‹المتبَقّي›
إنه شهر جويلية/تموز حيث مرّ ما يقارب الشهرين منذ آخر مرة رأيت فيها بيكهيون.
في ذلك اليوم في طريق العودة إلى حياتنا حيث نكون أشخاصا يجهلون هويتهم لأكثر من نصف الوقت، كنتُ انا من يقود في ذلك الطريق المقسوم بخط طلاء أصفر مستمر بسرعة ثمانين ميلا في الساعة متناسيا تماما أنه قد يظهر أمامنا حيوان يتسبب في موت كلينا.. (لم أفكر في الأمر حتى ذكر بيكهيون هذا) لم أكن أفكر وقتها لم أكن أدرك كم أنه من السذاجة القيادة بتلك السرعة الكبيرة كان علي أن انقص السرعة كان علي ان احظى بالمزيد من الوقت معه كان بامكاني جعله يتحدث لكني اخترت الا افعل، او ربما لم اختر أي شيء هو فقط حدث، هو لم يتحدث وانا لم أتحدث وهكذا كانت رحلة السيارة السريعة.لم اكن مدركا ان كان بيكهيون سعيدا ام لا، راضيا عني ام غير ذلك. هل ذهب للمنزل نادما؟ لم أتمكن من معرفة أي شيء بخصوصه أو بخصوص مشاعره. كنت أركز فقط على مشاعري وكم أني محظوظ بالفتى المدعو بيكهيون. كان يلازمني شعور ناقص.. لا لحظة ليس هكذا، إنه عندما تنسى شيئا وتعلم أنك نسيت شيئا لكنك لا تدرك ما هو وتبدأ تتساءل ان كان شعورك مجرد وهم ام هو شيء حقيقي. كان علي التحديد وقتها لكنني لم أفعل وهذا شيء.. انا نوعا ما نادم عليه وأشعر بالأسف عليه. يبدو انني تركت شيئا قيّما في ذلك المبنى ولم يشأ القدر مني استرجاعه.
استرجاعه كان يعني ترك بيكهيون او العكس، اما هذا او ذاك، في النهاية لم أسترجع ذلك الشيء ولم أحصل على بيكهيون.لقد قال بضع جمل وقتها كانت
"الغزلان في هذا المكان قليلة جدا وسيكون من الفجاعة ان ظهر واحد امامنا الآن أليس كذلك؟ أنت تقود بسرعة كبيرة، سنصطدم به ونموت ولا أحد سيعرف لان مكاننا بعيد والإرسال ضعيف ونادرا ما يمر أحد من هنا"لم التمس المغزى من حديثه لكني ردَدْت
"وقت العشاء قريب هكذا" وقمت بتقريب سبابتي وإبهامي من بعضهما اريه صغر المدة الفاصلة "مذاق الأكل على لساني بالفعل، لن يظهر الغزال ولن نموت""ألن ترغب بالموت معي؟"
كان التركيز مع الطريق عسيرا آنذاك، بدأت عيناي تشردان بغير إرادة مني أفكر في مقصده."أرغب بالحياة معك بيكهيون الصغير، ألن ترغب بالحياة معي؟"
"الحياة لحظة، لحظتان عدد من اللحظات سينتهي هذا في يوم ما بطريقة ما، اما الموت فهو أبدي، هل سنموت للأبد؟ هل لحظات الموت لا تنتهي؟ هل شرط عدم التألم هو أخذ من يحبك معك؟ انا لستُ انتحاريا ولم يسبق لي وأن فكرت بالموت مسبقا لكن أشعرتَ بمَ شعرتُ به عندما دخلنا ذلك المكان؟ لقد أخذتُ أشياءا ليست لي اشعر بي ثقيلا للغاية"
"أرأيتَ عندما تلبس خاتما لأول مرة في حياتك؟ ستشعر بيدك ثقيلة جدا وان ذلك الخاتم شيء لا ينتمي لك وستستمر بمحاولة نزعه والعبث به لأنه يجلب لك الضيق لكن فقط بمرور اسبوع واحد ستعتاد عليه بل وتشعر بالنقص عندما لا ترتديه.. هل تفهم ما أقصد؟"
بجانب عيني رأيته يفتح فمه الصغير ويغلقه مرتان او ثلاثة وكأن الكلمات قد ضاعت منه وهو باستمرار يبحث عن ما قد لا يجده أبدا.
