الفصل السادس

988 55 1
                                    

الفصل السادس

يوم جديد يحمل بين طياته الكثير من الامنيات والدعوات والمخططات بعضها يتسم بالخير وبعضها يتسم بالخبث.
دخل المكتب في العاشرة صباحا في عادة جديدة عليه بعد ان كان يأتي بعد منتصف النهار... هو نفسه لا يفهم التغيير الذي يحدث له بين سعيد باقترابه منها و بين اصرار للسير في طريقه الاساسي بدون اي عقبات... لا يفهم ماذا يريد... يزداد تعلق بها و يرفض التخلي عن هدفه الاساسي.
بالامس تكلم مع احد اصدقاءه الذي عنفه بشدة بحجة انه لم يعد صغير على ما يفعله فقد تخطى الثلاثين و على وشك بداية حياة جديدة فكيف يتلاعب بمشاعر فتاة بل و يورط نفسه و قلبه معها.
و برغم اقتناعه بكلام صديقه و اتخاذه العديد من القرارات بينه وبين نفسه الا انه بمجرد استيقاظه صباحا قام بالغاء كل القرارات و ارتدى ملابسة بسرعة فائقة كي يبدأ يومه برؤيتها.
دخل على مكتبها وجدها منهمكة بعملها تضيق عينيها و تنظر لشاشة الكمبيوتر بتركيز شديد.
التهم ملامحها بيعينه يدقق في كل شئ يخصها.
حجابها الوردي الذي يخفي شعرها عن عينيه المتلصصة.
فستانها النبيتي الواسع للغاية يجزم بأنه اكبر من مقاسها الحقيقي المزين بزهور من نفس لون الوشاح... قدمها الصغيرة التي تظهر من اسفل مكتبها بحذاء رياضي ابيض.
ملامحها الرقيقة التي و برغم تركيزها وتقطيبة حاجبيها لكنها تبعث الراحة و الهدوء بنفسه.
تنهد يخفي تخبطه داخله و نظر حوله وجد باقي زملائها كل في عمله رفع يده يحييهم وقال بصوته الجهوري : صباح الخير يا شباب
ثم اضاف : بشمهندسة منار و بشمهندس رامز يا ريت تيجو المكتب عشان معايا شغل جديد هيتوزع عليكو.
ثم نظر لهبة التي رفعت رأسها بمجرد سماعها صوته وقال : بشمهندسة هبة منتظرك في مكتبي بعد ساعة ومعاكي كل حاجة تخص فيلا التجمع... عندي معاد معاهم بعد يومين.
أومأت له و دقات قلبها تتعالى و داخلها يرتبك وتشعر بقلق وتوتر وهي تلحظ نظراته المدققه بعد نادئه عليها لعدة ثواني ثم رحيله من امامها.
كانت تظن انها بابتعادها يوم عن محيطه والتفكير في كيفية معاملته سيفيدها هذا الابتعاد... لكنه لا يترك لها فرصة للابتعاد... تشعر به يحاصرها... يصر ان يكون عملها مشترك معه ليس مثل رامز ومنار وغيرهما بالمكتب كل يعمل بمفرده او حتى بأحد زملائه.
هل تستمتع لنصيحة هنادي وتترك المكتب ام تصمد وتتجاهل ما تشعر به تجاهه كما نصحتها هيا.
اخذت نفس عميق وهي تدعو الله ان لا يتورط قلبها مع هذا الغامض المستفز.
اخذت تطبع عدة لوحات و تعدل بعض التفاصيل قبل طباعتها وتضعهم في ملف حتى تناقشه في عدة اشياء.

