PSYCHO-PATH

37 7 0
                                    

إذا كنت حساسا تجاه أوصاف العنف، فلا تقرأ.
=======================

استيقظ شو على صوت ضجيج لم يكن يعرف حتى من أين أتى، كان مثل صوت صرير خافت ولكنه قريب. صوت أشبه بأرجحة شئ على خشبة متهالكة كان يخترق سكون الغرفة، ظن في البداية أن الأمر لم يكن أكثر من محاولة يائسة من عقله لإيقاظه. فتح عينيه ببطء، وأغلقهما مرة أخرى لبرهة قصيرة، كان يشعر بالغرابة لدرجة أنه كان يرفض مواجهة الصباح . لا يعرف إن كان الوقت صباحا حتى، لأن الأمر لا يبدو كذلك على الإطلاق. إستجمع بعضا من الطاقة التي إعتقد أنها كانت لديه، رفع يده إلى الأعلى، لوح بها في الهواء كأنما كان يطرد البؤس الذي يلاحقه. ثم أنزلها قليلا، ثم قليلا بعد. بحث عن هاتفه إلى جانبه حتى عثرت يده عليه. قبض على الهاتف ليمسكه، قبل أن ينزلق الأخير من يده مباشرة. إكتشف شو في تلك الآونة أنه لم يكن واعيا بأي جزء من جسده، وذلك بعد أن تكوّن لديه إحساس بأن شيئا ما لزجا يوجد على يده- لا ، على كلتا يديه وهو يشعر بهما الآن.
أدار برأسه إلى جهة الهاتف، و تجرّأ على فتح عينيه أخيرا، كان في غرفة علوية-غرفة سطح

دم.

كان هنالك على يده دم،

على كلتا يديه كان هنالك دم.
لم يتجرأ على الحركة مطلقا، لكنه أحس أن الدنيا من حوله كانت تتحرك،

  "هذا ليس دما؟ لا يعقل أن يكون كذلك". قال شو لنفسه، مع أنه كان أكثر من واعٍ، بل متأكد، أنه كان كذلك. رأسه كان يؤلمه بشدة، كان يشعر بغثيان شديد. لوهلة بسيطة ظن أنه سيفقد وعيه مجددا لأن الدنيا من حوله كانت تدور.
كان ذلك قبل أن تتوقف إلى جانبه الأيمن.

نظر إليه،

توقف فجأة،
ثم أدرك،
هل كان عليه أن ينظر؟

لم يعرف شو ماذا كان عليه أن يفعل،
هل يصمت؟
هل يتكلم؟
هل يحزن؟
هل يضحك أم يبتسم؟
أهو قادر على البكاء حتى ؟
حسنا،
وما نفع ذلك أصلا؟.

يحاول أن يستوعب ما يحدث من حوله. قلبه ينبض لدرجه أنه ظن أنه خرج من مكانه. وعيناه بحثتا في مايراه أمامه. لا يعرف إن كان ذلك فعليا أو لا ولكنه شعر بحرارة جسده تختفي، لانه تجمد في مكانه بالفعل. قبل أن يدرك ما حصل بالكامل-مع أنه أدرك منذ وقت طويل- رأى اللوحة المرسومة أمامه ، فقط أمامه هو ولعينيه وحدهما ولأجله وحده ولتعذيبه فقط. ألفريد، صديقه ، ممدد بجواره، أو هو مرمي إذا صحّ التعبير، عيناه مفتوحتان،
لقد كان ينظر.
ولكن إلى لا شئ تحديدا، إلى النهاية ، إلى اللانهاية، إلى قسوة الحياة. إلى العدل الذي لم ينصفه إذا ما إلتمس إليه طلبا،إلى ذكرياته الحزينة وإلى حلم لم ولن يرى النور يوما.

أو ربما، ربما، إلى شو.

للأسف، لقد فات الأوان.

جسده غارق في بحر من الدماء القانية، تتجمع حوله كبحيرة تسبح فيها قطع من أقدار قاسية ومخيفة.  ورائحة الحديد المزعجة إخترقت أنف شو، أعادت إليه إحساسا قويا بالغثيان، ولكن أعادته إلى الواقع أيضا.

