٠١٥

36 7 268
                                    


في ظلمة ذَلِكَ الليل دخل يمشي من بين الحُراس والزروع الخضراء النضرة، يُضيئها عشرات من الأضوية بألوان بديعة تتدرج ما بين الفضي والذهبي، بعدما ركن سيارته الفارهة وَنزل منها فيستقبله أكسل الَّذي سأله عن كيف جرى الأمر، فأجابه بشكل مختصر وقال:

كُلِّ شيء على ما يرام، لقد أنتهت المشكلة.. سأخبرك بالتفاصيل لاحقًا..

قالها وَعلى وجهه تعابير التعب، فتركه أكسل ومشى هُوَ مكملًا طريقه ناحية البوابة الرئيسية للمنزل، دفع ذَلِكَ الباب الضخم وَهُوَ يشعر بنوع من عدم التأقلم مع كُل مظاهر حياة الرفاهية هذِهِ، وَكان لديه حنينًا مفاجئًا لهامبورغ.. رغم إنه هاهو يعود منها لتوه، أراد أن يلقي نظرة أخيرة على ذَلِكَ المنزل الَّذي لم يسكن فيه وَلا أمُّه فعلت.. وَهاهُوَ اليوم الَّذي باعه فيه وتخلص من عبئه للأبد..

وضع قدمه اليمنى وَدخل، كان المنزل يبدو هادئًا وخاليًا كأن ما من بشر يعيش فيه، لَكِنه في اللحظة الَّتي يدخل فيها يبدأ بسماع صوتٍ غريبٍ.. صوت تدحرج شيئًا ما من الأعلى.. فيلقي نظرة خاطفة في الأرجاء.. غرفة الجلوس، ثُمَّ الطريق المؤدي الى المطبخ، ثُمَّ الطريق المؤدي إلى المسبح والحديقة الخلفية.. وأخيرًا السُلَّم الَّذي رمى جيني عند أعتابه غائبة عن الوعي!

باغتته صدمة الاستيعاب، فحَرَّكَ أقدامه على عجل وَاِتَّجَه ناحيتها وَهُوَ ينادي: أكسل! أكسل.. هَلْ يسمعني أحدكم؟ أينَ الجميع؟

وَصل عندها، فجثى لمستواها وَقد كانت مستقرة على بطنها بينما يغطي شعرها الرطب وجهها، وقدميها لازالت على طرف الدرج وَهِيَ في ذَلِكَ الحال غائبة عن الوعي، بل كانتْ على ملامحها بقايا تعابير الشعور بالألم، وفِيَ تلك الأثناء سمع صوتْ شهقة صدرت من الخادمة الَّتي كانت أَوَّلَ من لبى نداءه وَجاءته مسرعة فقالت بقلق:

ماذا حصل للآنسة جيني؟

نظر كاي ناحية الأعلى، محاولًا البحث عن السبب الَّذي جعلها تقع من هُنا.. أو السبب الَّذي دفعها للسقوط ربما! كان لديه حِدسًا غريبًا يخبره إن الأمر وراءه فاعل، لَكِنه ينفض عن عقله هذِهِ الأفكار، فيطلب من الخادمة:

هَلْ بامكانك جلب منشفة ما لاغطي شعرها؟ أخشى أن تمرض، سأاخذ الى المستشفى..
ثُمَّ يضيف بعدما أطلقت الخادمة قديمها للريح وراحت تركض: فالتكن بالحجم الكبير..

في تِلكَ الأثناء كان كاي يفكر كيف عليه تحريكها دون أن يتسبب هذَا لها بأي وضعية خاطئة، لَكِنه لم يكن يملك فكرة عن الأمر وَلِهذا يبحث بجيوبه عن هاتفه ثُمَّ يتصل بأكسل فيخاطبه دون مقدمات:
تعال إلى الداخل.

ثُمَّ أغلق الخط في وجهه وَقبل حَتَّى أن يسأله أكسل عمَّا جرى، في تلك اللحظات تصل الخادمة بسرعة وَقد جلبت منشفة بيضاء بالحجم الكبير وساعدت كاي بلف شعر جيني فيها، ثُمَّ لكبر حجم هذِهِ المنشفة تمتمت باستغراب: أظن إنها كبيرة بعض الشيء..

لَعْنــة فـالْتـَـردُوحيث تعيش القصص. اكتشف الآن