلـوقت يـامه!
ردت عـليها وهـي تـحزم الحقائـب
_أيـوه البسـي الـطرحه يلا خطيبك هيـوصلنـا
_زفـرت بـضيق وعلقـت:مـاكـنا نـرجع الصـبح مـش لازم هـو يـوصلنا
رمقتـها بـحده وأردف
_ أخلصـي يـا عيـن أمـك الـطريـق لـسه طـويل.
هـزت رأسهـا بـضيق تـحول لسـعادة عـارمة مـا إن تـذكرت "ريّـان" بـرمت خصلاتها حـول أصبعها وقـالت بـ ثقـه
_ومـاله استـحمل خطيبـي شـويه لأجـل مـا أشـوفه مكـسور.
انهـت جـملتها بـضحكـه لـن تـدم طـويلاً.. فـكما تـدين تُـدان!
******
_حـظك الأسـود وقـعك فـي طـريقي يـا شـاطر..أنـا ممكن أسـامحك فـي أي حـاجه إلا هـي
أنـهي جـملته وهـو يـركله بـمعدتـه بـركبتـه ثـم لكـمه وأخـري وأخرى كـلما تـذكر خـوفها الشديد..
لـم يـكـن جـوارها ولـكنه حتمًا يستـطيع أن يستشـف ردة فعـلها
لـم يـعـي أنـه فقـد وعـيه إلا عنـدما شـعر بـ ثقـل جـسده..نـفضـه مـن يـده كـالـوباء واتجـه للمـطبخ بـخطـوات سـريعه نـظـر حـوله يبحث عـن دلـو فـوجـده مُلقـي بـجـوار قـدمه
وضعـه أسفـل الصنبـور ثـم التفـت مـره أخـري يبـحث عـن ملـح الطـعام بيـن الأرفـف الكـثيـره وجـد ضـالته أخيـرًا فـ ابتسـم بـمكـر سينتقـم بـأبشـع الـطرق... سيجـعل المـوت هـو طـريق النـجـاه الـوحيد مـنه
شهـق "حسـن " عنـدما سُـكب عـليه دلـو مـن المـاء البـارد فـ استقـام بـجلستـه ببطء وهـو يتـأوه بـألم ثـم نـظر لـ "ريّـان" بـ كراهيـه شـديده فـ ضحـك الأخير بـصـوت عـالي وتشـدق بـصوت أجـش مُخيـف
_يـاراجل بـقي أفـرفش معـاك شـويه يغمـي عليـك!.. أنشـف شـويه التقـيل لسـه مـجـاش
لهـث بـعنف وتشـدق بـثبات حمـل بيـن طيـاته خـوف التقطـه "ريّــان" بـهدوء
_أنـاا... أأ.. أنـا مـش هـسكت... هـسكت.. هـطلـع مـن... هـنا عـلي قسـم الشـرطه
تـأمله "ريّـان" للحـظات ثـم انفجـر ضـاحكًا وهـو يقـول بـصعوبـه مـن بين ضحـكاته
_ لمـا تتطـلع مـن هـنا الأول نبقـي نشـوف المـوضوع دا
وبـحـركه مُبـاغته جـذبه مـن تلابيـبه وهـمس مـن بين أسنـانه
_وبعـدين لـحد ضـي وأي حـاجه ممـكن تتخيلـها متفـرقش معـايا
ثـم القـي بـه مـره أخـري وهـو مـازال مُكبـل..انحـني إليـه وكـاد يتـحدث ولكـن هـناك لـمعان جـواره أجـبـره عـلي النـظر إلي أسفـل المـقعد ابتسـم بـدهاء ثـم التقط السكيـن وحـدق بـها متـشدقًا
_الله..تحـس أن القـدر بيسـهلي كـل حـاجه
قـرب السكـين مـن وجـه وتسـاءل بهسـيس مـخيف وكـأنه استـوعب للتـو
_السكـينه دي بتعـمل إيـه هـنا!
