Part 07

22 1 0
                                    

أصيب جوليان والفريدو بالإرهاق الشَّديد فلم يعودا قادرين على الوقوفِ للتأمل والنظر، وكانا يرغبان في الاستلقاء.
«هل ما تزال ميلانو بعيدة؟ »
«لو أنكما مثلي كبيران، لاستطعتُم أن تَرَوها.»
وبعد أن سارا بضع خطواتٍ صَعِدَ الصبيان على حافةِ الطَّرِيقِ، فلم يرَيا سوى الضَّباب الشاحب. فالتفت الرجلُ نحوَهُما وسأل: « أما تزالان غير قادرين على الرُّؤية».
فهر الصبيان رأسيهما بالإيجاب هذا هو البُرجُ، وهذه هي كنيسة سانتا ماريًا. وهناك حيثُ يلوح الكثير من رؤوس الأبراج تُوجد الكاتدرائية.
لم يعرف الصَّبيان عن أي الرؤوس يتحدَّثُ الرَّجلُ، فاكتفيا بهز رأسيهما.
كانت البيوت تتزاحم وتُحيط بالشوارع، وكانَ النَّاسُ ينتَشِرُونَ في كُلِّ مكان. وكانت بعض البنايات تمتد على جانبي الشارع.
سمع جوليان ذاتَ مَرَّةٍ صَوتَ بعض الأطفال، ونظر في
اتجاه الصوت، فَظَنَّ ان رجالا  ونساءً يلعبون لكنَّهُ تبين أنهم أطفال يرتدون ملابس جميلة وغالية الثّمن لم يسبق له أن رأى أطفالاً يرتدون مثل هذه الملابس الغالية، التي يرتديها الكبار في العادة.

صاح جوليان: « تأمل ما أعلى هذا المنزل إنّه يبلغ على خمسة منازل بعضُها فوق بعض من منازل سوغنونو»
أخذ جوليان يحصي عدد النوافذ في المبنى :«اثنتا عشرة، ثلاث عشرة، أربع عشرة.»
عندها صاح الرجل ذو الندبة، وهو يُبعد جوليان عن الشارع، لأنَّ عربةً كبيرةً كانت تمر إلى جانبه، وقال:
«اللعنة إنني لم أت بكما إلى ميلانو لكي تمونا تحت إحدى الغربات» صار الصبيان أكثر حذراً، لكنَّهما ظلاً على الرُّغم من تحذيراتِ الرَّجل وشتائمه واقفين كانتْ كُلَّ خُطوة تحمل جديداً لهما.
فقد رأيا مقاعد موزعة في أرجاء المدينة، يجلس الناس عليها، وشاهدا الأطفال يخرجون من الكنيسة في صفوف منتظمة.
«هيا تعالوا هيا تعالوا وهل سأقوم بصناعة ساقين لكما في نصف الساعة الأخير؟»تسمر الصبيان أمام أحد المقاهي كانت طاولات المقهى تنتظر وصولاً إلى الشارع.
وكان يجلس على كل طاولة رجال ونساء، وكانتْ ملابس النساء ملونة تشبة الببغاء وعلى مقربة كانت تمر مجموعة من الجنوب النمساويين دار قائدها وهو على فرسه حول إحدى زوايا المكان وقبل أن يستفيق جوليان والفريدو من هذهِ الصَّدمة،
وجدا نفسيهما أمام ساحة الكاتدرائية.

«إنها شبيهة بقطعة ضخمة من الحلوى»
« كلاً ...»رد جوليان
«بل هي شبيهة بجبل جليدي »تمتم الرَّجلُ، ثم أضاف:« أما إذا لم تسيروا معي بسرعة، فسيبدأ الضرب.»
ثم قادهما بعيداً عن ساحة الكاتدرائية، وصولاً إلى شارع عريض.
" هناك، قبل الوصول إلى المُنعطف، يوجَدُ «القدْرُ الذَّهَبي». علينا أن نصل إلى هناك."
وعندما قامَ الرَّجلُ بدفع الصَّبيين إلى صالة المطعم. توقف الحديث وبدأ الرجال يحدقون بهما، ثم قال أحد الرجال الجالسين بصوت هادئ:«هل أنت هو؟ أم أنت شخص آخر؟ لقد سمعنا عن خبر وفاتك غرقا يا أنطونيو، قبل قليل.»
شرع الجميع بعدها يتحدثون معاً:
« لقد كتبت الصُّحُفُ عن المأساة ولم يتحدث أحد عن إنقاذك.
هل أنقذك هذان الصبيان؟»
«وهل كانت مكافأة كُلّ منهما إحضارة إلى ميلانو؟»
«إنك لشيطان جاحد»
وقد استمع الصبيان طويلاً إلى النقاش الحاد، من فوق الفتحة التي تقود إلى القبو كان على جوليان والفريدو أن يَفرُكا وجهيهِما جَيِّداً في صباح اليوم التالي، ليظهرا معافيين وموفوزي النَّشاط والصحة.
وما إن وصلَ رُؤساءُ العُمَالِ حتَّى فُتِحَ بابُ المُساومة،سأل أحدُ مُنظفي المداخِنِ، وَكَانَ شاحب الوجه:  «هل هذان هما كلُّ الصَّبيان؟»
«أجل....”ردَّ صاحب المطعم، ثم أضاف:
«لقد غرق الصِّبيانُ الآخرون».
«ومتى سيأتي أطفال آخرون؟»
«مهلاً يتوجب علينا أن نكون حذرين، وأن نصرِفَ
أنظار السلطات الحكومية بعيداً عنا، وأن ندع الصحف تهدأ وتنسى المأساة .....»
اندفع أحد منظّفي المداخنِ من بينِ الحَشْدِ، وتحسّسَ ذراع ألفريدو وسأل عن ثمنه، وسأل ألفريدو
«هل أنت قوي».
رد صاحب المطعم :«السعر ثمانون ليرة».
فرد رئيسُ العُمَالِ الأول بأنَّهُ على استعداد لدفع المبلغ.
صاح واحد : «اثنتان وثمانون ليرة».
«اثنتان وثمانون؟ هذا مبلغ يكفي لشراء ماعز»
«إذن اشترِ لكَ واحدةً، ودَعْها تنظف مدخنتك».
وصل عدد آخر من رؤساء العمال. كان لواحدٍ منهُم لِحيةٌ صغيرة مدببة، أما الثاني فكان مدوّراً كالكُرةِ، ولهُ وجه واسع مستدير حياهُم صاحب المطعم ورَحبَ بِهم وصافحهم قال ذو اللحية المدببة:  «حسناً، يبدو أنكَ قد أنقذت أحسن الصبيان. كم سعر الواحد منهم؟».
كانت الجمل قصيرة، والكلماتُ قليلةً، ورئيسا العُمال على استعداد للدفع.
عبثَ الرَّجلُ السمين بكيس كان يحمله في يده، ووضع ما فيه من عُملة معدنيّة على الطاولة، أما ذو اللحية فكان يُريدُ أن يُعطي صاحب المطعم أربع قطع ورقيّة، فتدخل الرَّجلُ ذو الوجه الشاحب، وأعلن أنَّهُ كانَ أول من أعلن عن رغبته في الشراء.
«لكنك لم تدفع غير ثمانين ليرة »
«هدوء، هدوء، وإلا!.... »

.
.
.
.
انتهى

يبيعون و يشترون الاولاد مثل البضاعة
ماعندهم لا ضمير و لا احساس

جوليان و الاصدقاءحيث تعيش القصص. اكتشف الآن