عندما يتجادل المحبون ينهزم الأكثر حباً ،وليس الأقل حجة .
"جبران خليل جبران"
جميع العلاقات تتضمن المشاكل والخلافات وحتى على الاشياء الصغيرة جداً وحتى أصدقها وأعمقها لانها تسمى علاقات انسانيه والإنسان بطبعه مخطيء وجل من لا يخطيء فكل شيء يتضمن نسبه من الأذى حتى وان كان سهواً او جهلاً وفي بعض الأحيان عمداً فعلى الانسان ان لا يرى نفسه بمنتهى النقاوة ابداً ،وان حدث خلاف لا يعني انها النهايه وانما اختبار فمنذ ان كنا صغاراً ونحن نمر بالاختبارات والمواقف ليتبين من الأوفى ،الاصدق ،الذي يحتمل ويصبر ،من يتفهم ومن سيرحل ، وقصه قيصر وأيڤ مرت بأختبارات ايظاً .
اذ بعد عودتهما من عطلتهما في الشمال بدأا بالتأقلم مع حياتهما الجديدة والتخطيط لمستقبلهما وكأن الحياة بدت اكثر جديه من ذي قبل والمسؤولية ازدادت ايظاً ولكن ماداما معاً كل شي سيكون اسهل وأجمل ،
اذ عاد كل منهما لعمله مباشرة ، أيڤ كان التغير عليها اكثر كون ان لديها الكثير من أعمال المنزل عندما تعود كما ان علاقتها مع والدة زوجها لم تكن جيدة في البدايه حتى وان لم تظهر والدته ذلك ولكن النساء تفهم على بعضها اكثر ،كون قيصر لم يتزوج البنت التي اختارتها هي ،فهذا الشيء أزلي ، نادراً ما تكون الام راضيه على اختيارات ابنها وتتمنى دائماً ان يتزوج باختيارها هي كما ان والدة وضعها مختلف اكثر لانه كل شيء بالنسبه لها وربما تغار او تخشى انه بحبه الكبير لأيڤ يبتعد عنها ، ولكن مع مرور الأيام استطاعت أيڤ بجمال قلبها ان تزيل تلك الحواجز بينهما بل قربته من والدته اكثر واكثر وباهتمامها اثبت لوالدته كم كانت مخطئة اتجاها ، لان أيڤ كانت تراها بعيني قيصر وتعلم كم يحب امه وبذلك أصبحت علاقة هاتين الامرأتين افضل وأفضل .
اعتادت أيڤ على منزلهم الجديد بعد فترة ليست بالقليلة فمهما كانت مرتاحة وسعيدة بمن تعيش معهم فسيبقى منزل والديها الأقرب لانه البيت الذي يحمل رائحتهما حبهما ،طفولتها وذكرياتها ، فليس من السهل الاعتياد بسهوله ،رغم ان منزل قيصر صغير ودافيء ايظاً واكثر مكان تحبه هو غرفتها وخصوصاً تلك الشرفة التي رتبها قيصر من اجلها قبل زواجهم لانها كانت تحب الشرفات وقد وضعت فيها مقاعد وزينتها بالزهور الطبيعيه والنباتات الخضراء ،اذ كانت اكثر مكان يجلسان فيه ويتكلما في كل شيء وهما بجانب بعض ،وأحياناً يطلب منها ان تغني له بينما هو يتكيء داخل حظنها بهدوء وكأنه يستريح من تعب طويل متخلصاً من كل همومه ،وأسعد لحظة بالنسبه لأيڤ عندما يرفع رأسه ويقول :
_أحبك يا فراشتي الصغيرة ، أيڤي انا .
لقد اكتفيا ببعضهما الى حد التوحد فعندما يكونان معاً ينسيان كل شيء ولكنهما يرتبان وقتهما ، ولا يهملان اصدقاءهم وعائلاتهم ابداً فقد احتفظا بعلاقاتهم الجميله مع الجميع كما هي .
اما بالنسبه للنقاط الذين اتفقا عليها من قبل قد نفذا الكثير منها وزادا عليها نقاطاً اخرى ،اذ قيصر اصبح يعد الفطور في ايّام العطل ،كما انه لا يذهب الى العمل قبل ان يقبلها وعندما يعود ايظاً ، اذ كانت تعرف كيف تجعله ينفذ ما تشاء بالحب والمشاركة فمثلاً تجعله يمشط شعرها لانه دائماً يطلب منها ان تبقيه مبلولاً لانه يحبه هكذا برائحته الطبيعيه من غير العطر الخاص بالشعر .