بعد ساعة

كان يجلس باسترخاء على مقعده بعدما انتهى من اجتماعه القصير مع رامز ومنار.
يأخذ نفس عميق من سيجارته و هو يفكر في مواعيد اليوم بعد انتهاء العمل و يشعر برغبة بتأجليها للغد او حتى للاسبوع القادم.
لم يعد يشعر بنفس الشغف والرغبة للانتهاء من التزاماته الحالية.
لا لا يريد الغاء اي شئ مجرد تأجيل لعدة اسابيع ليس الا.... تخبطه بالنسبة لهبة لن يأخذ حيز اكبر من إعجاب سريع و رغبة في الاكتشاف تنتهي بمجرد الوصول لها و لمشاعرها البكر التي لم يقترب منها غيره.
لم ينتبه لمرور الساعة ووجدها تطرق الباب وتدخل بملامح ضائقة فاطفأ سيجارته وهو يقول باعتذار صادق : اسف جدا نسيت افتح الشباك اول ما دخلت.
جلست بضيق فحقا هي لا تدعي ولكن رائحة السجائر تأثر فيها تأثيرا سيئا على رئتيها فهي منذ الصغر تعاني من حساسية تجاة الروائح النفاذة.
سعلت بهدوء وهي تلتزم مكانها و قالت : هاقف هنا شوية على ما ريحة السجاير تخف شوية.
اقترب منها بعدما شرب عدة رشفات من كوب الماء امامه وقال تعالي اقعدي على ترابيزة الاجتماعات.
جلست بصمت وهي تضع التصميمات التي معاها بينما هو استغل الفرصة وجلس امامها وقال بملامح تقطر رقة و احساس و نبرة مليئة بالذنب : انا اسف بجد عشان موضوع السجاير ده... مش هسامح نفسي لو عرفت اني اتسببت في تعبك... انتِ متعرفيش لما انتِ بتتعبي انا بحس باية!!!
تورد وجهها بشدة من اثر كلامه ونواقيص الخطر تنطلق داخلها بصخب عالي تزايد بقوله وعيونه مسلطة على وجهها : حاسس انك تعبانة مش بس عشان السجاير... شكلك مجهد تحبي اقوم اوصلك البيت ترتاحي انهاردة!!!
قالت ببلاهة وفم مفتوح : ها.
ابتسم بداخله وهو يشعر بأنه اقترب من امتلاك تفكيرها ومن ثم مشاعرها وقال بنفس النبرة : حاسس انك تعبانة تحبي تروحي ترتاحي... مع اني مش عارف هاكمل يومي ازاي في المكتب من غيرك.
هدير قلبها يزداد وهي تستمتع لكلمات لم تسمعها من قبل و ترى نظرات لم توجهه لها من قبل.
جف حلقها و شعرت بالخوف من احاسيس لم تشعر بها قبل ذلك... ومشاعر لم تتحرك وتنتفض داخلها الا بعدما عرفته و اقتربت منه.
شعر بها تائهة كطفلة صغيرة تريد الشعور بالامان فلم يبخل عليها وقال وهو يحرك يده امام وجهها : هبة انتِ كويسة... بجد بدأت اقلق عليكي.
نفضت كل ما يداخلها من خوف وتوتر وقلق وتنحنحت تجلي صوتها وقالت : لا انا تمام متقلقش... انا بس مش متعودة على ريحة السجاير... عندي حساسية منها مش اكتر.
وعدها بصوته المخدر لاعصابها : اوعدك مش هاشرب سجاير تاني قدامك... اهم حاجة عندي صحتك.
حركت رأسها موافقة على كلامه كالمسحورة.
فابتسم وشعور القناص داخله يشعر باقتراب الوصول للهدف.
اخذ الاوارق التي وضعتها امامها يتفحصها ثم بدأ مرحلة العمل و وضع كل ما يخطط له جابنا.
قد يكون متلاعب... مستهتر بعض الشئ... زير نساء لكن عمله ومستقبله خط احمر لا يمكن له او لغيره الاقتراب منه.
بينما هي لا تعلم كيف صمدت بالجلوس امامه لساعتين متتاليتين بدون ان تصاب باغماءة من فرض ما تشعر به من تخبط.
و ليس هذا اسوء ما في الامر بل الاسوء انه طلب طباعة المقترحات لمشروع اخر والعودة له لمناقشته بها.
اي امامها ساعة اخرى على اقل تقدير لتقضيها معه.
****

عزيزتي الآنسة هاء(مكتملة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن