فتح الباب بقوة ما كانت لتفلح باخافتها هذه المرة ؛ وحالما وقع بصرها عليه حتى أسرعت بدس نفسها في حضنه تضمه بقوة
لا تفهم سبب انعزاله وانطوائه عن العالم اجمع ؛ لا تعلم لماذا تركها تتلوى اشتياقاً حتى أضناها الحب دون ان يرق قلبه لها
كل ما تعلمه انها بحاجة لجرعة مفرطة من حبه ؛ تحتاج التمسك فيه والنوم على صدره حتى تلملم بعثرة الشوق في اوصالها ...!
لكنها وجدت حضنه أكثر برودة مما سبق ؛ عانقها الفتور بدلاً من وفرة الشعور ، وكأنما توسدت صدر تمثال من حجر لا يجري الدم في عروقه ولا الروح .!
ابتعدت عنه بقلق لتمعن النظر بملامحه المتصلبة ؛ بحثت عن اشعارات الحب بين جفنيه فلم تجد سوى الظلام والوحشة
حاولت العثور على نفسها بين سطور نظراته لكنها بدت معتمة أكثر من اي وقت مضى وكأنما استوطنهما الشيطان وتربع على عرش الظلام الوحش القابع بداخله
تساءلت بقلق والخوف ينهش قلبها الفتي : ما الذي يحدث معك ، لم كل هذا الجفاء المفاجئ ؟
تلفح البرود امام ارتعاشة صوتها ؛ أتقن تقمص دوره ونفى بالحب الى قعر الهاوية لتتجلى القسوة على مسرح عينيه المتسلطة : بدأ الأمر يصبح اكثر مللاً ، لقد انتهيت منكِ فتوقفي عن ازعاجي ...
حاولت تمالك نفسها امام نبرته القاسية ، كذبت احاسيسها السيئة وادعت الجهل وهي تحاول دخول غرفته متكلمة : لماذا تبقيني في الخارج هكذا ؛ لنتحدث في الداخل !
لكنه لم يتزحزح من مكانه ولم يسمح لها بدخول عالمه اكثر ؛ تصدى لها بجسده الصلب كالصوان وافترسها بأنياب كلماته الحادة : ألا تفهمين ؛ لقد عبثت معكِ قليلاً ولم يعد الأمر مسلياً ، دعيني وشأني الان .
بصوت تحشرجت فيه الدموع همست : ما الذي تقوله دونغهي ؛ لماذا تحاول ابعادي ؟؟
اشاح وجهه بعيداً عنها حتى لا يضعف امام توسل نظراتها وهو يلقي بوابل كلماته عليها كالنار لتحرقها : لانني لا احبك ؛ اردت الاستمتاع قليلاً مع فتاة جميلة مثلك والان سئمت ، ابتعدي عني الان فقد انتهت هذه اللعبة عند هذا الحد ..
حركت رأسها نافية والدموع مدرار على ملامحها ، لكنه ما كان ليمنح لنفسه الفرصة للانهزام امام دموعها عندما اضاف : هل صدقتِ حقاً ان رجلاً مثلي سيقع في الحب بهذه السهولة ؟
ضحك ساخراً بقوة حتى لكأنه يشعر بضحكته تجرح حنجرته عندها تكلم مردفاً : توقفي عن احلامك الطفولية عند هذا الحد ؛ توقفي عن العيش بشكل بائس بحثاً عن مشاعر لا وجود لها ، لم أقل انني احبكِ قط ، انت وحدكِ من تمادى بالأوهام وصدقتِ تلك المشاعر التي زيفتها لكِ
لنتوقف عند هذا الحد ؛ ليس لدي المزيد من الوقت لاهدره معكِ ، هناك امرأة اخرى ابحث عنها واريدها وانتِ لم تكوني سوى محطة عابرة في طريقي فلا تبالغي في التعلق حتى لا تصبحي مثيرة للشفقة ..
تركها مشدوهة في الفراغ بعد كلماته القاسية تلك التي هدمت سقف احلامها ؛ انهارت مشاعرها أرضاً بعد ان أغلقت باب غرفتها لتسقط أرضاً تحاول لملمة شتاتها ..
حبها له هدم أسوارها ، مشاعرها الثمينة التي قدمتها له داسها كأعقاب سيجارة بالية وتابع طريقه بدونها ..