كان يتحمل كل جنونها وأساليبها الطفولية في بعض الأحيان وكانها ابنته الصغيرة في احيان وأمرأته الناضجة في احيان اخرى ، فكانت عندما يكون لديه مناوبه ليلية بالمستشفى تنام في غرفة والدته قيصر وأحياناً تقضيها في بيت اهلها لانها ببساطه تخاف النوم وحدها بالطابق الأعلى وربما اعتادت عليه لدرجة أصبحت تخاف الوحدة ولا تستطيع النوم بعمق الا بعد ان تتحسس أنفاسه بالقرب منها وهي تمس وجها وتضرب على انفها ورقبتها ، ومن اجل ذلك تعاقبه اذا عاد في وقت مبكر من الفجر فمن اجل ان تفتح له باب المنزل والاستيقاظ من النوم بأن يحملها الى الأعلى وهو يتمتم (((:
_عندما تتزوج مجنونه ،تضطر لفعل كل شيء ، وتصبح مجنوناً مثلها ايظاً.
فترد عليه :
_لا تتذمر وإلا لن افتح الباب في المناوبة القادمة ):
اما عندما تزورهم وفاء واهلها فالمتعة والكوميديا على اصولها بالنسبه لقيصر على ما ستفعله أيڤ ،
لانها لا تحبهم ابداً فتستمتع وهي تغيظ وفاء ،
ففي كل مرة يزوروهم ترتدي اجمل ماعدها وتتزين وترتب كل شيء لتظهر اجمل من الكل ، كما وتحظر لهم أطيب أطباق الطعام ليس لأجلهم بل لتثبت لهم انها الافضل ولهذا السبب اختارها هي ولم يتزوج وفاء ، وعندما يتحدثن بمكر النساء اذ لكل كلمه تقولها وفاء تردها أيڤ بثلاث ،اما قيصر فتجده يعمل إيماءات لأيڤ برأسه ضاحكاً من غيرتها .
اما مشاجراتهما فكانت على الأشياء الصغيرة المضحكة وخصوصاً عندما يحاولان اختيار فلم لمشاهدته في العطله ،ففي احد ايّام الخميس على سبيل المثال ، بدا كالمراهقين وهما يتشاجران ،كل واحد منهما يريد عرض الفلم الذي اختارة ، فهي اختارت الفلم الهندي ( Ek Villain ) اذ كانت تحبه وهو اختار فلم "الساموراي الأخير " لتوم كروز لانه فنانه المفضل ،وبعد مشاددات طويله كانت والدته قصيرة المستمتع الوحيد على مشاجراتهم طفوليه ، هي فازت والكل اتبع رأيها وهذا ما يحدث دائماً أساساً (:
وبينما هم الثلاثة يشاهدون الفلم اذ وصل الى قريب النصف وتحديداً بزواج البطلان وكم بدا سعيدان ، نهضت أيڤ ثم قالت:
_لقد انتهى الفلم بالنسبه لي ، انا دائما أراه الى هذا الحد لأني احب النهايات السعيدة .
_لكنه لم ينتهي يا أيڤ ، قالت الام
_انا لا احب الحزن يا خالة ، عن اذنكم .
وبعد ان انتهى الفلم بموت البطله وهي حامل وانتقام البطل من الذي قام بقتلها ، عاد قيصر الى غرفته فوجد أيڤ ترتب الفراش ، فأخذه من يديها ،ثم جلسا ووضع قيصر جبينه على جبينها وأنفه بالقرب من أنفها وبدأ الكلام قائلاً:
_لماذا تخافين النهايات الحزينه ٠
_انا لا أخافها وانما لا احبها ، لان عندما يموت احد الطرفين بالقصه يواصل الثاني حياته بعذر ان الحياة يجب ان تستمر وربما سيحب اخرى وينساها.
_ولكن الموت حق وليس بيد احد ، هو لم يتركها بأرادته ،كما انه لم يحب غيرها ، انا لا أريدكِ ان تخافِ من مواجهة اَي شيء ، الهروب لن يجدي نفعاً .
_لا تبالغ يا قيصر وتحول الموقف لموضوع فلسفي ،ارجوك .
