"شَعرت بِالمَلل فَقط."

198 29 0
                                    

بعد كل تلك الأحداث المتتالية.. انتقلت جينفر من المدرسة من غير سابق إنذار دون أن تخبر أحداً..لا نقابة المتفوقين في إتحاديات الطلبة التي كانت تشارك بها، ولا حتى أمينة المكتبة التي تحبها وجداً..مما جعل الجميع سواء من شهد أو لم يشهد، سمع أو لم يسمع يستغرب، لأن هذه هي سنتهم الاخيرة، وقد كان ذلك غريباً جداً..
آدم الذي كان يعرف أختها الصغيرة التي تدرس في المبنى المجاور مع أخته هيلينا سميث مازالت في نفس المدرسة أي أن جينفر قد إنتقلت لوحدها وليس عائلتها كلها..
وكانت تلك المحادثة في المجموعة المتكونة من تشارلي آتكينس، آدم سميث، لويس غروفينيور وأخيراً ديفيد روكفلر..
"شباب."
آدم من ابتدأ كالمعتاد في هذه المجموعة..
"نعم؟"
الردود على التوالي..
" لقد إنتقلت.."
كان يونبأهم حقاً..لربما كان آدم أكثر من إهتم..
"من؟"
"جينفير هانغتن.."
"أين تهديداتها تلك؟"
والكثير من الضحك ليس له داعٍ لأمرٍ جديٍّ يتحدث عنه ولم يضحك معهم ليرسل..
"لكن، أليس هذا غريباً؟"
ابدا الجميع إستغرابه..لكنه فقط قرر السكوت عن وجهة نظره وإبقاءها لنفسه..
" لا لا شيء.."
اما هو فقرأها جميعاً..ولم يتعب نفسه بالرد حتى..فهو يعلم وتوقع الامر مسبقاً..
وعندها في تلك الشقة..
فتحت هاتفها بتكاسل..
حسناً هناك رسالة..غريب هي لا تتلقى عادةً..
هل تذكرون ذلك المجهول؟ نعم كانت منه..
بالمناسبة، لما لم تحظره إلى الآن..؟
"أصحيح انك انتقلت من المدرسة؟"
"حسناً، نعم فعلت."
"لما؟"
إستغربت أعني ما شأنه؟
"بكل بساطة.. اردت ذلك ففعلته."
"ان كان لأجل الأولاد فهم لم يقصدوا!"
هاه.. ما اللعنة معه؟ عن اي حادثة معهم يقصد؟
"انا لم اخبرك عن شيء..أعني.. انا لم إخبر احداً عن ذلك؟"
"هاه؟"
" كيف عرفت عن حوادثي معهم؟"
"ديفيد أخبرني..؟"
هذا غباء بحت..انه ديفيد..انا أقولها لكم..
"انت ديفيد، صحيح؟"
كان يحاول كتابة شيء ما لكنها قامت بحظره وذهبت لتتحدث مع ديفيد..في محادثته الرسمية..
" ديفيد."
أرسلت دون شيء آخر وإستغربت سرعة رده..
" نعم؟"
لم تردد في ما قالته..
"ذلك المجهول الغبي كان انت، صحيح ؟"
وهو كان يكتب شيئاً طويلاً على الأرجح قبل مسحه وكتب الآتي..
" نعم.."
"توقعتُ هذا.."
كان يكتب لكنها ارسلت.
"هل تحاول ممازحتي الآن؟ليس وكأني لا ارد عليك هنا؟"
"شعرت بالملل فقط."
وسعت نطاق عينيها بتفاجئ على رده..مازال الوغد ينكر ويعبث؟
" شعرت بالملل، ها؟
سَأريك ، ابن السافلة.."
قامت بحظره ايضاً رغم كونه كان يكتب شيئاً..بمعنى آخر..كان يود لقائها وحتماً الاعتذار، لابد انه أحس بذلك الأحساس، حسناً لقد بدأ يشعر بفعلته..