أي دموع ستفيها حقها ؛ أي بكاء سيغسل جرح قلبها الذي استسلم له دونما مقاومة !
بعد ان منحته كل شيء ؛ بعد ان احبته باسهاب وتمادت بأحلامها معه ، كيف امكنه ان يكون بكل تلك القسوة ليقتلعها من عالمه كأنها لم تكن فيه يوماً ؟
لماذا اختار رميها بتلك الطريقة البائسة دون ان يلتفت الى دموع عينيها التي كانت تسف بغزارة على وجهها
كيف يمكنه ان يكون بكل ذلك البرود وهو يعلن اقصاءها من دائرة حياته ، متى كان مجبولاً على كل تلك القسوة ولم تدركها الا الان !!
ضمت جسدها الصغير تنتحب حسرة على حب انهارت قواعده قبل ان ينشأ بنيانه ، استسلمت لاهات الوجع وهي تخترق حنجرتها كلما بكت أكثر
ندبت حظها الذي ألقاها في هاوية حبه ليكون بدايتها ونهايتها ؛ اول حب واخر حب يزور قلبها ..
كان هو الرجل الأول والأخير ؛ الجرح الأوحد والوحيد ؛ الوطن والمنفى ، السفينة والبحر الذي أغرقها ...
مع بداية يومٍ جديد لم يرأف ليله بها ليطول اكثر ؛ كانت مجبرة على المثول بين يدي انهيوك بين زملائها لمتابعة تدريباتهم المعتادة
لكنها بدت خائرة القوى بلا عزيمة على غير عادتها ؛ ملامحها باهتة بعد ان سلبها الحب شروقها
تقدم منها انهيوك متعجباً ذلك الفتور غير المعتاد في ملامحها ليتكلم بروحه المرحة : هوي هوي ؛ لدينا انسة بائسة هنا ، ما هذه اللكمات الضعيفة هنا ؟
انحنت له بهدوء معتذرة : اعتذر سيدي المدرب
رفع حاجبيه باستنكار وقد تأكد من وجود خطب ما بها : ما الذي يحدث معكِ يا فتاة ، انتِ لستِ على طبيعتك !!
بكذب مطلق نبست : انا بخير ..
رمقها بنظرات هادئة متفحصة وبداخله يدور تساؤل واحد ؛ أيعقل ان هناك ما حدث بينها وبين دونغهي !
رفع كفه ليربت على شعرها الأسود القصير بنعومة مواسياً والتناقض يشغله ان كان عليه السؤال ام لا
وقبل ان يرسو على بر في ذلك التناقض المهيب الذي تتصاعدت أبخرته في صدره كالسموم ؛ اتاهم صوت ذلك الرجل بارداً مزلزلاً كالعاصفة ليجذب جميع الأنظار اليه مزمجراً يأمرهم بالاجتماع امامه
اصطف جميع الرجال امامه كما أمرهم ليقلب أنظاره بينهم ببرود دون ان يسمح لعينيه بسلك طريقها نحوها هي التي كغيرها وقفت تحدق به وقلبها يعتصر ألماً
تبحث عن نفسها بين نظراته الباردة ، تستجدي عطفه على جرح قلبها الذي انتزعه من صدرها عنوة بتجبره وقسوته
حدقت بهيأته الباردة ؛ مظهره المتكامل وكأنه لم يحطم قلبها ويمزق شعورها ، كيف واتته كل هذا القسوة ليدمرها ثم يبقى بهذا الثبات !
كيف كان بوسعه ان يبعثرها ويقف شامخاً هكذا دون ان ينحل عزمه ، دون ان يظهر عليه ولو أثر واحد بعد كل ما فعله !!
لم تعلم انه خلف صموده عالم ينهار ، ان ما وراء بروده وسكونه عواصف واعاصير من الحزن لكنه يجيد اخفاء ضعفه وشعوره
يعلم كيف يواري انهزامه ، وكيف يبدي شموخه وكأنه جبل ضربت جذوره في الأرض لا يهزه شيء حتى لو بداخله بركان ثائر ..
رجل مثله اعتاد الألم حتى أدمنه ، رجل مثله لم يعد هناك ما يخسره او يفقده بعد ان فقد كل ماهو ثمين بالنسبة له ...
