مدخل

3.5K 68 26
                                    

"واحشني أوي يا أحمد وواحشني لعبنا للطاولة
كل يوم بعد المغرب ونظرة الفخر على وشك لما
تكسب عليا، آاه يا أحمد وحشتني الحياة معاك،
كل حاجة من بعدك مالهاش طعم ولا معنى،

مر ٣ سنين للوقتي وأنا مش قادر أتأقلم عالحياة
من غيرك بس بصبر نفسي بوجود ماما وهدير
هو أنا آه بعيد عنهم الوقتي بس يكفيني إني
سامع صوتهم، ماتقلقش يا حبيبي ماما وهدير
كويسين وبيسلموا عليك، هي بس ماما أوقات
السكر بيعلى عندها بس ربنا بيسترها وبتعدي،

هدير أتخرجت من صيدلة وبتقضي سنة الإمتياز
في المستشفى اللي ودعتك فيها لآخِر مرة،
أيوة صحيح قبل ما انسى أسامة باعتلك السلام
مع ماما وبيقولك هيجيلك في أقرب وقت
ويجيبلك عقيقة حور معاه.

ثم قال بنبرة ملأها الحزن:
آاه يا حبيبي أنا للوقتي بحاسب نفسي على موتك،
كان المفروض يكون أنا مش أنت، أنت ما تستحقش
اللى حصلك ده ولا تستحق الذل والمهانة
اللي اتعرضتلها، لغاية دلوقتي مابعرفش
أنام الليل إلا بمنوم من كتر التفكير في
شعورك ساعتها وأنت قدامهم
وهم بيضربوك بالنار.

صمت للحظة ثم أكمل بنبرة حقد:
والله لادفعهم تمن دمك ودم كل اللي قتلوهم ظلم،
والله لاندمهم على اليوم اللي اتولدوا فيه وأولهم هو،
أوعى تفتكر أني مش هعرف آخد بتارك أنا كنت
بستنى الوقت المناسب والوقت ده جه خلاص
وأوعدك اني هجيبه بدمه على قبرك يستسمحك
ويبوس تراب قبرك بس أنا مش هحِلُه .

ثم مسح بكفي يديه على القبر وقال:
نام أنت يا حبيبي وارتاح وسيب الباقي عليا .

انهى حديثه بتنهيدة كبيرة ثم فتح مصحفه
وبدأ يقرأ فيه.

.
.
.

بعد ساعتين

أغلق مصحفه واستقام نافضًا ملابسه
قاصدًا المسجد القريب من المقبرة.

كان المسجد فارغًا إلا من إمام المسجد الذي
أخذ موضعه في المحراب يتلو آيات الله،
وشخص متشرد نائم على يمينه.

كان على آذان المغرب ما يقرب من النصف ساعة
فاختار ركنًا آخِر المسجد وجلس بادِئًا
في ترتيل الآيات بصوتٍ شجي.

قطع عليه الشيخ تلاوته قائلاً:
بارك الله فيك يا بني، أول مرة أسمع ترتيل
وتجويد للآيات مظبوط كدا بالنسبة
لشاب في سنك.

أنهى تلاوته قائلاً:
وفيك بارك الله يا شيخنا،
أبويا الله يرحمه كان بيدرس في الأزهر الشريف
وبعدها بقى إمام مسجد، فهو علمنا أنا واخويا
الأحكام والتجويد الصح فتربينا عليها
من واحنا صغيرين.

الشيخ بدعاء: أسأل الله له الرحمة والمغفرة
وأن يتقبله القبول الحسن ويرفع درجته
في جنات النعيم.

بعد صمت دام دقيقتين

وجه كلامه للشيخ أمامه وعينيه
تتأمل بشرود نقطة وهمية في المكان
قائلاً:
قولي يا شيخنا أيه كفارة النفس الأمارة بالسوء؟

الشيخ : سؤالك غلط المفروض تقول أزاي أسيطر
على نفسي الأمارة بالسوء، لأن وساوس الشيطان
والنفس هم سبب الإبتلاء للانسان، ودول لو إيمانك ضعيف ونفسك مهزوزة يخلوك ترتكب أشد الكبائر
وأنت مش مُدرك، ودي بقا اللي تسألني عليها
أيه كفارة الكبائر دي.

              : طب ما يمكن الإمارة بالسوء ناتجة عن
ظلم أكبر، يعني مثلاً أنا اتظلمت من شخص وكان
الدعاء هو سبيلي الوحيد ساعتها بما ان دعوة
المظلوم مستجابة وفضلت مستنى بس بعدها
محصلش أي نتيجة ولسا هو متمادي في ظلمه
وبينعم بملذات الحياة وأنا الحياة أسودت قدامي،
وأما نفسي أمرتني انتقم منه كرد فعل
يبقى كدا إمارة بالسوء !

الشيخ : تبرير الخطي...

الله أكبر .... الله أكبر

كانا مفصولين عن الواقع من حولهما ولم يلاحظا
إمتلاء المسجد بالناس إلا أن قطع عليهم
صوت المؤذن.

الشيخ : قوم يا بني نصلي الأول وبعدها
نكمل كلامنا براحتنا.

قام مستعدًا للوضوء ثم أتخذ مكانًا في
آخر الصف وبدأ في صلاته بخشوع.

السلام عليكم ورحمة الله .. السلام عليكم ورحمة الله

أنتهى من صلاته ثم استقام بشرود خارجًا من
المسجد إلى وجهة غير معروفة.

المَهدحيث تعيش القصص. اكتشف الآن