صحيح ان ديفيد قام بفعل ذلك، لكن طول سبعة أشهرٍ تلك، لم تذهب عن باله، كان يريد أن يراها، يحاول أن يبرر لها حتى وإن كان الأمر غبياً، هي لم تعطه أي فرصة ويبدو أنها إنتقلت من مكان عيشها أيضاً، إنقلب السحر على الساحر وهو الآن يتأذى..تباً لك ديفيد..
ثقته؟..تزعزعت..
قواه؟ اُهلكت..
نُفوذه؟ لم يُنقذه امامها..
كما قالت..هي الشرير في القصة..
لم تفعل شيئاً سوى الكلام وهو يتحطم من الداخل..
يريدها..
يريد أن يراها..
أن يسمع ضحكتها مجدداً..
لا يصدق أنه خسرها فقط بأفعال مراهقته الغبية..
أشغلت كل قطرة من دمه كما قالت..لم يستطع حتى التركيز رغم كونه الوريث التالي لمجموعة روكفلر حتى وإن كان أمر رئاسته ليس بإرادته..كان حتميّ الحدوث..
عاود الاتصال بها أكثر من مرة.. لكنها قامت بحظره وتغيير رقمها..
أنقذوه..الوغد سيتحطم أشلاءً..
هل هذه هي مسؤولية تحمل الأخطاء التي يتكلمون عنها؟
تباً..
وتلك الاشهر كانت كفيلة لإنتهاء ذلك العام الدراسي مع إنتهاء عطلته وبداية عروض التسجيل على الجامعات للمتخرجين من الثانوية..
تلك الأشهر بعضها لربما كان الاسوء لكلا البطلين، حيث هي كانت تعاني من فقدان أخيها، الحنان والأهتمام، كما خانها أقرب شخص لها، الشخص الذي كانت تحبه من كل قلبها المحطم، لم تمضي مدة طويلة على اكتشافها للإمر لكنه..لكنه فقط كان يقوم بالعبث معها طوال الوقت وقام بنشر صورها التي أرسلتها له خصيصاً مع رسائلها.. كان فعلاً عاهراً لم يكن عليه فعل ذلك..
حين هي كانت مريضةً قلباً وقالباً طوال شهر، لم تستطع الكلام بشكل عادي من بعد الحادثة لمدة خمسة أيام.. المدرسة الجديدة سنقول أنها وربما خففت عنها، لا احد يعرف عن أي شيء مرت به..
لذا..ربما لم تكن هذه الاشهر بهذا السوء لها..
قُبيل عدة ايام قامت بالإحتقال لأول مرة بعيد مولدها بسبب مفاجئة من زميلاتها.. أخبرتهم فقط ولم تخبرهم أنها لم تحتفل به من قبل بسبب أنه كان يوم وفاة جدها..
ومر شهرين على آخر مرة رأته بها..بالأصح راقبته بها..
وتلك المرة كانت هي عندما أرسلت إليه هديتها لعيد مولده بالسر..عملت بجد لكي لا يعلم على أنها هي التي أرسلتها..
هي تقوم بعمل جيد..لقد هربت من منزلها وتوظفت في مقهى صغير، تكفلت بكل مصروفاتها..ويمكنها القول انها تستطيع العيش الآن.. بعيداً عن صخب أسرتها المشهورة..
والدها عالم وبروفيسور الرياضيات المشهور جيمس هانغتن..
والدتها الممثلة الصاعدة على مستوى العالم كاترينا هانغتن..واختها مَحلُ الإهتمام بشعرها الأحمر وغرابة ملامحها عن المعتاد..