تكلم بصوته الجهوري : اريد ان ارى قدراتكم ؛ احتاج لمعرفة مستواكم في القتال واذا كان وجودكم ضرورياً ام لا ، في حال وجدت احدكم ضعيفاً لن ينفعنا في الفريق فسيتم استبعاده من مجموعتنا .
اشار على انهيوك ان يرتب لهم نزالات ثنائية وبداخله هدف واحد وهو الخلاص منها ، يريد استبعادها من فريقه
وجودها في هذا المكان وقيامها بالمهام الموكلة اليها يضمن وجودها في الخطر بصفة دائمة
وهو ملزم بحمايتها ؛ لو كان يعلم سابقاً انها شقيقة ليتوك التي يبحث عنها ما كان ليقبل بتدريبها او ضمها لى رجاله منذ البداية
يريد ابعادها عن الخطر ومساعدتها لتحظى بحياة هادئة ملائمة وليضمن لها ذلك يجب عليه ابعادها عنه ..
وبالفعل بدأ منافسات بين رجاله الواحد تلو الاخر وهو ينتظر ان يحين دورها ؛ تعمد جعلها تواجه أقوى رجاله كيونغ جين ليتمكن من هزيمتها
لكنها لم تكن وجبة سهلة بالقدر الذي تمناه ؛ هي رغم تخبط دواخلها بسبب ما فعله بها حاولت القتال بكل قوتها
تصدت للكمات كيونغ جين بقدر استطاعتها ووجهت له لكماتها ؛ طبقت كل ما لقنه لها عملياً فلم تكن خصماً سهلاً
لكن كيونغ جين أضخم منها جثة وأشد منها غلظة ، تمكن أخيراً من طرحها أرضاً وتثبيتها بثقل جسده ليمنعها من الحراك فانهى انهيوك المباراة معلنا انتصاره
وبسرعة تحيز دونغهي الفرصة ليعلن انها لم تتحسن بالقدر الكافي لإبقائها ضمن فريقه وأصدر امره بطردها مما جعلها تهرع اليه كما فعل انهيوك قبلها ليعترض طريقه بغضب : ما الذي تقوله دونغهي ، لماذا تقوم بطردها بينما تدرك ان مهارتها القتالية تحسنت كثيراً في الآونة الأخيرة ؟
بغير اكتراث اجاب : كان هذا اتفاقنا منذ البداية ، اذا لم تكن ذات منفعة لي فستغادر المكان ، لا حاجة لنا بضعفاء من امثالها
بانفعال ردد انهيوك : لكنها ساهمت كثيراً بنجاح مهامنا الأخيرة !
دونغهي : كان فشلها وافسادها لاخر مهمة لنا امراً وارداً لو لم اكن هناك معها ، لقد شعرت بالخوف والتردد عندما اردنا القفز من النافذة وكان من الممكن ان يتم الامساك بنا لو ترددت أكثر
كما ان مهاراتها القتالية لم تساعدنا كثيراً في المهمة التي سبقتها عندما واجهنا كيم جاي ووك في النادي الليلي !
ودعنا لا ننسى تعاطفها مع خصمنا في اول عملية خرجت فيها معي ، وتلك هي اكبر نقاط ضعفها
لقد منحتها ما يكفي من الفرص ولكن امر فشلها كان مسألة وقت لا اكثر لذلك من الأفضل ان نقوم بطردها
تدخلت بقلب مفطور لشدة قسوته : ذلك ليس عدلاً ؛ حتى لو كنت قد هزمت امام كيونغ جين فذلك لا يعني انني لم اتحسن ابداً
لا يمكنك ان تقوم بطردي هكذا دون اي مبررات ، كل ما ذكرته للتو لا يعني فشلي فلازلت في البداية فقط !
حدجها بنظرة باردة قبل ان يتكلم : سأمنحكِ فرصة أخرى ؛ اذا تمكنتِ من التغلب علي ستبقين هنا واذا هزمتك تغادرين ..
رفعت حاجبيها بغير تصديق لمحاولاته الجاهدة بالتخلص منها في حين تدخل انهيوك معترضاً : هذا هراء ، الجميع يعلم انها لا تضاهيك قوة !!
كتف ذراعيه ببرود ونظراته القاسية تلازمها باجحاف : الخيار لها ..
