ثانيًا: السعي إلى الكمال:
هل يفترض بنا أن نسعى الى الكمال؟ نعم ولا.
ولكن ماذا أقصد بنعم ولا؟ نعم ينبغي ان تسعى في تحسين نفسك وتصحيح عيوبك ما دمت حيًا، ولا، لأنك لن تدركع مهما فعلت
فأنت في سعيك للكمال تتقبل كونك ضعيفًا، كونك خُلقِت ناقصًا لن تكتمل أبداً، ولا يوجد على هذه الأرض إنسان كامل، يوحد من يحاول تجميل صورته ورسمها لنظهر بأكمل وحه، لكنه بعلم في قرارة نفسه أن هذه الصورة ليست حقيقية، هذه القوة المدَّعاة. هذا الإنسان الذي لا يضعب أبداً هو في الحقيقة يوشك أن ينهار، وذالك لأن ادعاء الكمال وتمام القوة واكتمال السيطرة على كل الأمور، هي صفات لا بشرية، تخالف جوهر الأنسان الذي تتصارع بداخله الثقة والمخاوف، الطموحات والإحباطات، القوة والضعف، بل أن شعور الإنسان بضعفه وأدراكه لاحتمالية فشله هو بحد ذاته احدى نقاط قوته، بل الوقود الذي يدعمه لمواصلة طريقه وتحقيق اهدافه، فإن الضعف صفة أنسانية في نفس كل فرد منا، ومن حاول محو هذا الشعور فإنما هو يخدع نفسه ويعرضها لأبشع التشوهات النفسية. ولا أذكر عدد الأفراد الذين تعاملت معهم في الجلسات النفسية، منهم من كان يخبرني صراحةً أن الناس يخشونه ويظنون فيه من القوة ما لا يوحد في أحد ولكن مع الوقت قد ترى هذا القوي الذي لا يضعف يبكي معك كالطفل. بكاء الإنسان واعترافه بحاجته أو حتى عجزه لا يمثل مشكلة بل المشكلة أن يدَّعي الإنسان عكس ما يشعر به. إن شخصية الفرد تقوم على عدة مقوماتٍ أحدها الجانب الوجداني، وهي المشاعر التي تجتاح الإنسان وتحدد سلوكه، ومن خلالها يمكن قياس مدى سوائه النفسي. وعندما يسمح الفرد لهذه المشاعر بالتعبير عن نفسها فإن، هذا يخفف من شعورةه بالضغط ويخلصه من التوترات المتراكمة. إنه كعملية تسليك للمدخنة حتى لا يختنق صاحبها.فالخوف والغضب والحزن كلها مشاعر إنسانية لا تعيب صاحبها،بل كثيرًا ما تساعده في الحياة الصحية على المستوى النفسي
والجسدي، وحتى الاجتماعي وليس من القوة أن يكبت الإنسان مشاعره أو يزعم التخلص منها بادعاء أنها من صور الضغط. وإذانظرنا للأمر من الزاوية الدينية والروحية فسنجد أن التعبير عن مشاعر الضعف أو الحزن أو الخوف ليس مذموما على المستوى الديني، وإذا نظرنا في القرآن مثلا سنجد كثيرًا من الآيات التي تصور نفسية الأنبياء فى أوقات أزماتهم وهم يُعبّرون عن ضعفهم أو حزنهم الشديد. فلماذا يخاف بعض الناس من إظهار حزنهم،فيستترون من بكائهم ويرونه ضعفًا؟ ولو فكروا جيدًا لأدركواأن البكاء هو دليل الإنسانية، فقد بكى من هو أقوى وأعظم منا
أجمعين، محمد .إن الضعف الحقيقي هو ألا نقبل هذا الضعف، أن نفضل
المعاناة التي نحياها ونحن نتظاهر بالقوة على أن ينكشف هذاالضعف، أن نشق على أنفسنا ونحملها ما لا تطيق بسبب الخوف،فكثيرا ما يكون السبب الحقيقي لهذه القوة المُدعاة هو الخوفأن يظهر ضعفنا الذي قد لا يقبله الآخر، بل ويحكم عليكأحكاماً قاسيةً، فكثيرًا ما نسمع كلمات من قبيل: «أنت بتتدلع»،«شوف بلاوي الناس»، «أنت ليه بتزعل وتتخنق»، «أنت مش راضي بقضاء ربنا». وهذا كله زيف؛ فالحزن والألم والضعف لا يعني أنكمعترض على قضاء الله وقدره.إن الشعور بالضعف أو الألم أو الحزن لا يعني اعتراضًا على قدر، ولا يأسا من الحياة، ولا شكا في النفس. الأمر أشبه برجل ظل يجري لمسافة طويلة فشعر جسده بالتعب والإرهاق، هذا لا يعني أن جسده قد انتهى، أو يئس من قدرته على الركض، أو يعترضعلى رغبة صاحبه في الجري، هو فقط وبكل بساطة تعب ويحتاج إلى فترة من الراحة لمواصلة الرحلة. نفس الأمر في حياتنا كلها،نحن نحاول ونثابر ونجتهد، ننجح أحيانًا ونخفق أحيانًا، نفرح
