حب عبر المستحيل

2 1 0
                                    

رواية
حب عبر المستحيل
الكاتبة ساميه السيد

الجزء  السادس

خرجت نورين وهي تمسك يد الصغير بقوة، وكأنها تحاول أن تحميه من شيء لم تدرِ ما هو. خطواتها كانت مترددة، وملامحها تعكس خليطًا من الخوف والحزن. فجأة، وجدته أمامها، عصام. كان واقفًا بنظرات ثابتة، صوته يحمل صرامة حين قال:

"أنا مش هسمح لعيالي يتربوا بعيد عني، فاهمة يانورين؟"
مسك  يداها  بقوة  هو  يفلت  الصغير  منها.

ارتعشت نورين للحظة، لكنها تماسكت وردت بخفوت وهي تحاول التخلص من قبضته:

"سيب إيدي."

لكن عصام لم يترك يدها إلا بعدما ترك أثرًا واضحًا على معصمها. نظرت إلى يدها بغضب ورفعت كمها لتكشف العلامة قائلة بنبرة متألمة:

"عاجبك كده يعني؟"

قبل أن يحتدم الموقف أكثر، تدخلت ندى، التي كانت تتابع المشهد من بعيد، وقالت بهدوء محاولة  ايقاف  الاشتباك  .

"خلاص يا جماعة، بالله عليكم اهدوا... نورين، إحنا متفقناش على كده. أنا قلتلك الولد لسه محتاج راحة. شوية  تعال ياحبيبي ."

ثم أخذت ندى الطفل ودخلت به إلى الغرفة، بينما بقي عصام واقفًا، ينظر لنورين التي بدا عليها الألم أكثر من الغضب. صمت للحظة، ثم سألها بنبرة مترددة:

"يعني أنا معملتش حاجة كويسة خالص علشان تختاريني؟ طيب، سؤال يا نورين... انتي بتحبيني ولا لا؟"

رفعت نورين عينيها إليه بحزن عميق، وقالت بصوت يحمل مرارة السنين:

"أنا مش بحبك ولا بكرهك، بس صدقني أنا مش مرتاحة معاك. تمن سنين وأنا عايشة في ضغط كبير... دي مش حياتي اللي كنت  راسمها  بحلم بيها زمان."


ظل عصام واقفًا في مكانه كمن تلقى طعنة في قلبه. تنهد بعمق وقال بهدوء غريب:

"لقيتي فرصة في خلاف بابا مع عمي. بس حلو بصراحة... اهو ربنا ريحك مني ومن ضغطي. عموماً، أنا كنت فاكر عمي اللي غاصبك على الطلاق. برضه تفكير غلط. عموماً، انتي طالق. اللي بينا انتهى علشان تعيشي حياتك مع اللي راسمها معاه. نورين، بجد آسف لو كنت ضغطت عليك أو كنت وحش كده."

صُدمت نورين من كلماته. شعرت وكأنها أغلقت بابًا للأبد، لكنها لم تتراجع. حاولت أن تخفي دموعها وهي تبتعد عنه دون أن ترد.


عادت نورين إلى منزلها، مثقلة بالحزن والندم. جلست في غرفتها تحاول استيعاب ما حدث. دخلت والدتها سلوى بعد أن دقت الباب، ووجدتها جالسة في صمت، لكن عيناها كانتا تتحدثان عن ألم شديد.

"مالك يا بنتي؟"

سألتها سلوى بقلق. رفعت نورين رأسها ومسحت دموعها بسرعة، لكنها لم تستطع إخفاء الحقيقة:

"خلاص يا ماما... أنا اتطلقت."

صُدمت سلوى من كلماتها، وقالت بدهشة:

"إيه اللي بتقوليه ده؟ ليه كده؟"

تحدثت نورين بحزن عميق، تحاول أن تبرر قرارها:

"يا ماما، أنا مكنتش بحبه. وبعدين، هو اتفصل من شغله بتهمة مخدرات. فاهمة يعني إيه؟ أنا كنت زوجة مهرب! ده غير إنه كان دايمًا يتحكم في حياتي بشكل يخنقني... الطلاق أريح."

لكن سلوى لم تقتنع، وقالت وهي تنظر لابنتها بجدية:

"عصام بريء، عمره ما يعمل كده. ليه زعلانة إذا كنتي شايفة الطلاق الحل؟"



في مكان آخر، جلس عصام في غرفته محاطًا بعتمة مشاعره. كان معه عمه فاروق الذي يحاول جاهدًا إخراجه من حالته المزاجية السيئة.

"يا صاصا، مينفعش كده! حد يسيب واحد كيوت زيك؟ يعني عيون زرقاء وعضلات! المفروض تحتفل دلوقتي."

نظر إليه عصام بحزن وقال بصوت خافت:

"فاروق، اقفل النور. سبني دلوقتي، أنا محتاج أكون لوحدي."

لكن فاروق لم يستسلم، وقال بحزم:

"عصام، أنا مش هسيبك غير لما تفوق وترجع لطبيعتك. الموضوع بسيط، انت مش أول حد يطلق  !"

لكن عصام لم يستطع أن يخفي ألمه، وقال بصوت مخنوق:

"هو أنا وحش قوي كده؟ مفيش حد بيحبني؟ كل اللي بحبهم بيخذلوني. قبل كده صديق عمري، ودلوقتي مراتي. فاروق، قولي أنا عملت إيه علشان ده كله يحصل لي؟"



في مكان آخر، كان علاء يجلس في عيادته، منشغلًا في عمله. . فجأة، دخل مصطفى بنظرة غاضبة، وقال بحدة:

"إيه يا دكتور؟ مرتاح  عند  عصام  هو  مشغلك  انت  مراتك  مربين  لعياله

نظر إليه علاء بضيق وقال:

"مصطفى، قول عايز إيه وفض"

ابتسم مصطفى ابتسامة مكر وقال:

"علاء، انت أخويا الصغير وأنا بعزك. لكن عصام بيستغلك.   وبعدين بابا بيقولك  ارجع  مش هيدخل بينك بين ندى  تاني."

ضحك علاء ورد بثقة:

" الموضوع  انتهى،  مش  هرجع  تاني    وبعدين  عصام  عمره  ما  استغلني. نهائي  "

-

ترك الجميع في مواجهة أنفسهم. نورين تتساءل إن كان الطلاق هو الحل الأمثل. عصام يحاول استيعاب خيانة كل من أحبهم.
هل سيكون الحب أقوى من المستحيل؟ أم أن الطرق المنفصلة ستصبح قدرًا محتومًا؟

حب عبر المستحيل حيث تعيش القصص. اكتشف الآن