You'll also like

          

أحس شو بالذنب فجأة، أحس أنه كان يجب عليه أن يصرخ بإسم صديقه في الفراغ كما يحصل في فلم كلاسيكي، أن يمسك بثيابه ويبكي إلى أن تشح عيناه عن الدموع. ولكن مجددا؟ ما فائدة ذلك أصلا؟. شو كان صامتا بشكل غريب،  كان ينظر إلى الدماء حوله ، ثم تسائل فجأة ، منذ متى كانت الدماء جميلة هكذا؟ إنها حمراء، قانية و ساطعة وقاتمة و قوية وضعيفة في الوقت ذاته، كم كان ذلك رائعا؟، كثيرا، أجل كثيرا، شو كان منبهرا.
ثم تحول بنظره إلى ألفريد، لا يتذكر الكثير عنه، ولكنه يتذكر أنه في السنة التي سبقت الماضية، وتحديدا قبل أيام من عيد ميلاده، .ألفريد كان سعيدا، كان بإمكان شو أن يجزم أنه لم ير ألفريد يبتسم كثيرا بخلاف ذلك اليوم . 
يَذكُرُ أنه إستدعى إلى حفلته 25 شخصًا إلى جانب شو، بعضهم من أصدقائه المقربين، والبعض الآخر من زملاء المدرسة.ومنهم حتى أقاربه وأفراد من عائلته. كان يُعِدّ الترتيبات بفارغ الصبر، يذكر  كيف أنه أنفق مدخرات سنة كاملة لشراء كعكة كبيرة وتجهيز غرفة الإحتفال، يذكر أنه علق بالونات بعمره وإسمه تحلق في سماء الغرفة الضيقة. يذكر  أنه إشترى ألعابا نارية.

ولكن شو يذكر جيدا أيضا،

أنه في ذلك اليوم

و من 25 شخصا،

لا أحد جاء.

الحياة مضحكة، أليس كذلك؟

إبتسم شو.

تحول  بنظره عن ألفريد إلى هاتفه، قبل أن يرن الأخير فجأة. مرر إصبعه وفتحه ليجد رسالة من رقم مجهول، بل من دون رقم أصلا.

"أمامك خمس ساعات لإنقاذ ألفريد مجددا"

قبل أن يدرك شو، وجد أنه لم يعد حيثما كان، لقد أصبح في غرفة إنتظار منزله، المكان يعج بالناس.
ما كان ذلك؟
نظر شو، جدته كانت تستقبل الضيوف، آه، حفلة تخرجي أنا و زملائي، فكّر شو.

ألفريد كان هنالك، حسنا، تأمل شو في الفراغ، ألفريد لم يحصل على شئ عادل واحد في حياته، كان من المنصف إنقاذه الآن، بما أنه حصل على فرصة ثانية.
بالحديث عنه، تقدم ألفريد إلى شو.
"هيه شو؟"
"مم"
"أين صناديق الزينة الإضافية؟"
"في القبو، لا ، أعتقد في العلية، إبحث هنالك."
أشار شو ثم عاد إلى التحديق مجددا.
الساعة كانت تشير إلى السابعة مساء، لقد تبقت خمس ساعات حتى منتصف الليل. وقف فجأة و إتجه إلى غرفة جدته، دخل دون إذن ثم جلس إلى الفراش  يفكر قليلا.
من هو القاتل؟
كيف سيعرف ذلك؟
مالذي حدث بالضبط؟
حدق في الحائط، إذا كانت الرسالة تقول أنه يملك خمس ساعات، فذلك يعني أن وفاة ألفريد حدثت مع منتصف الليل بالظبط في الغرفة العلوية لمكان ما.

مالذي كان يفترض  ان يفعله في خمس ساعات؟ أن يحل جريمة؟.حتى المحقق لن يفعل.
قام ليخرح فجأة قبل أن يسمع صوت جدته و خالته قادمين.
"اللعنة"
إختبأ بسرعة تحت السرير وراقب ما يحدث.

You've reached the end of published parts.

⏰ Last updated: Mar 19 ⏰

Add this story to your Library to get notified about new parts!

Be the first to comment 💬

just shortsWhere stories live. Discover now