بالنسبة له.. كان فقط يعاني للإستيقاظ فالصباح..لاصبح يعيش وحده في شقة بعيدة تمام البعد عن أهله وعائلته..سيرث آل روكفلر بسبب تنازل اخيه عن أغلب الأحقية الخاصة به أو هذا ما عُرف به الأمر..على ظهره حملٌ ثقيلٌ..لذا يتمنى فقط أن لا يستيقظ الصباح.. خصوصاً وهو لا يستطيع رؤيتها..قبل فترة كان هو عيد مولدها، لذا أعتبره يوم مميز وأمر بتخفيض أسعار تجارته بنسبة أربعين بالمئة، بينما هو لم يستلم زمام الرئاسة بعد، وربح الكثير لا أحد أزعجه ذلك اليوم..لكنها غير موجودة..كان مجبراً على الاحتفال بها بمفرده..لن يكذب حاول التواصل معها في كل يوم..حساباتها كانت مهجورة ولم تنشر منذ سنة تقريباً، لذا من الطبيعي أنها لم ترد.. ويبدو أنها أنتقلت للعيش في مكان آخر كونها انتقلت من المدرسة من الأساس لذا لم يستطع التواصل معها بتاتاً..
هو متأكد انها لا تريد رؤيه وجهه..تباً له فقط..
إستلقت على فراشها بتعبٍ بالغٍ بعد يومٍ طويلٍ، وحدقت في هاتفها قبل أن تُكلم نفسها بصوت منخفض..
"الآن علي التسجيل في تخصص ما..؟"
في الماضي..
كانت تدرس وحدها على طاولتهم عندما فُتح باب السطح وإستقبلته إبتسامتها وهي منزلةٌ لكمامتها لأنها اختنقت منها ببساطة منظرٌ كان سيعتاد عليه بالطبع..فأبتسم بالمقابل وتحدث مقترباً ليجلس بجانبها..
"هي، جينفر، جلبت لك قهوة.."
تمتمت بهدوءٍ وسلامٍ عن أيةَ حروبٍ قد تقوم بها كلامياً..
" شُكراً."
سأل وهو ينظر نحوها ببعض القلق وإبتسامته لا تختفي..
"هل انتِ متعبة؟"
عاودت الإبتسام ورشفت رشفةً بسيطةً مهمهمةً..
"قليلاً"
لم يرمش بعيداً عنها وواصل التحديق بها كأنها كل شيء له مما جعل قبلها ينبض..
"اذاً هل لي بسؤال..؟"
نظرت إليه بنظرة :
"الم تكن تسأل منذُ قليل؟ ما اللعنة مع أدبكَ المفاجئ؟"
دون أن تتلفظ بحرفٍ واحدٍ ساخرةً فأكمل..
"ماهو حلمك؟"
همهمت وهي تفكر لثوانٍ قبل ان تجيب..
"لا، لا أملك حلماً في الواقع.."
رفع حاجبه بإستغراب لطيفٍ منه..
" حقا؟.. لما؟"
"واصل الناس تدميري، لذلك لا اظن اني سأكون شخصاً جيداً وناجحاً مستقبلاً.."
قالتها وهي تكمل كتابتها غير مباليةً كأنه شيءٌ إعتياديٌ جداً.. مما جعل ديفيد يستغرب اكير.. ترى مالذي واجهته وهي بهذا العمر..فكر بذلك..
"..محامية..يناسبك ان تكوني محامية؟"
رمشت ترفع حاجبيها غير متوقعةً ذلك..
" ها؟محامية...حقاً؟"
اومأ..
"رُبما..لكن ماذا عنك؟"
همهمت تنظر بعيداً وهي تفكرُ في ما قاله..
"سأصبح اقتصادياً، أعني، سأدير شركه والدي وأعماله."
شيء معتاد..هم روكفلر بعد كل شيء..
"أظن أن هذا جيد.."
أجاب وإبتسامته تتوسع..
"نعم."
تمتمت تنظر له بضحكةٍ خافتةٍ لطيفة..
" فقط، بالتعرف على شخصيتكَ، أظن أنك ستكون اقتصادياً ممتاز، سيد روكفلر.."
بادلها الضحكة وعينيه تلمع بذلك الإستمتاع المحبب لوجودها..
"حسناً إذاً، سأكون اقتصادياً ممتازاً إن كنتِ محاميةً شريفةً، سيدة هانغتن.."
ضحكا ثم سألها عن مسألةٍ ما، فأجابته بأعتيادية..
كمثلِ معلمٍ وطالبهِ..
ولنقل بسبب هذه الذكرى ستدخل ذلك القسم ولنقل ايضاً بسبب هذه الذكرى.. ستحدث الكوارث القادمة..