شدت قبضتها بصمت ، ان كان يحاول التخلص منها فلن تمنحه ما يريده ، ان كان يحاول اخماد شعوره نحوها بابعادها فلن تقف مكتوفة اليدين امامه
اعتادت ان تكون جريئة متمردة ، ولن يردعها شيء من تحقيق غايتها باستعادته لذلك وقفت باعتزاز امامه كما اعتاد منها دائماً وهي تعلن قبولها لهذا التحدي ..
ابتسم بمكر لوقوعها في فخه ؛ هو اكثر من يعرف عنادها ويعلم انها لن تستسلم بسهولة حتى يظهر لها مدى ضعفها علانية
قرر تحديها بالتصويب فزفر انهيوك انفاسه وهو ينفي برأسه يائساً ، لا احد يمكنه التغلب عليه فهو القناص الأكثر براعة في البلاد منذ ان أدى خدمته العسكرية بسن مبكر وهو في بداية العشرينات من عمره ..
وليزيد من صعوبة الأمر عليها اختار البدأ اولاً متحدياً اياها بالوقوف امام الهدف مباشرة دون ان تضعف
احتبست انفاسها وهي تقف مقابلاً له هو الذي كان يعبث بسكاكينه الخاصة بين يديه ليدب الرعب في قلبها
ورغم ذلك حاولت الثبات في مكانها دونما تراجع ؛ تعلم انه قناص بارع كما تعلم انه لن يؤذيها لذلك قررت عدم التراجع
رسم ابتسامة جانبية فيها من القسوة ما في ملامحه من برود وتحجر عندما أعلن بصوت حاد : انصحكِ بالانسحاب بينما لازالت الفرصة امامكِ متاحة
كتفت ذراعيها خلف ظهرها وتكلمت بثبات : لن انسحب أبداً ..
حالما انهت كلماتها رمى بسكينه على الهدف ليصيبه بجانب رأسها تماماً ، ثم رمى سكينه الثانية قرب عنقها وبالثالثة تعمد اصابة الهدف فوق رأسها مباشرة ليقطع شيئاً بسيطاً من خصلات شعرها فتناثرت بنعومة حولها وكأنما يخبرها انه كان يوشك على اصابتها ..
تنفست الصعداء بعد ان كاد قلبها يتوقف امام صلابة نظراته ، تعلقت عينيها به على امل ان يرق قلبه لها لكنه بدا ثابتاً كالصخر لم يرف له جفن امامها !
تحركت من مكانها لتأخذ سلاحها وتصوب نحو الهدف لكنه كان الأسبق بالوقوف امام الهدف لتتوسع عينيها بخوف
حركت رأسها رافضة : ابتعد من امامي
دونغهي : أصيبي الهدف لتتغلبي علي
جيون : ستتأذى !
لم يجبها ، ارسل لها نظراته الحادة كسهام اصابت قلبها الجريح مراراً ، لماذا يصر على جعلها تخوض هذا الألم ؟
لماذا لا يتوقف عن قسوته ولو قليلاً ليتسنى لها الوصول الى دواخله وتحيي فيه الحب من جديد !
صوبت على الهدف مباشرة ، من جديد اطرافها ترتعش ولا يمكنها ضغط الزناد بينما هو امامها
ماذا لو أصابته ؟
ماذا لو اخطأت مسار الرصاصة واستقرت في جسده !
كيف تسامح نفسها اذا تسببت بأذيته ؛ كيف تتحمل ذلك الشعور الحارق الذي سيلتهم روحها لو آذت شعرة منه ؟!
اذا كان هو جزءها الأسود المظلم فهي نظيره الأبيض ؛ اذا كان هو جبلاً من الصمود والقسوة فهي نهر من اللين والحنان ..
نظرت في عينيه مباشرة ، غابت في ظلمتهما الآسرة وأعلن قلبها العصيان من جديد لترمي سلاحها جانباً وتعلن استسلامها ..
في حين كان هو من القسوة بما يكفي ليقصيها من كل امور حياته ، في حين انه كان قادراً على رمي سكاكينه باتجاه جسدها .. هي تعجز عن اطلاق النار على هدف يكون هو امامه ..!
لانها تحبه .. واذا كان الحب هو خطيئتها فلن تندم عليها أبداً ..