_انتِ تعلمين انني لا اقصد الفلم ، وانما انتي ،انتي كل شيء انا لن اتركك ابداً ، سنواجه كل شيء معاً ، اذا خفتي تمسكي بي وإذا حزنتي سأسمح دموعكِ بيدي ، اذا هربنا من الشيء وهو ما يزال جميلاً لاننا نخاف ان تظهر لنا قبحه وسوءه فسنضيع الجمال الذي بقيه منه وربما اجمل من الذي رأيناه كما اضعتي الكثير من المشاهد الجميله المتبقية بالفلم ، تعلمت هذا بحبكِ وما زلت اتعلَّم منك كل يوم لانكِ تضيفين لكل شيء بحياتي طعم اخر مختلف جعلتيها ملونه بعد ان كانت رماديه تجمع بين الاسود والأبيض فقط ،فأنا كنت اخاف الحب لكي لا أتألم ،نعم ليكن لقد تألمنا وعانينا ولكن فالآخر فزنا واجتمعنا ،اتعلمين :
منذ ان مات والدي ومررنا بأسوء ظروفنا وانا انبذ حظي دائماً ، لأنني لم استمتع بطفولتي ومراهقتي كالبقية ولما كبرت عرفت انني افضل من غيري لان لدي ام عظيمه فعلت ما لم تفعله كل الأمهات ثم جأتِ انتي ومن يومها وانا اشكر اللة كل يوم لانني محظوظ جداً بكِ وسأبقى ممتن لتلك الصدفة فقد كانت من اجمل الصدف التي منذها وقلبي لم يتوقف كم مسكته هكذا وحاولت إسكاته عندما تركتني ولكن في كل مرة يتحداني اكثر معلناً نبضاته ضدي بشكل اكبر .
ابتعدت قليلاً وهي تقول :
_لو لم نجتمع ولو تمسك ابي بقراره ،ماذا كنت فعلت ؟! كنت ستحزن ولكن كنت ستكمل حياتك ،أليس كذلك ،...
ثم أبعدت وجهاا وعينيها عنه لا تستطيع النظر بعيني قيصر كأيماءة للغة جسدها تشير الى انها خائفة من ما سيقوله .
_كنت سأتزوجكِ ، ولن استسلم ،ولو بقيت على بابكم سنين ، ولكن اذا افترضنا رغم انني لا أستطيع تخيل حتى الفرضيه ،كنت سأخلدكِ في قلبي ولن احب غيركِ ،كنت سأصبح شاعراً اوكاتباً من اجلكِ ولكن أي حاسوب وأي ورق يستحق ان يكتب عليه أسمكِ ، وبأي لغة سأكتبكِ وكيف سأصف قلبكِ ، قلب الفراشة الأبيض الجميل ، هذا القلب الذي لم اجد في الكون مثله الذي لا يتوقف عن الحب والتعاطف مع الآخرين حتى وانتي حزينة تتحملين اكثر من طاقتكِ وتذكري دائماً انتي فراشتي وأثر الفراشة لا يزول ...
دمعت عينيها من كلامه مثل كل مرة وقالت :
_احبك كثيراً ، انت كل ما اريد وكل ما املك ،
منذ ان رأيتك وانا كل يوم اغرق بك اكثر ولا اريد ان أنجو منك لا تمد لي قارب نجاة ابداً .
بعد ان أطمأن قلبها ، وسمعت ما تريد فرحت واختبأت بين أضلعه وكأنها تهرب من هذا العالم الى حظنه ، نامت على صوت نبضات قلبه كطفلة صغيرةً .
تجري الايام والشهور مسرعة في وقتنا الحالي تمر وهي تجلب اشياء جديدة واحداث غريبه مغيره الكثير من الأمور في الحياة ،
فقد حصل قيصر على ترقية وأصبح احد أعضاء مجلس إدارة القسم الذي يعمل فيه بالمستشفى ، وبهذا أزدادت ايّام المناوبه الليليه وساعات العمل ،كما أصبحت لديه عيادة خاصة لأيام محددة بالأسبوع بالتناوب مع طبيب اخر ، كل شيء تحسن وخصوصاً امورهم المادية ولكن لكل شيء مزايا وعيوب والشيء السيء وهو اهم شيء بالنسبه لكل علاقة هو تخصيص وقت وإعطاء قدر من الاهتمام للطرف الاخر وهذا الذي بدأ يقل يوم بعد اخر بسبب انشغاله الطويل بالعمل الذي كان يأخذ كل الوقت تقريباً وهذا الذي لم يعجب أيڤ ابداً وأصبحت كالفجوة بينهم التي تكبر كل يوم اكثر ، ففي البداية لم تستطع سوى الوقوف الى جانب قيصر وتشجيعه ،لم تكن تعرف ان هذا الامر سيصبح مؤذي هكذا ، أصبحت تفتقده جداً وتشتاق اليه حتى ، حاولت ان تصبر ولا تواجهه على أمل ان ينتبه اكثر ويحاول تغير ساعات العمل وتوفير وقت اكثر لعائلته ولكن دون جدوى .