نعم ستلحق به..تصرف غبي؟ نعم لكنها ستسمتع على الاقل عن أيامها المملة..هي تغيرت وسيرى ذلك..
جينفر لن تكون جينفر بتلك البساطة له..
لنرى ما تخبأه الاحداث..
وكما تعلمون سجلت جينفر في قسم الإدارة والأقتصاد..مرت الايام سريعاً لذا اليوم هو اليوم الأول للجامعة.. برودها المخيف ذاك سببه هو بالطبع..
كانت تردي شيئاً رسمياً نوعاً ما ممثلٍ بقميصٍ أسودٍ حريريٍّ وسترةٍ بنيةٍ بلون القهوةِ وازت البنطال بنفس اللون وقبعةً فرنسيةً بلون القهوة..
ونشرت صورة لها على حسابها المهجور في فيسبوك بعد مدة طويلة جداً من عدم النشر..الذي يتابعه هو والذي أرسل منه هو، قائلةً..
"اليوم الأول"
ذهبت الى جامعتها، في طريقها حصلت على كوب قهوة داكنةٍ ومثلجةٍ.. كانت الأنظار عليها..بالتأكيد فهو جمال هانغتن أو لنقل بشكل أصحٍ، نسلُ كاترينا..جلست على أحد الكراسي في تلك الطاولات المنتشرة في ساحة الحرم الجامعي.. تحولت الأنظار منها الى شخص ما وتعالت أصوات الهمسات.. فحدقت به بطرف عينها.. تحولت طريقة من نظرةٍ باردةٍ إلى نظرة حادة.. لأنه هو.. وهي وعدت أنها لن تسامحه ببساطة..
أمسكت كوب القهوة وحقيبتها، تقدمت إليه، بينما تبتسم.. وتقول في نفسها..
-"جولتنا الثانية بدأت.. عدتُ إليكَ إنتقاماً لي..فإما أن تتغلب عليّ وأكون ضحيتكَ مجدداً وإما العكس عزيزي روكفِلر.."
سنعود بالزمن لنرى روتين ديفيد المعتاد..
تنهد بتكاسلٍ ينهض من فراشه.. أرتدى ثيابه الرسمية.. كان يتذمر وقتها.. نشر قصةً على حسابه.. ولاحظ أنها نشرت فوضع علامة أعجاب مستغرباً، لكنه لم يعلق..ذهب للجامعة متأخراً بعد حصوله على كوب قهوة دانكة وساخنة.. دخل الحرم الجامعي.. فتوجهت الإنظار نحوه متهامسين..هو معتاد على ذلك..اذا بفتاة تتجه نحوه.. كانت ترتدي قبعة فرنسيةً مع بذلةٍ رسميٍ بلون القهوة وقميصاً اسوداً حريرياً فُتحت أزرارهُ الأولية.. لكنه تجمد في مكانه فقد عرفها.. جرحها القريب من فمها مميزٌ، بالطبع ليس كل شخصٍ لديه هذه الندبة.. وثيابها هي نفس الثياب في صورة الانستقرام.. إبتسمت له بهدوءٍ شديدٍ وإتزانٍ قاتلين في لمحةً من الأناقة وقالت ؛
" مر زمنٌ طويلٌ، سيد روكفلر."
مدت يدها لمصافحته فرد عليها بهدوء محاولاً تحاشي النظر لحدقتيها الثاقبة بعد عدة ثوانٍ قابلاً مصافحتها..لم يكن يتوقع وجودها بالطبع..ظنّ أنها ستدخل قسم المحاماة كما قالت..
"..صحيح، سيدة هانغتن."
يدها..يدها ناعمة كما أعتادت أن تكون..
تباً ديفيد ركز..هذا ما فكر به..
