الجزء الخامس عشر

1.1K 68 2
                                    

.
.
.
* توم راين يتحدث...*

اجاب توم بعد ان رن الهاتف مرتين، فتنهدت ماريا بملل واحباط واصطنعت الابتسامة لتخلق صوتاً مرحا يرضى والدتها.

* اهلاً توم، انا ماريا...*

سكت الطرف الاخر لوهلة ثم تحدث بهدوء:

* ماريا، لم اعتقد بأنكِ ستتصلين، انا سعيد حقاً لانكِ فعلتِ، لقد رغبت بالأعتذار لكِ عن ما حصل في ذلك اليوم، لقد فهمت من والدتكِ ان ذلك الرجل كان صديق ليس إلا صحيح؟...*

كيف ستكذب الان ووالدتها قررت ان تفتح المايكرفون وتستمع الى كل شيء...

*أ-أجل صحيح...*
اجابت بنفس متقطع وهي تتمنى ان تحطم الهاتف على المنضدة التي بجانبها وتصرخ بوالدتها لتتركها وشأنها...

* هذا رائع!، إسمعي دعيني اعوضكِ عن ما حصل، اريد ان اعتذر بشكل مناسب ورسمي، هلا سمحتِ لي ان ادعوكِ الى العشاء غداً؟*

سكتت ماريا واخذت نفساً عميقاً، لقد ارادت ان تخرج لهذا التوم من الطرف الاخر من الهاتف وتخنقه بسبب الموقف الذي يحشرها به الان.

رفعت رأسها ونظرت الى والدتها التي ابدت موافقتها التامة واوضحت لها ان الرفض ليس بقاموسها الليلة...

*... اسمع يا توم... لا داعِ لذلك، لقد قبلت اعتذارك لست مضطراً لدعوتي، بأمكانك ان تعتبر ما حصل في الماضي...*

صفقت جولي ابنتها على يدها وهي تحذرها من الرفض مرة اخرى، ولوهلة احست ماريا برغبة في البكاء وتمنت لو لم تعد يوما الى هنا، لقد علمت بأن امور كهذه ستحصل، لكن مواجهتها هكذا لوحدها كانت امراً مخيفاً، جولي بالطبع لم تكن اماً شريرة لكنها ارادت الافضل لفتياتها حتى لو لم تريا ذلك الان فستشكرانها لاحقاً.

* ارجوكِ ماريا، دعيني اصحح خطأي اعطني الفرصة، ماذا تقولين؟ غداً الساعة السابعة مساءاً؟*

وبعد لمحة واحدة على والدتها تنهدت الفتاة واجابت بنعم تملؤها الالم.
* هذا مذهل!، سأتي لأصطحابكِ...*

* كلا!*

قالت ماريا بحزم، اخر شيء تريده هو مقابلة توم لوالدتها وحصرها في دائرة مواعيد لا تنتهي مخططة بينهما فقط...

* فقط اخبرني، انا سأتي، لدي بعض الاشياء لأفعلها في المساء على اية حال...*

* حسنا إذاً...سنلتقي في مطعم Oie Noire قرب البحيرة*

* حسناً...وداعاً...*

قالت ماريا واغلقت السماعة قبل ان تسمع الرد ثم نظرت الى والدتها وقالت:

* هل انتِ سعيدة الان؟*

فإبتسمت الاخرى واومأت بفرح ثم خرجت من الغرفة واغلقت الباب...

غداً سيكون يوما عصيبا للغاية...

لكن ماذا ستفعل؟ وهل باليد حيلة؟ ...

قد يظن بعض الناس بأنه موقف سهل، ستذهب وتزيف بأنها تستمتع بصحبة توم، لكن ماريا كانت نوعاً مختلفاً من البشر، فما ان تكره شخصاً يكون قد انتهى بالنسبة لها، لا مسامحه لا استلطاف ولا حتى ابتسامة او نظرة شفقة، فقط محو من حياتها والمتابعة بدونه...
هل كانت قاسية القلب؟...كلا لكن العديد من المواقف مع الصديقات المزيفات في المدرسة والجامعة كانت كفيلة بأن توصلها لهذه المرحلة...

بعد ان اصبح العشاء جاهزاً وساعدت ماريا في وضعه ثم غسيل الصحون، امضت بقية الامسية في غرفتها وهي تفكر في الغد وقد تخيلت مئات السيناريوهات في عقلها، لقد احبت الطعام والتذوق لكن مع الرفقة المناسبة...ربما مع بلو...

*ماذا؟* قالت بصوت عال وهي تنهض من فراشها...

* كلا كلا كلا... هذا الشخص يجب ان يخرج من عقلي!*

لكنه ابى ان يفعل ذلك، فبلو ازرق العينين الناعستين بقي يرافقها تلك الليلة حينما تغطت ووضعت رأسها على الوسادة وأرقها حتى كادت ان تصرخ من الغضب وتركت الفراش ثم نزلت في الحديقة وقد اخذت برفقتها كوب حليب دافئ لتجلس على احد الكراسي وتنظر الى الشارع والبيوت من حولها، ثم هنا في هذا المكان الذي احست به في الوحدة والهدوء، تركت عقلها يهيم في الجندي، لم كان طيباً هكذا معها؟ هل لأنها ابنة صديقيه؟ ام لانه عطف عليها؟ فبالتأكيد الان قد اخبرته جولي ماذا حدث معها في ذلك الصيف المشؤوم، لقد سمعتها تتحدث عن فوبيا الجلوس في المقاعد الامامية حين قابلته اول مرة في محطة الحافلة ...

ماذا ستفعل الان...فكرت وفكرت حتى داهمها النعاس وانسحبت مجدداً الى غرفتها لتستريح وتطفئ عقلها وترحب بتعاسة باليوم الجديد...
.
.
.
يتبع...

In the soldier's dark paradise  فْيّ جَـنّةِ أَلجُنْــديّ أَلمُظّلِــمّةDonde viven las historias. Descúbrelo ahora