لـم يـرد فـ تحـولت نـظراته إلي أخـري قـاتمه مخـيفه أسـرت الـرعب بـ جـسده إلا أنـه لـم يُـظهره وتحـدث أخيـرًا بضـحكه مستفـزه
_متتخيلـش كـانت مـرعـوبـه أزاي..
وياليته لـم يتـخيل! لكمـه بعنـف ثـم غـرز السكـين بـ كـف يـده بحـركه مُبـاغته ونـظـر لـه متـحدثـًا بـهدوء وكـأنه لا يفعـل شيئًا
_هـا...وإيـه كـمان!
صـرخ بـشده وتـعرق جبينـه وهـو يتلـوي مـن الألـم عـله يـهرب ولـكن حـركته لـم تـزده إلا ألمـًا فـأستكـان واستسلـم لمصـيره ولأنـه يعلـم أنـه سـيهلك بـكِلتا الحـالتين عـاد يكـمل بـإستفزاز
_مقـولتلكش بقي لمـا قطعـت هـدومها.. كنت مبسـوط بخـوفها زي مـا أنـا مبسـوط باللي بتعـمله دلـوقت
غـرز السكيـن أكـثر وتسـاءل بـإستغراب مصطنع
_يعـني أنتَ مـش حاسس بـوجع دلـوقت!
ورغـم صـرخته المـتألمه إلا أنـه هـزّ رأسه بنـفي ولـم يقـوي عـلي الحـديث فـضحك "ريّـان" بقسـوه وتشـدق بنـبره خبيثـه
_يـاراجل متقـولش كـدا... دا أنتَ حتـي لسـه مصـوت ولا أجـدعها سـت
بـادلـه "حسـن" ضحـكاته وأردف ربمـا بأخـر جملـه لـه
_اضـرب بـراحتك.. حقـك الصراحه البـت فـرسه وتـستـاهل
تسونـامي... تسـونـامي عنيـف ضـرب بـرأسـه فــجـذبه مـن تلابيـبه ثـم أمسـك بالسـكين وسـار بـها عـلي طـول زراعـه ببـطء أصـاب الأخـر بـألم كـاد يفتك بـه ولكـن لـم يستسلم فــظل يضحـك بإستفـزاز مصـحوب بـصراخته
وهـذا مـازاد "ريّـان" إلا إصـرارًا وهـو يهتف بفحيـح
_أنـا عـايـزك تضحـك كـده ديـمًا علشـان أشـوه بـاقي جسمـك بضمـير مرتـاح
انتهـي مـن زراعه الأيسـر فـاتجه إلي الأخـر وأحدث جرح بسيط ثـم تشـدق بـ برود
_شـوفت أنـا راجـل حقـاني أزاي محبـتش أزعـل إيـدك التـانيه
عـنـدما أدرك أن ضحـكاته ستـعود علـيه بالضـرر تـوقف وظـل يلهـث بعـنف وصـوت صـراخته تـقف تـدريجيًا
لاحـظ "ريّـان" ذلك فـ صفع وجنتـه بعـنف عـدة مـرات ثـم سـكب عليـه مـا تبـقي بالـدلو فـانتفض الأخـر بـسرعه ومـازال يلهـث وكـأنه خـرج مـن سبـاق للتـو!
القـي "ريّـان" الـدلو عـلي الأرض فـأحدث ضجـيج عـالي ولكـن لـم يبـالي وعـاد يتجـه إليه قـائلاً بتـكهم قـاسـي كـ هيئته
_مـش كـنت مبسـوطه مـن شـويه!... فـوّق كـده مـعايا دا أنـا لسـه هبسطك أكـتر.
ثـم انـحني يلكـمه بـوحشيه مـحدثًا جـروح ليست غائـره ولكنها تؤلـم وستـترك أثـرًا عظـيمًا سيتـذكـره طـوال حيـاته
وبـعد دقـائق أبتعـد عـنه وهـو يلهث مـن فـرط المـجهـود الـذي بـذله والـذي تـكونت عـلي إثـره حُبيبات الـعرق عـلي جبينـه
فـتح أول أزرار قميصـه ثـم تنـاول عبـوة مـلح الطـعام ورفعـها امـام عيـناه قـائلاً ببـساطه
_سمـعت أن الميه المالحـه بتطـهر الجـروح..بـس المـوضوع جـه بـسرعه وملحقتـش أجيب غـير مـلح بـس
صـرخ الأخـر بـفـزع ثـم زادت حـركته مـا إن عـلم نـواياه...لـم يأبـه "ريّـان" لـصراخه واستـطرد
_اهـي أي حـاجه فـيها ملـح وخـلاص!
