مضى على انضمام سيرا للفرقة أسبوعٌ كامل ، و في تلك المدة تجنبت الإختلاط مع رينا لأنها أدركت لا ترغب بمصادقتها ، لم تتجنبها هي فقط ، بل آيزن أيضاً يلتقيان في وقت العمل و يساعدها بناءً على طلب هيراكو و عندما ينتهيان لا تعطيه فرصة للتحدث إليها حيث تنصرف إلى غرفتها زاعمة أنها متعبة ، نجحت في استعمال سلطتها كنائبة على أفراد الفريق و إخضاعهم لكل طلباتها و الإمتناع عن التعليقات المزعجة عنها ، فقط إضطرت إلى القسوة عليهم قليلاً ليمنتعوا عن السخرية منها .
كانت تجلس في غرفتها تقرأ كتاباً ، طُرق على الباب ، و دخل آيزن بعد أن أخذ إذن الدخول ، أخذت لمحة منه و عادت إلى الكتاب و قبل أن يقول أي شيء إستبقته ، : " هل هناك مشكلة في عملك ؟ " ، تنهد قبل أن يجيبها : " الأعمال و المهام هل هذا حقاً كل ما تفكرين فيه ؟ أنسيتي أننا أصدقاء قبل أن تكوني نائبة قائدي ؟ " .
لم تجب على كلامه فاستمرت بتقليب الصفحات ، نظر إليها و التساؤلات عن تصرفاتها بدأت تعتريه ، " لما تجعلين كلامنا سطحيّ إلى هذا الحد ؟ " .
أغلقت الكتاب و نظرت إليه " البداية كلّها خطأ " ، لم يفهم ما قالته فأومأ إليها بالتوضيح.
إبتسمت لبرهة: " عندما إلتقينا في الإختبار و دخلنا الأكاديمية معاً كانت علاقتنا سطحية ، لا أروق لأصدقائك ، وجودي يزعجهم لا يشعرون بالراحة لحضوري " .
" هل هذا ما تظنينه و هو الأمر الذي يزعجك ؟ "
لمحت وجهه عندما أجابت : " ليس ظنًا ، بل هو الواقع " .
سحب الكتاب من يديها و وضعه جانباً : " أريد التحدث إليكِ كما كنتُ سابقاً " ، تنهدت باستسلام " آمل ألا يكون الحديث طويلاً " .
إقترب منها و هو يبتسم " لسوء حظكِ حديثنا سيطول ، و لكنكِ لن تشعري به " .
إبتعدت فجأة و قالت متصنعة الإنزعاج : " طويل ... يعني ممل .. من الأفضل أن تختصر منه قليلاً " .
سمعته يقهقه بخفوت ، و لكنها لم تعلّق و فجأة أصبحت نبرته جدّية " ظننتكِ ترغبين معرفة كيف قضيت العشر سنوات... " .
إتسعت عيناها لوهلة و أدارت وجهها لكي لا يرى تعابيرها الخجولة ، كانت كل هذا الوقت تعمل بجد و أبعدت نفسها عن الحديث معه و لكن في أعماقها أرادت عكس ذلك، وصل الأمر بأن تفكر أنه لا يهتم بها كبقية أصدقائه و لكنه جاء لأجل يتحدث معها و يخبرها أموراً حدثت معه لم تكن موجودة حينها.
رأى سكوتها فاعتبره موافقة بدء بالحديث و علم أنها ستتفاعل معه بسرعة ، " في اليوم الذي تركتكِ فيه شعرت أن رحلة عودتي ينقصها شيء ما ، خمنت أن يكون شجارك معي وفظاظتكِ ، حتى عدتُ هنا " .
كانت في العادة ستحتجّ على المواصفات التي يطلقها عليها و لكنها ظلّت صامتة ، فتابع " ربما كان الجميع حولي بالفعل و لكن أحدٌ ما لم يكن موجوداً ، بينما إستمر الجميع بمحاولة تخييب آمالي إلا أنني كنتُ مؤمناً بعودتكِ ، مع مرور الوقت بدأت أفكر أن مكروهاً ما قد أصابكِ و لكني وثقتُ بأنك إمرأة تعادل جيشاً من الرجال " .