إتستعت إبتسامتها ببعض السخرية الدفينة ملاحظةً لغة جسده، وإقتربت منه أكثر، وهمست في إذنه، أنفاسها الدافئة على جلده كانت تسبب له القشعريرة : "حسناً، الم أقل أنك ستندم؟"
توتر من قربها، جسده يخون بروده الكاذب ليعطيها التلميحات..ثوانٍ ظل صامتاً متأملاً شارداً بها بينما هي على نفس قربها..رد عليها بجفافٍ وهدوءٍ عكس ما في داخله تماماً وهو ما تعلمه منذ الصغر ؛
"جميل"
فَضحكت وإبتسمت له قائلة..
"أعتذر، كنت أمزح، ليس وكأن ما فعلته ذاك.."
نظرت له من الأعلى إلى الأسفل بسخريةٍ وهي تكمل..
"سيهزُ مني شعرة..تعلم ذلك صحيح؟"
أجابها بإبتسامةٍ جانبيةٍ بحتةٍ، كأنه يعلم أنها تكذب متمتماً ؛
"تمزحينَ، هاه؟"
حين أبقى جسده ثابتاً لكن عينهُ إنزلقت لمناطق عدة..فإنقبض فكها لذلك وردت بنفس الوتيرة..
"لَكن لا تنسى ان تأخذ حذرك لأننا لا نعرف ما تخبأه الايام لنا.."
تلفظت بكلماتها والعبث القابع في داخل حدقيتيها مع إبتسامتها الساخرة جعلته يذوب في مكانه..المسكين..قلبه لا يتحمل يا أحبتي، أمسكوه قبل أن يصرخ بحماس...رمش عندما أستوعب بعد مدة..حدق بها وهي تعطيه نظرةً مغريةً غريبةً بطريقةٍ ما ومررت لسانها على شفتها السفلى تتحس احمر شفاهها الفاقع بدرجةٍ محببةً تجعل الجميع ينظرُ لرسمةِ شفتيها الجميلة وهي تبتعد.. وقبل أن تذهب حقاً إستدارت وأعطته إشارة إطلاق رصاصةٍ بمسدس أصبع وأتجهت لقاعة المحاضرات، بينما هو أصبح مشوشاً، ما الذي تقصده..؟
بدأت تنتشر شائعة بين الطلاب.. أنه من الممكن أجمل وأذكى طالبين فالقسم أو التخصص بأكمله.. هما ثنائي فالواقع.. بينما هما لم يصرحا بشيء أبداً..هي تتظاهر بأنها لا تعرف أو لم تسمع حتى وهو يشهد كل شيء ولا يُعلق..
مرت الأيام والأسابيع، والشهور، وأيضاً السنوات.. مرت بالتحديد ثلاثةُ أعوام.. هي لن تفعل شيء له.. لكنها تعمدت التواجد في بعض الأماكن الذي يتواجد فيها محاولة لفت نظره.. مما جعله حائراً أكثر.. ما الذي تخطط له يا ترى؟.. الشائعات لازالت كما هي بل وإزدادت بسبب المواقف التي تسببها جينفر له، حين تنظر له من الأعلى إلى الأسفل بتلك الطريقة المتفحصة الغريبة التي تجعله يتوتر بالطبع خلف نظاراتها التي أمست نادرة الظهور على عينيها الجميلتين عكس ما كانت عليه في الثانوية.. لقد تغيرت حتماً..
لم تعد كما كانت..
في يومٍ طلب بروفيسور المادة مشروعاً من نوعٍ ما.. وكان على ثنائيات بالطبع.. وحظهما الرائع أدى ليكونا معاً..يبدو أن ذلك البروفيسور قد سمع الشائعات.. وهذا مايفسر تقدم جينفر منه بينما كان يقرأ كتاباً في المكتبة كعادته.. وقالت ؛
"ديفيد أودُ التحدث معك."
الجدية التي قالت بها ذلك جعلته يحدق بها قليلاً قبل أن يلحق بها لإحدى الطاولات البعيدة عن موقع الطلاب.. بينما فتى من الطلاب شهدهم.. فصورهم.. ونشرهم في المنتدى الخاص بطلاب الجامعة.. جعل الطلاب في المنتدى يتأكدون من هذه الشائعة الغريبة.. والذي كان مسبباً في إنتشار الخبر في بقيه الجامعة.. لأنهم ببساطة لا يهتمون..
