01

63 11 6
                                    

رأيتكَ يا زهرةَ الحُلمِ الرقيق،
وعينايَ تبسمت كذئبٍ أنيق،
مددتُ يدي كأنها سلامٌ بريء،
وفي قلبي نيرانٌ تأكل الطريق.

كلامي عذبٌ كغيمِ الربيع،
وأنتَ ظننتَهُ وعدًا صريح،
لكن بين الكلمات خنجرٌ دفين،
يُسقطك في شِبَاكٍ بلا رفيق.

أنتَ نجمٌ، وأنا ليلٌ أسودُ،
يُخفي بريقك حتى لا يتبدد،
أحبسكَ في قلبي، تُصبح أسير،
فأنا القيدُ، وأنتَ من يتعبد.

لستُ ملاكًا كما تظنّ الأنام،
أنا الطوفانُ خلف وجهِ السلام،
أملكك لتبقى لي وحدي،
وأدمركَ، فلا ترى في الكونِ مقام.

فإحذر اللقاء، وابتعد عن ضيائي،
ففي لطفِ الحديثِ يكمنُ بلائي،
أنا لستُ سوى ظلٍ يلتهم النور،
وملكي عليكَ سيبقى المصير.

-

كان المَطر يهطِل بغزارة، قطراته تقرَع زجاج النوافِذ بإيقاع رَتيب أشبة بمعزوفة كئيبه، تيَهيون رفع الكوب بين يديهِ النحيله و قربة إلى فمّة، مستنشقًا رائحه البُنّ قبل أن يحتسي القليل مِن قهوته الحارة، شعر بِحرارتها تمُر بداخله حتى إستقرت في معِدته، تنهد بلُطفٍ على الشعور. رافعًا عيناه لينظُر إلى الشوارِع الرمادية خارِج المقهى.

شَعر و كإن كل قَطرة مطر ترتطِم بالأرض تحمل جُزءًا مِنه، وكإنها تنشُر هشاشتهُ التي يَسعى إلى إخفائها ليَراها العالم من حولِه. تيَهيون إعتادَ حُب المَطر، لكِن الذِكريات التي عاشها في أيام الخَريف المُمطرة كانت دائِمًا الأسوء. و الآن، بعدما كبر و تحتّم عليهِ نِسيان الماضِ.. لم يَسعه إلا أن يكره كُل ما يُذكِره بتلك اللحظات المَشؤومه، و بِكُل وضوح، المَطر كان إحداها.

" تيَهيون؟ "

المَعني إنتفض خارِجَ أفكارِه، و نظر إلى مُدير أعماله الذي وَقف بجانبه.

" هل إنتهيت؟، إن طاقم التَصوير كألمٍ بالمؤخره، لا يحبون التأخير. "

تيَهيون قهقه بخِفه، محركًا رأسهُ للأَعلى و الأَسفل بخِفه. مرتشفًا آخِر جُرعةٍ من كوبه قبل أن يقِف، ناطِقًا

" لِنهمّ بالذهاب، إذًا. "

تيَهيون جلس في الكُرسي الخَلفي من السيّارة السوداء، عيناهُ تنظر إلى الشوارع المُبلله وَ الناس الذين يملؤونها. لكِن، بالوقتِ ذاته و كأنه لا يرى أَي شيءٍ منهُم، حَتى نظر إلى إنعكاسه الطفيف على النافِذه. مُتنهدًا بخِفه قبل أن تتكئ وجنَتُه على قبضة يدِه.

You'll also like

          

كانَت هذه المرة الأولى التي سيقوم بِها بجلسةٍ جماليّة، مُختلفة تمامًا عَن جميع جَلسات المجلّات وَ الترويج لماركات الملابِس التي إعتاد على القيام بِها. عِند مُناقشه الأمر مع فريق عملِه، إتَضح إنه سَيقوم بالجلساتِ هذه إلى مَعرضٍ سيقوم بعكس المشاعِر الإنسانيّه التي لا يمنحُها البَشر إهتِمامَها المُستحق.. أو هذا ما كَتبه المصوّر لهُم.

البراءه، النقاء، الهشاشة، الضُعف، الإستسلام، الخُضوع، التَرجّي، الإغراء.. و القائِمه لَم تخلوا مِن المزيد. تيَهيون كانَ متوتِرًا بهذا الشأن، فهو لم يكُن مُتأكِدًا من إنه سيكون جيّدًا— ليس مُتأكِدًا من إنه سَيُلاقي التوقعات المَضوعه لَه مِن قِبَل فريقه وَ فريق التصوير الذي تَعاونوا مَعه.

تيَهيون لم يشعُر بالوقتِ يَمضي، إلا عندما تَوقفت السيّاره أمامَ المَبنى الذي يَقع فيهِ الأستوديو، كانَت بِنايةً مَتروكه، إتَضَحَ لَهُ فيما بَعد بإنها لِملهى مَتروك أصبَح مقرًا للتَصوير، تيَهيون دَخل بجانِب مُدير أعماله، هُناك لاقَتهُ خَبيرة التجميل خاصَته، تقوم بإصلاح وجهِه على الفور، تيَهيون كان مُعتادًا على ذلِك.

مُنسقة أزيائِه سحبت سُترتهُ من على كَتِفيه و علّقتها في مكانٍ قريب، لِتهم بترتيب ثيابِه بلمساتٍ سَريعه، تيَهيون وَ لِسببٍ ما شعر بتوتُرِهِ يَزداد، لماذا كان الفَريق بهذا الإستعجال وَ التدقيق؟ هذا لم يُساعِده على أن يَهدئ أبدًا، هو تَنهد بخِفةٍ عِندما إنتَهى مِن لمساتِه الأخيره ليَبدو مِثاليًا، ليَذهب إلى القاعة المُجاوره، تيَهيون فكّر بإنها كانت قاعةُ المَلهى الرئيسيّه.

المَكان كان أقل ما يُمكِن القول عليه هو.. رَتيب. عاديٌّ جدًا لجلسَةٍ كان يزقزق بشأنِها رئيسُه مُنذ الأسبوعِ الماضِ. فَريق التصوير كانوا في مواقِعهم و الكاميرات أيضًا، القاعة لم تكُن فارِغة من طاوِلة الطعام الموضوعه للطاقم، تيَهيون بالتأكيد لن يضع شيئًا مِنها في فمّه لأنه يتبع حِميه بسبب جلسات التَصوير هذِه

بِساطٌ أحمر بزخارفٍ بوهيميه تلوَّنت بالأزرقِ و الأحمر كانت موضوعةً، برِفقةِ أريكةٍ بنفس اللَون مع أقدامٍ خَشبيه، و إضاءةٌ خَفيفه مِن جِهةٍ واحده تيَهيون يظُن بإنها البُقعة التي سيجلِس عليها

" أتواجِه صعوبةً بِسبب المَطر؟ "

صوتٌ من جانِبه قد تحدَّث، تيَهيون أدارَ رأسَهُ ليُلاقي رجُلًا، حولَ عُنقه تعلَّقت كاميرا كانون بَيضاء لَم يعلم تيَهيون كيف لم تُكسر رَقبته بسبب حجمِها، يدٌ مُدت بأتِجاهِه وَ تيَهيون أخذها بكفِّه، ملمسُها كان دافئًا و خشِن، أصابِعه كانت نَحيله وَ طويله حقًا، وكإنها تلتهِم خاصَتهُ.

muse. taejunWhere stories live. Discover now