لمحها تبتسم و تحاول إخفاء ذلك ، إبتسم هو أيضاً " إنتظرت ... و انتظرت ، إعتقدت بأنكِ ستأتين في الإختبار النهائي و لكن ذلك لم يحصل ، و لوهلة ظننتُ أنكِ لن تعودي ، كان هناك شيئاً في داخلي يخبرني خلاف ذلك ، حتى ظهرتي أمامي و ذو منصب أعلى مني " .
لم تقل شيئاً أيضاً ، فزعت عندما هتف " تذكرت " ، جلس أمامها مباشرة و قد إزدادت إبتسامته " هل تذكرين عندما كنتِ تسخرين مني بسبب عدم معرفة قدرات سيفي ؟ "
رفعت رأسها لتقابل عينيه و كأن كلامه أخذ إنتباهها أكثر ، أومأت بإيجاب ، وقف آيزن ومدّ يده لها .
نظرت إلى يده ثم إلى وجهه ، " تعاليّ معي أريدكِ أن تريّ شيئاً " .
مدّت يدها في تردد حتى وضعتها في يد آيزن ، و فجأة سحبها من مكانها لكي تنهض ، خرجا من الغرفة و هو لا يزال ممسكاً بيدها، كان هناك شعورٌ غير مفهوم لها و هي واضعة كفّها في يده الكبيرة.
أخذها إلى مكان بعيداً عن الأنظار ، نظرت إليه بتعجب " لما أحضرتني إلى هنا " ، أفلت يدها و ابتسم لها ، " قدراته غريبة بعض الشيء و خطيرة في الوقت ذاته " ، مشيراً إلى الزامباكتو الذي على خاصرته .
بدا عليها الحماس لطالما تسائلت عن قدرات سيفه الذي عجز عن إستعماله سابقاً ، " ما إسمه إذن ؟ " سألته بفضول .
ضحك قليلاً ثم أجاب " كيو " ، إقتربت قليلاً و قالت وهي تضحك " أهو إسمٌ مختصر ؟ فلا يوجد زامباكتو بإسم قصير كهذا " .
مشى ناحيتها " كيوكا سويغيتسو " ، ضيقت عيناها قليلاً ثم قالت بتردد ملحوظ " فتاة ؟ "
قهقه مجيباً " أجل، و هو__ " ، إبتسمت له سيرا " أكمل ، هو ؟ " ، إختفت إبتسامة آيزن فجاة و قال : " سيرا هل كان هناك من قبل خصلة زرقاء في شعرك ؟ " .
تلاشت إبتسامتها هي الأخرى ، وضعت يدها على شعرها لتمسك تلك الخصلة ، جحظت عيناها ، و كأن مشاعر الخوف و الهلع تلبسانها" .
نظرت إلى آيزن بعينين توشك على ذرف العبرات التي إحتوتها ، تراجعت للخلف بخطوات عشوائية ، حتى أسرعت هاربة .
لم يفهم آيزن ما حدث للتو ما الذي حلّ بها ما كان ذلك ؟
أثناء ركضها الأعمى إرتطمت بشيء صلب عندما نظرت للأمام شهقت أثناء قولها : " ميريو... " ، نظر إليها بتمعن و مسح بلطف على شعرها " حصل ما كنت أخشاه ... " .
ثم إنه أخذها لمكانٍ أبعد فسألته " ألم تعد ، لم لا تزال هنا " ، تنهد بغضب و وضع يديه على كتفيها " لأنه لا يجب أن أعود بمفردي ، عليكِ بالعودة معي " ، هزّت رأسها نافية " لم يمضِ وقت طويل على انضمامي معهم ، و إختفائي بهذا الشكل مجدداً سيثير الشكوك ، و يسبب المشاكل أيضاً __" .
قاطعها لكمه للشجرة التى خلفها " لما لا تدركين خطورة ما تفعلينه ؟ ختمكِ بدء بالتصدع و هذا ليس جيداً " ، نظر إلى وجهها بغضب و استتبع " تأخرتِ عن التنصيب سنة كاملة ! هذا يكفي ، كان ضغطكِ الروحيّ في فوضى ، الشخص الوحيد القادر على كسر ذاك الختم اللعين من غير أن تتأذي هو جدتي" .