الفصل السابع

442 17 5
                                    

" أنا .. تطلقت "

لم يتغير الصمت ولم تتغير ملامح ماضي وغفران ترصد تعابيرهم وقد ارتبكت رسيل أكثر حين مد ماضي ذراعه ليأخذ كوب الأعشاب ويشرب منه بلا كلمة مكتفياً بهزة رأس جادة ..
لتكسر رضوى الصمت بثقة وهى تنظر إلي غفران

" اجلسي رسيل .. الآنسة تكون ضيفة ماضي .. ورسيل هى ابنة عمتنا "

عادت تلك الابتسامة الباردة على وجه غفران ورسيل تجلس مقابلها ناحيته بجوار رضوى الجالسة على الكرسي الاخر بأناقة وعنجهية تسأل

" أين اياد ؟.. اخر مرة تحدثت إليه قال إنه عاد من أوكرانيا .. هو في مصر أليس كذلك ؟ "

أجاب ماضي بشبه إيماءة من عينيه فقط ، في عليائه لا تبدو عليه إصاباته وهو يجلس بكل شموخ وعزة نفس ثم وجه حديثه جاداً إلي أخته

" أنا واياد منشغلين هذه الفترة في عملنا .. حددي كل ما تحتاجين مناقشته يخص السفر الأخير حتى ننتهي منه في اجتماع واحد "

هزت رضوى رأسها إيجابا بابتسامة أكثر بروداً وتكبراً ثم سألت وهى تشير برأسها إلي باب فخم من درفتين محفور ومزخرف أسفل الدرج

" وأخبار أبي ؟.. هل هو بغرفته ؟ "

تحدث ماضي بنفس النبرة

" نائم .. انتهت فحوصاته الطبية منذ قليل فلا تدخلي إليه الآن دعيه يرتاح "

مالت غفران برأسها قليلاً لتحاول رؤية الباب ، أبوهم هنا ! ، لم يتحدث أحد أمامها صباحاً وبعد طعامها صعدت إلي غرفتها وظلت بها بلا شيء ، عدا سؤال طهرونية حين صعدت إليها بالغداء إن كانت تريد شيئاً
عادت تنظر إلي رسيل التي تحدق به كمشتاقة عائدة لتسأله بخفة

" ألن تقول شيئاً عما سمعت ؟! "

وضع ماضي الكوب جواره ليأخذ سجائره وقداحته وهو ينظر إليها أخيراً ساخراً

" ماذا أقول ؟!.. تعيشي وتأخذي غيرها "

ضحكت رضوى فأخفت رسيل حرجها بضحكة مفتعلة كأنها معتادة على جلافته كاسلوب حياة ووجهها يشتد وهى ترد

" ما زال لسانك كما هو ! "

كان واضحاً عليها أنها تضغط على نفسها وتخفي انفعالاتها ، لكن في عينيها تلك النظرة المشتهية تزداد حدة .. كانت جائعة إليه ، وغفران تعرف جيداً هذا الجوع ..

وشيء بداخلها يستيقظ أكثر وهو يخرج إحدى سجائره يشعلها .. فأخرجت رسيل من حقيبتها علبة سجائرها لتأخذ واحدة بين اصبعيها .. بين شفتيها الحمراء وتميل نحوه

تميل بعفوية لكنها بدت في منطقة خالصة من الأنوثة .. تفوح عطراً .. أنثى في كل شيء ككأس نبيذ يدعوه للدخول في ارتجاج إيقاعي صاخب !..
فرفعت غفران رأسها أكثر .. تسارع نبضها أكثر .. وارتج خيالها هى أكثر !.. ثم نظرت إليه بطرف عينها .. وارتجف فيها كل شيء ..

روزان للكاتبة نورهان عبدالحميدحيث تعيش القصص. اكتشف الآن