وبعد ان اصبح الامر لا يطاق قررت التناقش معه مثل كل الخلافات الذي مرت بعلاقتهم واستطاعوا حلها معاً ، اذ فتحت الموضوع امام امه بعد ان أعدت لهم القهوةً وقالت موجه الكلام له :
_اصبحنا نفتقدك كثيراً ، أليس كذلك يا خاله ، الا تشتاق لنا انت ، لماذا لا تترك مجلس الإدارة وتعود لمنصبك القديم ، عالاقل سيصبح لديك وقت اكثر ، ونعود كالسابق .
أيدت كلامها والدته وقالت :
_كلام أيڤ صحيح يا بني ، لقد اصبح كل وقتك للعمل وان لم تستطيع التوفيق بين العائله والعمل فيجب ان تختار عائلتك ، ونحن الحمدلله لدينا ما يكفينا .
فعارض كلامهما قائلاً:
_لا يمكن ان اتركه ، الا يجب على الانسان ان يطور من نفسه ، هل تريدانني ان ابقى طوال عمري في نفس المكان ، وايظاً الست معكم البارحة واليوم ،كما انني أعود مبكراً ان لم يكن لدي اجراء عمليات .
_يمكنك ولكنك لا تريد ،
كما تقصد انك معنا في الليل فقط ،كالضيف تأتي متعباً تتناول العشاء وتذهب للنوم مبكراً ، الم تلاحظ متى اخر مرة سألتني عن أمور عملي ، وآخر مرة زرت فيها اهلي ، مللت من عملك وعدم مبالاتك التي أصبحت لا تطاق .
وضعت كوب القهوة على الطاولة بغضب وصعدت الى غرفتها وأغلقت الباب ورمت نفسها على السرير
ذهب ورائها مثل كل مرة لمصالحتها ولكن هذة المرة مختلفة فهي لم تغضب مثل هذة المرة من قبل ، اذ كانت تخبيء وجها بين الوسادات ،لا تريد ان يرى دموعها هذه المرة ولا تريد اعتذاره ولا كلماته الجميلة ،وقبل ان يضع يدهُ ليمسح على شعرها ويحاول احتظانها ،ابعدت جسدها وقالت :
_لا تقل شيء ، ولا تبرر ، ان كنت تريد ان ارضى ، فأعمل مثلما قلت لك ولنعود كالسابق .
_ولكن يا أيڤي......
قاطعت كلامه وقد بدأت تبكي بصوت
_لا تقل أيڤي ...
فلم يجرأ على قول اَي شيء ، سوى قام بجبرها على النوم بطريقة صحيحة ثم قام بتغطيتها وقبلها على رأسها وهو يقول :
_حسناً ،لا تحزني ارجوكِ، أعطنيِ بعض الوقت فقط .
كانت الليله الاولى الذي ينامان فيها وهما بهذا القدر من الحزن كم بدا بعيدان عن بعضهما وهم في الحقيقة يفصل بينهما سانتيمترات فقط ، فالبعد ليس بالمسافة وانما بالقلوب .
حاول قيصر محاوله فاشله لتصحيح بعض الأمور ، اذ ذهب معها لرؤية عائلتها و احظر لها بعض الهدايا ، وفي بعض الأحيان حاول القدوم لتناول الغداء معهم ، ولكن هذه المحاولات لم تقنع أيڤ وانما كانت تتصنع الرضى تجنباً للحزن والمشاكل ، اذ أصبحت في مرحله التحمل والكتم وهذا ما بان على جسدها اذ جعلها تذبل قليلاً ،اذ كانت في مرحله العتب الصامت الذي يكون دون كلام ولكنه اشد عمقاً ووجعاً ، لم تستطيع اخبار احد من عائلتها لانه مسؤوله عن اختيارها وقراراتها مهما كانت ولكن والدتها لاحظت ذلك وسألتها ولم تستطيع الإنكار وعانقت أمها وهي تبكي وتقول :
_لقد تغير يا أمي ، لم يكن هكذا ابداً ، بُعدهُ عني وانشغاله يقتلني ، اتعلمين!! ،انا التي انتظر دائماً ان أكون أماً ، أصبحت اخاف من ان انجب طفلاً لا يرى والده الا فالليل عندما ينام الاطفال .
_لا تقولي هكذا يا ابنتي ، انا اثق بأنك اقوى من هذا بكثير وستصلحين كل شيء ، اصبري قليلاً وفكري ولا تتسرعي قبل ان تقرري اَي شيء ، اتعلمين ماهو خطأكم أنتما الاثنين الإفراط ،في الحب والاهتمام وكل شيء وعندما تغيرت ظروف حياتكم قليلاً ، شعرتِ بالفرق بسرعة وبصورة شديدة جداً ،وتذكري دائماً،
لا نستطيع ان نصل الى أعماق القلوب دون أن نتألم ، هل تستطيعين اخبار غصن الشجرة بأن لا يتألم لان الخشاب قطعه ليبني بيته او ليكسب ليعيش ، او اخبار الورقة المبللة بدموع الكاتب انها قد تبللت من فرط حزن ما يشعر به .