لم يتحدث في نهاية المطاف. لم يكمل ما أراد قوله وأنا بدوري لم أساعده في إيجاد ما يبحث عنه.
عشرون سنة من الحياة مرت عليّ دون شعور بالندم، اسمعوا ليس الامر وكأني لا املك ضميرا او حسا بالذنب انا افعل ما ارى أنه ينبغي فعله. عقلي في عقلي أربعا وعشرين ساعة من أصلها، ما أعنيه هو انني امرؤ ذو إرادة صلبة. عندما ينكسر كأس الشاي لا أقوم واصنع سيناريو في عقلي عن كيف ان الكأس لم يكن ليسقط لو أنني وضعته هكذا او أنني لم أضعه هكذا، حدث ما حدث وأنا أؤمن انه قد كان مقدرا لذلك الكأس ان يسقط وينكسر فحتى لو أنقذته في تلك اللحظة كان لينكسر في اللحظة الموالية لها تماما، لا يمكنك إصلاحه بالغراء هذا ليس ورقا، لا يمكنك الصاقه باللعاب هذا ليس طابعا بريديا. حدث ما حدث، نظف المكان وارم القطع، ذلك فقط.
كنت أندم للشيء الذي فعلته او بالأحرى للشيء الذي لم أفعله.. ليس التكلم.. لم يكن الموضوع بشأن الكلام بل الكلمات
يا خسارة يا خسارة.
بيكهيون لم يكن ضمن إرادتي انا اتحكم بارادتي لكن بيكهيون قد كان شيئا خارجا عنها، لا التفكير ولا عدمه بامكانه ان يكون حليفك او انيسك وقتها. لا مفر من الندم إنه موجود في وجود بيكهيون لأنك ببساطة لن تدرك ما كان يجب عليك فعله حتى بعد فوات الآوان، ولا حتى ذلك السيناريو الذي يأتي بعده حيث المشهد المنشود بعد مليون إعادة، ذلك المشهد المثالي التي تعب لأجله المخرج. لن يظهر لي..
هل تفهمون قصدي؟ اعتقد انني غير مفهوم الآنتساءلت في هذه اللحظات مالذي يفعله الآن.
الشيء الوحيد الذي أعرفه عنه هو اسمه وكونه يملك أختا مثلي. لا عنوان بيته لا رقم هاتفه لا خططه في هذا الصيف لا شيء لا شيء. لا كتبه المفضلة او ممثله المفضل أو عطره. خرجت معه مرة وعدت صفر اليدين، شيء آخر أندم عليه.⟨الأول، الثاني، التالي والأخير⟩
أقابل المرآة أحلق ذقني بحذر شديد، لا يمكن ان يكون حذري مثاليا لانني سأخدش نفسي حتما عندما انسى أنه لا ينبغي خدش نفسي، أرفع وجهي وأنزله وأقوم بشتى التعابير لاتمكن من إزالة كل الشعر حتى لا يتبقى شيء لكن خط فكي المثالي يعيقني ثم أوتش جرحت نفسي بالفعل، هو ليس بالشيء الكبير بالكاد يُرى وبالكاد تسيل منه الدماء لكن المنطقة ستحرقني عندما أضع المرطب ومحلول ما بعد الحلاقة لذا انزعج من الوضع وأضع الشفرة فقط أحدق في وجهي مع آثار متفرقة لرغوة الحلاقة عليه.. أقل ما يقال عني هو مثالي، نقطة.
ماذا كان سيحدث لو انزلقت الشفرة مني وقطعت عنقي؟ هل ستسيل دماء وردية أم سوداء؟
لماذا لا يتم تحديد ما اذا كان المرء سيذهب للجنة ام الجحيم بهذه الطريقة؟
اذا سالت دماء سوداء منك ستحرق في الجحيم واذا خرجت الدماء وردية فاقعة سترتقي للجنة.
لكن ليس كل من يموت تسيل الدماء منه هناك الملايين ممن يموتون ميتة طبيعية أو حتى بالمرض لذا الطريقة ليست فعالة.