الفصل الثالث والأربعون

1.2K 64 5
                                    

فأذاقني النجوى "جريمة قتل"
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

تصنم في وقفته حينما سمع كلمات الضابط التي ألقاها على مسمعه ومسمع من حوله، أفاقته شهقتا حور ويسر المصدومتين من خلفه وسمح حور تهتف بجزع: مريهان ماتت !!

- اتقتلت.

صحح لها الضابط وهو ينظر لبراء الذي كان ينظر أمامه بجمود، أشار الضابط إلى العسكري بجواره ليتقدم الآخر مخرجًا الأصفاد الحديدية وهو يمسك بمعصم براء الذي وقف جامد الملامح منتصب الوقفة ليضعه بداخل الأصفاد، تراجع العسكري باضطراب حينما صاح فيه زياد بغضب: عندك يا عسكري !

ثم نظر للضابط ليكمل بشر: أنت اتجننت يا حضرة الظابط.. أنت جاي تتهم أخويا اتهام زي ده وتقبض عليه كده بكل سهولة !!

تحدث الضابط برسمية: زياد باشا لو سمحت ده شغلنا، أخوك متهم ولازم ييجي معانا.

أمسكت حور بذراع براء في خوف لتهتف: ييجي معاكم فين، جوزي مقتلش حد.
ثم نظرت لبراء الذي كان صامتًا هادئًا لتهمس له بعينين دامعتين: براء اتكلم، قولهم إنك ملكش دعوة.

نظر لها براء بنظرة لم تفهمها، هدوء غريب كان يشمله ليضع كفه فوق كفيها المرتعشتين ليقول: حور ادخلي جوه دلوقتي.

تشبثت بذراعه وهي تنفي برأسها فأماء لها ليطمئنها، ولكن أي اطمئنان والشرطة تريد أن تأخذه متهمين له بجريمة قتل !!

أزاح يدها برفق ثم استدار على صوت زياد وهو يهتف بالضابط: اسمعني كويس، أخويا محدش هياخده واللي عندك اعمله.

أجابه الضابط باحترام مازال متمسكًا به لعلو رتبة زياد عنه: أنا آسف يا سيادتك لكن دي أوامر عليا، ومنصبك ميخلكش تمنعنا عن شغلنا.

أشار مجددًا للعسكري الذي تقدم وأمسك بيد براء ثم وضع بها الأصفاد وأغلقها، ثم وضع الجانب الآخر منها بمعصمه الخاص ليربط براء به، أما الآخر فكان مستسلمًا هادئًا وبرغم حديث زياد الغاضب لكنه أشار له ليوقفه بحسم عن الحديث.

استدار الضابط ليخرج من القصر بينما سحب العسكري براء خلفه فوجد حور تمسكه من ذراعه بقوة وهي تهتف ببكاء: لاء سيبوه، براء أنت رايح فين، أنت معملتش حاجة.

استدار ينظر لها وقد آلمه قلبه لرؤية دموعها وارتعاشه كفيها فاحتضن وجهها بكفه الحرة ليقول بحنو: متخافيش يا حور، راجعلك، صدقيني راجعلك.

تعلقت عيناها به وعو ينسحب ويخرج من القصر بصحبه العساكر والضابط، يتبعه صوتها الباكي المنادي على اسمه فأغمض عينيه بألم ولم يلتفت لها حتى لا يضعف أكثر من ذلك، ركب معهم في الصندوق الخلفي لسيارة الشرطة بينما ركب الضابط بالأمام في المقعد المجاور للسائق لينطلقوا راحلين عن القصر، لم ينتظر زياد دقيقة وكان في سيارته يندفع خلفهم في غضب ساحق فلن يترك أخاه ولن يمرر ما حدث مرور الكرام.

Kamu akan menyukai ini

          

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

في غرفة واسعة تحتوي على مكتب خشبي تراصت فوقه العديد من الملفات، وفي مقدمته يافتة ذهبية اللون كُتب عليها اسم وكيل النيابة، أما الغرفة فلم تحتوي سوى على حمام صغير، دولاب خشبي متوسط الحجم بأحد الأركان، وفي ركن آخر طاولة صغيرة وُضع عليها تلفاز صغير ذو طراز قديم مكتوم الصوت وكان يعرض إحدى المباريات القديمة للاتحاد السكندري.

جلس فوق المقعد المقابل لوكيل النيابة، كان رجلًا أربعينيًّا ذا شارب منمق وخصلات خفيفة يغزوها البياض، أمسك وكيل النيابة قلمًا من فوق مكتبه ودق به بخفوت فوق سطح المكتب ليتحدث بصوت رخيم: يعني معترف إنك قتلتها؟

نظر أمامه بملامح جامدة ليقول مؤكدًا: أيوه.

- ليه؟

ألقاها وكيل النيابة وهو يميل بجسده مستندًا فوق سطح المكتب منتظرًا سماع إجابة الآخر، صمت براء وهو يخفض رأسه والشر يعتلي ملامحه، اشتعلت عيناه بلهيب الحقد والذكريات تمر من أمامه كشريط سينيمائي أسود جاهد ليمحوه من حياته، لكنه يأبى أن ينمحي، يأبى الماضي أن يتركه ليعيش بسلام فخرج له من باطن الأرض ليخرب حياته بأكملها، كما انخربت بالسابق على يد تلك الحقيرة التي دمرته شر تدمير.

طال صمته وقد امتنع عن الحديث بالفعل، شخصه يأبى الإفصاح، هتف فيه وكيل النيابة بنبرة أشد صرامة وقوة: اتكلم يا براء باشا، أنت هنا مش فوق القانون ومش هتخرج من القضية لا بمعارفك ولا بمكانتك الاجتماعية واسمك الكبير، أنت معترف خلاص يبقى تقولنا قتلتها ليه، صدقني ده في مصلحتك واحتمال كلامك يكون فيه تفاصيل تساعدك.

نظر له براء بهدوء يُحسَد على التمسك به ليقول بتأكيد: أنا عارف إني مش فوق القانون سيادتك ومعترف، وزي ما قولت القصية خلصت، أنا هستنى الحكم، لكن تأكد إني مش ندمان على اللي عملته وانه لو رجع بيا الزمن هعمله تاني، وسيادتك لو كنت مكاني وحصلك اللي حصلي من واحدة ست رخيصة زيها كنت عملت زيي وأكتر، أنا راضي عن قتلها لأن محدش عارف الأسباب غيري.

الوكيل بضيق: طب قول الأسباب، مش يمكن أسبابك تخفف الحكم عنك أو تطلعك براءة، أنت لازم تتكلم.

أشاح براء بوجهه عن الآخر وهو يرفع رأسه بإيباء معلنًا اناهاء الحديث بالنسبة له، زفر وكيل النيابة بنفاذ صبر ثم ضغط بجواره على رزٍ بالمكتب فدلف عسكري إلى المكتب مؤديًّا تحيته العسكرية، هتف فيه الوكيل وهو ينظر إلى براء: خده على الحجز.

تقدم العسكري من براء الذي نهض متجًا للخارج دون أن يسمح للعسكري بأن يمسكه، رافعًا رأسه بكبرياء لم يكن جديدًا عليه، لطالما كان واثقًا من نفسه مدركًا جيدًا أفعاله، وهو ليس نادمًا على ما فعله، ليس من الضروري أن تنكشف كل الحقائق فيكفي هو يعرف أسبابه.

فأذاقني النَّجوىٰ (الجزء الثاني من همسات العشق)Tempat cerita menjadi hidup. Temukan sekarang