"رائع، الآن سنعمل معاً لإسبوعين يا روكفلر."
تمتم بلا مبالاةٍ بينما قلبه يرقص في داخله أحبتي..
"..جميل.."
تنهدت ورفعت حاجباً له بينما تحدق به بنظرة تحمل بعض الحدة المعتادة عليها..
" مما يعني أننا سنتسكع معاً لفترات مطولة..؟"
ردد بلا إهتمامٍ وهمي..
"سَيكون ممتعاً.."
تنهدت مرةً أخرى..وقبل أن تتحدث قاطعها دخول زملائهم الخمس في نفس قاعة المحاضرات تقريباً ونادى واحد منهم "ايها الثنائي..!"
-كلاهما وبنفس الوقت نظرا لهم وقالوا ؛
"لسنا ثنائي، وما الذي تريدونه؟"
أعادوا النظر لبعض هو ببرود، هي بحدة..وكان التواصل البصري قاتلاً بينهما هو لو أستمر
نظر الخمسة لبعضهم البعض وابتسموا، كأنهما كانا يتغازلان.. تكلمت واحدة منهم قائلة ؛
"انتما لم تحضرا أي حفلةٍ لقسمنا سابقاً.. لما لا تأتوا لحفلة اليوم؟.. سنرحب بكم أشد الترحيب"
نظرت جينفر لديفيد وقالت "مشغولة."
رد ديفيد وهو لايزال ينظر لها "مشغول."
فردد احد الخمسة وهو يضحك..
"نعلم أنكم مشغولين بدراستكم او لا.. مشغولين ببعضكم.. لكن أرجو منكم الحضور لهذه الحفلة.. سيحضر جميع من في القسم"
تنهد ديفيد وأردف ؛ "سنأتي "
لتنظر إليه جينفر بحدة متفاجئة : "هاه؟ سنأتي؟"
فحدق بها ديفيد بنظرة فهمت منها انه يوصل لها "إخرسي وسايريني"..فضيقت نطاق عينيها كأنها تقول فقط "ما اللعنة؟"
فرحوا الخمسة وشكرونهم.. توقفت عن التحديق به وإبتسمت لهم "اوه، نعم، ياللهول، سنحضر"
تحدثت الفتاة الأخرى في تلك المجموعة "اذاً تعالا معاً هذه الحفلة الراقصة خاصة للثنائيات، في بار الطريق الى الجنة المشهور" وضحكت غامزة لهم..
ضحكت جينفر ضحكة مزيفة لتسايرها فقط..
"اوه، نعم"
يبتسم هو ويتفقون على وقت اللقاء وعندما ذهبوا اخيراً قال لها قبل ان تقول ما أرادت قوله؛
"هل غيرتي رقمك؟"
مازالت تنظر إلى إثر ذهابهم متجنبةً النظر إليه..
"تباً..ما شأنك؟"
رفع لها حاجباً.. فقلبت أعينها بملل..
"نعم فعلت..وحقاً ما شأنك؟"
تمتم يرد عليها ببعض الثقة وهو يتكتف..
"أعطني إياه ربما؟"
حدقت به لمدةٍ دون تعبيرٍ واضح قبل أن تتلفظ بالآتي..
"لما؟ هل تريد الموت قريباً؟ أشك في انك كذلك"
تنهد مبرراً، وهو ينظر بعيداً..
"من أجل المشروع."
ركزت على كلماتها وهي تقولها ببطئ شديدٍ مستفز؛
"لن افعل."
مسح على جبته حين حاول كبح إبتسامته لردٍ قذرٍ في مخيلته..
"هيا، لن أُعضك، أعدُ، فقط اعطيني اياه.."
تنهدت وهي تضرب جبينها بقلة حيلة..
"اللعنة عليك يا ابن السافلة.."
تشاجرا قليلاً قبل أن تقبل وتعطيه رقمها ليصلي لربه ضاحكاً..يحتاج هذا النوع من الشجارات كثيراً..فهي افضل له من دواء الزكام أو كحول الرام..

تحتَ الغُفران.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن