هناك لحظات في الكون لا اسم لها، لا عنوان، لا صورة، ولا ذكرى، لحظاتٌ عابرة، لا تدخل التاريخ، ولا تلوح في الذكريات، ولا توقف القطارات،،
لكنها تحصل، لكنها تحدث، عدمُ ذكرها لا يعني انها لم توجد، ووجودها لا يعني ان لذكراها معنىً،،
هناك لحظات في الزمان، خُلقت، ليتنفس فيها المرء ويحيى، بعيداً عن عيون التاريخ الشامت..
-
" القرار "
صوتها حاد،، وقف الحضور، وصمتت الأفواه، ارتجفت القلوب، وانهمر العرق، وهبت الرياح من النافذة التي تحتل ثلاثة ارباع الحائط." تُثبتُ التُهمة على المتهم
فريدناند روشيل، لاعتدائه على المدعية ماريا روزفلت جنسياً، عنفاُ وإجباراً ، إضافةً للعنف الجسدي واللفظي لفترة تجاوزت الستة أشهر ويحكمُ عليه بالسجن سنتين مع الأشغال"مكانها قاعة المحكمة المرموقة التي تتزين جدرانها بصور أشهر القُضاة على مر التاريخ، وزمانها زمنٌ انتشر فيه الفساد وأبرح الباطل فيه الحق ضرباً حتى خرجت روحه.
تجلس على كرسيها الخشبي خلف طاولتها المرتفعة، تصمت بعد الحديث، في قاعة تملؤها ثرثرة سكون الحاضرين.
قاضية، والقاضيات قليلات في البلاد
فالمرأة بنصف عقل، لا فرص لها بالعمل والدراسة كما الرجال.
ولأنها امرأة،، تحتل منصب قاضية تحكم وتقرر في مجتمع ذكوري، امتعضت ثلةٌ عظيمة من الرجال في قاعة المحكمة، وبعضِ نساءٍ أُخريات ترسخت سياسة تقديس الرجال مهما بلغوا من عُهرٍ وتلفحوا بالمعاصي في عقولِهن.
نطقت القاضية بحكمها - بعد استشارة الرجلين على يمينها ويسارها - فتعالت أصوات الحضور، معارضين ومعترضين ومنزعجين، مستفرين ومستنكرين، فسنتين اثنتين كثيرات .. بل كثيراتٌ جداً،،
على بضع قطرات من دماءٍ تفقد المرء حياته، وكدماتٍ كثيرة وشتائمَ مهينة، وعلاماتٍ حُفرت في كيان امرأةٍ إلى الأبد.
ارتفعت ذراع القاضية، ارتفعت عالياً في رياحٍ باردة هيمنت على المكان، تقبض بكفها على مطرقةٍ خشبية، ترتفع بها في الهواء للحظات، تتجمد هناك، ثم تهوِي بها بقوة على طاولتها، فصدَحَ صوت الارتطام في القاعة، مُخرساً كل الحضور .
" هدوء، انتهت المحاكمة "
تحدثت القاضية بهدوءٍ قارِس، تستفز الصامتين زيادة، عن المرة ألفاً ومرة.
أنت تقرأ
ᴡᴏᴍᴀɴ
Actionمنذ مطلع البشرية وبصيرة آدم لها، لم يكن ليعيش ويتعايش وحده في الأرض، لذلك خُلقت حواء، لتؤنسه ويبدآن فجر البشرية المجيد. وفي رواية أُخرى، كان الرجال دوماً على خطأ، لذلك خُلقت النساء.