الفصل السادس عشر

33 8 1
                                    

(( الفصل السادس عشر ))

............ ......

(((لم أعد أعرف شيئا عن نفسي، فلا أنا أنا ولا قلبي هو ذاته، حتى ذلك السائل الذي يعبر بداخلي لم يعد دماً، بل أضحى علقماً)))

................... .........

بعض البشر يمرّون في حياتنا كالطيف لا نشعر بهم، وبعضهم يحدث ثورةً داخلك على كل مااعتقدتَ وآمنت به يوماً ، يصبح ليومك الروتينيّ طعمٌ آخر فقط لمجرد مرورهم على خيالك ، أحاديثكم القصيرة والمتقطعة تأخذ شكلاً يأسر قلبك وروحك ، يحبسهما في قفصٍ ذهبي فلا تخرج منه رغم بوابته المفتوحة.
تلك العيّنة من الناس من النادر أن يرحلوا دون أن يتركوا داخلك بصمةً مميزة ، هذا إن ارتضيتَ برحيلهم طبعا .

......................

وقف أويس للحظات يطالع خيال مياس التي غادرت منذ قليل، على الرغم من العنجهية التي تعامله بها لكنه لم يأخذ موقفاً منها، يبدو غاضباً ظاهرياً لكنه في الحقيقة بات يتعلق بهذا التفصيل الصغير بها ، الكبرياء العنيد .

تطلع إلى طارق من فوق أكتافه لكنه لم يستدر صوبه ، انطلقت قدميه لوحدهما ليتبعا آثرها ،تاركاً طارق مدهوشاً من تلك الحرب الباردة التي بات يلاحظها بين ذينك الذئبين ، التقى حاجباه في تقويسة مستريبة في حقيقة ذلك النزاع اللطيف ، ابتسامة صغيرة اقتحمت قسماته وهو يسترجع في ذهنه ماسمعه من كلاهما ، تمتم بهمس كأنه يحادث نفسه: البلاء الأعظم؟؟ الخفاش الأسود؟؟

قهقه بخفة أثناء استناده بيدٍ فوق مكتب مياس ، واليد الأخرى رفعها إلى خصره متخيلاً أن يكونا معاً، مجرد التوهم في أن تجمعهما علاقة ما جعلت طارق ينخرط في نوبة ضاحكة ثم أضاف أثناء تطلعه إلى الباب الذي غادر منه كلاهما: ادمج البلاء مع الخفاش يخلق لك كورونا !!!!

......................................

هبطت الدرجات بتهادٍ حين لحقها أويس صائحاً : انتظري مياس.
لم تتوقف عن الهبوط أثناء إجابتها الباردة: ماذا تريد؟؟
ماذا يريد ؟؟ حقاً لا يعلم !! فقط أراد أن يفتح معها حديثاً أياً كان ، لاحق خطواتها حين أوقفت أحد الموظفين لتسأله عن المكان حيث تجد شاحناً لهاتفها ، وقد أرشدها إلى غرفة النسخ حيث يوجد في إحدى الخزانات شاحن احتياط ، تحركت إلى حيث أشار لها الموظف ليتبعها أويس وهو يبحث في عقله عن أية حجةٍ يحادثها فيها ، فتحت الغرفة التي كانت فيها عدة آلات للنسخ وفي الخزانة التي أخبرها الموظف عنها وجدت الشاحن ،أوصلته في مقبس الكهرباء ثم التفتت للخلف لتجد أويس واقفاً خلفها لايفصله عنها سوى بضع خطوات، عقدت ذراعيها لتسأله بجمود: ما الأمر سيد أويس؟؟

ابتلع ريقه بوجل ثم وجد نفسه ينطق باندفاع : أين أخذتِ التحفة الأثرية وحقيبة المال؟؟
ضيقت عينيها مستريبةً في أمره ، تململ مكانه بفعل نظراتها المتفحصة وقبل أن ينطق أياً منهما صدح هاتفها بالرنين ، استدارت للخلف لتجيب الاتصال من فورها بثبات: نعم؟

سجية مغرم حيث تعيش القصص. اكتشف الآن