بنجاحنا ولا نتوقف عند نقطة معينة بل نواصل النجاحات ونحزن
لإخفاقنا فلا نيأس بل نأخذ هدنة ثم نواصل المحاولات. وإذا نظرنافي تاريخ كل العظماء فسنجد مراحلا من حياتهم أصابهم فيها التعب والحزن، بل وحتى اليأس المؤقت، لكنهم لم يستسلموا لذلك بل واصلوا طريقهم حدث هذا للقادة التاريخيين والعسكريين والسياسيين والمناضلين لتغيير مجتمعاتهم. وفي التاريخ الديني قصص عديدة للرموز الكبيرة تُظهر كيف مروا بأوقات عصيبة ولم يخجلوا من ضعفهم أو حزنهم، نعرض بعضًا من هذه النماذج العظيمة لنسترشد بها
في حادثة الإفك الشهيرة التي أثبتها القرآن الكريم، حزنتالسيدة عائشة حينما اتهمها المنافقون بالكذب وخاضوا في عرضها، فبكت حتى لم يجف دمعها، بل من شدة الألم قالت: «لمابلغني ما تكلموا به هممتُ أن آتي قليبًا فأطرح نفسي فيه».وهي أم المؤمنين وأكثرالناس إيمانًا وتصديقا، لكن هذهالطبيعة البشرية، نضعف ويصيبنا الحزن بل قد نصل إلى هذاالحد الذي نرى فيه الحياة أصعب من أن تُعاش. ومن قبلها السيدةمريم عليها السلام حين قالت: يَا لَيْتَنِي مِتُ قَبْلَ هَذَا وَكُنْتُ نَسْيًا مَنْسِيّا. بل إن من الأنبياء من وصل إلى هذه الدرجة من اليأس والألم حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا...» من شدة الألم كادت نفوسهم تيأس، وهذا لا ينافي الإيمان ولا ينافيطبيعة البشر، ولكن بشرط ألا يكون هذا حال الإنسان الدائم، طوالالوقت يائسا، لا يرى إلا أسوأ ما في الأمور، لا يستبشر بالخير ولايُقبل على شيء. وهذا إما أن يكون مريضًا بمرض الاكتئاب يحتاجإلى علاج من طبيب نفسي، وإما أنه يميل لهذا الطبع، فينبغي لهألا يسترسل مع الحزن، يعطي نفسه حقها في الحزن والخوف وغيره، ولكن يلتفت لما يملك من النعم، ولما يحبه في نفسه وفي الحياة.للكمالية وجوه كثيرة
هل الكمالية فقط في عدم تقبل الضعف؟ الكمالية لها العديد
من الوجوه، فقد تظهر في أشكال مختلفة مثل:
1 - كمالية الآخرين:
- لا بد لمن أحبهم أن ينجحوا ويجتهدوا في عملهم.
- لا بد لمن حولي ألا يتركوني أشعر بالوحدة أبدًا.
مثل هذه العبارات والكثير غيرها، تُظهر حرص الفرد على أن
يكون كل ما حوله مثاليًّا، يتحقق بالطريقة التي خطط لها ودون
أي هفوات أو استثناءات، فهو يريد لبعض من حوله أن يصلوا
إلى النجاح في صورته المثالية الكاملة، وهي قطعا رغبة حسنة
النية، لكن المشكلة أن هذا النوع من الأشخاص الذي يتطلب كمال
من حوله، لا يشعر بالرضى عما يفعلونه مهما اجتهدوا، ودوما
يضعهم تحت ضغط نفسي ويُشعرهم أنهم لم يقوموا بما يتوجب
عليهم القيام به على الوجه الأكمل، فيُشعرهم بالإحباط من ناحية
وتضعف علاقته بهم من ناحية أخرى.أسفة ع التأخير جنت اسخت والله 🫤😂😂

YOU ARE READING
كتاب جلسات نفسية
Teen Fictionتحقير الذات، إذ زأن تحقيق التوازن النفسي والاجتماعي اساسه تحقيق التصالح والتوافق بين الفرد ونفسة وفي البداية يعزو الكاتب اسباب جلد الذات الى ما يأتي التربية إليها ترجع طبيعة الفرد وقدرته على التعامل مع ذاته ومن حوله..........!