بقي كلام الام في عقل أيڤ فكلام الأم دائماً هو الأصح ومهما كبر الشخص وبدا مسوؤلاً وعاقلاً يجب ان يعود لرأي والديه ، فكم احترنا في أمور وسرنا برأي والدينا في الآخر ، اذا كان لكل علاقة خطأ فخطأ قيصر وأيڤ هو الإسراف في الحب، اذ كان كل واحد منهما يقدم للآخر الاهتمام بشكل كبير وفوق طاقة الاخر دون قصد حتىً اصبح كل منهما غارق في الاخر لأن عندما يحب الانسان يحاول قلبه ان يعطي فوق ما يستطيع حتى يجعل الطرف الاخر يتعود على هذا الكم الهائل من التعلق بالتفاصيل والتغير الصغير فيها يبدو هائلاً ومدمراً ،
فلو نعود الى المنطق فيجب استعمال كل شيء في الحياة بمقدار مناسب فلو أخذنا العلاج بجرعة مناسبه مثلاً فسيكون جيد وينفع ولكن اذا زادت الجرعة فسيكون مؤذي ، ولكن للأسف نادراً ما يأخذ الانسان الأمور بمقدارها الصحيح ،
وخصوصاً بالنسبه لأيڤ كشخص من النوع الذي يعطي كثيراً ولكنه يريد بالمقابل حيث يسمى بنوع "البالغ" حسب فلسفة العطاء بين الرجل والمرأة .
وبمرور الايام حدثت الكثير من المواقف الذي يواجها الانسان صامتاً لتتحول الى تراكمات كثيرة خانقة تتجمع الى ان يأتي الوقت التي تودي بالمرء الى ضربه قاضيه ثم انهيار وأحياناً على اصغر الأسباب ،وهذا ما حدث لأيڤ اذ كان تصرف قيصر في يوم ميلادها الرمق الأخير لتحملها ،عندما هنأها بميلادها في ظهر اليوم الثاني واحظر لها كيك ميلادها في مساءه ، ومع ذلك لم تكسره وشكرته ولكنها لم تحتفل وقامت بوضع الكيك في الثلاجة وبدأ المشكله في تلك الليله بعد العشاء عندما سألها لماذا لم تحظر طاوله وشموع لتحتفل بيومها ،اذ قالت :
_عندما تأتي الاشياء متأخرة ينتهي حماسها ، لقد ذهبت لهفة الاحتفال البارحة ،لا فائدة من الفرحة الباردة المصطنعة التي تأتي في غير أوانها كالمعطف الغالي الذي يهدى بعد انتهاء الشتاء ،
ان كنت تريد قطعة احظر لك منها ):
_أتعلمين ماذا تقولين ، لماذا اصبحتا هكذا .
_بفضلك طبعاً ، وبفضل لا مبالاتك وعدم اهتمامك ،من لا يتتبع اثر أخطاءه وتقيصرة على الطرف الاخر يتحول مع مرور الزمن الى شيء سيء ومؤذي ،
كيف تذكرت ميلادي وسط انشغالاتك التي لا تنتهي ، اخبرني !!!!!
_الورقة عندما تمل من الشجرة تتحجج بالخريف نذهب ونذهب ونعود الى موضوع العمل ، هل هذا الموضوع أصبحت اهم من علاقتنا ، هل اصبح حبكِ ثقيلاً عليكِ هكذا ، لم تستطيعِي التأقلم مع اول تغيير بحياتنا ، هل نضعف الان بعد كل ما مررنا به وتجاوزناه .
_وربما الشجرة تهمل الورقةحتى يضعف ساقهاويتيبس ويسقط ، لقد تأذيت من أفعالك وأهمالك مراراً وتكراراً ، انا لم اعد أستطيع التحمل ،انتهيت ، اتعلَّم مرارة الشعور بأنني لا شيء بالنسبه لك بعد ان كنت اهم اهم شخص في حياتك ، وشعور ان تتعود على شخص وعلى وجوده ويبتعد فجأة والمؤلم اكثر انه غير منتبه ،ولا يشتاق اليك مثلما تشتاق اليه ،
لا تعرف لانني لم اتغير ولم ابتعد عنك ابداً ، مازلت هنا بجانبك وأهتم بك .
