انه الثاني من نوفمبر ... كان يوما كئيبا ، بردٌ شديد يسود الأجواء ، رياح عاتية تسمع من داخل المنازل وليست بأي منازل ، منازل قديمة نوافذها المهترئة أكثر ما يقال عنها انها مغلقة ، مشردون مغطاة اوجههم بأقمشة ممزقة ومهترئة تكاد تسمع طقطقات اسنانهم من شدة البرد ، المرض ينتشر يوما بعد يوم ومخزون القرية من الأكل يكاد ينفذ ، تلك هي بيندورا اتعس قرية وأكثرها فقرا بمملكة دارليك؛
كان أبي يسعل بشدة تاركا آثار دم بينما هو مستلقٍ في سريره لا يستطيع التحرك قيد انملة؛
دخلت أمي والفرحة تشع وجهها نورا " انظر يا عزيزي إنه اللورد إيريك، لقد رأيته وهو ذاهب رفقة جنوده عائدين إلى القصر وقمت بترجيه لمساعدتنا، أخيرا سنتمكن من احضار طبيب ليعالجك حتى تتعافى " دخل اللورد ايريك إلى البيت ، كان طويلا ذو بنية جسمانية ضخمة ، يكاد أن يطأطأ رأسه من شدة ضخامته، يرتدي درعا لامعا منقوشا بزخرفات كثيرة كان شكله مهيبا بحق ، كيف لا وهو حاكم المدن الجنوبية لمملكة دارليك تقدم نحو أمي وفجأة وضع يده الضخمة حول خصرها وقربها إليه قائلا: "لم اتوقع أبدا ان التقي سيدة بمثل هذا الجمال في قرية نتنة مثل هذه " تبعها بضحكات هستيرية هو وجنوده مصحوبة بدهشة من أمي ، لا سيما بعدما علقت كل آمالها عليه ،قامت بدفعه صارخة "ألا تخجل من نفسك أيها المسخ!! تغازل امرأة متزوجة والأقبح من هذا أمام زوجها؟" يضحك اللورد ايريك وجنوده بصوت اعلى من ذي قبل "هل تسمين هذا الجرذ النتن بزوجي؟ هو لا يستطيع الحراك حتى ، لماذا لا تدعين أمره وتصبحين زوجة لي؟ أنا اللورد إيريك، أحد الفرسان الأربعة " تصيح أمي به قائلة "لن ابارح زوجي ولو كلفني ذلك حياتي، افضل الموت معه على أن اتزوجك واذهب معك إلى قصرك العفن" يسحب اللورد إيريك سيفه الضخم وبضربة قوية هزت الأرض يقسم أبي نصفين .
كان ابشع شيء رأته عيناي لا سيما لطفل بعمر الخمس سنوات ،لم تصدق أمي عيناها ،صرخت جاثية على ركبتيها بينما لفض أبي أنفاسه الأخيرة ،كان صراخها يعلو القرية ،لم تتوقع أبدا ان تكون خطتها لإنقاذ زوجها سببا لموته، يضع اللورد إيريك يده الضخمة على ظهر أمي "وما رأيك الآن؟ كم يؤسفني رؤية أرملة بمثل جمالك تعيش وحدها داخل هذا الكوخ " ، فجأة أصبحت أمي هادئة ٫لم تتفوه ولو بكلمة٫ حتى أنها توقفت عن البكاء ، ضحك اللورد ايريك وقال مستديرا نحو جنوده "اظن أنها وافقت بعد كل هذا " يستدير مجددا ليتفاجأ بها تغرز سكينا في فجوة الخوذة ، مصيبة بذلك إحدى عينيه ، نعم كانت عينه اليسرى ليقوم بعدها بالصراخ ، كان صراخه مدويا لدرجة قام فيها المشردون بالهرب تفاديا لبطشه، هربت مسرعة نحو طاولة المطبخ لكن سرعان ما أمسكها ليقوم بوضع سيفه الضخم حول عنقها، نضرت إلي وعيناها تذرف الدموع...نضرة تقول 'اياك وأن يفعلو بك ما فعلو بي انا ووالدك ، اهرب...أهرب لا تجعل خطيئتي تأخذ روحك كما فعلت مع والدك' ، ليسحب بعدها سيفه قاطعا رأسها .
قام بنزع السكين من عينه صارخا اعلى من ذي قبل ثم نزع خوذته، لا زلت اذكر ذلك الوجه...كان ينظر إلي بعين واحدة ووجهه مملوء بالدماء...لم أستطع ان اتزحزح من مكاني...كيف ذلك وقد قتل والداي أمام عيناي، وضع قطعة قماش على عينه "علقوا رأسيهما وجثتهما خارجا، سيكونان عبرة لكل من يتجرأ على اللورد إيريك" سأله أحد الجنود "وماذا عن الصبي" نضر إلي مجددا "اتركه،سيموت جوعا بالنهاية" ،لا أتذكر ما حصل بعدها أظن أنه أغمي علي من شدة البكاء ،سنوات وهذا الكابوس يراودني في كل يوم ابارح مكاني ،لم استطع حتى دفن والدي بطريقة لائقة.