انهـي حـديثـه بإبتسامـه شـامته ثـم انحـي ليثبتـه بيـد والأخـري تسـكب مـن العبـوة علـى الجـروح الغـائره التـي أحـدثها
صـرخ بقـوه عنيفه وتـألـم كـما لـم يتـألم مـن قـبل..والأخـر لايهتـم بـل أنـه سـكب العبـوه كلها فـوق الجروح ..نهـض عـنه ثـم نـظر لـه بنـظره خاليـه مـن النـدم أو الشفقه
_أهـي النـار اللي أنتَ حـاسس بيـها دي متجـيش حـاجـه جـمب النـار اللي كـنت حـاسس بيهـا
التـوي شـدقه بـابتسـامه مـتهكمه ثـم تفحصه بنـظره سـريعه قـبل أن يـرحـل مـتشـدقًا بـثقـه
_هتعيـش طـول عـمرك تفتكـر ريّـان!
ثـم رحـل وتـركه لمصيـره المجـهول إمـا النـجـاه أو الهلاك هـنا دون أن يـدري أحـد!
*******
_اتفضـل يـا عبـدلله هتمشـي علطـول كـده
قـالتها "مُـنيره" بـحنـو أمـوي صـادق وهـي تـربت عـلي زراعـه.. ابتسـم بـحب ورد
_مـعلش يـا حمـاتي مـره تـانيه
_همست "نسمه"بـ إمتعـاض :حمـاتـي!! دا عـلي جثتـي
تحنـح بـخفـوت ثـم قـال
_عـايزيـن حـاجه قبـل مـا امشي؟
_ردت "مُـنيـره":لا يـا حبيبي سلامتك.
ثـم القـي السـلام واتجـاه إلي السلـم وهـو يـطالع "نـسمه" بـ نظـرات حـالمه وأخـر عـاشقه مُتيمـه ولكـنها قـابلتها بـإبتسامه بـارده أصـابته بـاحبـاط فـنظـر أمـامه وأكـمل طـريقه
_ادخـلي يـا بت يـا نسـمه واقفـه ليـه كـده!
عـلقت أنظـارها عـلي بـاب "ضـي" وأردفـت بتـشفي وابتـسامه خبيثـه
_حـاضـر يـامه.
وبـ ذات الـوقت كـان "ريّـان" ينـزل درجـات السلـم بـقوه أنُهكـت.. نيـران قلبـه هـدأت بعـض الشـئ، ولكـنها عـادت تشتـعل مـره أخـري عـندما لمحهـا تـدلف إلي منـزلها، ظـهرت أسنـانه بـضحكه قـاسيه وصـاح بـ نبـره قاتمـه حـاده
_يـا أهـلاً بالمـحتـرمه!
فتحـت البـاب بعـدما كـادت تغـلقه ووقفـت تنـظر لـه بـ عينين متـسعتين بـإستـغراب
لـم يـكـن محـطم..لـم تـري لـمحة مـن الحـزن بمـلامحه المـكفهره بـطريقـه مُرعـبه...بـدي أشـرس وأقـوي بـطريقه أسـرت الـرعب بـجسدهـا..بـدايـة مـن صـوت اصـطكـاك أسنـانه حـتي عـروق يـده نـاهيك عـن عـينـاه اللتـان تـحدقـان بـها وكـأنهما جمـرتان مـن النـار
تـوتـرت وتـعرق جبينـها فقـالت بتـعلثم وهـي تغلق البـاب
_بـعـ....بعـد..أأأ..أذنـك
ولكـنه كـان الأسـرع فـجذبـها مـن معصمهـا وألقـي بـها أرضـًا عـند قـدميه فـصرحت بـتلقائيه وعـلي إثـرها خـرجت "مُنيـره" تصـك علـي صـدرها بـفزع وهـي تقـول
_مـالك يـانسمـه؟
ثـم عـاونتها عـلي النهـوض وهـي تـرتجف خـوفاً مـن ذاك الـوحش،أخفتهـا سـريعًا خـلف ظـهرها وتشـدقت بنـبره مـهزوزه وهـي تـحدق بـقطرات الـدماء التـي تنـاثرت عـلي قميصـه الأبيض بعشـوائيه
_عـايز إيـه يـاجـدع أنتَ!
