الفصل (4) تنمر؟

4 0 0
                                    


~ جوليا ~
وقفت متجاهلة الفتيات فلست قلقة بشأنهن والتفت إلى ياماتو وقلت بإعتذار صادق : أنا آسفة ، أعلم أنك مذنب وتستحق ذلك ، لكنني بالغت قليلا في ردة فعلي ، سأقبل بأي عقاب تحكمه علي ..
كان ينظر إلي بنظرات باردة ، ولم يبد أي ردة فعل ، بينما دفعتني إحدى الفتيات أرضا وقالت : فالتموتِ أيتها القذرة ..
هتفت الفتياتمن خلفها بصوت متفاوت مؤيدين : نعم فالتموت .. فالتذهب إلى الجحيم ... إنها جرثومة قذرة يجب أن نقضي عليها ..

لم أحرك ساكنا ، فأنا أستحق ذلك ، ماكان لي أن أغضب وأقوم بما فعلته ، بقيت على الأرض وأنا أسمعهن يشتمنني وينعتنني بأقبح الكلمات ..
فجأة سمعت صوتاً رجولياً يقول : لا شأن لكن يا فتيات ، هي لم ترتكب خطأً أنا المذنب هنا ..
جفل في مكاني عند سماعي لصوت ياماتو ، ثم رأيت يدا مُدت إلي ، رفعت رأسي إلى الأعلى ببطء أحاول قراءة ما في داخله وفي عيني نظرة غبية ..
لماذا يساعدني وأنا التي رغبت في خنقه حتى الموت ؟؟
- مابك ؟؟ هيا انهضي فهذه ليست منزلتك ..
قالها وهو يحثني على الإمساك بيده للنهوض ..
لم أمسك بيده وفضلت الوقوف بمفردي وعلامة تعجب كبيرة مرسومة على وجهي ..

قالت إحدى الفتيات معارضة : ياماتو كيف لك أن تساعدها وهي كادت أن تقتلك ؟؟
قلت مؤيدة لها : نعم لماذا تساعدني ؟؟
قال ببشاشة : أنت قوية رغم مظهرك هذا ، لقد فاجأتني كثيراً وأنا أعتذر بدوري على استفزازك ..
لم أكن لأرضى بهذا أبداً : لا يمكنك مسامحتي بسهولة ، يجب أن تختار عقاباً لي ..
كان مندهشاً من إصراري لكنني استمريت في الحديث : سأخدمك طوال هذه السنة يا ياماتو تكفيراً عن ذنبي ..
حك مؤثرة رأسه بحيرة : لست حاجة لفعل كل هذا ..
قلت بإصرار : بل إن هذا مهم ، أخشى أن أتمادى بأفعالي إن تركتني ..
قاطعنا صوت روز الغاضب حينها : يكفي هذا ، كفي الحديث بطريقة غبية يا جوليا ..
نظرت إليها بهدوء : أرجوك يا روز لاتتدخلي ، أنا راضية بأن أكون خادمته ، ففي النهاية أنا مذنبة ..
- لست المذنبة ، لا تلومي نفسك يا جوليا ، هو من جعلك تفقدين صوابك ، لهذا فهو ليس خطأك ..
- بلى إنه خطأي ، إذ أنني كان من الواجب أن أتمالك أعصابي ..
قاطع حوارنا ياماتو الذي قال : إن كنت مصرة كثيراً فلن أمانع مطلقاً ، لا تقلقي يا روز سأحسن التصرف معها ..
أنهى جملته وهو يضحك بخفة ، نظرت إلى روز برجاء فأنا لا أرغب أن يطول الشجار أكثر ، فهمت روز نظراتي وقالت : كما تشائين لكن لا تأتي إلي باكية في المستقبل ..
هتفت بمرح : حسنا حسنا ..

عادت الفتيات إلى أماكنهن لكن علامات عذم الرضى لازالت مرسومة على وجههن ، أما الفتيان فقد توجهو نحو ياماتو وبدؤوا يتحدثون عن ما حدث ، وكيف أنه حصل على خادمة غبية مثلي ..

لم أعرهم أي إهتمام ، على الرغم من أن الجميع ينظرون إلي على أنني جبانة ، بسبب كثرة إعتذاري وإرتباكي ، إلا أنني في وقت الغضب أتحول إلى أنثى شرسة ، وأنتم شهدتم على ذلك بأعينكم ..
لكن هذا الجانب مني لا يعجبني إطلاقا ، فأنا أكره إيذاء الآخرين ، ولا أحب أن أغضب كثيرا على أي أحد ، وحين يحصل ذلك فأنا لا أقصر مطلقاً في معاقبة نفسي ..

قد يعجبك أيضاً

          

***

~ روز ~

نظرت إلى جوليا وقلت لها : والآن أخبريني لماذا صعدت إلى سيارة ذلك الغبي المحاق الثرثار ؟؟
أتاني صوته من خلفي قائلا : أنا أسمعك ..
- ومن قال أنني لا أرغب في أن تسمع ، أنا لا أخافك ..
ثم وجهت حديثي إلى جوليا : هيا أخبريني ..
اقتربت مني وهمست بصوت خافت كما لو أنها لا تريد من أحد سماعها : لقد قال لي إذا لم أصعد فسوف يحملني إلى الصف وهذا سيكون أسوء من صعودي لسيارته ..
- يالحقارته ، في المرة القادمة إذا حاول مضايقتك فأخبريني ..
- حسنا ..