_صحيح ،انتي موجودة ولكنني اشعر انكِ لا تحبينني كالسابق ، تهتمين من ناحية الواجب فقط ، عندما احببتيني كنتِ تعرفين انني طبيب وهذا عملي كما انني لست شخصاً مثالياً ، اذ قبلتِ بي بكل عيوبي ، انا أفعل هذا من اجلنا نحن ومن اجل مستقبلنا ، من اجل ان تعيشي في مستوى اقتصادي مثل الذي كنت تعيشيه عند اهلكِ .
_لم تكن هكذا ،تغيرت كثيراً ، كما انني راضيه بما نحن عليه انه مناسب جداً انا فقط أريد منك ان تخصص لي وقت كافي رغم انني ارغب بالكثير أريد ان تبقى معي مثلما تبقى مع المرضى ، اجعلني مريضة بمرض مزمن هو انت ، وجد طريقة لعلاجي مثلما كنت تفعل من قبل ، مثلما كنت تبعث الأمل والامان في روحي وكأنك تعطيني مخدر لأهدء وأنام على ذراعك ، لتحرك شعري بهدوء وكأنه شيء ثمين تخشى عليه من يدك كما تحرك الاوعيه عندما تجري العمليات ، انت الذي تشفي الجميع وتخفف آلامهم لماذا تجعلني امرض وتزيد ألمي ، لماذا أصبحت الداء بعد ان كنت الدواء .
_ ولكنني بجانبكِ الان ، كما قلت لك سوف يتغير هذا النظام ، لماذا ما زلتِ تكررين نفس الكلام .
كان هذا الكلام كالبارود لنارها ،صرخت به
_لا يتغير شيء لانك لا تريد وإذا تغير فسيكون للأسوء ، انت فضلت عملك علينا ، مللت من تصرفاتك هذة ووعودك الكاذبه ، أصبحت لا تطاق ليتني لم احبك وسمعت كلام ابي ولم أتز..........
توقفت عن إكمال الكلمه بعد ان ادركت خطورة الكلمه التي قالتها بعيني قيصر التان اصبحتا موقدتان كالجمر من هول الكلام ،اذ مسكها من يدها بقوة وهو ينظر لعينيها ويصرخ ايظاً :
_انتي نادمة ،أليس كذلك ، قولي انكِ نادمة هياا ......
أفلت يديها وذهب بعد ان نزلت دموعها خوفاً من ان يؤذيها اكثر ، هو لا يريد ان يفرغ غضبه بها ، اما هي فقد ندمت على كلماتها الاخيرة ، فهي ليست نادمة على حبها له ولن تندم ابداً مهما حدث ولكنها متسرعة عندما تغضب لا تدري ماذا تقول وهذا يحدث للكثير منا ولكن اثر الكلمات التي تقال غالباً لا تزول تبقى كالندبة التي من الصعب شفاءها لقوة حدتها وشدة وقعها على الاخر .
لفَ قيصر المدينه ممشطاً الشوارع والطرقات ضائعاً بأفكاره يرى نفسه على حق تارة وتارة اخرى مخطئاً ولكن الشيء الوحيد والأقوى هو شعوره بأنه فاشل ، حتى المرأة التي يحبها سبب لها اذى كبير لدرجة انها ندمت على اختيارها له ، بهت كل شيء بعينه بعد ان رأى نفسه باهتاً بعيني أيڤ ،كانت فكرة انها لم تعد تحبه تقتله ، ولكن الطير يلف ويلف ويعود الى عشه ، عاد الى المنزل بعد ساعات وعندما وجد سيارتها ما تزال موجودة ، تنفس قليلاً لان هذا دليل انها لم تتركه وتذهب الى بيت أهلها وأنه لا يهون عليها وما تزال تحبه .
وجد والدته ما تزال مستيقظة فقد عرفت ماحدث رغم أيڤ لم تخبرها فهما لا يتحدثان عما يدور بينهم ابداً ،ما بينهم يبقى بينهم ولكنها سمعت أصوات شجارهم ، أستوقفته وهي تقول :
_لا تضغط عليها اكثر ، دعها تهدأ قليلاً وحاول تصحيح أخطاءك يا بني .
طمأنها وقال :
_انتي لا تقلقي يا أمي ،تحدث هكذا اشياء ، سأصلح كل شيء ،نوماً هنيئاً .
بدت أيڤ نائمة والأصح تتصنع ذلك لكي لا يحدثها بشيء ،لا عتاباً وشجاراً جديداً تتمنى ان تنام قليلاً ،رغم ان قلبها يدفعها لتبرر لقيصر عن قصدها من الكلمات الاخيرة التي قالتها وأنها لا يمكن ان تندم فما عاشته معه وما حدث بينهم اقوى من اَي شيء ولكن سرعان ما طردت الفكرة من رأسها وستنفذ ما قررته بأن تعامل قيصر ببرود وأهمال ليعيش نفس الإحساس فعقابه الوحيد هو البعد لانه الحرمان سيذيقه نفس الشيء ، و ستعلمه كيف تكون بهذا القرب منه ولا يستطيع لمس شعرة واحدة من رأسها ، هذه الطريقة كانت الأمل الأخير لعلاقتهم .