_رد بهـدوء خطـير :كـل خيـر بـس اوعـي أنتِ مـن طـريقي
_أنتَ مجنـون! أنتَ عـايز إيـه ؟
جـذبهـا مـن خـلف والـدتها وتشـدق بـإستنكـار وأنفـاسه قـد ارتفعـت بـجنون
_مجنـون! أنتِ لسـه شـوفتي حـاجه!!
ثـم اقـترب مـنها بـحركه مُباغته وهمـس بهسيس ومـلامح جحـيميه
_أنـا عمـري مـا مـديت إيـدي عـلي واحـده ،بـس أنتِ متتحسبيش مـن البشـر أصـلًا
أنـهي حـديثه بـصفـعه تـردد صـداها بالمـكان،صفعـه أودع بـها غضـبه بالـساعات المـاضيه
صرخـت "نسمـه" بـقوه ثـم فقـدت تـوازنـها وسـقطت أرضـًا
لـم يـكـن "عبـدلله" ابتعـد كـثـيـرًا فـكان يـهبـط بـبطء شـارد بـ تلـك نسـمه... ومـا إن استـمع لصـراخهـا حـتي صـعد بـسرعه البـرق يتــأكـل كـل ثلاثـة درجـات بـقفـزه
صـاح بـصـوت جـهوري وهـو يـراها مُـلقاه وذاك المـاثل أمـامها يتنفـس بـغضب أسـود.
_نـسمـه!
ثـم تخـطي ذلك الحـشد الصـغير وأذنيه تلتـقط بعـض الهمهمـات المُخيفه.....وقـف أمـامها وبـ حـركه سـريعـه كـان يـجذبها مـن معصمهـا لتقـف خـلفـه ثـم نـظر لـ"ريّـان" بـوعيد استقبله الأخيـر بهـدوء ثلجـي لا يبـالي أشـاح "عبـدلله" نـظره عنه ثـم صـاح بالجـميع
_المـولد اتفـض..يلا لـو سمـحتوا!
ارتفعت صـوت الهمهمـات أكثـر تبعهـا أصـوات سـاخره تصـاحبهم وهـم يـرحـلوا
_مـش رجـولـه أنـك تمـد إيـدك عـليها
قـالهـا "عبـدلله" بـإشمئزاز وهـو يلكـمه بـوجهه..لـم يكتـرث "ريّـان" بـل ابتسـم بـشيطـانيه ومـد أصـابعه يزيـل تلك الدمـاء التـي أنسـدلت بـجانب شِفـاه ثـم نـظر إلي أطـراف أصـابعه بنـظرات غـامضه ولكـنها مُـرعبه وتحـدث بهمـس
_حظـها أنـي متربتـش عـلي كـده وإلا كنـت كسـرتها مـش ضـربتها قـلم بس!
استفـزه حـديثـه بـشده فـعاد يلكـمه وهـو يـزمجـر بـغضب ولكـن "ريّـان" تفـداها تلـك المـره وأمسك يـده ثـم نـظر لـه ببـرود يحـمل بـطياته بـراكين قـسوه وغضـب وقـال بـ عنفـوان
_شـوف أنـا مـن الصبـح الشـيطـان بيـوزني أنـي اقتـل حـد.. فبـلاش تنـول أنتَ الشـرف دا
صـمت لـثوانـي ثـم خـرجت نبـرته تهـكميـه
_أسـأل المحتـرمـه اللي وراك عمـلت إيـه!
