الفصل السابع عشر

56 12 0
                                    

الهمج في عصرنا الحالي هم القتلى الدمويين الذين لا يخيفهُم قوانين ، وفي اللغة العربية " الهمج " هم صغار البعوض والذباب يسقطون على وجه الإبل والغنم ويزعجوهم .
وفي الحالتين يشير إلي سفك الدماء ..
كانت تسير على نهج الهدوء والتفكير في كل خطوة تخطوها وأتضح أن الهدوء لا يناسب أمثال كامل ..
لذلك قررت السير على نهج الهمج ، وللصدق اكتشفت أن العشوائية تناسبها وكثيراً بل وتتلذذ بها !
قضت سنوات طويلة تتعلم فنون القتال ، حتى أمسكت أول سلاح في حياتها وأطلقت طلقة على كلبها الحبيب حين أمرها كامل بألا يكون لها نقطة ضعف وإن شعرت في يوم بتحرك مشاعرها اتجاه شيء تتخلص منه فوراً ..
تعلمت كيفية اختراق أي حساب بنكي في أي دولة ، القرصنة على أي جهاز وأخذ جميع معلوماته ببساطة .
علمها كيف يكون الغدر ونسى أنه صنع بيده مسخ تقتل وتغدر !
صفرتْ حساباته البنكية وسحبت كل أمواله ، ولم تكتفي بذلك بل أحرقت بيت ابنه هشام ومكتبه ليتشتت كامل ويبدأ في التفكير عن الفاعل .

تحرك قدميها الموضوعة فوق قدمها الأخرى وترمق ساعة الحائط كل دقيقة بملل حتى فتحت السكرتيرة المكتب تلاها دخول مخلص بخطواته الواثقة والمعتدلة رغم تقدمه في العمر .
نهضت تصافحه ثم جلست مرة أخرى تستدير تلقي كلماتها بسرعة وغضب لم يزول بعد :
صفقة المعدات اللي كامل داخل فيها ويعتبر منافس قوي تقدر تقول بقت بتاعتك ..
سألها مخلص بنبرته الهادئة :
والسبب ؟
ردتّ ماسال بكراهية :
عايزة أعريه من كل حاجة .. يلف حولين نفسه لما يلاقي نفسه بيخسر كل حاجة في وقت واحد .
ارتشف قهوته بهدوء ثم أردف بدهاء :
اللي أعرفه إنك تعرفي تعريه في الوقت اللي تحبيه من غير مساعدة حد ..
ردتّ بخبث ودهاء :
اللي أعرفه إنك شخص ذكي ومستحيل تفوت عرض زي ده ..
أكملت بتوضيح :
مش عايزة أظهر في الصورة حالياً هسهل عليك كل حاجة وتكسب الصفقة وبعدها شركات كامل بمصانعه بح !
أنهت حديثها بابتسامة خبيثة ، ترى الاقتناع يتشكل على وجه مخلص الذي مدّ يده يصافحها وهو يرددّ بابتسامة هادئة تشبه خاصة ماضي هكذا رددتّ بداخلها :
أنت داهية يا ماسال ..
ابتسمت بغرور وهي تستأذنه وغادرت البناية دون أن ترى من يتبعها من البارحة يخشى تهورها في أي لحظة .
*************************
صباح الخير يا بطل .
تحدث يامن بابتسامة مشرقة وهو يدلف لغرفة زياد في المصحة الذي كان يدرس فامتحاناته اقتربت ويودّ النجاح مثلما وعد يامن ، بعدما لاحظ تقرب يامن منه الذي لم يتركه لوهلة طوال الشهر الماضي من دخوله للمصحة .
ترك زياد الكتاب وهو ينهض يحتضن يامن بسعادة من رؤيته :
صباح النور وحشتني .
أبعده يامن وهو ينظر في أرجاء الغرفة يتحدث بجدية مصطنعة :
شامم اللي أنا شمه ؟
هز زياد رأسه بجهل فأخرج يامن حقيبة من خلفه تحتوي على البيتزا الإيطالية المفضلة لدى أخيه وهو يهتف بحماس :
جبتّ البيتزا اللي بنحبها .
التقط زياد الحقيبة وهو يفتحها ويردد بمرح :
من أمتى وأنت بتحبها طول عمرك بتاكل حواوشي وكفتة .
ضربه يامن على كتفه برفق وهو يردد بنبرة مغتاظة :
يعني بخيل ومهزأ !
ضحك زياد وهو يضع البيتزا أمامه وبدأ يأكل بنهم ثم ردد هتف بتوتر بعد مدة :
هو أنا هخرج من هنا أمتى يا يامن أنا حاسس إني بقيت كويس .
ربط يامن على قدمه بابتسامة هادئة وكأنه يحادث طفل صغير :
أنا عارف إنك بقيت كويس بس لازم تقعد حبة كمان نتأكد إنك كويس خالص .
رسم زياد بسمة صغيرة بالرغم من حزنه الذي لاحظه يامن وظل يحكي له الكثير من القصص والمواقف المضحكة التي مرّ بها في عمله .

رماد ماضي حيث تعيش القصص. اكتشف الآن