اما قيصر فلم يكلمها ايظاً لانه قد اخذ موقفاً من كلامها الأخير وأنها لا يجب ان تندم على الزواج به ابداً رغم كل شيء فمن يحب لا يقول هكذا .
استمر هذا الوضع يومان ،متخاصمان ولا يكلم احدهما الاخر ولكنها تحظر الطعام وتغسل ملابسه وترتبها كما انه يتصل بوالدته ليسأل عنها أيام المناوبة ويغطيها في الليل ويشم عطرها لينعش قلبه قليلاً عندما تكون نائمة .
في اليوم الثالث تأكد قيصر انه لا يمكنه الأستمرار هكذا كما انه قرر التناقش مع مدير المستشفى ليعود كما كان وتكون ايّام المناوبة ليلتين فقط ويكون لديه يومان بالاسبوع عطله ايظاً ، كما قرر التكلم والاعتذار من أيڤ مساء اليوم ،
اما أيڤ فقد كانت ترى العكس بأنها ليست مهمه بالنسبه له وان هذا الوضع لن يجدي نفعاً وإذا استطاع من دونها يومان سيستطيع اكثر وانه لم يفعل شيء لوقف هذا الفراق فقررت التكلم معه هذا المساء ايظاً لآخر مرة وان لم يفعل ما تريد اذن وقتها سيكون هو من أختار طريقه بنفسه من دونها ، اذا ما زال متمسكاً برأيه فسوف تكون نهايتهما الأنفصال لانها لا تقبل بنصف حياة ، اذ ان فقدان الأمل ينهي الألم ، فقدان الشيء افضل من ان تبقى حبيساً داخله متأملاً تصحيحه .
فأعدت اشياء لذيذة وزينت طاوله الطعام بالشموع في احد جوانب غرفتهما وجلست تنتظرة بقلب خائف وحزين لان ربما هذة المرة الاخيرة الذي سيجلسان بها معاً هكذا ، رغم كل شيء فهي ما تزال تفكر في إعطاء فرصه ثانيه لان قرار البعد يسبقه الف تردد وخصوصاً اذا كان الشخص الاخر غالياً جداً ،انتظرت وانتظرت ولكنه لم يأتي رغم انه ليس لديه مناوبة ليلية اليوم .
كان قيصر على وشك الذهاب للمنزل ،وكان متحمساً لأخبارها انه فعل ماتريد وخائفاً من فوات الأوان يخشى خسارتها ويجب عليه حل ما بينهم بسرعة ولكن بينما هو خارج من غرفة الطوارئ وإلا يسمع الممرضين ينادون بأسمه طالبين المساعدة وان المريض في حاله خطرة جداً ،فلم يكن أمامه سوى التدخل والمساعدة .
فعل الاطباء اكثر من قدرتهم ولكن للأسف لم يستطيعوا إنقاذ المرأة لأن الحادث الذي تعرضت له كان قاسياً جداً ،وبينما قيصر خرج ليخبر عائلتها بذلك ، اثار انتباهة رجل يضع يديه على وجه ويبكي بشدة ، وعندما اخبرهم قيصر بذلك بدأ الرجل يصرخ ويلوم نفسه قائلاً:
_لقد ذهبت وهي غاضبه مني ،تركتني ونحن متخاصمان لن تسامحني حتى ،لقد تأخرت ، لم استطع الاعتذار منها ):
أثارت كلمات الرجل الرعب في قيصر فركض كالمجنون رامياً رداء المستشفى على احد الطاولات ، لقد ادرك كم ان الحياة قصيرة ولا تستحق كل هذا العناء ، ربما يخسر الانسان أحبابه في اَي لحظة فعليه ان لا يؤجل الكلمات وعيش اللحظات معهم الى الغد اذ ربما لا يوجد غد .
دخل قيصر الغرفة متلهفاً وعينيه مليئة بالدموع ، فوجد أيڤ نائمه وهي ما زالت على وضع جلستها على الكرسي ومسندة رأسها على الطاولة بعد ان قضت ساعات في انتظاره ، فجلس على الارض بجانبها واضعاً رأسه على ركبتيها وهو يبكي قائلاً:
_أسف يا حبيبتي ،سامحيني ،ارجوكِ سامحيني ،لن افعل شيء لا تريديه مرة اخرى ،لا احتمل بعدكِ عني ، لا تقتليني وانا حي ، سأنفذ كل ما تقوليه من الآن فصاعداً ،أعدك ):
فأحس بيد أيڤ تمسح على رأسه بهدوء ، وهي تبكي ايظاً ثم نزلت بجانبه لتعانقه ولكنها لم تستطيع اذ سقطت بين يديه من شدة الإرهاق فقد تعبت كثيراً ، فحملها بين يديه كالمجنون وهو يقول:
_ لا تتركيني ، لن يحدث لكِ شيء ، أليس كذلك .