وكـان ذلك دور والـدتها التـي تتـابع الحـديث وقـد بـدأت تقسـو نظـراتها.. اقتـربت مـنها ثـم جـذبتها للـداخل فـ اتبعـها "عبـدلله" وقـد بـدأت تسـايره الشـكوك
ظـل "ريّـان" مـكانه حتـي بعـدما أغلـق "عبـدلله" البـاب..يخـشي مـواجهتها حـد الجحيـم!
دلـف إلـي شقـته أبـدل ثـيابه سـريعًا ثـم تـوجه إليـها بـخـطوات هـادئه بطيـئه
دق البـاب بـخفـوت وانتـظر لـثواني حـتي فُتـح قابلته "هـدي" ثـم طـمأنته بـإبتسامـه تبعها كلمـات مقتضبـه
_كـويسـه ولسـه صـاحيـه مـن شـويه.
زفـر بـ إرتـياح ثـم هـزّ رأسـه واتـجـه إلـي غـرفتهـا وقلبـه يـرتجف بـدلًا مـنها...
تسـللت رائحـة عـطره المـميز إلـي أنفها فـرفعت رأسهـا إليـه والـذعـر يـرتسـم بـحدقتيها ببـراعه كـسرت قـناع القـسوه والبـرود وحـلّ محـله نـظرات حـانيه حـملت أمـان العـالم كالعاده
جـلس بـجوارها عـلي الفـراش ودون مـقدمـات كـان يـجذب رأسهـا إلـي صـدره دون أن يمـس جـسدها فـعلـيًا
أمـا هـي حـاوطت عنقـه بـيـد والأخـري فـوق صـدره تتمـسك بـ قميصـه وأطلقت العـنان لـدمـوعها وصـوتها الـذي خـرج مُتأخـرًا..
تلعـن غبـاءها وضعفهـا ألاف المـرات.. أهـذا الأمـان الـذي أرادت التـحـرر مـنه يـومًا!
لـم يـكـن عليـها التسـرع والهـرب.. لـم يكـن عـليها الانخداع بكـلمـاتها...فـإن قـال "ريّـان" هـذا يـؤذي فـ انتهـت وإن قـال العـالم أجمـع غيـر ذلك
هـو الصـديق والأب هـو مـن قـام بـدور الأم حـتي كـبرا سـويـًا..هـو يعلمـها أكـثر منـها.. هـو أقـرب إليـها منـها.. هـو المـلجأ دومـًا فكيـف تـجرأت وخـذلته!
أمـا هـو كـان الخـذلان والنـدم يقطعـه إربًـا..أيـن عـهده بـحمايتهـا..أتصـدع ذلك الحصـن الـذي كـان يحميهـا أم مـاذا!
كيـف يلـومها وهـو يعلـم أنـها بريئـه سـاذجه حـد اللعنـه..شـابه بـعقل وقلـب طفـله!
كـان يخـشي علـيها مـن ذلك العـالم القـاسي الـذي لـم يتفهم كـم أنـها عفـويـه وحنـونه تمـلك مـن البـراءه مـا يكـفي لهـذا العـالم لا أحـد يستطيع فهمـها سـواها..
لـم يصمـتها ولا تحـدث بـل ظـل يـربت عـلي كـتفها بـحنـو.. تـركـها تـخرج خـوف السـاعات المـاضيه فـهو يعلـم أنـها لم تصـرخ ولا قـاومت فـهي أضعـف مـن ذلك
شـعـرت بأن أحبـالها الصـوتيه تمـزقت.. فقـد أرهقـها الصـراخ والبكـاء فـ ارتخـت رأسهـا عـلي صـدره وبين الحـين والأخـر تنتفـض حـتي هـدأت قليلًا ولكـن مـازالت يـدها متشبثـه بـقميصـه ودمـوعها لـم تـجف فـظلت تسيـل خـالفـه وراءها بقـعه كبيـره عـلي قمـيصـه..