عروس الشوق 5

818 49 0
                                    

5-
ظلت على هذا الحال عدة أيام..
نسيت خلالها تماماً الاتصال بعمار، وكأن همام ترك لها المجال لذلك!
كان قد عاد لطبعه المتباعد , لا تعرف ولكن في فترة ما أحست وكأنهما متقاربان والآن ماذا ..
زاغت عينيها لتقف فجأة بينما هي تدور , لم ينتبه عليها ...
زفرت براحة أنها تمكنت من التوازن قبل أن يراها ولكنها كانت مخطئة إذ قبل أن تكمل الحركة كان قد أمسك كفها ليجلسها على الأرض برفق
*أوار أنت شاحبة منذ أيام ما بك ؟
اتسعت عينيها فلم تكن تظن أنه قد لاحظ حتى !
لكنه لاحظ ..
ضحك قلبها إن صح القول قبل شفتيها ليرفرف نابضا بفرح ..
همام لاحظ شحوبها , واعترفت بصدق
*أحاول تخفيف وزني ..
*ماذا !
صاح مستنكرا
*بالله عليك جسدك مثالي من قال أنك بحاجة لحمية غذائية ..
(أنت )
كانت على وشك النطق بها لكنها تراجعت وهزت كتفيها بلا مبالاة ..
نظر لها عدة لحظات لينفخ بحنق
*انتظري هنا ..
وغاب للحظات ليعود يحمل في يده زجاجة عصير مع شطيرة جبن من مقهى النادي
ناولها إياها آمرا
*خذي كلي ..
ظهر الرفض على محياها خاصة حينما رأت الشطيرة , لكنه لم يسمح لها بالاعتراض , بل وأكثر .. جلس قربها على الأرض ليتأكد أنها ستأكلها كاملة..
ابتلع ريقه وهو يراقبها , تقضم قضمة صغيرة جدا كأرنب مذعور , لترشف من العصير كنحلة تسحب الرحيق من الزهرة ..
ضحك من أفكاره يبدو أنه هو أيضا جائع !
*أوار ..
قال اسمها برقة ... لم يعد قادرا على الصمت أكثر يحتج أن يبوح ما في قلبه
لكنه لم يجد ما يقوله فطوح بيده ليقول مرتبكا
*أكملي الشطيرة كلها وانسي أمر الحمية الغذائية لا تحتاجينها..
أومأت موافقة وقد كانت بذرة أمل قد نبتت في قلبها ..
ليمر الوقت طويلا بطيئا ..حتى استرجعت قوتها وعادت للتدريب ..
لتنسى كل شيء ما عدا خطواته المرافقة لها ..
وقف خلفها ليمد ذراعيه يلاصقا ذراعيها هامسا بصوت شجي يستنشق رائحتها
*حلقي وانسي كل شيء ..
تركت جسدها له .. توترها كله اختفى , لم تعد تفكر بشيء سوى لمساته ودفء جسده ..
لم يكن يعلم أنها أغمضت عينيها غارقة في سحره ..
مغيبة عن كل شيء ما عداه ..
بينما هو يحلق معها متابعا همسه..
*تذكري أنت فراشة .. لا تطال الأرض حتى وإن اقتربت منها .. لا وزن لك .. نسمة خفيفة تحملك ..
تركها لتدور حول نفسها عدة مرات قبل أن تلقاها مرة أخرى ..
ليضع كفيه على خصرها يرفعها عاليا لتلتف حول نفسها وتعود له ..
توقف كلاهما عن الحركة ..
وجهها أمام وجهه , يراقب عينيها المغمضتين وشفتيها المبتسمتين..
لم يقاوم أكثر ..
وانحنى يسرق قبلة كلمسة الفراشة من شفتيها ..
ابتعدت شاهقة لكن كفيه منعتاها من الابتعاد وقبل أن تنطق بحرف كان هو قد قال مستسلما لعاطفته
*أحبك أوار .. كفي عن الابتعاد عني ..
اتسعت عينيها غير مصدقة ما تسمع .. لكن قوله بأن تتوقف عن الابتعاد عنه ألجمها! هل هي من يبتعد !
أطرقت رأسها خجلا لا تعرف بم ترد , ولم ينتظر هو الرد وكأنما صمتها كان أبلغ جواب .. ليعود ويؤرجحها في الهواء  كلعبة من ورق ..
وهي تركت نفسها تماما له ..
يحبها ..
مجرد اعترافه هذا يمنحها طاقة لا تجعلها فقط تحلق كفراشة .. إنما يجعلها تطير كعصفور فتح له باب القفص بعد سجن طويل ...
-

عروس الشوقحيث تعيش القصص. اكتشف الآن