وذهبا في وقت متاخر من الليل الى المستشفى رغم انه يستطيع إسعافها في المنزل ولكنه خائف وقد نال منه الفزع عليها كثيراً .
استيقظت أيڤ بعد إعطاءها العلاج وأخذ بعض التحاليل الضروريه للتأكد من حالتها ان كانت مجرد تعب وانخفاض ضغط الدم او اشياء اخرى .
كانت قيصر يجلس بجانبها وهو ممسكاً بكلتا يديها اما عينيه فقد تورمت من شدة الخوف والبكاء ،عندما أحظرت الممرضة نتائج التحاليل ،
ثم قدمتها لقيصر ولكنه عاجزاً عن اخذها منها رغم انه طبيب وفي اليوم يرى عشرات التحاليل ولكن عندما يتعلق الأمر بمن يحب يصبح خائفاًوضعيفاً
، يخشى من ان تكون أيڤ مريضة ، فطلب من الممرضة ان تقرأ النتائج فقالت :
_مبارك يا أستاذ ، سيصبح لديكم طفل ، زوجتك حامل بالشهر الثاني .
ينظران الى بعضهما غير مصدقين وقد تحولت دموع الخوف والحزن الى دموع فرح ، فقالت أيڤ :
_يا لهذا الحياة الغريبه ، هل نأخذ مثل هذا الخبر هكذا ، ام انه مكافئة بعد كل تلك المشاكل والوجع.
قال وهو يضمها الى قلبه :
_ليس هناك مشاكل بعد الان ، ثقي بي ، ابداً وانا سأعوضكِ عن كل تلك الفترة ،وسنعود افضل من قبل ،هل ستسامحيني يا فراشتي ؟؟!
مسحت دموعه وقالت :
_انا لا أستطيع ان ارى الدموع في عينيك ، انا احبك كثيراً ولست نادمة على اَي شيء فعلته من اجلك ، لست غاضبه منك ، سنصبح أبوين جيدان ،
سنربي طفلنا معاً ، سينير أياماً ويملأ بيتنا بالبهجة .
وعذرتهُ لما تساقط دمعهُ
ونسيت أياماً بها أبكاني
"كريم العراقي"
ما اجمل القلوب المتحابه ،التي مهما تألمت من بعضها وحدها القادرة على شفاء جروح بعضها ، التي بعد كل خلاف او مشكله يزاداد تعلقها ببعض كالخيط كلما ازداد اشتباكه ازداد قوة
وما اجمل التقاء ارواحهم بعد الفراق ،وتبدل الأعين باللمعان بعد البكاء ، والعتاب وهو يذوب ، والشوق الطويل وهو ينتهي بأمتزاج عطريهما ببعض، الطمأنينة بعد القلق ، والضحكات الصغيرة بعد ذبول ثغرهم من الهموم ،أملهم المنتظر الذي بدأ يتسلل مع شعاع شروق الشمس على ارواحهم لتشرق ايظاً
كما ان جميع العلاقات تحتمل الخطأ والصواب ولا يوجد بيت يخلو من المشاكل ، اذ في بعض الأحيان تحدث لتعلمنا دروس جديدة غفلنا عنها ، والفرصة الثانيه والاعتذار دائماً موجدان ولكن لمن يستحق
خصوصاً في الحب لانه شيء يحدث بسرعة وبعض الأحيان بسهوله ولكن الصعب والشبه مستحيل هو المحافظة عليه لان ليس اي اَحد اً قادر ان يضل صبور ويحبك بكل حالاتك وانت مريض وانت عصبي وانت يأس وممل ،ضائع ومتعب ، لانه يحتاج مجهود يحتاج شخص عرفَ كل عيوبك واستمر معك بنفس اللهفة وربما اكثر وقادر ان يتحمل كل التغيرات التي تحدث بالحياة ، وهذا المجهود يجب يكون على عاتق الطرفين معاً .
فالمجد لهؤلاء الذين يروننا بطريقة مختلفة عن ما يرانا الناس يروننا uاوضحًً وأعمق ، يرون ظلامنا وهالاتنا السوداء فيضعون نجوم صغيرة في عتمتنا لتنيرها الذين يقولون في كل موقف ،نحبك ...🖤
.........النهايه........