بصوت أثقله الأسى أعلن انهيوك هزيمتها وانتصار دونغهي لتقف مجبرة امام حكمه الظالم بطردها ..
أمرها بجمع امتعتها والرحيل وشق طريقه نحو مكتبه بهدوء كأنه لم يدمر عالمها بأكمله
وقبل ان يغلق باب مكتبه دلف من خلفه انهيوك ليتنهد بهدوء وهو يرخي جسده على مقعده بينما تحرك انهيوك في المكان بغضب
لا يستطيع ان يفهم برود صديقه وقراراته التعسفية التي بلا معنى ، هو من جلبها الى هذا المكان في المقام الأول وبدون اي تبرير
ثم ها هو يقوم بطردها تعسفاً دون حاجة ودون تبرير أيضاً ولا يسعه ان يفهم تصرفاته المتقلبة
صاح بنفور امام هدوئه العاصف : لماذا فعلت هذا بها ، لا استطيع فهم تصرفاتك حيالها !!
بنظرات غشاها السكون واحتقن خلف صيحات من الدموع نبس : هذا أفضل لها ، هذا المكان لا يلائمها ..
انهيوك : هذا ما حاولت اخبارك به منذ البداية لكنك اصريت على الإبقاء عليها ثم بدون سابق انذار تتخذ القرار بابعادها ؛ ما الذي تفكر به ؟!
دونغهي : اريد حمايتها ..
بغضب صاح : ما هذا الهراء الذي تهذي به !
اخفى وجهه بكفيه معلناً اعتزاله لذلك الدور الذي أداه باحترافية امامها ، أظهر ضعفه وبؤسه امام صديقه مع كلماته التي احتشدت بالحسرة : انها هي .. الفتاة التي كنت أبحث عنها ؛ شقيقة ليتوك الصغيرة هي جيون ذاتها !
تصلب في مكانه بذهول هامساً : ماذا ؟
دونغهي : لم اعلم انها هي ؛ كنت ابحث عنها وهي اقرب مما اتخيل ، كنت أضعها بوسط الخطر بدلاً من حمايتها ورعايتها
كيف كنت غبياً بذلك القدر ؛ ولم اعرفها !
لا اصدق انني وقعت في حبها هي دوناً عن نساء العالم أجمع ، ظننت ان بوسعي ان ابدأ من جديد معها وانا احمل خطيئة شقيقها
كيف يمكنني مواجهتها وانا بهاتين اليدين أطلقت النار على شقيقها ؛ كيف أنظر بعينيها وانا من حرمت عيني شقيقها من الحياة !
تراجع بخطواته المتهالكة الى الوراء متكلماً : جيون هي شقيقة ليتوك ذاتها !!
اشاح وجهه نحو النافذة مصغياً لصوت المطر الذي كان يضرب الزجاج بقسوة قبل ان تنزف بقاياه كالدموع على سطحها البارد ..
ليس بوسعه سوى ان يترك قلبه يجاري دموع هذه السماء في البكاء ، ما كان باستطاعته منذ البداية منحها الكثير لكنها من سعت اليه لتحترق بجحيمه
رجل مثله بلا قدر بلا حياة وذنبها انها حاولت ان تكون قدره وان تصنع من رماده مستقبلاً .. فكان هلاكها ..
لحمايتها عليه ابعادها ، لحمايتها من نفسه اكثر من أي شيء اخر عليه ان يغادرها ..
من بعيد سيستمر بمراقبتها ، من حيث لا تدري سيرعاها بعين قلبه التي لا تنام ، من مكان لا تراه فيه سيكون خلفها ليسندها دائماً
يريد ان يحمي بريق عينيها اللامعتين اكثر من اي شيء ؛ يحتاج ان يحميها من بؤسه وضياعه قبل اي شيء ...!
تنهد انهيوك بهدوء قبل ان يتكلم من جديد قاطعاً ذلك الصمت الذي ران في المكان : متى وقعت في حبها ؟
بدون ان يبعد عينيه عن النافذة وكأنما هو في ضياع أزلي همس : ذلك ليس مهماً ..
ضاق صدره بين شعورين احلاهما مر ، بين صديقه الذي استسلم للحزن والظلام ومشاعره للفتاة التي تعجبه ، وبين تلك الفتاة المسكينة التي خسرت حبها وعملها في وقت واحد دونما ذنب اقترفته ..