صمتنا لثواني بعدها قلت : لقد مر زمن طويل لم أرك غاضبة بهذا الشكل ، كنت مرعبة ..
- آسفة لم أقصد أن أفقد السيطرة على نفسي لكن حديثه أغضبني حقاً ..
- لا بأس ففي النهاية هو يستحق ذلك ..
- شكرًا لك لأنك تدخلت ، فلو لم تفعلي ما كنت لأهدأ ..
قلت مازحة : في الواقع أنا نادمة الآن لتدخلي ، لو لم أتدخل لخلصت العالم من هذا النرجسي ..

في إستراحة الغداء ومن جديد بدأ جميع الطلبة من هذا الصف وخارجه بالتجمع خلفنا ، عند ياماتو تحديدا ..
ومحور حديثهم هو ما حصل بينه وبين جوليا ، كنا نتناول الغداء الذي أعدته جوليا ، فهي تعشق الطبخ وماهرة فيه ، عكسي أنا تماماً ..
فتحت علبة الغداء التي أعدته جوليا لي : كالعادة مظهره شهي للغاية ..
إبتسمت جوليا : يجب أن أعلمك أنت الأخرى الطبخ ، فأنت بحاجة لذلك عندما تصبحين أماً ..
- لا أحتاج ذلك فأنا لا أفكر في الزواج إطلاقا ، فجميع الرجال قذرون ..
قلت الكلمة الأخيرة وأحسست بنظرات حادة مصوبة نحوي من الخلف ، إلتفت لأرى أن جميع الفتيان ينظرون إلي بغضب ..
قلت ببرود : لماذا تنظرون إلي هكذا ؟؟ أنا محقة فجميعكم قذرون وأولهم ذلك المحاق الثرثار ..
قال أحد الفتيان : أنت هي القذرة الوحيدة هنا ، أيتها المغرورة ..
وقال آخر : ياماتو قل شيئا لهذه المتعجرفة ..
ياماتو بإبتسامة : أعذروها يا شباب ، فالسنفورة الغاضبة تقول ذلك لأن لا أحد من الفتيان يلتفتون إليها ، لذلك هي غاضبة بهذا الشأن ..
انفجر جميع الفتيان والفتيات بالضحك بشماتة ، وياماتو ينظر إلي بإنتصار ..
قالت إحدى الفتيات بدلال : فاليتبرع واحد منكم يا شباب ويخرج معها ، أنا أشفق عليها حقاً ..
قالت أخرى : لا أظن أن أحدهم سيوافق عليها ، من يرغب في فتاة مثلها ..
كنت أغلي من الغضب ، وقفت مستعدة لضربهم جميعا ، لكن جوليا أمسكتني وهي تنظر إلي بعين ان متوسلتان..
- لا تعيريهم أي اهتمام ، أرجوك لا تحدثي شجارا ..
فقال أحدهم ساخراً : اوه أنظروا هاقد تحدثت الخادمة أخيراً ..
إنهم يستمتعون كثيراً بالسخرية منا ، وهذا أمر مثير للسخط ، أوشكت على الرد إلا أن صوت ياماتو قاطعني : كفاكم ضحكا إياكم والسخرية من جوليا مجددا ..
توسعت بؤبؤة عيني غير مصدقة لما أسمعه ، لقد دافع عن جوليا ، هذا غريب حقاً ..

توقف الجميع عن الضحك ، وظهرت علامات الدهشة والإستغراب على وجوه الجميع ، حتى جوليا نفسها ..
قال ياماتو : اسمعوني جيدا من غير اللائق أن تتخذوا من كلمة خادمة إهانة ، كما أنه لا يحق لكم دعوتها بالخادمة ..
حتى إن قام بالدفاع عن جوليا لا يزال حشرة بغيضة في نضري ، قلت مخاطبة الجميع : إسمعوني جيدا إذا أردتم العيش فمن الأفضل أن تغربوا عن أمامي حالا ، لديكم دقيقة واحدة فقط ..
في غمضة عين انفض الجميع عن ياماتو وغادروا الصف بتذمر وغضب ، ولم يبقى إلا ياماتو ..
- ألم تسمع ما قلته ؟؟ أم أنك أصم ؟؟
قال ببرود واضعا كلتا يديه خلف رأسه وهو يسند بجسده إلى الوراء : هذا مكاني ، وليس لك حق في طردي ..
- تبا لك فالتمت >> تمتمت بها غاضبة ..
جلست في مكاني وعدت أتناول الغداء الذي أعدته جوليا لي ..
سمعت ياماتو يقول : جوليا ألم تغضبي مما قالوه ؟؟
إلتفت إليه وقلت وفمي ممتلأ بالطعام : لا تتحدث إلينا ..
قال وعلامات القرف بادية على وجهه : أنت التي لا يجب أن تتحدثي وفمكِ مليء بالطعام ، ثم أنني لم أسألك ..
فأجابتني جوليا : لا أهتم حقا
... يتبع

#الفيلسوف

لعبة بين يدي حاقد حيث تعيش القصص. اكتشف الآن