هل يجدر به دعم قرار صديقه بابعادها لتعيش حياة أفضل في مكان افضل ، ام يقف في طريقه ويدعم علاقتهما معاً ليبقى كطرف ثالث بينها حبيس شعور لا يجب ان يحمله في طيات قلبه !
بعد ذلك الصراع الطويل الذي كاد يطحن روحه استقر على اتخاذ الجانب المحايد تاركاً لهما الحرية بخط حروف علاقتهما المتشابكة بينما يعمل على تنظيف شوائب مشاعره كما يجب لذلك تكلم بهدوء وتعقل : لن اقف في صفك او ضدك بما تفعله ؛ لكن لا تنسى ان وصية ليتوك لك كانت برعاية شقيقته ، وتحطيم قلبها بتلك الطريقة واستبعادها هو النقيض تماماً لوصيته
قد لا يكون ابتعادك عنها هو ما يساعدها ؛ ربما تتمكن من حمايتها كما يجب اذا امسكت بيدها وبدأت من جديد ..
دع روح ليتوك ترقد بسلام ، توقف عن تعلقك بتلك الحادثة البائسة وانفض عنك غبار الذنب فذلك لم يكن خطأك ..
لا تخسرها هي أيضاً والا لن ينفعك الندم لاحقاً ...!
تركه وغادر غرفة المكتب ليتنهد دونغهي بفتور ؛ رأسه أشبه بساحة حرب طاحنة تتقاتل فيه قوى غير متكافئة من الشعور
وما اصعب تلك المشاعر التي تصل الى محكمة العقل ..!
علق نظره بقطرات المطر يرثي قلبه ؛ اي نوع من الأقدار هو ما جمعهما في خانة واحدة بين حب وحرب .. بين خطيئة وانتقام ، بين جريمة وضحية ..!
انقضت عدة ساعات قليلة وهو يجلس في مكانه دونما حراك ؛ ترك روحه للسماء وامطارها ، ونسي قلبه بين يدي تلك التي غادرته بملئ ارادته ..
لا رغبة له في الحياة او غيرها ؛ لا رغبة له بفعل اي شيء سوى التفكير بها ؛ واستعادة شريط ذكرياتهما القصيرة التي باغتها الحزن واعتالها الفراق اسرع مما يجب ..
كيف كانت تغفو بهدوء بين ذراعيه قبل عدة ايام ،، لمساتها الدافئة ، همساتها الناعمة ، حضنها الشهي وابتسامتها البراقة ..
عينيها الغزلانتين ؛ جرأتها المغرية ، عفويتها الفاتنة ، شقاوتها وشجاعتها ، تفردها فيه وتعمقها بكل خلايا قلبه ..
تركيزها في تدريباتها وتشتتها من لمساته ، ثباتها تحدياً وبعثرتها حباً ، تذكر كلماتها العابثة ودلالها الطفولي وكيف تخللت ظلال حياته لتبني حبها داخل اسوار سجنه المهجور ..
ومن بين كل تلك الذكريات عبرت كلماتها في ذلك اليوم عقله ، في يوم الاجازة عندما تعجب وجودها فأخبرته انها لا تملك مكاناً تذهب اليه وان هذا المقر هو مأواها الوحيد اذا لم ترغب بالنوم في العراء
وبسرعة اعتدل بجسده وهو يشعر بقلبه ينقبض وروحه تزداد بهوتاً ؛ في مثل هذا الجو البارد وتحت هذه السماء الماطرة .. الى اين لجأت !!
لعن نفسه من بين انفاسه اللاهثة وهو يجري نحو الخارج بسرعة ؛ دقات قلبه الخائفة عليها سابقت خطواته للبحث عنها
لكنه لم يحتج للذهاب بعيداً ؛ حال خروجه من ساحة الخردة وجدها هناك تقف امام البوابة الكبيرة فتوقف في مكانه مشدوهاً ..
تحت أمطار السماء ؛ تتلفح بعتمتها وترتجف من نسماتها بعد ان بلل المطر كل ثيابها وجسدها الصغير المرتعش ..
انتهى
اتمنى يكون عجبكم
لا تحرموني من الفوت والردود الحلوة
اول ما يوصل الفصل ٤٠ فوت رح ينزل الفصل يلي بعده
الى اللقاء في الفصل القادم 💎🐯